اطبع هذه الصفحة


اعترافا بالفضل ..لأهل الفضل

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
لقد غادر عسير بعد أن غرست جذوره فيها، غادرها سمعا منه وطاعة لأمر صدر من الوالد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، لقد فارق دياراً عشق أهلها وترابها وجبالها ووديانها، ليقف على ربوع مكة المكرمة، أشرف البقاع وأحب البلاد لله سبحانه، مهبط الوحي، وحاضنة الحرم المكي الشريف.

إلا أني واعترافا بالفضل لأهل الفضل، لا أملك إلا أن أتحدث عن الشق الثاني للأمير خالد الفيصل، شق لا يعرفه الكثيرون، سأتحدث عن رفيقة دربه، وشقيقة روحه، عن زوجته وأم عياله وصديقته التي رافقته وساندته في طموحاته وتطلعاته التنموية، سأتحدث عن تلك الفتاة التي فارقت أهلها وغادرت مدينتها، لتكون بجوار زوجها تحفر معه الصخر وبأناملها الرقيقة، سأتحدث عن الأميرة "العنود بنت عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن آل سعود" حفظها الله، والتي تشرفت منذ سنوات بقبول دعوتها للمشاركة بإلقاء محاضرة في نشاط ثقافي يتم عادة برعايتها كل عام، وبقبول دعوتها لحضور فعاليات حفل خصص للاحتفاء وتكريم المتفوقات من بنات عسير، الحاصلات على جائزة الأمير خالد للتفوق العلمي.

إن الاستقبال الذي وجدته في أبها ما إن وضعت قدماي على أرضها، وفي كلتا المناسبتين مبهج للغاية، ليس من حيث الضيافة فقط، بل من حيث ترحيب ورعاية الفريق المنظم في كليهما، إلى حد خيل لي أني المعنية وحدي في كلتا المناسبتين، ولأدرك بعدها أن هذا الشعور كان عاما.. فقد لامس وجدان كافة الضيوف من الأخوات الفاضلات.

أما الأميرة العنود، فقد كان لقائي الأول بها غريباً نوعا ما، فقد ظننت أن من أقبلت علينا بمفردها، كانت إحدى المثقفات الفاعلات، إذ بادر الحضور فور وصولها بالسلام عليها والتحدث معها، فكانت تتحدث مع هذه وتتبسم لتلك، وتنصت لأخرى، وما إن اقتربت من منتصف القاعة حتى أدركت أني أمام الأميرة العنود التي قيل لي إنها اعتادت الوقوف مع وخلف كل نشاط ثقافي واجتماعي ينظمه ويقوم به العنصر النسائي في أبها، فرعايتها لأمثال تلك الأنشطة لم تكن يوما تشريفية كما قد يعتقد البعض، فهي المطلعة دوما على كل ما يمكن أن يواجهها من صعوبات، وهي المبادرة لتذليل كل ما من شأنه إعاقة نجاحها، وهي المشاركة في التنظيم والإعداد وحتى التنفيذ.

إلا أن ما أثار إعجابي في "أم بندر" ليس فقط رعايتها للكفاءات النسائية السعودية، وحرصها المباشر على إظهار هذه الكفاءات بشكل لائق، أو ما عايشته بحكم قربي من الأديبة سارة بنت محمد الخثلان، والتي أسرت لي عن إصرار الأميرة العنود على رعاية وطباعة محاضرة لها ألقيت في أحد المواسم ثقافية في أبها، والمعنونة بـ"إبداع المرأة السعودية، بين نوافير النفط وكثبان الرمال" والتي عرضت من خلالها إنجازات عالمية لنساء سعوديات، أمثال إلهام أبو الجدايل، سميرة إسلام، سلوى الهزاع، حياة سندي، وفاء فقيه، أحلام العوضي، آمال العبدالكريم وسامية الميمني، إن إعجابي بالأميرة العنود ليس نابعاً من فخرها بما جاء في المحاضرة من معلومات قيمة، ولا من تقديرها وتشجيعها لمن صاغت كلماتها ومفرداتها، ولا من حرصها حفظها الله على نشرها داخل البلاد وخارجها، ولا من إصرارها أن تخرج المحاضرة للناس ككتاب، وباللغتين العربية والإنجليزية، ولا من المضامين المقدمة التي سطرتها بيمناها، والتي جاء فيها: (لا شك أن هذه البلاد وهي تزخر بالعقول المستنيرة ظلمت كثيرا في تجاهل مبدعيها.. وخصوصا من النساء اللاتي آن الأوان بأن يعطين حقهن من الاعتراف بقدراتهن الإبداعية في جميع المجالات) ليس هذا فقط ما أثار إعجابي بهذه المواطنة والأميرة السعودية، فإعجابي بها يتعدى ذلك كله، ليصل لقدرتها النفسية المتميزة على استيعاب البسطاء من أهل عسير والتعامل معهم، إذ يخيل للناظر أنها أقرب ما تكون للبسطاء، وأنهم ألصق بها من غيرهم.

فبارك الله بها أينما تكون، وأعانها بفضله لتكون عونا لكل خير، وشكرا له سبحانه الذي مكنني من مقابلتها والتحدث معها، ثم شكرا لشخصها وللقائمات معها على تلك الأنشطة، فقد قدر لي حضور مناسبات عديدة داخل البلاد وخارجها، إلا أني لم أجد ما وجدته منها ومن أهل أبها من ترحيب واحتضان.

ولا يفوتني هنا إلا أن أدعو الله سبحانه أن يوفق أميرنا الشاب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز في مهامه الجديدة كأمير لعسير، وهو وكما سمعت قادر -بحول الله وقوته- ليكون خير خلف لخير سلف.. فهنيئا له ولأهل عسير بهذه الثقة الملكية.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط