صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







لقد جلبوا إلى أنفسهم محرقة أكبر !

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
كنت وأسرتي نتابع نشرات الأخبار ليلة السبت عندما صاحت إحدى بناتي مرتاعة: (يا إلهي لقد ماتت!!)عندها كانت أنظارنا قد تسمرت على شاشة التلفاز تراقب الطفلة الفلسطينية وهي تفارق الحياة تحت أنظار العالم، الطفلة التي مددت على الفراش الأبيض، لتلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أن صفد جسمها الصغير بالأسلاك من كل جانب، فذاك لإمدادها بالأكسجين وذاك لمراقبة نبضات قلبها الغض الذي أبى الحراك دون منشطات، أما البقية الباقية من الأسلاك، فقد تشابكت واتحدت على أمل إرجاع الطفلة الصغيرة لحضن أمها وأسرتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
نظرت لأسرتي أراقب ردود أفعالها تجاه جريمة كانوا هم والعالم شهودا عليها، كان لا بد أن أذكرهم بسند هذه الطاقة الدموية، وهكذا وضعت أمام أفرادها ما يعلمونه يقينا، قلت انظروا ما جاء في أسفار يزعمون أنها مقدسة، فقد ورد في سفر أشعيا: (كل من وجد يطعن، وكل من هرب يسقط بالسيف، وتحطم أطفالهم إمام عيونهم، وتنهب بيوتهم، وتفضح نساؤهم) وفي سفر الملوك الثاني: (تضربون كل مدينة محصنة، وكل مدينة مختارة، وتقطعون كل شجرة طيبة، وتمطرون جميع عيون المياه، وتخربون المزروعات اليانعة) كما ورد في سفر صموئيل الأول: (واضرب العماليق وحرموا كل ماله، ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة وطفلا رضيعا بقرا وغنما جملا وحمارا) إنه نص لا يكتفي بالدعوة لقتل الرجال، بل يدعوهم لقتل النساء، بل حتى الطفل الرضيع الذي لا ذنب له إلا أنه ولد لأبويين فلسطينيين، هذا النص لم يكتف بذلك بل وجه أنيابه حتى إلى الدواب من بقر وغنم ونياق وحمير!!
ولعلني هنا أستثير جمعيات الرفق بالحيوان، فتقوم للدفاع عن هذه الدواب التي لا حول لها ولا قوة أمام هذه الوحشية الشاذة، لعلي أنجح هنا بعد أن فشلت كغيري في استثارة المجتمع الدولي للدفاع عن حق الإنسان الفلسطيني بالحياة!!
نعم العرق السامي يجمعنا بهؤلاء السامية، لكننا ساميون من نوع آخر، نحن لا نعتقد كما يعتقد هؤلاء أنهم شعب الله المختار، ولا نعلن كما يعلنون أنهم خلقوا من خلايا إلهية، وأن غيرهم ولدوا من نطفة حيوانات، نحن من حرم علينا قتل الأطفال والنساء والشيوخ ولو في ساحة الحرب، نحن من حرم علينا نقض العهد، نحن من حرم علينا ذبح البهائم إلا لطعام يؤكل، نحن من حرم علينا قطع الشجر اعتداء، نحن من نهانا نبي الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام عن كل ما من شأنه الاستهانة بكرامة الإنسان وحياته، فبين أنه محرم علينا الغدر والتمثيل بالأعداء وقتل أطفالهم، قال عليه الصلاة والسلام: (اغزوا باسم الله وفي سبيل الله وقاتلوا من كفر بالله واعزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا وتقتلوا وليدا) وهو عليه الصلاة والسلام من نهى عن قتل النساء والصبيان، بعد أن رأى في بعض المغازي امرأة مقتولة، أما أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كتب لأحد قادة المسلمين يوصيه: (وإذا نصرتم عليهم،فلا تقتلوا شيخاً ولا امرأة، ولا طفلا، ولا تحرقوا زرعاً ولا تقطعوا شجرا ولا تذبحوا بهيمة إلا ما يلزمكم للأكل، ولا تغدروا إذا هادنتم، ولا تنقضوا إذا صالحتم، وستمرون على أقوام في الصوامع، ورهبان ترهبوا لله، فدعوهم وما انفردوا إليه وما ارتضوه لأنفسهم، لا تهدموا صوامعهم ولا تقتلوهم - والسلام).
وقبل أن أترككم أيها القراء بسلام يتوجب علي الإشارة إلى ما نشر على الصفحة الأولى من صحيفة الشرق الأوسط بالأمس، فقد أوردت تفسيرا يستحق التدبر، عن مدلول كلمة "شواه" بالعبرية التي جاءت على لسان نائب رئيس وزير الدفاع الصهيوني "متان فلنائي" ضمن قائمة من التهديدات وجهها للفلسطينيين، كلمة حاول البعض إخراجها من سياقها العام بشكل يبعدها كل البعد عن مدلولها اللفظي الصحيح، وقد بينت الشرق الأوسط أنها تعني المحرقة - الهولوكوست - كما بينت قناة العربية أنه كرر استخدام هذا اللفظ في الخطاب نفسه مع التشديد في المرة الثانية وليقول عن قطاع غزة: (لقد جلبوا إلى أنفسهم محرقة أكبر..) أليس عجيبا أن يستخدم هؤلاء ألفاظا ظلوا يقتاتون عليها زهاء نصف قرن بل أكثر، وذلك في حربهم ضد شعب يعد في عرف الشعوب أعزل من الدواء والطعام والشراب ومن كل مقومات الحياة، شعب لم يجد أمامه إلا الألعاب النارية يقذف بها عدوه، ألعابا روعت واستفزت كيانا محتلا مدججا بأحدث الأسلحة المحرمة دولياً، كيانا لا يقبل من الفلسطينيين إلا قبول الأمر الواقع كما هو، لا يقبل إلا الاستسلام التام وغير المشروط، كيانا يلح على إبقاء العالم كما هو لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، فها هي وزيرة خارجية هذا الكيان تصرح برفض حكومتها لأي تنديد عالمي للمجزرة الصهيونية الأخيرة التي أسفرت إلى لحظة كتابة هذه السطور عن مقتل ثمانية وأربعين شهيدا بينهم ثمانية أطفال وعشرات الجرحى، كما طالبت المجتمع الدولي إبداء التفهم والاحترام لهذه السياسة الوحشية، وعليه يبدو أنها رفضت ما جاء على لسان المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، وما جاء على لسان وزير خارجية المملكة العربية السعودية ومصر والأردن من إدانة كاملة لهذا التصعيد الإجرامي ضد الفلسطينيين.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط