اطبع هذه الصفحة


عالم كهذا جدير بالإشادة والتكريم حيا وميتا

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
اللهم هب لنا حسن الخاتمة، خاتمة تشابه خاتمة رجل أمضى حياته في خدمتك رحمه الله، فكافأته بأفضل ما يتمناه عبد من عبيدك، خاتمته تشابه خاتمة الشيخ إبراهيم بن محمد البريكان، وهو يصلي صلاة الضحى، في يوم الخميس الموافق 13/12/1429هـ، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، نهاية كهذه تتوق لها النفوس العاملة العابدة وحتى المقصرة، تغمدنا الله جميعا بواسع رحمته.
والشيخ إبراهيم للذي لا يعرفه من علماء المنطقة الشرقية، هو بحسب ما نقلته إلينا صحيفة (اليوم) من مواليد الأحساء، وكان يعمل كعضو هيئة تدريس في كلية المعلمين تخصص عقيدة، وله العديد من المؤلفات، وإضافة إلى نشاطه العلمي كان له أنشطة دعوية متميزة، فقد قال الشيخ عبدالله اللحيدان مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، إنه رحمه الله كان من الرموز العلمية والدعوية وله دور فاعل في الدعوة إلى الله، فهو من أوائل من أسس الدروس العلمية وحرص عليها في المنطقة الشرقية، كما كان له دور بارز في لجنة المناصحة وقد مكنه تخصصه في مجال العقيدة من ترك أثر إيجابي في تراجع الكثير من الموقوفين من أصحاب الأفكار الضالة عن أفكارهم وعن توجههم الضال، إلى حد أن بعضهم تقدم بطلب الانضمام لكافة دروس الشيخ البريكان رحمه الله.
ولم يكتف الشيخ اللحيدان بما قال عن مآثر الشيخ البريكان، بل قال إن الوزارة بالمنطقة الشرقية كانت تراجعه رحمه الله في بعض القضايا الشرعية، وإنه وإن لم يكن له بروز إعلامي فذلك يرجع لكونه لم يكن يحبذ ذلك، إلا أن دوره العلمي والشرعي كان واضحا وبينا رحمه الله.
ويشير بعضهم إلى أن ما وصل إليه في مجال العلم الشرعي لم يكن مستبعدا فقد كانت علامات النبوغ ظاهرة عليه منذ نعومة أظافره، وفي هذا يقول الشيخ مشبب بن مسفر القحطاني، إن الشيخ إبراهيم كان محبا للعلم منذ طفولته المبكرة، ففي أحد الأيام وجد الشيخ إبراهيم حاملا بين يديه كتاباً، وهو لم يتجاوز التاسعة من العمر، فقال له الشيخ مشبب مداعبا (هل تقرأ يا إبراهيم هذا الكتاب ) فأجابه بقوله: (إذا لم أقرأه ومات العلماء فمن يخلفهم؟) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
وكل من عرفه عن قرب يتحدث عن صفاته الأخلاقية التي تعد إشارة رائعة للإنسان الكامن داخله، فقد كان متواضعا لين الجانب وفيا مع أساتذته من العلماء كما كان وفيا مع طلبة العلم، وقد لفت نظري الإجماع الذي تم حول ترفعه عن الإساءة للآخرين والخوض في سيرهم بل عن عدم سماحه لكائن من كان بالقيام بذلك في حضرته، ولم يكتف بذلك فقد كان يتلمس العذر للجميع، ويقاطع من عمد للحديث عن غيره بما يشين، بقوله (غفر الله لنا وله دعونا من الحديث عن الناس) ولعلو مكانته بين زملائه في كلية المعلمين التابعة لجامعة الملك فيصل، قال زميل له من منسوبي إحدى الكليات النظرية، من أنه ما إن يشاهد الشيخ البريكان مقبلا حتى يبادر لتقبيل رأسه إجلالا وتقديرا له ولعمله.
كما يؤكد الشيخ عبد الله آل داوود القاضي بالمحكمة العامة بالدمام، والذي ظهر من حديثه أنه كان مقربا من الدكتور البريكان، أنه رحمه الله كان متمكنا من علمين عظيمين هما علما العقيدة والفقه، كما بلغ منزلة عالية في علم العقيدة تحقيقا ودراسة وإتقانا، بل إن بعض كتبه في العقيدة لها ميزة التفرد في بابها بشهادة العلماء والباحثين، كما قال إنه كان رحمه الله مسخرا نفسه للخاصة والعامة على حد سواء فلا ينغلق لطرف دون غيره، كان متواضعا لين الجانب ومع هذا وذاك، كان له يد طولى في الإنكار على أهل البدع والأهواء وفي دفع الشبهات والانحرافات الفكرية، هو بذلك يذكرك بمنهج سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمهما الله.
وقد ناشد الشيخ عبدالله بن إبراهيم آل داود معالي الدكتور يوسف بن محمد الجندان مدير جامعة الملك فيصل إطلاق اسم الشيخ إبراهيم على أحد الأقسام الشرعية أو أحد المراكز العلمية الشرعية، تكريما لعطائه ودوره في خدمة منهج أهل السنة والجماعة في العقيدة وفقهها، كما طالب فرع وزارة الشؤون الإسلامية بإطلاق اسمه على أحد المساجد البارزة، وبما أنني وجدت طلب الشيخ عبدالله مشروعاً، خاصة أن الشيخ إبراهيم كان طوال حياته يبعد نفسه عن الأضواء مكتفيا بالعمل متفانيا في خدمته دينه ووطنه، عمدت إلى نقل اقتراحاته هاهنا تأييدا ومساندة لها، فعالم كالشيخ إبراهيم بن محمد البريكان رحمه الله جدير بالإشادة والتكريم حيا وميتا.


الأحد 23 ذو الحجة 1429هـ الموافق 21 ديسمبر 2008م العدد (3005) السنة التاسعة

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط