اطبع هذه الصفحة


وا أقصاه.. وا قدساه

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام


أتابع وبشكل يومي بعض الصحف الوطنية لعلي أجد تحركاً إعلامياً يلامس الروح الفلسطينية والمقدسية التي أبت إلا الصمود في وجه عدو غاصب تطلع بنهم إلى مقدساتنا وأرضنا وتراثنا وثرواتنا وأرواحنا وبطبيعة الحال إلى النيل من كراماتنا..
إلا أني مع الأسف أجد أصحاب الأقلام -على الأغلب- مشغولين بهمومهم وهموم المواطن اليومية، فذاك يتطلع لوزارة من الوزارات، وذاك إلى مؤسسة حكومية أو خاصة، أما ذاك فلا هم له إلا تسفيه من رفض فكره أو حتى عأرضه ببعض أطروحاته، وكأننا في ساحة خصصت لاستعراض العضلات، ولولا أن تفضل الله سبحانه علينا بساسة ومفكرين لديهم من الغيرة والفكر الاستراتيجي، وببعض محرري الأخبار الذين - ولله الحمد والمنة- لديهم من الحس الإعلامي الواعي ما يتعدى موقع أقدامهم لخلت صحفنا اليومية، من الإشارة إلى الوضع الفلسطيني الذي سيكون تجاهلنا له عار يلحق بنا وبأبنائنا وأحفادنا من بعدنا.
ويجدر بي هنا التنويه بموقف رجل سعودي صدر مؤخرا خلال مشاركته في حيثيات (المنتدى السعودي الأمريكي) في واشنطن فقد طالب باراك أوباما أن يقول لنتنياهو -ذلك المتنطع-: (اجلس وأنصت جيدا لما نريدك أن تفعله) ولم يكتف بذلك بل بين وبوضوح: (إننا – كعرب- لا نريد المزيد من خطط السلام.. ما يجب عمله الآن هو تطبيق هذه الخطط) فشكرا يا سمو الأمير تركي الفيصل لتبنيك الدفاع عن قضيتنا الأولى في محفل كذاك المحفل، وشكرا لتأكيدك على حلمنا العربي الذي طال انتظاره، وهذا الشكر أوجهه أيضا لرجل من بلادي وهو المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الأستاذ عبد العزيز التويجري، الذي دعا مؤخرا العالم إلى التحرك السريع لإنقاذ القدس الشريف، من مؤامرة التهويد والتطهير العرقي الذي يمارسه الاحتلال، بقوله: (إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمارس سياسة الاستيطان على نطاق واسع في مدينة القدس المحتلة من أجل تطويق المسجد الأقصى في إطار تهويد المدينة المقدسة)، ولا يسعني هنا إلا أن آمل أن نجد أمثال هذا الحراك الفكري بين كتابنا في الصحف اليومية..
عفوا لم أقصد الإساءة لزميلاتي وزملائي معاذ الله أن أفعل، فبعضهم له فضل أحمله على أكتافي ولا أنكره، والبعض الآخر مفكر مجتهد، وإن كنت لا أدعي قراءتي لكل حرف يكتب، إلا أني أعتقد أن أي حامل قلم محلي أو عربي أو مسلم لن يعفيه التاريخ من واجب الدفاع عن مقدساتنا وأرضنا العربية والإسلامية ولو بكلمة تكتبها أنامله..
لست بالمثالية فلدي أحلامي الخاصة التي تراودني ولو في المنام، أحلام كثيرا ما أخجل التصريح بها، وكيف لا وأنا أملك الكثير مما لا يملكه ذاك الفلسطيني الذي عمد المحتل على سلب كرامته وأرضه وحياته وحتى تراثه الديني والوطني، وكيف لا أخجل وأنا ابنة هذه الأرض الطيبة التي رعتني ماديا ومعنويا، تعلمت في رباها، واستنشقت هواءها، وبفضل الله أمنت على نفسي وعلى أولادي وأسرتي في حماها، فلا عدو يقدح من حريتي وكرامتي، ولا سلاح يتهجمني، أنام قريرة العين آمنة مطمئنة ولله الحمد والمنة... في حين نجد ليل إخوتنا المقدسيين والفلسطينيين.. ونهارهم سواء.. وصيامهم وإفطارهم سواء.. وصحتهم ومرضهم سواء.. وفرحهم وحزنهم سواء..أحياء كانوا أم أموات فأمرهم سواء..
قد أكون كتبت هذه السطور لإثارة همم وغيرة الكتاب الكرام لعلهم يستجيبون لصراخ الأقصى الذي بدا لي مستنجدا بأهله.. وقد تكون صرخة أبتغي من بعدها الراحة لروحي المنهكة، وقد تكون إبراء لذمتي أمام الله سبحانه وتعالى.. إلا أني لا أستطيع مطلقا تجاهل حالي لو كنت بينهم أعاني معاناتهم وأتجرع مرارتهم، وأتحمل همهم، وكيف لي تحمل ظلم محتل لم يعرف التاريخ المعاصر مثيله، جلاد جعل من نفسه الضحية، محتل تمادى في ظلمه أمام عالم أصم أعمى أبكم، لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، محتل يخطط لاعتراف العالم بحقه في سلب أرضنا، يخطط لاعترافنا بتاريخ عمد ويعمد إلى تشويهه وتغيير معالمه، عدو يتجه لتطويق المسجد الأقصى الشريف من جهاته الأربع بخمسين كنيساً يهودياً، ومن ثم بناء أكبر كنيس يهودي في العالم على أرض المسجد الأقصى تمهيدا لهدمه وبناء هيكلهم الثالث على أرضه الشريفة، عدو أعد مجسماً لهذا الهيكل المزعوم ووضعه بصورة مؤقتة على بعد أمتار من حائط البراق، تمهيدا لإدخاله لهيكلهم المزعوم.. الذي يستهدف بناءه دون رادع من خوف أو ضمير..عدو أصدر مؤخرا الأمر بهدم (300) منزل مقدسي، وهو يخطط لهدم( 1700) منزل مع نهاية هذا العام..عدو لم يجد أي غضاضة في تشريد( 17) ألف فلسطيني مقدسي.. عدو يهدف إلى طرد وإخلاء القدس من سكانها الفلسطينيين.. وإسكان يهود مهجريين عوضا عنهم، العدو الذي يسعى لإيجاد أغلبية يهودية تجعل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس أمرا مستحيلا!! وبعد هذا وذاك، لا أملك إلا أن أقول: (وا أقصاه.. وا قدساه).

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط