صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







في الذكرى الستين لحقوق الإنسان

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
لقد انتهى عيدنا بخير.. استطعنا من خلاله متابعة فرح أطفالنا وابتسامة شيوخنا، كما استطعنا متابعة حركة الحجيج بأمن وسلام ولله الحمد والمنة، وإلى هنا انتهت قصتنا لهذا العام مع عيدنا المبارك بإذن الله.
إلا أن هذا العيد لم يبدأ لينتهي هناك على الأرض الفلسطينية حيث مجاعة القرن الواحد والعشرين تتمثل شاخصة أمام العالم ، حيث اعتادت الطفولة على الحرمان والشيخوخة على القهر، حيث الابتسامة حبست فلم تعد ترى النور، والجدران اكتست بالسواد وسورت بالمدافن، فإنسانها لم يعد من حقه أن يعيش كإنسان، فصوته ألجم، وحركته قيدت، وأنفاسه يا ليتها تتوقف..فيستريح ويريح! نعم هذا لسان حال الصهاينة ولسان حال بعضنا - مع الأسف - ممن مل حتى متابعة أخبارها، عامدا لتغيير الحديث ما إن تظهر صور مزركشة لأحوالها المزرية، فلا تيتيم أطفالنا هناك يعنيه، ولا معاناة مرضانا تحركه، ولا الجوع ولا العطش ولا حتى سياسة الإبادة الجماعية لشعبنا في فلسطين توقظ مشاعر باتت لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم.
أم ترانا كشعوب مقيدين بسبب فعل فاعل، فبسبب تهور بعضنا وجهله أصبحت حركتنا مقيدة وريالنا مرصوداً.. وممنوع الولوج لأرض فلسطين حتى في الأعياد، أما لحوم أضاحي ضيوف الرحمن فسيكون مصيرها هي الأخرى الإبادة الجماعية لو تجرأت ووجهت أنظارها لحدود غزة.
على أية حال جميل أن نتابع في الذكرى الستين لإعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقريراً أممياً يتوجه لنصرة المظلوم، جميل أن نسمع صوت "ريتشارد فولك" مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، وهو يؤكد أن حصار إسرائيل -الكيان الصهيوني- لقطاع غزة عقاب جماعي يرقى إلى جريمة ضد البشرية وحقوق الإنسان،جميل أن نراه يدعو (إلى تطبيق المعيار المعترف به عن"مسؤولية حماية" المدنيين الذين يعاقبون جماعيا عبر سياسات تشبه جريمة ضد الإنسانية) موضحاً (أن إسرائيل-الكيان الصهيوني- لا تسمح بدخول شيء إلى قطاع غزة سوى كميات بسيطة من المواد الغذائية والوقود تكفي لمنع تفشي المجاعة والأمراض على نطاق واسع) جميل أن نتابعه وهو يطالب محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة قادة في الكيان الصهيوني بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وكلنا أمل أن يتبنى مجلس الأمن تقرير وتوصية "فولك" ويحال المتهمون للمحاكمة.
لكني مع عظيم امتناني لشجاعته، أتساءل ألم يستطع التأكيد على أن ما يجري هناك على أرض غزة يعد بحق جريمة كاملة ضد الإنسانية، بدل اختياره لعبارته التي جاء فيها"تشبه جريمة ضد الإنسانية"؟! فما يحدث هناك على الأرض الفلسطينية وخاصة قطاع غزة جريمة لا تصل لسياسة هتلر أو حتى للفصل العنصري في جنوب أفريقيا، إنها جريمة تعد أنموذجاً فريداً من نوعه، فكما قالت "دوناتيلا روفيرا" الباحثة في شؤون إسرائيل - الكيان الصهيوني- والأراضي الفلسطينية المحتلة بمنظمة العفو الدولية:(إن هذه الأزمة برمتها من صنع الإنسان- الصهيوني-، فإن المؤن التي أصبح الناس بأمس الحاجة إليها أخذت تفسد في مخازن وكالات المساعدات الواقعة على بعد كيلومترات قليلة، حتى لو كانت جاهزة للتوزيع،والعقبة الوحيدة هي بوابة يغلقها الجيش الإسرائيلي- الصهيوني- وليس ثمة سبب مقبول لمنع عبور المساعدات الإنسانية الأساسية والمواد الضرورية) نعم .. الحياة برمتها معطلة هناك في أرض غزة فلا كهرباء ولا صرف صحي ولا طعام ولا علاج، ولا أمن!!.
على أية حال علينا أن نقر أن "ريتشارد فولك"كان شجاعا ، وصادقا مع نفسه في محاولته اليائسة تجميل واقع لا يتجمل ،خاصة أننا لا بد أن نضع أمام أعيننا أنه يهودي الديانة أمريكي الجنسية، وتقرير كهذا يعد من هذا المنطلق هاماً للغاية، فقد صدر من شخصية أممية لها اعتبارها القانوني، فهي تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة، ومتخصصة في القانون الدولي، وهي قبل هذا منتمية للديانة اليهودية، ولا أعلم بماذا سيجيب ذاك الكيان الغاصب.. غير أنه يسعى للحياة ولو على جثث غيره.


الأحد 16 ذو الحجة 1429هـ الموافق 14 ديسمبر 2008م العدد (2998) السنة التاسعة

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط