صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أضواء على محاضرة وزير العدل

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


عجبني توقف عند الحالة المزرية لبعض المباني المخصصة للمحاكم، فقد رد على إحدى المداخلات بقوله: بعض المباني المستأجرة لا تليق بمبنى عدالة وأقولها بكل شفافية، والوزارة تعمل على ذلك بمرحلة انتقالية على استئجار مبانٍ لائقة


ما إن علمت بأن وزير العدل معالي الدكتور "محمد بن عبد الكريم العيسى" سيقف على منبر الجامعة الإسلامية متحدثا حتى تحمست لسماع حديثه، خاصة أن عنوان المحاضرة كان (القضاء السعودي بين أصالة المنهج ورغبة التطوير) فقد كنت كغيري نتطلع لمعرفة كيفية تطبيق الجهاز القضائي لتطوير الثابت من الأحكام، تطويرا إيجابيا فاعلا، وكنت كغيري على ثقة بأن معاليه سيرضي تطلعاتنا أو معظمها على أقل تقدير، والحقيقة أني خلال المحاضرة وجدت الإجابة على معظم الاستفسارات التي أوصلتها للإدارة التنظيمية قبل انعقاد المحاضرة، وكانت تتعلق بتدوين الأحكام الشرعية، والمحاكم المتخصصة، وللأحكام البديلة فيما ليس فيه حد شرعي، ومزاولة المرأة المحامية للمهنة.

ومن الإجحاف عدم الإشارة إلى أن المحاضرة التي كانت مرتجلة، اتسمت بالتركيز والإيجاز، بل أستطيع أن أقول إنها كانت وافيه في مجالها، إلا أن إجابات معاليه -حفظه الله- على بعض المداخلات لم تكن عند المستوى المأمول، ولعل الأمر في ذلك يرجع إلى ضيق الوقت.

على أية حال أرغب في طرح بعض ما انتهيت إليه من خلال هذه المحاضرة، وهو في مجمله مبشر ولله الحمد، فقد بين معالي الدكتور في محاضرته: (أن هيئة كبار العلماء أصدرت أخيرا قرار إجازة "تدوين الأحكام" ورفعته وفق آلية معينة للمقام السامي) وأهمية تدوين الأحكام تتضح كما أشارت المحاضرة في (ضبط الأحكام والقضاء على أي اختلاف بينها.. فيستقر القضاء على مبدأ يلتزم به القضاة كافة ولا يحيدون عنه والمعنيّ به المحكمة العليا، فإذا انتهت إلى حكم يجب أن يحترم القضاة كافة مبدأها، ومن كان - من القضاة- له رأي يقدمه فتنظر إليه المحكمة وتأخذ بالصواب وتعدِل عن مبدئها، وإلا أعادت الحكم وألزمته بلزوم جادة الصواب والمبدأ) ونحن ننتظر عاجلا غير آجل صدور هذا التدوين والعمل به فهو - بحول الله -لن يسمح بصدور حكمين مختلفين في قضية واحدة، إلا إذا تفهمت الجهات القضائية المختصة لحجج الحكم المخالف.

كما علمنا أن النظام الجديد اعتمد المحاكم المتخصصة كالمحاكم التجارية والعمالية والأحوال الشخصية والجزائية، كما أجاز لمجلس القضاء الأعلى إنشاء محاكم متخصصة غير الموجودة، وهكذا لن يضطر المراجعون في الأحوال الشخصية، مشاهدة أصحاب الحدود مكبلين بالأغلال، أما الأحكام البديلة فقد تبين أنها لم تعد اجتهادات فردية لعدد محدد من القضاة الأفاضل بل أصبحت سياسة شرعية معتمدة في الوزارة.

وقد أعجبني توقفه ـ حفظه الله ـ عند الحالة المزرية لبعض المباني المخصصة للمحاكم، فقد رد على إحدى المداخلات بقوله: (بعض المباني المستأجرة لا تليق بمبنى عدالة وأقولها بكل شفافية، والوزارة تعمل على ذلك بمرحلة انتقالية على استئجار مبانٍ لائقة، وأما المرحلة الأصلية فهو ما أعلنا عنه وسنعلن عنه، ولم يؤخرنا إلا أننا نريد أن نصل إلى مبان ودور للعدالة على مستوى عالٍ وسنراعي في هذه المباني أماكن للمحامين لائقة بهم وأنا أعدكم بهذا)، وأنا ها هنا أطمع في أن تنال الغرف المخصصة لانتظار النساء اهتمام معاليه، فمنذ سنوات توجهت إلى إحدى المحاكم لتوثيق وكالة شرعية، وجلست في غرفة الانتظار المخصصة للنساء مع أن الأمر لم يستغرق الكثير من الوقت، ولأنها لم تكن مقبولة بأي حال من الأحوال، قلت لفضيلة القاضي: (هل شاهدتم الغرفة المخصصة لانتظار النساء؟!) ولأنه أجاب بالنفي، أشرت إلى جمال تنسيق غرفته وتنظيمها ونظافتها، فهي لم تكن لتقارن من قريب أو من بعيد بالغرفة المخصصة للنساء التي لا تصلح للاستخدام البشري، متسخة ومقززة والتي بمجملها أشبه بمخزن عفا عليه الزمان، الأثاث متراكم بعضه فوق بعض وبصورة عشوائية، والجدران متسخة بالكاد يرى لونها الأصلي، والغبار متراكم يحبس الأنفاس.. وقد طلبت من فضيلته - والذي كان والحق يقال- متفهما، -حفظه الله أينما كان- التوجه للنظر إليها لدقائق لعله يقف بنفسه على حالتها، ومن هنا أتطلع لمعالي الوزير لعله يشملنا نحن النساء بوعده كما المحامين، فتكون القاعات المخصصة للنساء لائقة بهن أيضاً.. داعية الله سبحانه أن تكون زيارتنا لها زيارة خير وفرح لا زيارة شكوى وتضرر.

أما عن مزاولة المرأة لمهنة المحاماة فقد قال معاليه: (إن المرأة تمارس المرافعة منذ زمن سواء بالأصالة أو الوكالة، وقد قالت لي امرأة: نحن نجد من القضاة ترحيباً أكثر منك يا وزير العدل فلا ترخص لنا أبداً.. والترخيص يحتاج لفترة انتقالية، لأن الترخيص بالمزاولة يحتاج لخبرة) ومن إجابته حفظه الله اتضح أن المقصود من السؤال لم يكن واضحا، فأنا لا أتهم الرجال بالتعسف وإن كان بعضهم يقوم بذلك بحرفية عالية، لكني أعتقد أن حاجة العنصر النسائي للمحاميات حاجة ماسة، فالكثير من النساء المتضررات تحتاج لمحاميات للفصل في قضاياهن الخاصة، والكثير منهن يتحرجن من أن تفصح لمحامي رجل أو حتى للقاضي، عن أسبابها الخاصة التي دفعتها للجوء إلى القضاء، فمن سمات النساء الحرائر الخجل، وقد يكون الطرف الثاني من القضية قريبا لها أو حتى والد أولادها، فتعمد احتراما له إلى الصمت على عظم الضرر الذي يقع عليها، ووجود محاميات متخصصات مرخصات ومتدربات ضرورة في أيامنا هذه لا ترف، فهن أقدر على استيعاب مشاكل النساء وتفهمها، وبالتالي نأمل أن تكون الفترة الانتقالية التي أشار إليها معاليه لحصول المرأة المتخصصة في مجال المحاماة قصيرة، خاصة أن جامعاتنا على سبيل المثال (جامعة الملك سعود) خرجت محاميات متخصصات نستحق كمجتمع الاستفادة من خدماتهن.

وأخيرا لا بد من شكر مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة معالي الدكتور "محمد بن علي العقلا" على عظيم اهتمامه بالشأن العام والذي يظهر جليا من خلال المواضيع المطروحة على منبر الجامعة الإسلامية الثقافي منذ عامين، كما أشكر الكادر الإداري المعاون لمعاليه والذين تبنوا وجهته الثقافية والاجتماعية، وإن كنا نحن معشر النساء ننتظر تنفيذ وعد معاليه وهو صادق الوعد، بإذن الله، بافتتاح أقسام للطالبات بالجامعة الإسلامية، والله الموفق

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط