اطبع هذه الصفحة


إلى انكماش الارتهان الأمريكي للسعودية

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
(بما أن بيتي آمن فما يعنيني لو احترق العالم بما فيه) عبارات كهذه اعتدنا سماعها أو برمجنا على قبولها واستحسانها، عبارات كهذه قد تختلف إحداها عن غيرها في المفردات والألفاظ، إلا أنها دوما تلتزم بالمضمون ومن هنا آمل منكم التكرم بملازمتي لدقائق معدودة استعرض من خلالها دراسة أكاديمية عرضت في مؤتمر تم برعاية رئيس الكيان الصهيوني، مؤتمر عني بالأمن القومي في إسرائيل، وشارك فيه أربعة من رؤساء وزراء هذا الكيان وشخصيات عالمية فاعلة في أوطانها.
وما توجهت لعرضها إلا لتبيان أننا وإن كنا نعمد بجد لتزيين بيوتنا إلا أننا لن نقبل بترك أسوارها دون تحصين،ولن نقبل بشباب حالم لا يعي من أين يأتيه الرصاص أمن الداخل؟!أم من عدو؟! أم من صديق قد ينقلب غدا عدوا ؟! والغريب في هذه الدراسة أنها أولت المملكة العربية السعودية بحيز عظيم في دراستها وتحليلها، رغم أن المملكة العربية السعودية ثابتة على موقفها الرافض لأي علاقات ثنائية، بل أي محادثات بينهما دون صلح يضمن الحق الفلسطيني، الحق الذي ظهر وعلى مدى سنوات أن الحكومات المتعاقبة للكيان الصهيوني لا تستسيغه على أية حال إليكم جزءاً بسيطاً مما ورد في هذه الدراسة عن أرضكم ووطنكم المملكة العربية السعودية:
(السعودية هي أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم..صاحبة الاحتياطات النفطية الأضخم في العالم ..يوجد لديها مفهوم بعيد المدى بشأن استغلال النفط ، ويرتكز المفهوم على الافتراض القائل إنه عاجلا أو آجلا سوف ينتهي عصر النفط ولذلك يجب تحويل الذهب الأسود إلى ثروات تنتج ثمارها للأجيال القادمة، وضمن هذا الإطار تحاول السعودية رسم خطوط إنتاجها وفقا لاعتبارات الربح على المدى البعيد ،أي بمعنى إحراز أكبر قدر من الفائدة من خلال احتياطاتها النفطية المخزونة تحت سطح الأرض، وبناء على هذه الاعتبارات فإن مفارقة الإنتاج تكمن في التالي :هل من المجدي الاحتفاظ بالنفط في باطن الأرض،لكون سعر أية مادة منتهية من شأنه أن يرتفع في المدى البعيد..أم إنه من الأفضل تحويل النفط عن طريق تصديره إلى استثمارات تساعد في النمو والنهضة؟ السعودية في واقع الأمر حاولت الدمج بين الفائدتين). بطبيعة الحال ذكرت الدراسة كثيراً من الافتراضات حول سياسة المملكة العربية السعودية النفطية جزء منها انبنى على نظريات لا تمت لأرض الواقع بصلة اتسم بالمبالغة والشطط، وبعضها افتراضات تحمل في طياتها قدراً من الصحة، على أية حال أردت فقط أن أوضح مدى اهتمام الآخر بنا، وبشكل يفوق اهتمام بعضنا بشأنه الخاص.

هذه الدراسة وجهت اهتمامها لتحليل السياسة النفطية لأمريكا فظهرت بشكل لو تم عرضها به في دراسة أحدنا لقيل إنه عدائي سوداوي تحكمه نظرية المؤامرة، فتحت عنوان(أهمية الخليج الفارسي الاستراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة كدولة عظمى) قالت (إنه عام 1943م وأثناء الحرب العالمية الثانية شكك مدير الاحتياطات النفطية الأمريكية الخاصة بالحرب في القدرة الأمريكية على تغذية آلة الحرب بالنفط لسنين طويلة في حال استمرت الحرب العالمية الثانية.. والظاهر أن هذا الدرس قد أثر تأثيرا غير قليل على السياسة الخارجية الأمريكية، وفي تخطيطها البعيد المدى) ثم قامت هذه الدراسة ببيان ملامح بدت واضحة لهذه السياسة الأمريكية ، فقالت:(إنه ثمة اعتبار أساسي آخر لأهمية السيطرة على مصادر النفط في العالم، وهو ينبثق من حاجة أغلبية الدول الصناعية والدول النامية في العالم للنفط من أجل النهوض باقتصادياتها، وضمن هذه الظروف فإن السيطرة على النفط تمثل قوة سياسية هائلة، والولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى تسعى للسيطرة عليه أو على الأقل تسعى لمنع خصومها من القيام بذلك،إن الأهمية الاستراتيجية التي يتمتع بها الخليج الفارسي تنبع من كونه أكبر مصدر للطاقة في العالم، فالاحتياطات النفطية في الخليج هي 65% من الاحتياطات النفطية.. وتشكل نحو 40% من تجارة النفط العالمي.. وضمن هذا الواقع لا يوجد أمام الولايات المتحدة أي خيار سوى أن تعتبر الخليج الفارسي هدفاً استراتيجياً من الدرجة الأولى) كما قام معدو هذه الدراسة بالإشارة للمحرك الأساسي من وجهة نظرهم للأسباب الكامنة وراء تحرك الآلة الحربية الأمريكية باتجاه العراق بقولهم:(إن الانتصار الأمريكي على نظام صدام حسين يعتبر مكسبا ملحوظا في معركة السيطرة على الخليج الفارسي،على الرغم من أن قادة الحرب في البيت الأبيض لم يعرفوا أهداف الهجوم بمصطلحات لها علاقة بالنفط، بل بمصطلحات لها علاقة بالتهديد العراقي المتزايد على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، إلا أنه وجدير بالملاحظة أن القادة الأمريكيين الحاليين هم من الخبراء البارعين في قطاع النفط،فالرئيس بوش هو حاكم تكساس ولاية النفط الأمريكية بامتياز، ونائب الرئيس ريتشارد تشيني كان يتولى منصب رئيس مجلس إدارة شركة هاليبرتون المختصة بتزويد الخدمات النفطية والتي تستوعب 185 ألف عامل في العديد من الدول، ومستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس - وزيرة خارجية أمريكا حاليا -عملت في السابق ضمن مجلس إدارة شركة النفط الأمريكية الضخمة شفرون تكساكو.. وإذا نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في إقامة نظام حكم صديق لها في العراق فسوف تشكل كتلة متعاطفة مع الدول المنتجة التي تشكل احتياطاتها النفطية المثبتة الوجود في العالم .. إذا تحقق هذا السيناريو فسيؤدي إلى انكماش الارتهان الأمريكي للسعودية التي تملك 25% من الاحتياطات النفطية في العالم وهي العنصر المهيمن في الأوبك) ولم تكتف هذه الدراسة بذلك بل أطلقت العنان لتطلعات نفطية أمريكية بعيدة عن الخليج العربي فقالت:(تبدي الولايات المتحدة اهتماما كبيرا أيضا بالمناطق المرشحة لاحتضان احتياطات نفطية لم تمس بعد ، مثل منطقة بحر قزوين - - والدول الإسلامية المحيطة بها- إن الشركات الأمريكية توظف مليارات الدولارات في التنقيب عن النفط وفي تطوير حقول النفط والغاز في المنطقة، وكلما تم اكتشاف المزيد من النفط في مناطق كهذه تراجع الارتهان في استيراد النفط من الخليج) ثم أعلنت هذه الدراسة مخاوفها من اجتماع كلمة العرب على قلب واحد، صرحت بمخاوفها من اتحاد العرب، فقالت: (لإسرائيل والولايات المتحدة مصلحة مشتركة في منع تشكيل ائتلاف قوي في الشرق الأوسط من شأنه أن يهدد استقرار المنطقة وأمن"إسرائيل"..إن تضامنا كهذا من شأنه أن يشكل تهديدا أمنيا جديا ضد"إسرائيل" .. ومن أجل ذلك توجد لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مصلحة مشتركة في تفريق العالم العربي ومنعه من التوحد حتى يتحقق سلام شامل في الشرق الأوسط) يبدو أن بعضنا عمد لإرضاء أصحاب المصالح في تفريق كلمتنا كأمة عربية وكشعوب، وما نراه في فلسطين والعراق ولبنان وغيرها ، لدليل على قلة الحكمة وبعد النظر التي يتمتع بها بعضنا، ولا حول ولا قوة لنا إلا بالله العلي العظيم.
 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط