صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







النقاب.. ليس بدعا في الإسلام

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام


من المضحك أن نسمع أحدهم يتحدث عن النقاب تارة وعن الحجاب تارة أخرى وكأنه الوصي على الدين الإسلامي، أو لعله يعتقد أن علماءنا الكرام مغيبون عن فهم نصوصه وتشريعاته، ولذا بادر وبشجاعة منقطعة النظير بإصدار فتاواه الشرعية.
والغريب أن "نيكولا ساركوزي" الرئيس الفرنسي عندما تحدث عن النقاب الإسلامي، كان ذلك في أول خطاب يلقيه رئيس فرنسي أمام البرلمان منذ القرن التاسع عشر، وكان الأجدى به التحدث عن مشاكل فرنسا الداخلية والخارجية بدل أن يجلس على كرسي الفتوى.
على أية حال لست بصدد إضاعة الوقت في هجوم لا جدوى منه، وما أتطلع إليه هنا هو إلقاء الضوء على نصوص كتابية تؤكد أن النقاب والحجاب ليسا بدعاً في الإسلام، فالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يؤكد اعتراف الديانتين اليهودية والمسيحية بالنقاب والحجاب على حد سواء، وإن كان تركيز الحديث ها هنا سينصب في المقام الأول على النقاب.
ولكن قبل ذلك يتوجب علي أن أبين أن "ساركوزي" يهودي من أصل مجري، وبالتالي فالحديث عن معطيات الشريعة اليهودية يعنيه بشكل أو بآخر، ومن ناحية أخرى يعني المسيحيين أيضاً، فنصوص العهد القديم بما فيها التوراة لا تعد مرجعا دينيا يهوديا فقط، بل هي من المراجع المعتمدة في الديانة المسيحية.
إن كلمة البرقع وردت في "سفر التكوين" أول أسفارالعهد القديم، الذي تحدث عن "رفقة" و"إسحاق" بقوله: (وخرج إسحاق ليتأمل في الحقل عند إقبال المساء، فرفع عينيه ونظر وإذا جمال مقبلة، ورفعت رفقة عينيها فرأت إسحاق فنزلت عن الجمل، وقالت للعبد، من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائنا؟ قال العبد: هو سيدي، فأخذت البرقع وتغطت، ثم حدث العبد إسحاق بكل الأمور التي صنع، فأدخلها إسحاق إلى خباء سارة أمه وأخذ رفقة فصارت له زوجه وأحبها). ويصف سفر التكوين رفقة التي أصبحت فيما بعد زوجة إسحاق فيؤكد أن النقاب لم يكن ليفارقها فقد كانت تستخدمه فور ظهور الرجال الغرباء، كما توعد "أشعياء" الكلدانيين، في سفره فقال: (أنزلي واجلسي على التراب أيتها العذراء ابنة بابل اجلسي على الأرض، بلا كرسي يا ابنة الكلدانيين، لأنك لا تعودين تدعين ناعمة ومترفهة، خذي الرحى واطحني دقيقاً، اكشفي نقابك شمري الذيل، اكشفي الساق، اعبري الأنهار، تنكشف عورتك وترى معاريك)، وهكذا نجد "أشعياء" اعتبر النقاب صفة ملازمة للمرأة المكرمة المرفهة، وأمر الكلدانيين بنزع النقاب كعقاب لهم.
على أية حال أود التأكيد هنا أن ساركوزي عندما قال ما قال: (إن النقاب علامة استعباد) كان يستند كما يظهر على نصوص مقدسة عند أهل الكتاب، نصوص تؤكد أن النقاب والحجاب علامة استعباد الرجل للمرأة، فقد قال بولس رسالته لكورنثوس: (إن المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها.. فإن الرجل لا ينبغي أن يغطى رأسه.. لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل، ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل، لهذا ينبغي أن يكون لها سلطان على رأسها.. أم ليست الطبيعة نفسها تعلمكم أن الرجل إن كان يرخي شعره فهو عيب له، وأما المرأة إن كانت ترخي شعرها فهو مجد لها لأن الشعر قد أعطي لها عوضاً عن برقع) وقد جاء في تفسير أهل الكتاب لهذا النص ما يلي: (الظاهر أن النساء في كنيسة كورنثوس ادعين المساواة للرجال، ولذلك أهملن شروط اللياقة الجارية.. فكن يحضرن بلا غطاء على رؤوسهن ويصلين ويعظن في اجتماعات الكنيسة، وقد زجر الرسول – بولس - هاتين العادتين المحدثتين) كما يؤكدون أنه على المرأة الالتزام بغطاء رأسها في الصلاة وفي الجمهور، كما أكدوا أن ذلك علامة استعباد بقولهم: (ولما كانت تغطية الرأس علامة الخضوع وجب عمله على المرأة دون الرجل.. وربما المراد أن الغطاء علامة سلطان الرجل على المرأة.. لقد رتب الله.. مقاماً لكل من الرجل والمرأة.. فالطبيعة حددت الشعور البديهي باللياقة من جهة التمييز بين الجنسين ومراعاة الحشمة والأدب).
والتلمود الذي يعد من المراجع الدينية اليهودية، أشار لنقاب المرأة بقوله: (خلقها - أي المرأة - من ضلع من أضلاعه – الرجل - والضلع دائما مغطى) كما أن الناموس اليهودي يعتبر المرأة جزءاً من ممتلكات زوجها، له عليها السلطان الكامل وله حق التصرف المطلق فيها.
وهكذا يظهر أن ساركوزي كان يتحدث بلسان حاله وحال قومه من أهل الكتاب، أما نحن المسلمات عندما نتمسك بالحجاب ونرتدي النقاب نفعل ذلك عبادة لله سبحانه وطلباً لرضوانه تعالى، فالرجال المسلمون لا يستعبدون النساء! ولا يجوز لهم ذلك، فالسلطان المطلق في الإسلام هو لله سبحانه، قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا).
إن النقاب من حجاب المرأة المسلمة، واختلاف المذاهب في تحديد الواجب في الحجاب اختلاف رحمه، والقول بإلزام المسلمات بكشف وجوههن اعتمادا على رأي بعض العلماء، غير مقبول جملة وتفصيلاً، ومن جهة أخرى علينا أن نذكر بإجماع علمائنا الكرام أن المرأة إذا كانت جميلة عليها ستر وجهها وكفيها، فهل من العار أن ترى المرأة نفسها جميلة، فتعامل نفسها كالجواهر الثمينة وتغطي وجهها وزينتها.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط