اطبع هذه الصفحة


أين الإعلام الأمريكي من هذه المناهج المتطرفة ؟

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
أجزم إنك لو نظرت للوضع الداخلي للكيان الصهيوني ستعجب.. لا من وضعه المتشابك والمتنافر في الوقت نفسه ، بل من غض الإعلام العالمي عن الاهتمام به.. أو حتى النظر لمعطياته..وأخص بذلك الإعلام الأمريكي المتحذلق....فالكيان الصهيوني الداخلي ينبئ عن حرب يهودية أصولية قائمة بين الجماعات الأصولية وغيرها ، حرب لا تنطفئ نارها إلا لتزداد اشتعالاً .. والغلبة كما تؤكده الحقائق انتهت لأيدي الأصوليين المتطرفين .. ففي عام 1988م .أدى الفوز الكاسح لـ( حريديم ) الفرقة اليهودية المتطرفة ، في انتخابات برلمان الكيان الصهيوني ، إلى فرض أنفسهم على الأحزاب الصهيونية الأخرى.

أن أهمية الحديث عن البناء الفكري والتنظيمي لهذه الأحزاب الدينية المتطرفة، سيصل بنا لاستيعاب المسار الذي أوصل اليمين السياسي المتشدد للكيان الصهيوني للنجاح السياسي المستمر.. هذا النجاح بدأ من خلال اهتمام الأحزاب الدينية بالعملية التعليمية، ففي خلال العقود القليلة الماضية تمكنت الأحزاب اليمينية اليهودية المتشددة من فرض النمط القديم للتعاليم اليهودية على الكيان الصهيوني .. التعاليم عجيبة غريبة .. تنص صراحة على أن الإناث لا يحتجن إلى التعليم، كما أنهن ممنوعات من بعض أنواع الدراسات الدينية، ومن المعروف أنه إلى وقت قريب كانت معظم النساء الإسرائيليات أميات ،في حين كان وما زال على الذكور التوجه للتعليم الديني في سن جد مبكرة ، لا تتعدى الثالثة أو الرابعة ، إلا أن الأحزاب الحريدية المتطرفة واجهت المعارضة الشديدة من الأحزاب الأخرى والذين استهجنوا استبعاد النساء من العملية التعليمية الدينية، وعليه انتهت هذه المؤسسات الدينية دفعا لتلك المعارضة بفتح مؤسسات خاصة تكتفي إلى اليوم بتعليم الفتيات الحريديات ما يجب عليهن عمله وما الذي عليهن تجنبه ، فهي ما زالت على يقينها أن تعليم الفتاة عدا ذلك يعد هراء لا قيمة له، هذا ما أكده ميمونيدس صاحب كتاب ( قوانين تعليم التوراة ) إذ قال فيه : ( إن المرأة التي تدرس التوراة تحصل على ثواب أقل مما يحصل عليه الرجل.. والحكماء يأمرون الآباء أن لا يعلموا بناتهم التوراة، لأن معظم النساء ليست لديهن النية في تعلم أي شيء ، وسوف يقمن بسبب سوء فهمهن بتحويل أقوال التوراة إلى هراء ..) !!
ولم يتوقف احتقار الحريديم للمرأة عند هذا الحد بل وصل بهم الأمر لأن ينص التلمود صراحة وهو المرجع الأساسي للطالب الحريدي في جميع مراحله التعليمية على : ( إن المرأة هي حقيبة مملوءة بالغائط ) ..!!

وهنا بالذات ..لا أملك إلا أن أنتظر من المفوهين في الإعلام الأمريكي معالجة وضع المرأة الحريدية المزري عند هؤلاء المتطرفين اليهود التابعين للأحزاب السياسية الصهيونية .. أحزاب فازت بمقاعد في البرلمان الصهيوني.
إن التعليم في هذه المؤسسات التعليمية الأصولية لا يتوقف عند مرحله واحدة آنفاً ، وتستمر إلى مرحلة التخصص العليا، البداية تكون مع ما يسمى بـ(الغرفة ) المدرسة الابتدائية وكانت كما أشرت آنفاً للذكور فقط كبقية مراحل التعليم في المدارس الدينية في الأرض المحتلة ، يدرس الطلبة خلالها الأجزاء السهلة من التلمود ، وبعد ثمان سنوات يتم تقسيمهم حسب القدرات ..فأقلهم قدرة يرسل لتعلم إحدى الحرف، أما البقية فيكملون تعليمهم في ما يسمى ( الياشيفاه ) وهذه المرحلة تتكون من عدة مستويات يتم خلالها غربلة الطلاب بحسب قدراتهم ليصل أكثرهم قدرة لمؤسسة دينية تعليمية تسمى ( كوليل ) حيث يدرس التلمود فقط ، يتم بعدها اختيار أعظمهم قدرة ليشغلوا مراكز حاخامية عليا.

والملفت للأنظار أن منهج هذا التعليم الأصولي التقليدي خالي تماماً من أية دراسات غير دينية ، فهي مناهج تبدأ بنصوص سهلة من التلمود لتنتهي بدراسة كتابات تلمودية دينية، بمعنى أوضح استبعدت هذه المعاهد من مؤسساتها التعليمية دراسة كل العلوم الأخرى فالحريدي لا يعلم شيئاً البتة عن الرياضيات وعلومها ولا عن العلوم الطبيعية، ولا عن اللغات الأجنبية ، بل لا يعلم شيئا حتى عن الآداب العبرية كالشعر العبري أو قواعد اللغة العبرية أو تاريخها.
والسؤال الذي أود أن يجيب عليه الإعلام الأمريكي المتحرك كالمكوك ضد مناهج التعليم في بلادنا الإسلامية، ما هو موقفه من هذه المدارس الأصولية المتطرفة والمغلقة تماماً على تعاليمها الدينية ، مؤسسات تعليمية تلقى من حكومة الكيان الصهيوني كل الدعم المادي والمعنوي على السواء ، وتلقى من هذه الحكومة المحتلة كل التنازلات تصل لإعفاء طلبتها من الخدمة العسكرية الإلزامية ، تقدم لها كل ذلك وهي تعلم علم اليقين أنها مؤسسات تعليمية عنصرية تناصب العداء للإنسانية جمعاء، مؤسسات تعليمية تربى الشباب اليهودي على التطرف والعنصرية ..

إن إثبات تطرف هذه الأحزاب ومؤسساتها التعليمية المشين من السهولة بمكان ، إذا يكفي لذلك الوقوف عند بضع كلمات تقال من هنا أو هناك على لسان حريدي، نشأ وتربى في تلك المؤسسات التعليمية المتطرفة ، واليكم بعض ما جاء في مقال، كتبه الحاخام ( إسحاق جينسبرج ) رئيس إحدى المدارس الدينية الحريدية ، بالقرب من نابلس ، نشر في صحيفة ( الأسبوع اليهودي) وصحيفة (ها آرتس ) في 26/ إبريل /1996م ،: ( إذا كانت كل خليه في الجسد اليهودي تنطوي على ألوهية، وهي بذلك تكون جزءاً من الله ، فإن كل حمض نووي أميني هو جزء من الله ، وعلى ذلك فهناك شيء مميز خاص بالحمض النووي الأميني اليهودي ..وعليه فإذا كان شخص يهودي بحاجة إلى كبد ، فهل يمكنه أن يأخذ كبد شخص غير يهودي بريء لإنقاذ حياته ؟ إن التوراة تسمح بذلك على الأرجح، فالحياة اليهودية لا تقدر بثمن ..فهناك شيء ما أكثر قداسة وتفرداً في الحياة اليهودية ..عنه في الحياة غير اليهودية ) ليس غريباً أن يبيح رئيس مدرسة حريدية متطرفة سرقة أعضاء غير اليهود بغية إنقاذ الروح اليهودية.. الإلهية بزعمه !!! بل لن يكون غريباً علينا أن يكون هذا الحاخام أحد مؤلفي الكتاب الذي مجد ( جولدشتاين ) مرتكب المذبحة الإبراهيمية بالخليل عام 1994م ..وليس غريباً أن يطالعنا هذا المتطرف بقوله: ( إن قتل العرب الأبرياء يعتبر فضيلة يهودية) ..

نافذة:
وهنا بالذات ..لا أملك إلا أن أنتظر من المفوهين في الإعلام الأمريكي معالجة وضع المرأة الحريدية المزري عند هؤلاء المتطرفين اليهود التابعين للأحزاب السياسية الصهيونية .. أحزاب فازت بمقاعد في البرلمان الصهيوني ..
 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط