اطبع هذه الصفحة


إلغاء هذه الهيئة مرفوض

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
هذه الهيئة بقيت من أولويات هذا الوطن، وها هو صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يضع سياسة أبيه نصب عينيه فيوليها من الاهتمام ما هو لائق بها وبأهدافها.

لم يكن مستغربا أن يعنى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية، حفظه الله، برعاية "الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" فهو كعهدنا به دائما سائر على منهاج أبيه الملك عبدالعزيز رحمه الله، ولم يكن غريبا أن يستقطع من وقته الثمين للوقوف بنفسه على متابعة نشاط هذه الهيئة الشرعية وهو العالم بأهمية دورها في تدعيم الأمن الفكري والاجتماعي في البلاد.. هذا الاهتمام المباشر منه ـ حفظه الله ـ ذكرني بموقف لأبيه... وهو ابن أبيه، فقد أولى الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جل اهتمامه، تنفيذا لقوله تعالى في محكم كتابه: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) فنجده في عام 1345هـ، أصدر الأمر السامي بتعيين هيئة تقوم بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة، وعين رئيس القضاة الشيخ "عبدالله بن بليهد" مرجعا لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما اختار رحمه الله أربعة عشر رجلاً من أهل مكة ونجد، للقيام بمهام هذه الهيئة، وهكذا تم في عهد الملك عبدالعزيز إنشاء أول هيئة للأمر بالمعروف بشكلها الرسمي.

ويذكر لنا تاريخنا الحديث أن من مهام هذه الهيئة: الحث على أداء الصلاة جماعة، ومراقبة المساجد وأئمتها ومؤذنيها ومواظبتهم، وغير ذلك من دواعي الإصلاح، وأن تتخذ الحكمة في سبيل الإصلاح، وإذا أعياها أمر من الأمور رفعته إلى أولي الأمر للنظر فيه.
وتمكيناً للأئمة من أداء مهامهم على أكمل وجه كلف الشيخ "عبدالله بن بليهد" مدير المعهد الإسلامي في ذلك الوقت "محمد بهجت البيطار" بكتابة نبذة عن الأهداف والمقاصد لهذه الهيئة، وكذا تحديد ما هو معروف، وما هو منكر ليكون أشبه بلائحة تنفيذية، وعنونت بنظام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتم توزيعها على أعضاء الهيئة، وقد بين الشيخ البيطار من خلالها ضرورة الاجتماع على الدين، وأثر المعاصي.. والباعث على إقامة جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصفات المحتسب وآدابه، وتعريف المنكرات بأنواعها، والشروط التي يتحقق بها التصدي لإنكار المنكر.

ومن ناحية أخرى، أصدر الملك عبدالعزيز أوامره ـ رحمه الله ـ بإقامة رواتب شهرية للأئمة تصرف من ماله الخاص ـ رحمه الله ـ كما أمر بفرش وإنارة 31 مسجدا منتشرة في أحياء مكة، وتجهيزها للصلوات الخمس، وبعد عام، أي سنة 1346هـ صدر الأمر السامي بالمصادقة على نظام "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" والذي نص على الآتي:
تنشأ هيئات تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في مكة وبقية الملحقات.
2ـ يكون عدد أعضاء الهيئات مناسبا، ويجتمعون مرتين في الأسبوع.
يشترط في أعضاء هيئات الأمر بالمعروف أن يكونوا من أرباب العلم الشرعي، ومن ذوي الأخلاق الطيبة والصفات الحسنة.
يعين لكل هيئة عدد من الجنود متصفين بالتقوى وحسن المعاملة.

أما الأمور التي تنظر فيها الهيئة فهي كالتالي:
* تنبيه الناس إلى أوقات الصلاة، وحث المتخلفين عنها بالحسنى.
* مراقبة المحلات التي تجري فيها أمور مخلة بالشرع والآداب.
* دعوة الناس بالحسنى إلى ترك المعاصي والمخازي والبدع والخرافات.
* منع البدع في المآتم والأفراح، ومنع العوام من السباب والشتائم.
* الأخذ بيد الضعيف والرفق بالأرامل والعجزة، والرفق بالحيوان.
* تقوم الهيئة بإزالة كل ما هو مجمع عليه من المنكر، وترجع فيما اختلف فيه إلى هيئة مراقبة القضاء.
* يشدد على جنود الهيئة بعدم استعمال العنف والشدة مع أفراد الناس الذين يجلبون للهيئة.
* تشكيل فرعين في مكة، فرع في حارة المعلا، وآخر في حارة الباب.

هذه الهيئة الشرعية التي تخصصت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تظهر حقيقة هذا الدين وعظمته، كما أن المتأمل لبنودها وأهدافها الإنسانية، يعرف مدى أهمية الأهداف المناطة بهذه الفئة الطيبة من أبناء الوطن، والتي حاول البعض وصمها على العموم بالغلظة والتعنت، وهي توضح سياسة الإصلاح التي اعتمدها مؤسس الدولة السعودية الملك عبدالعزيز رحمه الله، والتي سار على نهجها أولاده البررة.

وجدير بالملاحظة أن السياسة التي انتهجتها "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" اعتمدت كما تابعنا منذ بداياتها..على اللين والحكمة والرفق، رفق تعدى الإنسان ليصل إلى الحيوان، ولو قدر لأحدنا متابعة لجان حقوق الإنسان، والحيوان على السواء المعتمدة لدى دول العالم المتمدن آنذاك، لوجد دون أدنى شك البون الشاسع بين ما تحتويه تلك الاتفاقيات، وما جاءت به "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي أسسها وأصدر الأمر بالعمل بها الملك عبدالعزيز رحمه الله، بل والتي باشر بنفسه رعايتها والاهتمام بها إلى حد وجه بصرف مستحقات القائمين عليها من ماله الخاص رحمه الله.

هذه الهيئة ولله الحمد والمنة بقيت من أولويات هذا الوطن، وها هو صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ـ حفظه الله ـ يضع سياسة أبيه نصب عينيه فيوليها من الاهتمام ما هو لائق بها وبأهدافها، وكيف لا يفعل وهو الإنسان المعتز بدينه، الحريص على تعاليمه؟! وكيف لا يفعل وقد نشأ وهو يتابع رعاية والده مباشرة لها وتكريمه ـ رحمه الله ـ للقائمين عليها؟! وكيف لا يفعل وهو العالم علم اليقين بثمار عملها؟! فأفرادها لا يتوقف عملهم عند الإمساك بالمذنب بل يصل لحماية محيطه الذي يتأثر لا محال بذنبه، بل يتعدى عملهم ذلك كله ليصل إلى سعيهم لإيصاله للأمن الفكري والنفسي.. حيث يجب أن يكون بينا.
وبالتالي لم يكن غريبا أن يعلن الأمير نايف ـ حفظه الله ـ أن إلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مرفوض بالأمس.. واليوم.. وغدا، فجزاه الله سبحانه عنا بفضله والقائمين عليها خير الجزاء، وأعانهم بفضله على أداء المناط بهم على شكل يرضيه سبحانه، أنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط