صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







لنفق قبل أن يقضى علينا من حيث لا ندري

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
ليتنا نهب للدعوة لدين الله كما كنا في الداخل والخارج باعتدال، لنسع وبجد للقضاء على الفقر، فالفقر هو المفتاح الأساسي الذي يعتمد عليه مجلس الكنائس العالمي الذي رصد 25 مليار دولار لتنصير عالمنا الإسلامي

نشر مؤخرا في موقع مفكرة الإسلام وفي غيره من المواقع، خبر مفاده أن "مجلس الكنائس العالمي" يرصد 25 مليار دولار لتنصير المسلمين، ولأني أدرك جدية الهدف التنصيري وخطورته.. ولأني أخاف من فعالية الوسائل المتبعة ولو على القلة القليلة ممن ولدوا مسلمين، وجدت نفسي أجاور هذا الخبر اليوم دون غيره.
إن رصد مبلغ ضخم كهذا من مؤسسة تنصيرية تتحرك عالميا بحرية - تكاد تكون مطلقة - لم يأت اعتباطا، فالقائمون عليها مؤمنون يقينا بقضيتهم، وما إصرارهم على اقتحام العالم الإسلامي لتغيير ملامحه الدينية إلا من هذا الباب، وحتى يكون القارئ مستوعبا لخطورة المخطط ارتأيت عرض مقتطفات من كتاب (التنصير.. خطة لغزو العالم الإسلامي) طبع عام 1978م، هذا الكتاب يحكي قصة ميلاد مؤتمر عالمي عقد على الأرض الأمريكية، خُصّص لتنصير المسلمين، أما طبعته العربية -التي بين يدي- فلم يخصص ليقع بين يدي المسلمين، بل ليكون مرجعاً للمنصّرين الجدد العاملين داخل عالمنا الإسلامي والعربي، هذا ما ذكر بوضوح في المقدمة التي جاء فيها: (عملية تنصير المسلمين من أعظم التحديات على مر العصور.. وانطلاقاً من ذلك فإن لجنة التنصير في لوزان قد تسلمت - بارتياح شديد - اقتراحاً لعقد هذا المؤتمر في أمريكا الشمالية عام 1978م.. كما قدم التصور الدولي للدعم المالي السخيّ لإنجاح هذا المشروع.. وقد انتهى هذا المؤتمر العالمي إلى تحديد الهدف الكبير ألا وهو العمل على تنصير 720 مليون مسلم)! -هذا العدد هو عدد مسلمي العالم فترة انعقاد المؤتمر، ونحن اليوم ولله الحمد أكثر من مليار نسمة، وإن كنت آمل من المولى سبحانه ألا نكون كغثاء السيل لا يغني ولا يسمن من جوع.!

أما الدكتور "ماكس كيرشو" وهو أحد المتحدثين في ذلك المؤتمر فيؤكد صعوبة تنصير العالم الإسلامي فيقول: (منذ ظهوره في القرن السابع للميلاد والإسلام يمثل تحديا لكنيسة يسوع المسيح، ولست بحاجة لسرد التقدم الذي أحرزه الإسلام في قرونه الأولى أو تعداد المحاولات التي تمت لوقف المد الإسلامي بالقوة العسكرية، وبصورة عامة كانت الحملات التنصيرية غير فعالة نسبيا في استعادة مناطق إسلامية إلى المسيح، بينما استمر الإسلام في الانتشار على طول آسيا وإفريقيا وينتشر اليوم في العالم الغربي، إذ يقدر عدد المسلمين في أوروبا بـ24 مليون مسلم منهم ثمانية ملايين في أوروبا الغربية)
ومع إقرارهم بصعوبة هذا الهدف علينا أن نعترف أن تنصير العالم الإسلامي هدف ولد عند هولاء ليورث، فما زال القائمون عليه أكثر تحمسا، وإصرارهم يزداد يوما بعد يوم لتبديل صوت المؤذن بصوت أجراس الكنائس، فهم يتدربون ويمولون كل الوسائل التي تظهر ولو جزءاً ضئيلاً من النجاح.

لقد حرص أحد المبشرين وهو "بيتر واكنز" على توضيح العوامل التي تجعل الإنسان على استعداد لتقبل دعوة الكنيسة، فكان مما قال: (إن.. التهجير، والاستعمار، واعتماد النمط الغربي في الحياة، والتغيرات السياسية والثورات والقمع، كل واحد من هذه العوامل بإمكانه أن يضعف روابط القيم التقليدية التي يلتزم بها الفرد أو الجماعات، فالأشخاص الذين يتعرضون لنوع من التغيير، كثيرا ما يكونون مستعدين لتغيير آخر، وقد يكون هذا هو الاستجابة لدعوة الكتاب المقدس -الدين المسيحي -) كما أشار إلى استطلاع يفترض أن يعد ويوزع للوقوف على قابلية الأفراد والمجتمعات للتنصير، مؤكدا أنه ليكون مفيدا يجب أن يملأ بالمعلومات لدراستها ومن ثم تقييمها، ومن هذه المعلومات ذكر ما يلي:
* مقدار شعور الشخص ذكراً أو أنثى بالاستياء تجاه ثقافته.
* مقدار شعور الشخص ذكراً أو أنثى بالاستياء تجاه دينه الحالي.
* قوة ارتباطه بأسرته وعشيرته.
* مقدار الحرية التي يتمتع بها للتغيير.
* حجم الدور الذي تلعبه أسرته أو مجموعته العشائرية في قرار التغيير.

ثم ذكر أنه من المهم إعطاء العامل رقم (3) اهتماما خاصا، إذ يرى أن ضعف الارتباط بالأسرة والعشيرة هو الذي يتيح للمجموعة اختيار الإيمان برسالة المسيح.
ومن هنا أجد أن من المهم التنبيه لخطورة الاستجابة للأصوات المنادية بتقليص أعداد المقبولين بالكليات الإنسانية في جامعاتنا وكلياتنا أو إقفالها، سواء المتخصصة بدراسة تاريخنا القديم أو الحديث، أو الكليات المتخصصة بدراسة جغرافية العالم الإسلامي ،بل و المتخصصة بدراسة اللغة العربية..، بل وصل الأمر بمناداة بعضهم بتقليص هذه الأعداد في الكليات الشرعية !!
طلب كهذا يحقق الهدف التنصيري ويصب في جعبته، فهذه المعاهد الإنسانية على اختلافها تعمل على ترسيخ الانتماء الديني والوطني في نفوس المتلقين، ومن الخطأ أن نفرغ مجتمعاتنا الإسلامية من المتخصصين في هذه المجالات..إذ لن ينتج عن إقرار سياسة تعليمية كهذه إلا أفراد منزوعو الصلة بمن قبلهم، ولاؤهم المطلق لمصدري العلوم التي أدمنوا على تلقيها منذ نعومة أظافرهم، يفكرون كما يفكرون ويعيشون كما يعيشون.

وبطبيعة الحال لا أعني مطلقا إلغاء الكليات التي تتخصص في تدريس التكنولوجيا الحديثة بشتى أنواعها وغيرها من العلوم ،فإبداعنا في شتى العلوم التي تعود بالفائدة على الإنسانية، مطلب شرعي نؤجر عليه، ولكن إلغاء علومنا الإنسانية وتفريغ مناهجنا وعقول أبنائنا منها، يهدد انتماءنا لديننا ووطننا، وفي القريب العاجل..
والمضحك المبكي أن ذلك المؤتمر عندما أوصى بإعداد منصرين مؤهلين للقيام بمهمة التنصير.. أشار إلى نوعية هذا التأهيل فقال: (هذا التأهيل لا ينصب فقط على التعاليم المسيحية، بل على المعرفة بالقرآن والعقائد والممارسات الإسلامية بالإضافة إلى الإسلام الشعبي، أو إسلام العامة.. وما له تأثير على المجتمعات الإسلامية كالتقاليد) مؤكدين على أهمية تدريب المنصر بقولهم إن التدريب: (لا يكتمل أبدا فهو عملية مستمرة..وسوف يحتاج كل مركز تدريب رئيسي إلى شخص له مؤهلات عليا في الدراسات الإسلامية وموهبة في مجال التنصير تم تطويرها خلال عدة سنوات من الخبرة في العالم الإسلامي)..
هؤلاء يتفرغون لدراسات علومنا الإنسانية وبأدق تفاصيلها، بغية معرفة (من أين تؤكل الكتف) في حين يراد لنا أن نتعامل مع علومنا الإنسانية كتكملة عدد لا أكثر ولا أقل.. تلقين وحفظ.. حفظ وتلقين..

لنركز على الجوانب الإنسانية في حياة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام في تعامله مع أهله، جيرانه ولو من أهل الكتاب، ومع عصاة المسلمين، ليتنا نتوقف عند ورع الصحابة، وعند تطبيق قادة لنا كانوا يوما بيننا لتعاليم الدين الإسلامي، ولنتوقف عند الأخلاق الإسلامية وعظمها فهي أساس هذا الدين بعد الإيمان وتطبيق الأركان..ولنفق قبل أن يقضى علينا من حيث لا ندري، وليتنا نهب للدعوة لدين الله كما كنا في الداخل والخارج باعتدال عرف عنا وعرفنا به.. لنسع وبجد للقضاء على الفقر في وطننا وفي عالمنا الإسلامي، فالفقر هو المفتاح الأساسي الذي يعتمد عليه مجلس الكنائس العالمي الذي رصد بدوره 25 مليار دولار لتنصير عالمنا الإسلامي..
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط