اطبع هذه الصفحة


من يتحمل آلام الكي..؟!

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
اختلطت الأوراق في زمن اعتاد أهله خلط الأوراق فيه، في زمن اعتاد أهله دفن رؤوسهم في التراب كالنعام، وهكذا أصبح الحق باطلاً، والباطل حقًّا، وهكذا أصبحنا مستهدفين، وهكذا سيصبح أبناؤنا من بعدنا؛ إذا لم نعمد لمعالجة الوضع عاجلاً غير آجل!
وإن كان من الصعب الوقوف على الداء ووصف العلاج، لو لم نتحد في هذا التوجه.. لو لم نجند قلوبنا وأقلامنا وسياساتنا لهذه الجبهة.. لو لم نجبر أنفسنا على تحمل آلام الكيّ، ما دام العلاج يكمن في لهيبه..
فمن المحال أن نصمت ونحن نرى فئة منا تعمد لتشتيت وإضعاف قدرتنا بشتى أبعادها، ولا أعني - فقط- الخارجين عنّا من أهل الحرابة؛ بل أعني أيضاً من امتهن الكتابة؛ فوجد فيها المتسع الذي يسعى من خلاله لإمتاع نفسه بتشويه الآخرين، وتوجيه التُّهم لهم فهذا بالتطرف، أما ذاك فبمجاراة السلطة، ظنًّا منه أنه بفعل ذاك يدعم فكره .. !!
نسمع كثيراً المثل القائل "الخلاف لا يفسد للود قضية" أساس ليتنا نعمد لتثبيته في قلوبنا قبل عقولنا؛ فالثوابت على الأغلب واحدة -بحول الله وقوته- ومع ذلك نختلف ونحتد، وقد يحدث ذلك حول الفروع؛ بل إن بعضنا قد استخف بعلماء هم محل إجماع أكثر من استخفافه بمحتل جاءنا طامعًا كارهاً! فتراه مدافعًا هنا ومهاجماً هناك. ولا أعرف كيف جاز له استباحة هذا دون ذاك!. وضعٌ بائسٌ.. عندما نمعن النظر فيه نراه غامضاً مظلماً، تشتد ظلمته وقسوته كلما تبحرنا في أعماقه.. وضعٌ أحْمدُ المولى أن هناك من ترفّع بنفسه عن الولوج فيه..
ومن ناحية أخرى أحمده تعالى بأن تفضل علينا فجعل بيننا من أثر العفو وهو يملك الأمر- بعد المولى سبحانه - من تجاوز بفعله معاني العفو الذي نعرف، ليصل بسماحة نفسه ليكون رمزاً للشهامة والرفعة، وليكون رمزًا للعفو عند المقدرة، وأحمد المولى على وجود علماء من أهل الحل والعقد بيننا؛ ممن حدّدوا أهدافهم بوضوح وساروا في خطاها، ممن آثروا الإخلاص في السر والعلن، ممن عرفوا أن في الاتحاد قوة، وأن في الفرقة خذلان يأمل أعداؤنا أن نعايش فصوله..
إن أمامنا صور تتلاحق، وأحداث تتراكم؛ نأمل أن نتعظ مما حدث، ويحدث خلالها.. نأمل أن ندرك عظم العفو عمن ظلم؛ فكيف بإكرامه؟! نأمل أن نتعلم من ديننا ثم وطننا أن السماحة لا تنفي قوة، وأن القوة لا تعني التحجر، وأننا أمة ليست كغيرها من الأمم..
ليتنا نعلّم أبناءنا الدروس والعبر من تجارب مأساوية لم تكن تخطر ببالنا في طفولتنا المبكرة، ثم ليتنا نفتح المجال لهم ليتحدثوا لنا بدلاً من البحث عن متنفس غريب يستغل قلة تجاربهم، وحاجتهم لمن يوليهم ومشاعرهم قدراً من الاهتمام، ممن يخطط بخبث؛ ليكون في مقام الإدمان في نفوس غضه طرية، مدركًا أن اهتمامه بها قد يمكنه من تصوير الحق باطلاً والباطل حقًّا، وببرمجتها على ذلك..
إن الوباء كهذا يخالط أجواءنا بتوجهات متعددة، اختلاف أصحابها كاختلاف المشرق والمغرب.. منهم من أعلن عن نفسه بصوره روّعت البلاد والعباد، ومنهم من أظهر لنا ابتسامة الليث الذي يترقب الفرصة للانقضاض، على فكر اعتقده باليًا يسهل تمزيقه.. خرفًا وآن الأوان لدفنه وتغييره !!
فالحذر الحذر يا أمتي ويا وطني!!

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط