اطبع هذه الصفحة


شهادة "جورج بوش" الكاره لنبي الرحمة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
يتوجب علي قبل البدء في طرح موضوع اليوم أن أشير قبل الاسترسال، إلى أن الدكتور عبد الرحمن عبد الله الشيخ، مترجم كتاب "محمد مؤسس الدين الإسلامي ومؤسس إمبراطورية المسلمين" بين "أن هذا الكتاب يعد أحد مصادر الفكر الغربي الأمريكي اليميني المتطرف، أما الكاتب فهو "جورج بوش" علم من أعلام الاستشراق الأنجلو ساكسون،، وأستاذ في جامعة نيويورك سيتي، في اللغة العبرية" كما ذكر ما أشار إليه الباحث "منير العكش" من أن "الكاتب هو الجد الأكبر لرئيس الولايات المتحدة الحالي".
أما السبب في حرصي على طرح بعض مضامين هذا الكتاب أمام القارئ الفاضل، فذلك لأسباب منها، ضرورة الاهتمام بدراسة وتحليل الإنتاج الفكري لأعلام الفكر الغربي فيما يتعلق بديننا الحنيف وبرسولنا عليه الصلاة والسلام، والعمل الجاد على الرد عليهم، ومن ثم نشر دراساتنا باللغات المختلفة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فلأن الكاتب مع كرهه الواضح والمستفز للدين الإسلامي ولنبي الرحمة عليه الصلاة والسلام، إلا أنه أمام الحقائق المثبتة علميا لم يملك إلا الاعتراف بعظم ديننا الإسلامي، وبالفضائل الخلقية التي تمتع بها رسولنا عليه الصلاة والسلام، فضائل رسخت حبه في قلوب أتباعه، فنجده يقول "لقد مجده أصحابه لتقواه وصدقه وعدالته وتواضعه وإنكاره لذاته، إذ لم يساورهم أدنى شك في أنه نموذج كامل للإيمان والصدق، إنهم يتحدثون عن إحسانه ويركزون عليه بشكل خاص، فهم يقولون إنه كان محسنا بشكل واضح لا يمكن إغفاله فقلما كان يحتفظ في بيته بمال أكثر مما يكفي لإعاشة أسرته، بل إنه كان يؤثر على نفسه فيقدم للفقراء ما يحتاج هو إليه".
إلا أن جورج بوش لم يكن ليسلم بما سطره التاريخ من حقائق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ يحكم على النوايا بشكل مضحك، إذ علق على النص السابق بقوله "ربما كان الأمر كذلك، ولكن عندما نكون رأيا حول هذه الصفات الخلقية التي تحلى بها لا يمكن أن ننسى أنه كانت له غايات خاصة يريد تحقيقها.. فإن كان محمد - عليه الصلاة والسلام - حقيقة تحلى بفضائل نبي فلا شك أنه كان يضع عينيه على ما يحوزه النبي من مكافأة أو جزاء".
وأنا هنا لا أفهم كيف يكون رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام كما شهد له جورج بوش تقيا صادقا عادلا متواضعا منكرا لذاته نموذجا كاملا للإيمان محسنا بشكل واضح كريما مع فقره يؤثر غيره على نفسه، ثم يكون في الوقت نفسه متطلعاً لتحقيق غاياته الخاصة؟! فاجتماع كل هذه الصفات النبيلة السامية في شخصه عليه الصلاة والسلام مع السعي لتحقيق غايات شخصية خاصة، لا يمكن بحال من الأحوال، إلا إذا كان جورج بوش يقصد بتلك الغايات سعيه لكسب رضى الله سبحانه وجزائه.. عندها سيكون لكلام جورج بوش معنى عند من عرف وأحب وآمن برسول الله عليه الصلاة والسلام.
إلا أن نزعة الباحث بوش الحيادية سرعان ما تفرض نفسها مجددا على الكاتب فنجده يقول "لكن لا ينبغي أن نقسو في حكمنا - دون مبرر - على صفاته الخلقية، إننا نظن أنه من غير المحتمل ألا تكون تصرفاته طيبة وطبيعية ومتفتحة ونبيلة جذابة، وربما عظيمة متسمة بالشهامة وسعة الأفق، ونحن نظن أن الكتاب المسيحيين ظلموا الرجل - يقصد رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام - نظرا لمقتهم له". كما عرج لبيان فطنة رسولنا عليه الصلاة والسلام فقال "إما عن ملكاته العقلية فإن أتباعه يطرونه كثيراً، كما سبق أن أطروا صفاته الخلقية، فعبقريته وسموه اللذان يسموان عن الحاجة للثقافة لم يكونا نتيجة علم تلقاه، أو كتب قرأها بل نتيجة مواهب فطرية.. وبشكل عام يمكننا أن نخلص من دراسة حياته وأعماله أنه وهب شخصية متفوقة زاد تفوقها مع تقدم العمر، ويمكننا أن نخلص إلى هذا ونحن مطمئنون تماما.. لقد طهر هذا النبي شرائع قومه الأخلاقية" إما عن معاملة الإسلام ونبي الإسلام العادلة للنساء فيقول جورج بوش "سيجد قارئ القرآن إعلانات متكررة تدحض الرأي السوقي الدارج الذي مفاده أن دين محمد - عليه الصلاة والسلام - يعتبر النساء مخلوقات بلا أرواح ويستثنيهن من مباهج الفردوس..فمن المؤكد أن محمدا نفسه كان يفكر في المرأة تفكيراً ساميا" إضافة إلى كل ذلك يعترف أن انتشار الإسلام بهذا الشكل المذهل لم يكن ليتحقق لولا تدخل الإرادة الإلهية، التي وحدت المسلمين فيقول "فإننا إذا اعترفنا بتدخل إلهي خاص في هذا النجاح المدهش الذي حققته جيوش المسلمين بعد موت محمد -عليه الصلاة والسلام - فلا بد أن نعترف أيضاً أن هذا النجاح يرجع إلى أن هذا الدين هو الذي وحد العرب..".
ومع انبهار جورج بوش بديننا العظيم وبشخصية رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أننا نقف أمام العديد والعديد من الاتهامات الشنيعة افتراها كغيره من المتعصبين ضد ديننا الحنيف وضد رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، اتهامات حاول الكاتب تثبيتها في أغلب صفحات كتابه،اتهامات اعتذر عن نقلها لفسادها ولعدم الحاجة إليها أولا، ثم لأن كلمات الكاتب نفسه كفيلة بالرد عليها، فقد كانت كلماته - كما ظهر للقارئ الفاضل - تتوالى بين الحين والآخر معلنة عظم ديننا الحنيف، واصفة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام بمثالية، وبكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، إلى حد أنه عندما أراد وصف استقبال رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام لأيامه الأخيرة لم يجد إلا أن يقول "إنه كان ينتظر الموت بثبات وإيمان" ومع أني لا أستوعب كيف جاز له مهاجمة هذا الدين العظيم، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم وهو المدرك لعظمتهما، لا شك إن التعصب الأعمى هو الذي جعله مصرا على هذا التجني الفاضح، وهنا لا يسعني إلا أن أختم كلامي بذكر قول الله تعالى: "وشهد شاهد من أهلها".

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط