اطبع هذه الصفحة


رحم الله سهام وميرال الزهراني

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
هل هناك شك في أن "سهام بنت عبدالله الزهراني" رحمها الله، ابنة العقد الثاني كانت مدركة ما يحيط بعمل زوجها من تضحيات، في بلد دارت فيه الدوائر واختلط فيه الحابل بالنابل، لا أعتقد أن شكا راودها في صعوبة الوضع، إلا أنها كما يبدو كانت مدركة لواجبها تجاه زوجها وأسرتها وبالتالي اختارت البقاء بقرب رفيق دربها وحبيبها ووالد أطفالها، اختارت البقاء في "تشاد" البلد الذي ازدادت فيه المخاطر بسبب عظم المواجهات الدائرة بين الثوار والجيش التشادي، اختارت البقاء هناك عن مفارقة زوجها والنوم آمنة مطمئنة على أرض الوطن بين أهلها وعشيرتها.
من الصعب نسيان شجاعة ابنة الوطن والزوجة والأم، الشابة التي حرصت في أشد اللحظات على إرضاع طفلتها "ميرال بنت عبد الرحمن الزهراني" ابنة الأشهر الستة، الأم التي رفضت تأجيل أداء واجبها تجاه أطفالها في أشد اللحظات حرجا، والقذائف تتوالى حولها يمنة ويسرة، تغمدها الله وطفلتها الصغيرة بواسع رحمته وأسكنهما فسيح جناته.
موقف مشرف كهذا أوقفني أمام عظم ما تقوم به زوجة العامل في السلك الدبلوماسي، فهي لا تقل أهمية عن زوجها، ويفترض أن تنال التقدير الذي تستحق، فور تكليف زوجها بالعمل ومغادرتها البلاد برفقته.
و يجدر بنا هنا توجيه الشكر والتقدير لسفير البلاد في تشاد " عادل جميل عارف" الذي حرص على سلامة الطاقم الإداري في السفارة والقنصلية جمعهم وأسرهم وأسكنهم في منزله، مظنة منه أنه بذلك حقق الأمن والسلامة لهم في الأوضاع غير الآمنة في تشاد.
نعلم جميعاً أن الحادث وقع، ونعلم ما ترتب عليه من وفاة سهام وميرال الزهراني رحمهما الله، ولكننا لا نعلم من المتسبب فيه، وهل كان الحادث مخططا له أم لا، وهذا ما نطالب حكومة تشاد بالسعي الجاد للوقوف عليه، نطالب الجهات الأمنية التشادية بإجراء تحقيق ينتهي بمحاسبة الجناة، إذ إن بيت السفير يفترض أنه مدعم أمنيا، ويفترض أن يكون بعيداً عن مثل تلك الأحداث الدموية، كما أن رمي القذائف على جدران المساكن لا يمكن تفسيره أو تعليله بالخطأ، فقد سقطت قذيفة دمرت الطابق الثاني من منزل السفير، كما سقطت قذيفة أخرى على المبنى الخاص بالجهاز الأمني!
فهذا الحادث المأساوي قد طال أبناءنا متمثلاً بسهام وابنتها الرضيعة ميرال رحمهما الله، وإصابة أخيها الصغير "أحمد" بجروح، إضافة إلى ترويع أختهما "مزون" ابنة الخمس سنوات والتي لم تستوعب بعد معنى الموت، هذه الأحداث الدموية طالت أيضاً اسم البلاد وهيبتها.. فمن وراء هذه الجريمة؟
وأنا هنا أحمد الله الذي أعان بفضله سبحانه، حكومة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، الرشيدة متمثلة في وزارة الخارجية التي وقفت عن بكرة أبيها بغية إجلاء الرعايا السعوديين من تشاد في ظرف حرج جدا، فالأمن فيها مفقود وخدماتها العامة تكاد تكون معدومة، إلى حد أن السفارة السعودية عجزت عن توفير توابيت تحمل موتانا إلينا، أما مطار تشاد فقد كان في حالة يرثى لها، إذ عجز تماما عن حمل الطائرة السعودية، مما استلزم وبتنسيق عاجل من وزارة الخارجية السعودية توفير طائرة فرنسية كلفت بحمل الرعايا السعوديين إلى الجابون أقرب مطار قادر على استقبال الطائرة السعودية الخاصة، والتي توجهت فور صعود رعايانا إليها إلى العاصمة الرياض، والتي بدورها جهزت كل إمكانياتها لتوفير الراحة لرجالنا الذين ذاقوا الأهوال في الأيام الأخيرة، الرياض التي احتضنت بحب زوج الفقيدة وابنته وابنه المصاب شافاه الله، كما احتضنت بتقدير جم الطاقم الإداري في السفارة والقنصلية السعودية.. فجزى الله خيرا من نظم استقبالهم، ومن كان حاضرا لهم، ومن أصر على المشاركة في الصلاة على الفقيدة وابنتها، ومن واسى بالدعاء للفقيدتين تغمدهما الله بواسع رحمته، أو عمد للاتصال بذويهما معزياً.
ألهم الله سبحانه بفضله الزوج الأب المصاب وأسرتهما الصبر والسلوان، إنه ولي ذلك والقادر عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط