اطبع هذه الصفحة


أين الهيئات الحقوقية العالمية من ذلك؟!

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
من متابعتي للتاريخ الحديث على الأقل، أجد أن العرف والعادة يضعان أفراد أسرة المعتدي في خندق واحد مع المعتدي نفسه، أو على أقل تقدير يصل إليها جزء من العنت والإهمال من القطاعين العام والخاص على السواء، وقد يبرر بعضهم ذلك الموقف العدائي، بأنها أسرة تضم أبناء الجاني و أقاربه المقربين، وأنه من المحتمل أن يتبنى بعض أفرادها لأفكاره الخارجة عن القانون، أو أنها على الأقل تقدير ستسانده في توجهاته، كما أنه من المحتمل أيضا أن يكون لها موقف عدائي من المجتمع الذي حاكمه وأصدر عليه العقوبة ونفذها.. هذا هو المعتاد في التاريخ الحديث وفي غيره، وبطبيعة الحال يزداد الأمر سخونة عندما تكون الجرائم المنفذة من النوع الذي يستهدف أمن المجتمع في المقام الأول، ويعمد لترويع الآمنين فيه.
إلا أن القائمين على الأمن في بلادي لهم رؤية خاصة، فها هو رأس الهرم الأمني في الوطن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية، حفظه الله، حسب صحيفة الوطن السعودية، وخلال اللقاء المفتوح الذي عقد الأيام الماضية تحت مظلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة صرح بقوله:( إن الدولة صرفت عشرات الملايين لأسر المطلوبين والمتورطين من الفئة الضالة)، مؤكدا سموه أنه لا ذنب لهم في ذلك، كما بين أن الدولة ركزت العناية بأسرهم وأمنت لهم الحياة الكريمة في المسكن والملبس، وقال سموه (إننا نأخذ بمبدأ :لا تزر وازرة وزر أخرى، وليس هناك أولى من دولتهم للعناية بهم).
ليت الهيئات العالمية التي تتشدق بحقوق الإنسان، تقوم بزيارة أسر هؤلاء، لتدرك البون الشاسع بينا وبين غيرنا، ثم ليتها تمتلك الشجاعة الأدبية فتعلن للعالم ما أنعم الله به علينا بفضله في هذه البلاد، فعلى حد علمي جنود الولايات المتحدة العائدون إلى بلادهم من أفغانستان والعراق ومن غيرهما، بسبب إصابات أعاقتهم عن الخدمة العسكرية، يعانون الأمرين من إهمال دولهم، وعدم توفيرها الرعاية الصحية والاجتماعية لهم، ففي حين غادروا بلادهم وهم في أتم الصحة والعافية، ها هم يعودون وقد أصبحوا من أصحاب الإعاقة الدائمة، لا يملكون الصحة ولا المال ولا الكرامة الإنسانية والوطنية والتي لا تقدر بثمن، وأحوالهم المزرية تنقلها وسائل الإعلام للعالم بشكل يكاد يكون دورياً.
وأنا عندما أتباهى بسياسة بلادي أدرك أنها تتعامل بخلق حدده لنا المولى سبحانه في محكم كتابه، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، فلا المواثيق الدولية الحقوقية على حد علمي، ولا غيرها وصلت إلى هذا التوجه الإنساني الفريد، إذ لم يسبق لي سماع أن واحداً منها طالب برعاية أسر الخارجين على القانون، فنحن في زمن يعتقد الكثيرون أن التعامل الإنساني ضعف وانخذال، في حين نراه قوة وصلابة بحول الله وقوته.
وفي هذا المنحى نجد سياسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله، فقد اعتاد استقبال القبائل المنتمية لها هذه الفئة الضالة التي تطلب المثول أمامه، ليطيب خواطر أفرادها ويؤكد على ثقة البلاد بوطنيتهم وإخلاصهم، ويعلن ذلك أمام العالم، فكم من مرة تابعنا عبر الإعلام على اختلافه، تجديد هذه القبائل ولاءها أمام الملك عبد الله للبلاد حكومة وشعبا، ولنراه حفظه الله يشد من أزرهم ويخفف مصابهم في أبنائهم الذين ضلوا الطريق وأضروا بالدين والوطن.
نعم هذه الأسر أهلنا وأبناء عمومتنا وعشيرتنا وخروج أفراد منهم عن جادة الطريق السوي لا يقدح في ذممهم كافة ولا في وطنيتهم، بل هم في حاجة لرعاية خاصة تفوق رعاية غيرهم من المواطنين فكما قال الأمير نايف: (ليس هناك أولى من دولتهم للعناية بهم) ونؤكد أن مصابهم في أبنائهم يلحقنا كوطن، ونحن نشعر أننا معهم في خندق واحد، داعين المولى سبحانه بعظيم فضله أن يرفع الغمة عن أعين من ضل من أبنائنا، ويعيدهم إلى سواء السبيل، ويكيفنا شر من أبى إلا الضلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


الأحد 2 ذو الحجة 1429هـ الموافق 30نوفمبر 2008م العدد (2984) السنة التاسعة

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط