اطبع هذه الصفحة


مسلمو كوريا الجنوبية بحاجة لدعمنا

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام


جلست أمامي شابة سعودية تحدثني عن أمر جلل، نظرت إليها.. وتأملت حديثها.. ثم عمدت للبحث، فوجدت نفسي – كما لمحت - من المقصرين في خدمة مسلمين تهفو قلوبهم وأرواحهم لكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولولا قلة حيلتهم وندرة الدعاة النسبية بينهم لكان حالهم اليوم أفضل، ولكان علمهم بدينهم أوسع وأشمل، لقد أشارت علي بقراءة مقابلة أجرتها جريدة الشرق الأوسط مؤخراً مع الداعية الدكتور "حمزة كيونغ" أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة "شوسيان" في كوريا الجنوبية، والذي أشار من خلالها إلى عظم حاجة مسلمي كوريا الجنوبية للدعم المادي والمعنوي، مؤكدا: أن كوريا الجنوبية خالية تماما من وجود "إسلام فوبيا" إلا أن ذلك لا ينفي وجود تشويه لصورة الإسلام وحقائقه، ولذا هم بحاجة إلى مساهمة ودعم المؤسسات الإسلامية الكبرى المتواجدة في العالم الإسلامي.
هذه المعلومة دفعتني للبحث عن بداية الإسلام في كوريا الجنوبية، فعرفت أن الوصول الفعلي للإسلام كان قديما فقد أثبتت المصادر الكورية أن الإسلام دخل كوريا كما دخل غيرها من الدول المجاورة عن طريق التجار، إذ كان المسلمون بأخلاقهم الحسنة سبب انبهار السكان المحليين الذين اقبلوا على اعتناق الإسلام، وقد تجددت علاقات كوريا بالعالم الإسلامي عن طريق القوات التركية التي جاءت لكوريا خلال الحرب الكورية عام 1955، ففي تلك الفترة أقبل الكوريون على اعتناق الإسلام، و في عام 1963 تكون الاتحاد الإسلامي الكوري.
ويتواجد المسلمون في كوريا الجنوبية في ثلاث مناطق سول العاصمة، وبوسان وكوانجو، وفي عام 1967 اعترفت وزارة الإرشاد الكورية بالاتحاد الإسلامي الكوري، ويبلغ عددهم حاليا 20 ألف نسمة تقريبا من أربعين مليون كوري، إلا أن المحزن أن عدد الذين كانوا يعتنقون الإسلام في كوريا الجنوبية يصل سنويا قرابة 1000 شخص، إلا أن هذا العدد أخذ في التناقص منذ الثمانينات، حيث بلغ عدد معتنقي الإسلام سنويا قرابة 250 شخصا.. وهذا الفرق الشاسع بين الإحصائيتين يضعنا كمسلمين أمام تساؤلات هامة تحتاج للإجابة.. ومن ثم مبادرات إسلامية عربية فاعلة في مجال الدعوة الإسلامية في كوريا الجنوبية.
ثم كان مهما بالنسبة لي أن أقف على دعم المملكة العربية السعودية لكوريا الجنوبية، وسرعان ما وجدت دعما مبشرا بالخير فقد كانت السعودية سباقة في هذا المجال كعادتها ولله الحمد والمنة، فبعد سنوات قليلة من اعتراف وزارة الإرشاد الكورية بالاتحاد الإسلامي الكوري قدم الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، الدعم المادي لوفد من مسلمي كوريا جاء لمقابلته أثناء زيارته لليابان عام 1971، وفي أواخر السبعينات زار وفدان سعودي وكويتي كوريا الجنوبية واقترحا بناء مدرسة لتعليم أبناء مسلمي كوريا، فتبرع لهذا المشروع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، بمبلغ 25000 دولار كمنحة سنوية ترسل إلى الاتحاد الإسلامي الكوري.
وفي عام 2008 نقلت صحيفة "كوريان تايمز" عن "كيم هوان يون" الأمين العام لاتحاد المسلمين الكوريين أنه سيتم افتتاح المدرسة في مارس من العام 2009، وأكدت الوكالة نقلا عن اتحاد المسلمين الكوريين أن المدرسة والتي أطلق عليها مدرسة" الأمير سلطان بن عبدالعزيز الإسلامية الابتدائية، ستكون - بحول الله - منبرا لتصحيح الفهم الخاطئ عن الإسلام، وغني عن البيان أن اختيارهم لاسم ولي العهد حفظه الله له دلالة واضحة على دوره الخير في إنشائها، كما ذكرت وكالة الأنباء الكورية "يونهاب" وفي نفس الخبر أن السفير السعودي لدى كوريا الجنوبية عبد الله العيفان سلم تبرعا بقيمة نصف مليون دولار إلى اتحاد المسلمين.
وجدير بالإشارة أن الاتحاد يخطط لإنشاء مدارس ثانوية ومستشفى ومقبرة خاصة بمسلمي كوريا وكذلك جامعة إسلامية والتي وعد الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله، أثناء زيارته لكوريا الجنوبية بإنشائها، إلا أن ذلك تعطل لعدة أسباب من أهمها بيع الأرض المخصصة لذلك، وهذه المعضلة أعتقد أنها ستجد - بحول الله- حلا لها برعاية مباشرة من سموه الكريم حفظه الله.
كما أتمنى على ولاة أمرنا في "المملكة العربية السعودية" الداعمين للخير دوماً، دعم مسلمي كوريا الجنوبية، ليس بالمال فقط بل بإرسال الدعاة والعلماء، الذين من شأنهم المساهمة في تحقيق حلم مسلميها، فكما قال الدكتور حمزة: إن من أهم المشكلات التي تواجه مسلمي كوريا هي التعليم، فوضع التعليم الديني في كوريا ليس مرضيا، ولا بد من التركيز على التعليم الإسلامي عن طريق المدارس الكورية، هو ما يتطلب مساعدة الدول العربية والإسلامية، خاصة أن الديانات الأخرى كالبوذية والكنفوشيوسية والمسيحية وهي الديانات الأكثر انتشارا في كوريا يرصد لها أتباعها ميزانيات ضخمة للترويج لها، في حين يواجه مسلمو كوريا مشاكل مالية تعوق إنشاءهم للمدارس، والمساجد، ومراكز البث.
وعن أهمية مركز البث والقنوات الفضائية بين الدكتور "حمزة" أن بإمكانها مخاطبة الآخر بلغته وفتح حوار ثقافي وحضاري يؤكد احترام الإسلام لخصوصيات الآخرين، وبين أن الإسلام دين عالمي ودين رحمة وتسامح، وأن عالمية الإسلام تعني التفاعل والتدافع والتسابق مع الآخر، كما أكد أن ما نراه اليوم على الصعيد العالمي مجرد موجة شرسة من سوء فهم الإسلام، وهذه الموجة ما زالت منتشرة على المستوى العالمي بسبب التفوق الإعلامي لخصوم الإسلام والمسلمين.
وأخيرا لا بد هنا أن أشير إلى أن الكنائس البروتستانتية والكاثوليكية تتنافس فيما بينها حول نشر البعثات التبشيرية في كوريا الجنوبية، وهو ما جعل من هذا البلد مركزا إقليميا آسيويا للأنشطة الكاثوليكية التبشيرية.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط