إيهود أولمرت أنموذج للذئب المتحايل

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أكاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
نشرت صحيفة الوطن يوم الجمعة الماضي أن رئيس الكيان الصهيوني "إيهود أولمرت" أبدى استعداده لقبول مبادرة السلام كإطار لاتفاقية سلام مع سوريا والفلسطينيين ، فخلال مقابلة له مع صحيفة معاريف الصهيونية قال: (لقد وصلنا إلى اللحظة الحقيقية، وإنني أعلن على الملأ وأوجه كلامي إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز، أنني على استعداد لقبول الخطة العربية التي أقرت في بيروت كإطار لمفاوضات تقود إلى تسوية على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338) !.
لا شك أن أولمرت أنموذج للذئب المتحايل فعندما أعلن كلامه هذا كان يعني ما يقول ، فهو لا يقبل بالمبادرة العربية جملة وتفصيلا بل يقبلها (كإطار) لمفاوضات تقود إلى تسوية، إطار يحمل من المرونة ما يمكنه من تغيير مضامينها، وهو سيبقي على اسمها " كذر الغبار في العيون" فبنودها ستترك لمفاوضات، تنتهي لمصلحة الكيان الصهيوني أولا وأخيرا.
إن هذا الرجل هو الذي رفض لأسابيع متتالية وقف القصف الجوي والبري والبحري وبالأسلحة المحرمة ضد غزة، مصرا على استمرار عملية الإبادة الجماعية ضد السكان المدنيين العزل، هذا الرجل الذي رفض اقتراحات روسية وفرنسية بوقف إطلاق النار، كما رفض وقف إطلاق النار ولو لأيام معدودة، ولاحتياجات إنسانية.!
وجدير بالإشارة هنا إلى خريطة الحل النهائي لحدود الضفة الغربية، التي نسبت إليه والتي تضمنت استثناء مدينة القدس الشرقية، ولم يتوقف عند هذا الحد بل عرض على أبو عباس اتفاقية سماها "اتفاقيه انتقالية أو جزئية للسلام" تشمل تسليم الفلسطينيين أراضي صحراوية قاحلة ، في حين استبعدت أجزاء هامة من الأراضي التي يفترض إرجاعها للفلسطينيين بحسب المبادرة العربية، بما فيها القدس، هذا الرجل حاول في الوقت نفسه إقناع أبو عباس دون جدوى، من أن الوقت لم يحن بعد للبت في شأن القدس، مطالبا بتأجيل البحث في شأنها إلى مراحل لاحقة!.
هذه المواقف المتلاحقة تذكرنا بخبر آخر عمدت إلى نشره صحيفة " معاريف " الصهيونية منذ سنوات ، قالت فيه إن: ( جورج بوش - الابن - طلب من أولمرت تلطيف تصريحاته بالنسبة للمبادرة العربية ، وترك مجال لقبولها ، من أجل إعداد الرأي العام وإعطاء فرصة للأمريكيين لتكييف المبادرة على قياس إسرائيل ، موضحة أن أحد الخيارات التي تدرس هي قبول إسرائيل بالمبادرة مع تحفظات..).
نصيحة مخلص محب، عمد إلى تسخير جل وقته لخدمة الحركة الصهيونية، ومن منا ينسى تصريح أولمرت الذي تناقلته القنوات العربية إبان حرب غزة، والتي ظهر من خلالها مؤكدا أنه لم يقبل انشغال جورج بوش واعتذاره عن الرد على مكالمته ، وأن جورج بوش ترك ما بيده ليرد على سيده رئيس الوزراء المتهم بالفساد، والذي أمره بدوره أن يصدر توجيهاته الصارمة لوزيرة خارجيته بعدم التصويت مع قرار وقف إطلاق النار الذي تقدمت به الدول العربية لمجلس الأمن، وهو ما حصل، فقد أحجمت "رايس" عن التصويت مع القرار! مع تأكيداتها للدول العربية أنها ستفعل!
على أية حال أحببت فقط توفير الوقت على كافة الأطراف المعنية ، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله، لا يقبل بالتسويف ولا يقبل بإطار كحل جزئي لتسوية قضية الشرق الأوسط ، فمبادرته التي أطلقها، والتي أصبحت تعرف بالمبادرة العربية واضحة المعالم لا تحتاج لإطار لتزيينها أو لإخفاء معالمها، وهي مبادرة لا تقبل التقسيم ولا التجزئة، ولن تبقى طويلا على الطاولة، وما حدث من تحايل في تفسير الكيان الصهيوني لألفاظ قراري مجلس الأمن (242 و338 ) لن يتحقق مع المبادرة العربية بإذن الله.