اطبع هذه الصفحة


من أدخل الصهيونية إلى ديارنا ؟

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
لم يكن الخبر الذي طالعتنا به صحيفة الوطن التي بين يدي القارئ بغريب، ولم يكن اهتمام الصحيفة بتكرار نشره على يومين متتاليين بغريب أيضا، ففي يوم الثلاثاء الموافق 7/ شوال /1429، نشرت خبرا تحت عنوان ( الرئيس اليمني يكشف عن تفكيك خلية إرهابية لها علاقة بإسرائيل) وفي اليوم التالي، نشرت وعلى صفحاتها الأولى تفاصيل أخرى لهذا الخبر جاء تحت عنوان (صنعاء: تنظيم الجهاد متورط بالتخابر مع إسرائيل) مضامين هذه الأخبار بدت لي طبيعية للغاية، وإن كنت أعتب على كثير من الصحف العربية، أو على الأقل الوطنية منها، ذاك التجاهل غير المبرر لفحوى حدث كهذا، فعلى حد علمي لم يحظ الخبر بالاهتمام الذي يستحق من تلك الأوساط الإعلامية.
على أية حال وبما أن الغرض من هذه السطور ليس العتاب، سأعرج للغاية الأساسية منها، متمنية من القارئ الفاضل أن يتمعن في مضامين معاني سبق أن أشرت إليها، فالحقيقة إن أكثر ما أخشاه أن ننسى كشعب وكأمة، من نحن؟ ومن هم أصدقاؤنا؟ ومن هم أعداؤنا ؟ ونصبح كالإخوة الأعداء نتناحر فيما بيننا، نسفك دماءنا، نهدر مقدراتنا، نعبث بأمننا.
فقد أشار الخبر إلى (أن الرئيس اليمني "علي عبد الله صالح" أعلن أن الأجهزة الأمنية المختصة في البلاد تمكنت من إلقاء القبض على أعضاء خلية إرهابية تابعة لما يسمى " تنظيم الجهاد الإسلامي " مبينا في الوقت نفسه أن الجهات الأمنية وصلت من خلال المضبوطات والتي كان منها جهاز للحاسوب - كمبيوتر- إلى الكشف عن وجود مراسلات بين نائب زعيم الخلية وإحدى الجهات الاستخبارية للكيان الصهيوني، مراسلات دارت حول طلب الخلية دعم الكيان الصهيوني، لتنفيذ أعمال إرهابية داخل اليمن، وأن التحقيقات مع أفراد الخلية ما زالت مستمرة وبعد الانتهاء منها ستتم إحالة القضية إلى العدالة ) ومن جانب آخر تبين أن هذا التنظيم سبق أن هدد باستهداف عدد من السفارات العربية والأجنبية في اليمن، ومنها سفارات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
لقد أكدت الجهات الرسمية في اليمن وجود مراسلات بين أسماء نافذة في خلية ترفع شعار الجهاد الإسلامي وبين جهات تابعة للاستخبارات الصهيونية، هذه الحادثة ذكرتني بتصريح لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله-، صدر عنه وهو ولي للعهد، فقد أشار -حفظه الله- إلى تمويل الكيان الصهيوني لعملية إجرامية جرت في ينبع.
هذه الحادثة ذكرتني بكتاب للكاتب الأمريكي (جاك تيلور) والمعنون (أوراق الموساد المفقودة ) والذي تحدث عن أوراق سرية خرجت من أروقة الموساد- جهاز الاستخبارات الصهيوني- الذي سعى جاهدا لاستردادها بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة، أما أهمية هذه الأوراق فلأنها تظهر بل تفضح الكثير من خطط هذا الجهاز الملوث، خطط كان بعضها وراء تجنيد فئات ضالة ومضلة من أبنائنا مع الأسف، فقد قسم الموساد الإرهاب:( إلى صنفين، الأول منها "إرهاب إيجابي " - أي - العمليات الإرهابية التي نقوم نحن- الموساد - بتنفيذها مباشرة.. أما "الإرهاب السلبي "..فهو بالنسبة لنا إرهاب المستقبل، وهنا علينا أن نتوقف ونتأمل ونحلل.. فنحن في إطار هذا النوع من الإرهاب نقوم بدفع طرف آخر لكي يتولى تنفيذ العمل الإرهابي نيابة عنا إن الحالة المثلى هي أن يكون هذا الطرف هو أحد أعدائنا، حيث نستغل طمعه وجشعه أو نستغل غروره وكبرياءه الكاذبة، أو رغبته في الانتقام، أو تستغل مثاليته غير الواقعية أو الزائدة عن حدها، ومن الممكن أن نستغل خليطا من هذه الدوافع،كل هذا يعتمد على البراعة التي نلعب بها ورقتنا، وعلى درجة سذاجة ضحيتنا.) ولم تكتف هذه الأوراق بذلك كله، بل شرعت في توضيح تفسيرها لأبعاد أخرى للإرهاب فقالت: ( علينا أن نستمر في تنفيذ "الإرهاب السلبي "،مع الحرص على أن تكون الأطراف المتنازعة في هذه الحالة منتمية إلى جانب واحد..أي عرب ضد عرب، ودون أن يشارك اليهود في هذه العمليات..قد يبدو ذلك صعبا للوهلة الأولى، ولكن في الوقع فإن ذلك ليس صعبا على الإطلاق.) أما الأرض الحاضنة لمثل هذا الإرهاب السلبي فحددته بقولها ( إن خلافا أو نزاعا بين زمرتين من العرب، يعني أن الأرضية خصبة وقابلة لبذور الفتنة والشر).
من خلال "أوراق الموساد المفقودة " تبين أن سعي الموساد في زعزعة أمننا وأمن غيرنا، أمر ممكن ومتوقع، كما أن بصمات الموساد الإرهابية في وطننا وفي غيره واقع لا مجال لإنكاره، إلا أن الاتهام لا يوجه للصهيونية بالقدر الذي يوجه لمواطنين يفترض أن يرتبطوا معنا برباط الدين والوطن، فهم من مهدوا الطريق لإرهابهم، بل هم الأدوات المحركة لذاك الإرهاب، وهم من وضعوا الألغام في طريقنا، وتحت أقدامنا، وهم من أدخلوا الصهيونية إلى ديارنا.
إن كل ما آمله رحمة باليمن الشقيق، أن تنتهي المحكمة اليمنية إلى براءة المتهمين من هذه العلاقة الملوثة بين هذه الخلية الإرهابية وجهاز الاستخبارات الصهيونية، إذ يكفيه الثقل الذي ينوء به اليمن من جراء إرهاب الجماعات الإرهابية وظلمها له ولشعبه.

الأحد 12 شوال 1429هـ الموافق 12 أكتوبر 2008م العدد (2935) السنة التاسعة

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط