اطبع هذه الصفحة


"الحرة " قناة لا تسمن ولا تغني من جوع

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
يوميا وفي أوقات متعددة تظهر شاشة قناة (الحرة) الأمريكية، حاملة لنا خلفية لا تمت للقناة بصلة، ففي برنامجها الإخباري اليومي (العالم الآن) يظهر المذيع أو المذيعة ليقرآ علينا مستجدات الأحداث العالمية، أما الخلفية التي تظهر خلف المذيع فعجيبة إذ تحمل للمشاهد جزءا واضحا من خارطة "المملكة العربية السعودية " وبالتحديد من المنطقة الوسطى إلى المنطقة الغربية مع التركيز على إظهار وبشكل واضح للغاية موقع عاصمة البلاد "الرياض" والعاصمة الإسلامية "مكة المكرمة"وفي بعض الأوقات تظهر الشاشة إضافة إلى المدينتين السعوديتين مدينة سعودية ثالثة وهي "الجوف"، لنرى أمامنا ثلاث مدن سعودية الرياض ومكة والجوف!!
والواقع أنا لا أفهم كيف يتأتى لمثل هذه القناة الأمريكية المنشأ، الأمريكية التمويل، الأمريكية التوجه والسياسة، إظهار خريطة وطن مستقل، خلف برنامج أخباري يبث عبر قناتها؟! ولا أفهم لماذا اختار القائمون على هذه القناة خريطة "المملكة العربية السعودية" دون غيرها من الدول، لتكون الخلفية المعتمدة لبرنامج من برامجها اليومية؟!
ثم لماذا لم يعتمدوا خريطة أمريكا على سبيل المثال؟! بما أن الشعب الأمريكي يمولها من خلال الكونجرس، وبما أنها قناة كلفت خزينة الدولة الأمريكية قرابة المليار دولار، إن لم يكن أكثر! وبما أن الوكالة الأمريكية للبث الدولي حول العالم هي المشرفة عليها، وكالة يتألف مجلس أمنائها من شخصيات أمريكية عامة، 9 أعضاء منهم 4 جمهوريين و4 ديموقراطيين إضافة إلى وزير الخارجية بحكم منصبه.
وبالتالي لا أشك مطلقاً أن قناة (الحرة) التي تعد أكبر مشروع إعلامي سياسي غربي موجه لبرمجة فكر الإنسان العربي، أرادت اللعب بالبيضة والحجر والضحك على الذقون، لا أشك أن القائمين على هذه القناة المشبوهة أرادوا التمويه والإيحاء للعامة أن لها علاقة مباشرة بسياسة "المملكة العربية السعودية" لعلها بذلك تمنح نفسها مصداقية تفتقدها بطبيعة الحال، لا شك أنها اعتقدت أن المواطن العربي جاهل، وأنه قد لا يعرف بتوجهها وأهدافها، وأنه قد يقبل على معطياتها وتحليلاتها المموهة لمجرد أن اختارت خريطة "المملكة العربية السعودية" التي نالت الاحترام وتقدير العالم العربي والإسلامي بفضل الله سبحانه وتعالى، لتكون كشعار لبرنامج من برامجها الإخبارية اليومية.
ثم لماذا تتعمد هذه القناة تشويه أحاديث أفراد اعتقدوا بسذاجة أنها تتمتع بالمصداقية، أو لعلهم اعتقدوا أنهم قادرون على تفادي خبثها بخبث أعظم منه، أو لعلهم صدقوا حرصها عليهم وعلى مصالحهم، وبالتالي قبلوا المشاركة في برامجها، ليجدوا أنفسهم في النهاية، داخل قناة الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود.!! وهنا أتمنى من إعلامنا فتح الأبواب للمعتدلين منهم، وليتهم في الوقت نفسه يراجعون حساباتهم، إذ سيجدون أنفسهم من الخاسرين لا محالة.
هذه القناة تتعمد تسييس كل برامجها لخدمة الهدف الأمريكي، وتسعى لتحقيق المطامع والمصالح الأمريكية، ومن أهم هذه المصالح التي لا تخفيها إيجاد شرق أوسط جديد تفصل مقاساته وتضاريسه بحسب الذوق الأمريكي، هذا هو الواقع الذي لا يحتمل التأويل.
ولأن بعض العاملين في هذه القناة لم يفهموا اللعبة كما يجب، حاول بعضهم إظهار بعض من المرونة من باب ذر الرماد في العيون، فقام من باب التمويه بعرض الرأي والرأي الآخر، وليجد نفسه أمام مجلس الأمناء الأمريكي المعني بالإشراف على هذه القناة، إذ هب أفراده وكلفوا المسؤولين بأنه يتوجب عليهم: (التوضيح لكل العاملين في القناة أن مهمتهم ليست صحفية بل دبلوماسية، وأن قناة (الحرة) هي لطرح الرؤية الأمريكية وليست لطرح الرأي والرأي الآخر)!!
على أية حال هذه القناة فشلت بامتياز في تحقيق أهدافها، فبرامجها ملغمة بشكل فاضح، وبقنابل انتهت صلاحياتها، وأصبحت بذلك عديمة الجدوى، ومن هنا أنصح دافع الضرائب الأمريكي أن يطالب بإقفال قناة لا تسمن ولا تغني من جوع.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط