اطبع هذه الصفحة


الإخلاص في القول والعمل

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
عندما تصل هذه الجريدة بين يديك أيها القارئ الفاضل تكون مستمتعا بإجازة، يفترض من وجهة نظري أن نكون جميعاً عاملين فيها باذلين الغالي والنفيس عربون وفاء لوطن قدم لنا وللمسلمين الكثير، بل قدم للعالم الكثير، وطن ما زلنا كعادتنا نطلب منه المزيد تارة بصوت خافت وتارة بصوت عالٍ، نفرح بعطاياه، لكن سرعان ما نتطلع لمكاسب أكبر وأشمل، ولذا كان طبيعيا وهذا حاله معنا ألا نقبل أن يوجه أحد لنا اللوم لو فعلنا، وكيف لا نفعل؟! ونحن نعلم أنه وطن خير معطاء، محب لأبنائه حاضن لهم، وكيف لا نفعل؟! ونحن نعلم أننا أحرار لم يحكمنا غريب، ولم ترفع على أرضنا راية محتل، وكيف لا نفعل إذا ما شعرنا أن هناك ضيماً قد يصيبنا أو أصابنا؟! وكيف لا نفعل ونحن نعلم أن هناك من يستمع بعد المولى سبحانه لشكوانا؟!
لكن السؤال هنا ما الذي قدمنا له كشعب؟ وهل نحن جديرون به وبحبه؟ هنا علينا جميعا التوقف، ومن ثم التأمل، فما بيننا وبين الوطن ليس حقوق نتلقاها من جانبه فقط، بل حقوق وواجبات تجمع بيننا وبينه، فهل قدمنا جزءاً من واجباتنا تجاهه؟ وهل أخلصنا له كما يتوجب علينا قولا وفعلا؟

إن المحبة لا تترجم بالأقوال فقط بل تترجم بالأفعال أيضا، مع الأسف أعتقد أننا مقصرون، وتقصيرنا قد يكون عن عمد كما قد يكون عن غير عمد، وفي كلا الحالتين هو تقصير مخل بالواجبات المناطة بنا، فقد ننسى في خضم دوامة الحياة أننا ملزمون بأداء أعمالنا على أكمل وجه، حتى الأم في مملكتها، والطفل في مدرسته لا بد أن يستشعرا هذا الواجب تجاه الوطن، أما العاملون في القطاع العام أو الخاص، فأعجب من عدم إخلاص بعضهم في أداء أعمالهم، وأقول لهم ولنفسي أولاً إننا ننال أجرا مقابل أعمالنا، علينا أن نذكر أنفسنا بذلك كلما اعترانا شيء من الخمول، ألا ينال التاجر أجرا على خدمات يقدمها؟ والمعلم ألا ينال أجرا على تدريسه؟ والطبيب ورجل الأمن والقاضي وكل منا في مجاله، قد ينال الواحد منا أجراً يرضيه أو لا يرضيه إلا أن ذلك لا يعفيه من المسؤولية تجاه وطن ائتمنه ووثق به.

إن الوطنية ليست شعارات وأناشيد، ومقالات كهذه التي بين يديك، الوطنية سلوك وحياة، وإن كان غيرنا لديه انتماء قوي لوطنه، وهو حق لا ينكره عليه أحد، فإننا أولى بهذا الانتماء الوطني لبلاد مثل بلادنا، فبلادنا حاضنة الحرمين الشريفين مهد الرسالة، قبلة المسلمين كافة، أما دستورها فدستور إلهي لم تخطه يد بشر، فضلها على العالم متحقق ولا فضل لأحد عليها، تحسن للمسيء وتعفو وهي قادرة على ألا تفعل.

نعم.. لسنا بكاملين والنقص فينا وارد، لكن من الإجحاف أن نكون في حق هذا الوطن من الناكرين لفضله، ثم لم يركز الكثيرون منا على السلبيات ويتجاهل ما نملك من إيجابيات؟ يفعل ذلك وهو يتابع نتائج إحصائية أجريت أخيرا، انتهت إلى أن المسلمين في العالم الإسلامي قدموا رضاهم عن هذا الوطن وخدماته على رضاهم على خدمات أوطانهم، قدموا رضاهم عن مليك هذا الوطن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، على رضاهم على حكامهم.
إن ما ننعم به في هذا الوطن من نعم، هو من فضل الله تعالى، أفلا نكون شاكرين له سبحانه، أفلا نترجم شكرنا على أرض الواقع؟ أليس الإتقان والإخلاص في القول والعمل من العبادات التي نؤجر عليها؟

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط