اطبع هذه الصفحة


الحزم والقصاص.. لا مناصحة ولا مسامحة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
قالت لي فتاة شابة..(لماذا السعودية بالذات؟! ما هذا الكره المبطن لبلاد أتحدى أن يجاهر أحد فيها بمعصية، بلاد يتوارى العاصي فيها خلف الجدران، في حين يجاهر بفعله في غيرها من البلاد، هنا خائف خجل وهناك لا يجد في عصيانه أية غضاضة.. لماذا السعودية بالذات حاضنة الحرمين الشريفين وخادمتهما، قبلة المسلمين؟ لماذا السعودية وهي الأرض التي ترفض رعاية الكفر على أرضها، الحاضنة للصلح بين الإخوة، فتح وحماس، السودان وتشاد، الحريصة على تمكين الأمن في لبنان وفي العراق والصومال؟!) ولأني لا أعرف إلا جوابا واحداً لكل هذه الأسئلة، أجبتها بقولي: (هم المفسدون في الأرض المبرمجون من قبل من أراد استهداف أمن البلاد وثرواته وكرامته، فأحبط الله عملهم وأصابهم خزي الدنيا والآخرة بحول الله وقوته).

ومن هنا أستئذن وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، حفظه الله وسدد خطاه لما فيه خير البلاد، للحديث إليه بما يلي: مع أني يا سمو الأمير.. أشكر سموكم الكريم ورجال الأمن الذين يواصلون الليل بالنهار ويخاطرون بحياتهم ليعيش المواطن والمقيم آمنا مطمئنا بإذن الله، ومع أن نجاح جهازنا الأمني- ولله الحمد - وكما قالت إحدى فتياتنا الشابات -.. فاق بمراحل تصورات أفلام الغزل الأمريكي لأجهزة الأمن الأمريكية، إلا أننا يا سمو الأمير، ما زلنا نطمع بالمزيد، نريد كمواطنين ومواطنات أن نعرف مصير من أراد بنا شرا سواء كان من المحرضين أم المنفذين، نريد أن نتابع الإجراءات القانونية بحق من أراد ببلادنا الفساد، من خطط ودرب وعمد للتنفيذ لولا رحمة الله التي مكنت البلاد من إيقافهم عند حدهم.

يا سمو الأمير لا يكفيني كمواطنة أن أعرف أنكم قبضتم عليهم، ولا أنكم سجنتموهم، في سجن لا يليق بعتاة المجرمين، فسجن "الحاير"، الذي سخرتموه لفئة من هؤلاء لا يليق بالمفسدين في الأرض!!

عفوا يا سمو الأمير ولكني غاضبة، ويحق لي أن أكون، فالمناصحة كانت ضرورية في وقت ما، أما الآن وبعد أن أصبح معلوما عند أغلبية العامة ضلال وفساد هذا الفكر التكفيري الذي يتزعمه هؤلاء، فلا مجال لتبريرات جوفاء من هؤلاء، تعتمد على جهلهم بالحكم الشرعي، ثم ما سيكون حال هؤلاء المفسدين في الأرض لو وصلهم العلم أن أحداً ما أراد بأهاليهم شرا، بوالدة أحدهم أو بوالده، وبأخوته أو أخواته، بزوجته وأبنائه وبناته، بعماته أو خالاته، وبعشيرته وأصدقائه؟! هل سيقبل أن يسجن ويدلل بمجالسة علمائنا وفقهائنا الذين تفرغوا لمناصحة ما يطلق عليهم بالفئة الضالة!.

ومع أني أعي تماما أن رجال الأمن في بلادي - ولله الحمد - أناس أثبتت الأيام أنهم أوفياء شجعان لا يتورعون عن بذل نفوسهم ليعيش المواطن والمقيم بأمن وسلام، بل يتطلعون إلى أبعد من ذلك، يتطلعون ليكونوا الدرع الذي يصد ضربات من أراد زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي المحلي وحتى العالمي.. إلا أني كمواطنة أريد المزيد، أريد أن يكون المفسدون في الأرض أصحاب هذه الخلايا الإرهابية، عبرة لمن تسول له نفسه اللعب بمقدرات هذه البلاد، وأنا في ذلك لم أخرج عن حكم الله سبحانه وتعالى فقد قال سبحانه في محكم كتابه الكريم: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) (البقرة:179) وبالتالي نريد تطبيقا علنيا كتطبيقنا الحد على القاتل والسارق، فهؤلاء لم يقتلوا رجلا ولم يسرقوا بيتا، بل عمدوا لقتل أمة وسرقة وطن! أنا أعتقد يقينا أن من أمن العقوبة أساء الأدب ،خاصة مع أفراد خططوا ودربوا وعمدوا للتنفيذ، إن الخلايا الإرهابية الإجرامية التي تم القبض عليها مؤخرا تدعونا للتفكير مجددا في الإجراءات والعقوبات التي تنزل على أفرادها، وإن لم نفعل فلن يتعظ من لديه الاستعداد ليكون بطلا في قصة خرافية خاسرة كقصصهم تلك.

سمو الأمير أنتم أعلم بقوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) (سورة المائدة 33) آية واحدة في كتاب الله الكريم حددت لنا كمسلمين كيفية التعامل مع المفسدين في الأرض، حددت لنا حد الحرابة، وكيفية التعامل مع الجماعات المسلحة التي تعمد لقطع الطريق وإحداث الفوضى وسفك الدماء وسلب الأموال، وإهلاك الحرث والنسل، بل إن علماءنا الكرام حفظهم الله عدوا المكلف الذي يحمل سلاحا مجاهراً بذلك من المفسدين في الأرض، ولو كان هذا السلاح عصا أو حجرا، فكيف بمن هدد وتوعد وأعلن وجاهر ودرب واضعا نصب عينه تحويل الوطن إلى مقبرة، فكيف بمن دفن داخل أرضنا أسلحة مدمرة أراد أن تفجرنا وتهدر ثرواتنا وتروع أطفالنا، فكيف بمن لم يكتف بسرقة أموالنا بل عمد لسرقة فلذات أكبادنا، وإذا كان هناك مجال عند البعض للرحمة مع هؤلاء، مع كل ما اقترفته أيديهم من إفساد، وتخطيط أرادوا له النجاح لولا الله سبحانه الحافظ المنان، الذي مكن رجال أمننا البواسل الشجعان منهم ! إذا كان هناك مجال للرحمة بهؤلاء المفسدين في الأرض مع ذلك التخطيط الإجرامي! فليس هناك مجال للرحمة مع من أساء لدينه وشوه تعاليمه مرتديا ثياب الأتقياء، مكفرا لعلمائنا وفقهائنا الكرام الذين أعلنوا تحريم قتل الأبرياء الآمنين حتى من هم على غير الإسلام دينا، هؤلاء المفسدون تعدوا سن التكليف، فلنعاملهم على هذا الأساس.. هؤلاء لم يعمدوا لقتل رجل ولا لسرقة بيت، بل عمدوا لقتل أمتي ولسرقة وطني..

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط