اطبع هذه الصفحة


الاستهداف ضد إيران... أسبابه... ودوافعه

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
ولأن الكيان الصهيوني... ما زال يأمل في أن يتمكن من حصاد بعض المنافع من أي استفزاز يقوم به الغرب ضد إيران، نرى ما نراه اليوم من سعي صهيوني جاد للضغط على الإدارة الأمريكية، وغيرها من حكومات دول العالم، بغية استفزاز وإثارة الحكومة الإيرانية... لإدخالها في حرب لن يجني ثمارها إلا الصهاينة.

تطالعنا حالياً الصحف العربية والعالمية وبشكل يكاد يكون يومياً عن تحركات الإدارة الأمريكية لاستهداف إيران عالمياً بدعوى امتلاكها أسلحة نووية... ولأن وراء هذه التحركات قصة تحمل بين طياتها الدوافع والأسباب الحقيقية وراء هذه المزاعم ارتأيت الحديث عنها اليوم...
منذ ما يزيد على عشر سنوات، في عام 1992م بالذات، بدأت الخطط الصهيونية بهدف تهيئة الرأي العام الإسرائيلي لشن الحرب على إيران، حرب الهدف من إشعالها إيقاع هزيمة عسكرية وسياسية بإيران... وكان المقترح لتحقيق ذلك أحد الأمرين، إما أن يقوم الكيان الصهيوني بذلك، أو يقنع الغرب بما فيه أمريكا- بطبيعة الحال - بمهاجمة إيران وانتهت إلى أن أسلم طريقة للوصول لذلك الهدف تكثيف حملة عالمية تتوجه لغرس فكرة مفادها التهويل مما قد تلحقه إيران بأمريكا والغرب عموما ً وبإسرائيل، فيما إن تمكنت من تصنيع السلاح النووي...

ولأن الإعلام الصهيوني الموجه كان دوماً الوسيلة الفضلى لترويج بضائعهم الفاسدة، توجهت الإدارة الصهيونية للإعلام الصهيوني بداية لتعميم فكرتها وتثبيتها في أذهان الرأي العام الصهيوني، وقد ساهمت في هذا الشأن جميع الصحف العبرية باستثناء صحيفة(هآرتس) التي لم تجرؤ على مناقشة مصداقية هذه الفكرة من عدمها، هذا ما أكده الدكتور (شاحاك) الذي تطرق لنماذج من معطيات تلك الصحف فتوقف عند صحيفة اليسار الصهيوني (عال هامشمار) التي نشرت في، 19 فبراير عام 1993م، مقالاً بقلم المحرر (يوهاف كابسي)، وبعنوان (يجب معاملة إيران بالطريقة ذاتها التي عومل بها العراق) تضمن المقال مقابلة مع(دانيال لاشيم) ضابط الاستخبارات العسكرية للكيان الصهيوني، ومع أن الدكتور(شاحاك) يؤكد أن كثيراً من الشكوك تحيط بتقديرات لاشيم المتعلقة بخطورة إيران النووية، إلا أنني أعتقد إن الإشارة ولو بشكل سريع لمحتويات هذا المقال من الأهمية بمكان، إذ إن رجلاً في موقع (لاشيم) كضابط استخبارات عسكري، لا يمكن أن يتجرأ ويتطرق لموضوع حساس مثل هذا دون موافقة وتأييد الإدارة العسكرية التابع لها، فقد انتهى إلى أن إسرائيل لا تستطيع أن تفعل كثيراً لوقف الإيرانيين، وذلك بقوله: نستطيع أن نغير على إيران من الجو، ولكننا لا نتوقع أن تدمر عملياتنا الجوية قدراتها كلها، ففي أفضل الأحوال قد ندمر بعض المنشآت النووية الإيرانية، لكننا لن نستطيع الوصول إلى مراكز التطوير النووي الرئيسة.

ثم انتهى إلى أنه على إسرائيل بذل جهدها لجعل إيران تخشى أسلحة إسرائيل النووية، لكن دون أن يردعها ذلك عن تطوير أسلحتها الخاصة، و اقترح صنع وضع يبدو مماثلاً لوضع العراق قبل أزمة الخليج، قائلا: علينا أن نأمل أن تحذو إيران حذو العراق وتبدأ بإشعال الحرب على الإمارات العربية المتحدة بسبب الجزر الثلاث المتنازع عليها، فقد يكون ذلك سببا لفرض الرقابة على أسلحتها النووية، كما حدث مع العراق، مؤكدا أن هذا التصور وارد جداً... ولكن حتى لو امتنعت إيران عن بدء الحرب، فإن علينا اتهامها بالإرهاب واستغلال ذلك على المستوى العالمي... فنعمد وبإلحاح تدعيم فكرة أنها بسبب تورطها بالإرهاب لن تكون ثمة دولة في العالم خطرة بخطورتها، مظهرين ضرورة استنكار الكيان الصهيوني لبقاء إيران مع ذلك كله متحررة حتى من فرض أضيق العقوبات الدولية...
ثم أشار إلى أن هذه الحال التي تدعو- بزعمه - للرثاء كانت بسبب إهمال إسرائيل لدعايتها الإعلامية والدبلوماسية... التي يأمل أن تتمكن من أن تشرح للعالم كله مدى الضرورة الملحة لإثارة واستفزاز إيران ودفعها إلى الحرب.‍‍

ويشار إلى تطابق الموقف الرسمي المعلن للكيان الصهيوني من مضامين حديث (لاشيم)، إذ نجد أن استراتيجية(رابين) كانت تنحصر كما ذكر الدكتور (شاحاك): (في دفع الولايات المتحدة الأمريكية وقوى غربية أخرى إلى المواجهة مع إيران) كما أجهد (بيريز) نفسه من أجل هذا الغرض بأن أرسل ممثلين شخصيين عنه إلى مختلف عواصم العالم بهدف تقليل التعاون الدولي مع إيران.

ولكن بدا للكيان الصهيوني كما يؤكد(إسرائيل شاحاك) أن إثارة إيران وإخراجها عن طورها من الصعوبة بمكان، ففي أحد المؤتمرات الدولية صدرت تعليمات لممثلي الكيان الصهيوني بإحراج الوفد الإيراني أمام الوفود العالمية واستفزازه، وهو ما كان... فقد بادر الوفد الإسرائيلي باتهام إيران (بتقويض العملية السلمية) متوقعين صدور ردود فعل معيبة من الوفد الممثل لإيران، ردود تترك الأثر السيئ تجاه الحكومة الإيرانية، ولكن الوفد الإيراني لم يتصرف كما كان يتوقع منه الوفد الإسرائيلي، وهو ما تأسف له الإسرائيليون.

ولأن الكيان الصهيوني كما أعلن الدكتور (إسرائيل شاحاك) ما زال يأمل في أن يتمكن من حصاد بعض المنافع من أي استفزاز يقوم به الغرب ضد إيران، حتى لو ترتب على ذلك قيام حرب طويلة وغير حاسمة... نرى ما نراه اليوم من سعي صهيوني جاد للضغط على الإدارة الأمريكية، وغيرها من حكومات دول العالم، بغية استفزاز وإثارة الحكومة الإيرانية... لإدخالها في حرب لن يجني ثمارها إلا الصهاينة.

نأمل في ألا تتسرع الإدارة الأمريكية بتبني تلك الأفكار، التي يعمل القائمون على الكيان الصهيوني بتسويقها لإغراق الساحة الأمريكية فيها مجددا.
كما نأمل بألا نرى الإدارة الأمريكية آسفة لاعتمادها على مصادر صهيونية مضللة، تهدف إلى تضليل صانعي القرار في واشنطن، مثل تلك التي أكدت امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط