صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
حميدان وإخوته في سجن جوانتانامو.. جزء من كياننا، وأمرهم جميعا يعنينا بقدر ما يعنيكم، لن ننساهم، ولن نتوقف عن المطالبة برجوعهم إلينا سالمين.. وسنتطلع إلى احتضانهم على هذه الأرض الطيبة عاجلا غير آجل بإذن الله

لم يكن الدكتور حميدان بن علي التركي، في الحكم الذي صدر في حقه مؤخرا هو المستهدف المباشر، لم تكن أسرته هي المصابة في ولدها، بل كنت أنت قارئ هذه السطور المستهدف المبتلى..فسواء كنت ابن هذه الأرض الطيبة أو كنت ممن شهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، فأنت في ذلك سواء..ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
تجربة لم تكن الأولى من نوعها وأجزم أنها لن تكون الأخيرة، وبالتالي فالحرص والتثبت مطلوب لكل من وجه أنظاره لتلك البلاد، فعداؤها لنا مستحكم، وإنصافها لقضايانا يكاد يكون منعدماً، وعليه فمن غير المقبول أن نغض أبصارنا، أو ندفن رؤوسنا كالنعام، كما أنه من غير المقبول أن نرسل فلذات أكبادنا وهم غير محصنين، بتجربة أو معلومة.

وبالتالي فلن أكون حالمة، إذا طلبت إلزام أبنائنا المبتعثين أخذ دورات مكثفة حول تاريخ وجغرافية وقوانين وعادات وأديان البلاد التي سيمضون فيها - بحكم الدراسة - سنوات من عمرهم، ولست حالمة لو طالبت بتدريس المآخذ التي كانت وما زالت بمثابة مسمار جحا لتدخل أنظمتها زورا وبهتانا في حياة أبنائنا، ومحاولاتها الواحدة تلو الأخرى لتحطيم آمالهم وآمالنا فيهم.
فالشباب قد يدفعهم الطموح للهرولة باتجاه تلك البلاد اعتقادا منهم أنها الملاذ الوحيد لطموحاتهم، فلا يعدون العدة لهجرة تستمر سنوات تحصيلهم العلمي.
لقد تابعت حديث خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله، حول اهتمامه بمضاعفة عدد الجامعات في المملكة من أجل إحداث نقلة نوعية في التعليم إيمانا منه أن تحقيق التقدم متوقف أساسا على التعليم، بإذن الله، كما توقفت بإعجاب شديد عند تصريحه المتعلق بالفئة المستهدفة في جامعة الملك عبد الله، الجامعة التي ستفتح أبوابها لكل مبدع وعالم موهوب في عالمنا الإسلامي والعربي، لتحتضن بحنو الأم المبدعين من أبنائنا وأبناء أحبة لنا، كما أتطلع بدوري أن تفتح هذه الجامعة الواعدة أبوابها في المستقبل للمبدعين من غير أمة الإسلام ولو بنسبة لا تتعدى 5%، من عدد الطلاب، لعل وجودهم بيننا يكون سببا في تغيير الأفكار النمطية السائدة بفعل الإعلام المسيس ضدنا كمسلمين وكسعوديين، داعية الله سبحانه أن يخلد التاريخ إنجازاتها لتكون كجامعة قرطبة والقيروان في عظيم أيامهما..قبلة للعلماء والمبدعين عاشقي المعرفة.

وإلى أن يحين اليوم الذي نجد بيننا لكل طالب طموح مقعدا جامعياً مناسباً له، وإلى أن يحين هذا الوقت نحن ملزمون بقبول هجرة الأبناء خارج البلاد بهدف إكمال مسيرتهم العلمية، إلا أننا غير ملزمين مطلقاً بتعريضهم لمواقف غير محسوبة العواقب، خاصة أن أشدها خطرا يكون في الأغلب موجها للمبدعين من أبنائنا، الرافضين للتميع بحسب الأجواء والفصول، المعتزين بدينهم وأوطانهم،الرافضين الاجتثاث من تاريخهم، المتميزين حتى في علاقاتهم الاجتماعية مع سكان تلك البلاد، كالدكتور حميدان التركي وأسرته الكريمة، وغيرهما ممن زجوا بالسجون دون ذنب اقترفوه إلا أنهم مسلمون من أبناء هذه الأرض الطيبة..
كما أوصي كل من عزم أمره على مغادرتنا للدراسة في أمريكا وغيرها من البلاد، البحث عن كل ما من شأنه تدعيم ثقافته عنها، أوصيه بألا يكتفي بالاطلاع على نظام الجامعة التي تم اختياره لها، ومدة الدراسة،بل على عادات تلك البلاد وأقاليمها المختلفة، على طبيعة سكانها وتاريخهم، وأولوياتهم، ونظامهم المعتمد الاجتماعي والرسمي على السواء، وعلى جغرافية بلادهم، وأهم مدنها، فهو لم يغادرنا ليجد نفسه وقد وضعوا رأسه على المقصلة، وبسبب اتهامات كيدية مبيتة النية، اتهامات ترى ما لا نرى، وتسمع ما لا نسمع، فما نراه خيرا، يراه غيرنا شرا، وما نراه شرا، يراه غيرنا خيرا، وجهات نظر مختلفة قد تفسر على غير محملها، فعلى سبيل المثال لا يليق في الغرب معانقة الرجل لصديقه أو تقبيله ولو كان قادما من سفر أو من علاج، وفي الشرق لا يحبذ التقبيل والمعانقة سواء كان ذلك بين الرجال أو بين النساء، وفي بعض دول الغرب إقامة علاقة بين رجل وامرأة خارج دائرة الزواج أمر محمود، ومنعها منبوذ يعاقب الوالدان لو منعا أبناءهما من أمثالها، هناك تقديم الخمور للضيف من علامات الكرم، ومراقصة الزوجة لغير زوجها وفي محل عام، من علامات الرقي، كل ذلك وغيره كثير مخالف لنا جملة وتفصيلا، فكيف يتأتى لنا أن نرسل أبناءنا الشباب دون تنبيههم إلى الكيفية التي يتفادون الاحتكاك بها.

بل الغريب أن هذه الخصائص النفسية والاجتماعية وحتى القانونية في الغرب قد تختلف من إقليم لإقليم في الدولة نفسها،وهذا الاختلاف يستحق الاهتمام، فمثلا في (غرب كولورادو) التابعة لمقاطعة(مارلبورو) نجد أن لسكان تلك المقاطعة من الخصائص النفسية والاجتماعية والأخلاقية ما يفسر حكمهم الجائر على الدكتور"حميدان التركي"، هذا ما بينه الكاتبان أمريكيا الجنسية (جيمس باترسون وبيتر كيم) في كتابهما الذي ترجمه الدكتور(محمد بن سعود البشر) والمعنون بـ(يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة) فمن الخصائص النفسية والأخلاقية التي دونت في هذا الكتاب نجد أن سكانها يحتلون من بين الأقاليم الأمريكية المركز الأول في قضايا معينة منها:
التفكير في غش الأزواج.
غش الأزواج.
التفكير في قتل شخص آخر.
اعتقاد المتزوجين منهم بإمكانية طلاقهم في غضون خمس سنوات.
كما أنهم حصلوا على نسبة أعلى من المعدل الوطني لبلادهم في قضايا معينة منها:
أعداد الذين يقودون سياراتهم وهم في حالة سكر.
أعداد المصابين بالأمراض الاجتماعية.
كما أنهم يفضلون الانعزال والوحدة، فقد يعيش الشخص منهم بمفرده، ويعد ذلك نمطا مرغوبا في الحياة في هذه المقاطعة.
ولنا أن نفهم كيف صدق المحلفون من سكان هذه المقاطعة الادعاء العام في الاتهامات التي وجهها للدكتور حميدان التركي،فخصائصهم الأخلاقية تتناسب وما قيل، فإذا كان أحد المحلفين قد خان زوجته فلم يصدق براءة الدكتور التركي، وإذا كانت إحدى المحلفات قد خانها زوجها، فلم تكون سارة زوجة حميدان أفضل حالا منها..
كان الأجدر بهم أن يصدقوا البروفيسور أستاذ الابن حميدان الذي أدلى بشهادته، وأعلن من خلالها، أن المجتمع السعودي والمسلم محافظ، ملتزم يشجب كل ما من شأنه التعارض وهذا الالتزام، وأن رب الأسرة فيه رفيق بأسرته حريص عليها، مطاع من أفرادها، كان الأجدر أن يدركوا أن ما نسب إلى هذا المواطن السعودي كذب وافتراء، كان الأجدر أن يدركوا مواطن الاختلاف بيننا وبينهم قبل إصدارهم لذاك الحكم الجائر.
كان الأجدر بهم ألا يكونوا كما قال صاحبا ذلك الكتاب المنوه عنه آنفا، من أن الشعب الأمريكي بجملته عندما يريدون أن يبحثوا عن جواب لسؤال حول ما هو الحق وما هو الباطل، وما هو الصحيح، وما هو الخطأ، فإنهم يلجأون إلى أنفسهم، ويسألونها، جاعلين منها مصدراً للتشريع وللمبادئ السلوكية التي يجب أن تضبط حياتهم...فهم القانون الذي يضبط شؤون حياتهم الشخصية، سلطتهم أعلى من سلطة الإله - سبحان الله - بل وفوق سلطة القانون والأمن!!
كما بين الكتاب أن الأمريكيين يؤمنون أنهم لن يجدوا شخصاً يثقون به ليأخذوا منه المشورة والنصح، وقد تسأل بعضهم عن المقصود بالقيم، وهل هناك من يؤمن بها غيرهم، ولينتهوا إلى عدم وجود قيم بالمطلق! وقد أكد الكاتبان الأمريكيان أن الأمريكيين في صراع دائم مع هذا النوع من الأسئلة الذي يقود إلى فراغ روحي وانحطاط أخلاقي.
قد يكون الدكتور حميدان التركي بجسده خلف القضبان، إلا أن نشاطه وخلقه وحبه لأسرته، وللجالية المسلمة، وللإنسان عموما سيكون دوما مثالا للكثيرين منا ومن غيرنا.
ولأسرته الغالية أقول.. فطوبى لكم من أسرة أعطت العالم الأمريكي مثالا رائعا للأسرة المتضامنة، الواثقة برب أسرتها، القوية بدينها ثم بوطنها.
وثقوا أن الدكتور حميدان وإخوته في سجن جوانتانامو.. جزء من كياننا، وأمرهم جميعا يعنينا بقدر ما يعنيكم، لن ننساهم، ولن نتوقف عن المطالبة برجوعهم إلينا سالمين..وسنتطلع معكم إلى احتضانهم على هذه الأرض الطيبة عاجلا غير آجل بإذن الله.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط