اطبع هذه الصفحة


خريطة مملكة إسرائيل

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
(اعرف عدوك، ادرس معتقداته وأفكاره، تتبع تحركاته وأقواله) هذا هو مفهومي لأساسيات الحرب النفسية التي أعتقد أنها بقوة الحرب المادية، فمن خلال هذه الاستراتيجية يستطيع المرء - بحول الله - الوقوف على مواطن ضعف عدوه ومن ثم التربص به، ولأن الكيان الصهيوني عدونا الأوحد، عاهدت نفسي على التربص به ما دام رابضا على أرضنا المحتلة رافضا إرجاع الحق لأهله، ومن ناحية أخرى لم أنس حالة الرعب التي اجتاحت تلك الطفلة عام 1967 في بيروت، عندما كانت تحتجز في الأقبية، وعندما خيم الظلام على نهارها من جراء طلاء كافة النوافذ، كإجراء أمني احترازي، تلك الطفلة لم تنس أنها بدل أن تتعلم الأبجدية، تعلمت كيف تقاوم العدو ولو بقلم جف حبره وانحنت قامته، لقد أدركت هذه الطفلة عاما بعد عام أن عدوها لن يسعى للنيل من فلسطين فقط بل من المنطقة العربية بأكملها، وأن احتلال بلادها ضمن تطلعاته المستقبلية، فهو ككيان يخطط للوقوف على أرضها ونهب ثرواتها ومن ثم نشر سمومه في هوائها، فتاريخه وحاضره الأسود وتكتلاته العالمية أكبر شاهد على سعيه للسيطرة على الرموز السياسية والثروات العالمية، ومن هنا جاءت محاولة هذا الكيان الصهيوني الغاصب أن يجد موضعا لقدمه في بلادنا وفي الخليج العربي، بل على الوطن الإسلامي والعربي الغني بالثروات الطبيعية والبشرية.
وإمعانا في إثبات أطماعه التوسعية الشاملة للمنطقة وللمملكة العربية السعودية والدول العربية، أذكر حدود خريطة بعث بها حاخامو القدس إلى السلطان عبدالحميد العثماني يطالبون من خلالها بإقامة دولة يهودية تشمل الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين والعراق وقسما من مصر وشمالي الحجاز والمدينة المنورة، وكان اللورد اليهودي (روتشيلد) قد احتفظ بها مطلقا عليها (خريطة مملكة إسرائيل) كما نالت هذه الخريطة اهتمام مجلة (التبشير اليهودي) فعلقت عليها بقولها: (إن بعض اليهود يعتقدون أن إسرائيل يجب أن ترث شبه الجزيرة العربية كاملة).
هذا التوجه العدواني لم يكن غريبا على معظم رموز الفكر الصهيوني فقد قال (ثيودر هرتزل) رئيس المؤتمر الصهيوني الأول: (إن ما يلزمنا ليست الجزيرة العربية الموحدة، وإنما الجزيرة العربية الضعيفة المقسمة والواقعة تحت سيادتنا، والمحرومة من إمكان الاتحاد ضدنا)!

هذه التوجه لم يكن فريدا من نوعه فقد تكرر على ألسنة رموز سياسية متعددة، ومن هؤلاء:
* مناحيم بيغن قال: (إن عنصر العنف والقوة جزء لصيق بالحركة الصهيونية، والعدوان مسألة جوهرية وليست عارضة، ويقول: (لن يكون هناك سلام لشعب إسرائيل ولا في أرض إسرائيل ولن يكون سلام للعرب أيضا، ما دمنا لم نحرر وطننا بأكمله حتى ولو وقعنا مع العرب معاهدة سلام)
* هنري كسنجر قال: (الوقت لإسرائيل تفصل السلام على طريقتها وبأسلوبها ومقصها، وسكينها وليس السلام مقابل السلام)
* (دايفيد بن غوريون) يوم احتلالهم للقدس ألقى خطابا قال فيه: (لقد استولينا على القدس، واستعدناها، وغدا سيكون طريقنا إلى يثرب).
* أما موشي ديان فقد قال في اليوم نفسه: (الآن أصبح الطريق مفتوحا أمامنا إلى المدينة ومكة).
* أما (جولدا مائير) فقد تطلعت إلى الجنوب قائلة: (إني أشم رائحة أجدادي بالحجاز، وهي وطننا الذي علينا أن نستعيده).
وأخيرا أطرح كلام الإرهابي شمعون بيريز في كتابه (الشرق الأوسط الجديد) والذي ترجم للعربية عام 1994، فقد تحدث عن شبكة الطرق الإقليمية التي يحلم بها فقال: (البحر الأحمر له قيمة استراتيجية مركزية، إذ يمكنه أن يصبح خليجاً للسلام الحقيقي الشامل، ويمكننا اتخاذ إجراءات تعاونية من شأنها أن تبني الثقة، مثل إنشاء شبكات إنذار مبكر متبادلة حول التحركات العسكرية، مع الاقتصار على القوات العسكرية والأسلحة المسموح بها..كما يمكن للبحر أن يسهم في نقل النفط والبضائع.. وحفر أنفاق لجر المياه وتمديد خطوط أنابيب للنفط والغاز).
ألا تذكركم هذه المقولة بالاتفاقية الأمنية التي وقعت عليها رايس وليفني بدعم ورعاية جورج بوش في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض؟! نعم إنها اتفاقية حددت معالمها الرئيسية خطط صهيونية، ألم يتحدث شمعون بيريز عن تطلعه لتحقيق سيطرة أمنية على المرافق البحرية وخاصة البحر الأحمر بتطلعه لإنشاء: (شبكات إنذار مبكر متبادلة حول التحركات العسكرية، مع الاقتصار على القوات العسكرية والأسلحة المسموح بها) وبطبيعة الحالة يفترض بيريز أن تجير هذه الشبكة لحساب الصهاينة، فالأسلحة المسموح بها لن تمر دون أخذ الإذن المسبق منهم، وهذا الشرط بطبيعة الحال لن يطبق على الأسلحة المحرمة دوليا والموجهة للجيش الدفاعي الصهيوني، وإن كنت لا أعلم كيف سيعمد لتحقيق الشرط الثاني من هذه المعادلة، والمتعلقة باستخدام هذه المرافق لإمداد هذا الكيان بالنفط والغاز، وتصدير بضائعهم المسمومة لشعوبنا.
على أية حال أجد من الضروري ذكر ما كشفه (كارانجيا) في كتابه (خنجر إسرائيل) تحت عنوان (أهمية أراضي العدو التي ستغتصب)، فقد بين الكاتب الخطة الاستراتيجية العامة للجيش الصهيوني خلال العقود الماضية إذ قال: (إن الأهمية الاستراتيجية لمنطقة (شومر) ستمكن إسرائيل من احتلال حقول الزيت العربية السعودية- !!- إن اغتصاب المنطقة التي تحدها قناة السويس ونهر الليطاني والخليج العربي في غاية الأهمية للكيان الصهيوني)..
والله المستعان
 

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط