اطبع هذه الصفحة


الجائزة العالمية للسُّنة النبوية

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
معرفة الطريقة المناسبة لمخاطبة الغرب تحتاج إلى قرب لا يتحقق بالشكل المطلوب بدراسة طبيعة تلك المجتمعات، بل يستلزم معايشة يومية لا تتوفر إلا لأحد أبنائها

ما زلت أتابع بذاكرتي ذلك اليوم الذي وصلتني فيه دعوة لحضور حفل (جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية) - حفظه الله- وما زلت أذكر أين توجه فكري ساعة انتهائي من قراءة الدعوة، وكيف أحسست عند إدراكي أن موقع الحفل سيكون في المدينة المنورة. لن أخفيكم أمرا في أن سعادتي انصبت ابتداء على تمكيني من الوصول لمسجد النبي عليه الصلاة والسلام، ثم كانت المفاجأة التالية فقد عرفت أني سأقابل رفيقة السكن الجامعي في جامعة " أم القرى " الأستاذة الدكتورة" راوية الظهار " التي كانت ضمن المكرمين والمكرمات في هذه الجائزة المباركة، فزادني ذلك التكريم نشوة، إذ بعد فراق استمر لعقود من الزمان، ها أنا أشارك في تكريم زميلة وأخت نال بحث لها تقدير الذي يستحق..ومن قبل أعضاء الهيئة العليا لهذه الجائزة..
وهكذا توجهت إلى المدينة المنورة وأنا أمني نفسي بالكثير من الفرح، الفرح الذي نلت منه أكثر مما تمنيت، ففوق كل ما أشرت إليه من أسباب دفعتني للهرولة إلى المدينة المنورة، أجد أني ملزمة بنقل انطباعي عن هذه الجائزة، فقد تابعت عن كثب الرعاية الكريمة لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود صاحب الجائزة، الرعاية التي شملت أبناءه الكرام أصحاب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف المشرف العام على الجائزة وسفير المملكة في إسبانيا، وإخوته، محمد ساعد والده الأيمن في الشؤون الأمنية في وزارة الداخلية، وعبد العزيز ونواف بارك الله بهم أجمعين، باقة رائعة التفت حول الوالد تنافسه حماسا لإنجاح وتحقيق الرسالة العامة لهذه الجائزة والتي يمكن إيجازها بالقول إنها خدمة لسنة النبي عليه الصلاة والسلام قولا وفعلا وتقريرا.

ومن ناحية أخرى تأكدت من أن هدف هذه الجائزة عالمي وليس محلياً، ولم أقف عند هذه النقطة لكون الفائزين من المملكة وغيرها ، بل لأن جنسيات أعضاء الهيئة العليا للجائزة اتسعت لتشمل أسماء لعلماء من بلاد إسلامية مختلفة، رجالاً تم اختيارهم بدقة متناهية، فكل منهم في مجاله " علم على رأسه نار"، فهذا من المملكة العربية السعودية وذاك من مصر وآخر من السودان والكويت، كما وجد من بينهم أحد العلماء الأفاضل من دولة ماليزيا.
والواقع أني لا أستبعد أن تتسع هذه العضوية لتشمل أسماء لعلماء مسلمين من العالم الغربي خاصة أن معرفة الطريقة المناسبة لمخاطبة الغرب تحتاج إلى قرب لا يتحقق بالشكل المطلوب بدراسة طبيعة تلك المجتمعات، بل يستلزم معايشة يومية لا تتوفر إلا لأحد أبنائها.

أما الموضوعات التي يتم اختيارها عاماً بعد عام فتستحق الإشادة إذ إنها تلامس الواقع في حيثياتها وأبعادها، ففي حين يتهم الإسلام دين الرحمة، ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام، المبعوث رحمة للعالمين بما ليس فيهما، نجد هذه الجائزة تحفز الباحثين على الجد والاجتهاد في تقديم الصورة الحقيقية لهذا الدين ونبيه عليه الصلاة والسلام، فعلى سبيل المثال أذكر هنا ما هو مقرر" للدورة الرابعة 1429هـ":
1- "السنة النبوية" تم اختيار الآتي:
الموضوع الأول: الوسطية في الإسلام ودلالتها من السنة النبوية.
الموضوع الثاني: محمد رسول الله مبعوث رحمة للعالمين، (اشترط كتابته باللغة الإنجليزية).
2- "الدراسات الإسلامية المعاصرة" تم اختيار ما يلي:
الموضوع الأول:العمل الإغاثي الإسلامي (دراسة تأصيلية معاصرة)
الموضوع الثاني:حرية الرأي في الإسلام.

موضوعات كهذه ستخاطب الإنسان المعاصر مسلماً كان أم غير مسلم، وستضع إجابات عن أسئلة ترك بعضها كماً مهملا لفترة من الزمان، وعولج الآخر دون دعم يناسب أهميتها.. وما اشتراط اللغة الإنجليزية في كتابة الموضوع الثاني من الموضوعات التي تم اختيارها من السنة النبوية، وهو" محمد رسول الله مبعوث رحمة للعالمين " إلا إشارة صريحة لحرص أعضاء الهيئة العليا لهذه الجائزة، على بيان حقيقة هذا الرسول الكريم المبعوث رحمة للعالمين، والذي حاولت مؤخرا بعض الشخصيات الدينية والرسمية والإعلامية الغربية النيل منه بافتراءات أبعد ما تكون عن حقيقته الإنسانية عليه الصلاة والسلام.

أما الموضوع الأول من الموضوعات المختارة في " الدراسات الإسلامية المعاصرة" فهو حديث مسلمين وغير مسلمين في السنوات الأخيرة، فمنذ عام 2001م، وبالذات بعد 11 سبتمبر من ذلك العام،وجهت بعض الأوساط الرسمية الغربية، اتهامات صريحة للمال الخيري الإسلامي، اتهامات مجملها باطل،لم تثبت بحكم قضائي، ومع ذلك كان نتاجها تعطيل كثير من النشاطات الدعوية والإنسانية الخيرية الإسلامية، والتي كانت المملكة من الدول التي تتسابق للقيام بها حكومة وشعبا، وبسبب هذا الإحجام وتلك الأخطاء الفردية، كان لزاما إرجاع الوضع في هذا العمل الخيري إلى نصابه الصحيح، فعمدت الهيئة العليا لطرح (العمل الإغاثي الإسلامي بدراسة تأصيلية معاصرة) ليكون موضوعا يتنافس أصحاب الفكر في إظهار حقيقة هذا العمل وأهميته.
وأنا هنا آمل من القائمين على الحفل أن يعمدوا لمراعاة طابع العالمية في الجائزة، فتتسع دائرة المدعوين لحضور فعاليات حفل هذه الجائزة، لخارج دائرة العرب من المسلمين،ومن كلا الجنسين، مع توفير الترجمة الفورية لغير الناطقين بالعربية منهم، وسيكون جميلا أن يجدوا بين أيديهم كتيبات تعريفية برسالة هذه الجائزة وأهدافها باللغة الإنجليزية وبغيرها من اللغات، كما أتطلع لتعدد لغات الموقع الإلكتروني المخصص لها، لتمكين المتابع أينما كان من الاطلاع على نشاطها والأبحاث التي كرمت من خلالها.

وأخيرا أدعو المولى سبحانه أن يديم نعمته على هذه البلاد الطيبة، ويبارك في رجال عاهدوا الله بأفعالهم وأقوالهم، وسخروا جوارحهم وأموالهم لخدمة دينه سبحانه، من ولاة أمر وعلماء غيورين وأفراد وجدوا في الدفاع عن الدين وعن نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام الأمل والمبتغى،، أما صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود، فليحفظه الله لنا، ويعينه على كل ما يتطلع إليه، ويبارك فيما يسعى إليه ويعينه على ذلك.
وجدير بي هنا أن أتقدم أيضا بالشكر كل الشكر (للجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام)، ومن دعمها بفكره وماله، ولكل موقع سخر أقلامه وأدواته لنصر خاتم الأديان.. وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام،ولمن جاهد في سبيل تبرئة عملنا الإغاثي الذي لم يحدد لغة أو دين أو جنس المتلقي، فيداه كانت تصل للمحتاج أينما وجد، وعلى أي معتقد كان.
أما خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فأقول له هنيئا لكم بحصولكم على جائزة خصصت للحفاظ على سنة رسولنا الكريم نبي الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام والتي تسعى لتطهير سيرته مما لوثت به زورا وبهتانا، سيرة تشهد اليوم أكثر من أي وقت عاشه عصرنا الحديث حرباً أشبه ما تكون بالحرب الفكرية المنظمة، جائزة ستكون دافعا لتحفيز أمثالكم على هذا التوجه من ولاة أمر المسلمين لعلنا نستحق شفاعته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط