اطبع هذه الصفحة


التدخل في العالم الثالث.. أمر مشروع

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


كيف يدعي دعم التحركات المعارضة العربية والإسلامية الشريفة، وهو له موقف معاد ومعلن من الإسلام وأهله، ثم كيف يتكبد كل هذا العناء في سبيل إنقاذ الشعوب العربية والإسلامية؛ أعدائه.. أعداء الصهيونية؟!


سأحدثكم اليوم عن رجل فرنسي الجنسية، يهودي العقيدة، صهيوني الانتماء، جزائري المولد، هذا هو "برنارد هنري ليفي" الرجل الذي تعمد كما يبدو على توثيق تواجده مكرما في البوسنة والهرسك، ومع شخصيات ثورية في جنوب السودان وفي أفغانستان وغيرها من دول الصراع العربية والإسلامية، فقد مكن المصورين من التقاط صور له واضحة على أرضها مصافحا رموزها، ومؤخرا شاهدنا صورا له مع المعارضة الليبية في بنغازي، ومع الحشود في ميدان التحرير في مصر، وفي مؤتمر المعارضة السوري في فرنسا والذي لا أستبعد أنه الراعي الرسمي له، أما صوره مع شخصيات صهيونية فحميمية للغاية، فقد ظهر مع "مناحيم بيجن" و"شمعون بيريز" و"إيهود باراك" و"بنيامين نتنياهو" في لقطات تظهر العلاقة الخاصة جدا التي تربطه بهم، هذا الرجل الذي تكبد الكثير ليعتمد مراسلا صحفيا في بداياته ليس في حاجة للعمل فهو من الأثرياء، فقد تطلع للتواجد بصورة رسمية كمراسل في أي مكان تظهر فيه بوادر الصراع الداخلي على أرض عربية أو إسلامية، (فقد ذاع صيته في البداية كمراسل حربي في بنغلادش خلال حرب انفصال بنغلادش عن باكستان عام 1971، ولمع نجمه في التسعينات كداعية لتدخل حلف الناتو في يوغوسلافيا السابقة.. كما كان عام 2002 مبعوثاً خاصاً للرئيس الفرنسي جاك شيراك في أفغانستان). وهو من أشرس الداعين للتدخل الدولي في دارفور.. إن تحركاته تلك، بل وكافة تحركاته -كما يظهر لي- والتي تمت تحت الغطاء الصحفي والإنساني لها بعد أيديولوجي وسياسي، إذ كيف يدعي دعم التحركات المعارضة العربية والإسلامية الشريفة، وهو له موقف معاد ومعلن من الإسلام وأهله، ثم كيف يتكبد كل هذا العناء في سبيل إنقاذ الشعوب العربية والإسلامية؛ أعدائه.. أعداء الصهيونية.
ولأن أقواله أكبر شاهد على هذا العداء المستمكن، أذكر بعضها ها هنا، فقد قال: "إن المسؤولية لا تقع على الجنود الإسرائيليين في قتل "محمد الدرة"، فالمسؤولية من وجهة نظره تقع على والده، لأنه وضعه في مرمى النيران الإسرائيلية"! هذا الرجل يرى من منطلق خلفيته الصهيونية أن وزر جريمة قتل الطفل "محمد الدرة" بالرصاص المتتالي للجيش الصهيوني تقع على والده الذي صدف أن كان مارا بسلام في طريق جيش بربري كالجيش الصهيوني، جيش لم يرحم استعطاف والد وصراخ طفل، فأكمل مهمته التي تدرب عليها بقصف والد أعزل وقتل طفل بريء.. هذا الرجل لا يكتفي بذلك بل يتغزل بوحشية الجيش الصهيوني معتبرا: "أن لا دولة في العالم، تفوق فيها نظافة السلاح في دولة إسرائيل. فسلاحها ملائكي، ولا شبهة عليه"! كما قال: "لم أر في حياتي جيشاً ديموقراطيا كهذا يطرح على نفسه هذا الكم من الأسئلة الأخلاقية. فثمة شيء حيوي بشكل غير اعتيادي في الديموقراطية الإسرائيلية"، هو يراه جيشا ديموقراطيا! والغريب أني حاولت تصور المعنى المقصود من قوله: "لم أر في حياتي جيشاً ديموقراطيا كهذا – أي الصهيوني"، فلم أفلح، إذ كيف يكون الجيش ديموقراطيا؟! ولو على فرض أن ذلك ممكن، فهل يمكن أن ينطبق هذا الوصف على جيش متوحش كهذا؟!
أما عداؤه للإسلام فواضح.. فقد وقع عام 2006، بياناً مع أحد عشر مثقفاً، أحدهم سلمان رشدي، بعنوان: "معاً لمواجهة الشمولية الجديدة" رداً على الاحتجاجات الشعبية في العالم الإسلامي ضد الرسوم الكاريكاتيرية المنشورة في الصحيفة الدنماركية التي مست رسولنا محمدا عليه الصلاة والسلام، وأتساءل هنا.. هل سيكون موقفه مماثلا من أي احتجاج يظهر ضد أي رسوم كاريكاتيرية تسخر من الهولوكوست؟! أو من مقال يشكك في الأرقام المعلنة لضحايا الهولوكوست؟! هذا الرجل الذي يدعي الإنسانية ويستقبل بالأحضان من جماعات عربية وإسلامية يفترض أن تتمتع بالحنكة السياسية، يتطاول على حجاب المرأة المسلمة، ففي مقابلة مع صحيفة يهودية 2006، فسر حجاب المرأة المسلمة على أنه دعوة للاغتصاب، فقد قال: "إنك عندما ترى الوجه العاري لمحاورك، فإنك لا تستطيع أن تقتله أو تقتلها، ولا تستطيع أن تغتصبه، ولا أن تنتهكه. ولذلك عندما يقول المسلمون إن الحجاب هو لحماية المرأة، فإن الأمر على العكس تماماً، الحجاب هو دعوة للاغتصاب"!
وأخيرا يبرر المحاولات الغربية المتكررة سواء المعلنة أو السرية في شؤوننا الداخلية كدول عربية وإسلامية، فهو يرى: "أن النزعة الإسلامية لم تنتج من سلوكيات الغرب مع المسلمين، بل من مشكلة متأصلة، وأن النزعة الإسلامية تهدد الغرب تماماً كما هددتها الفاشية يوماً ما..." إذاً احتلالهم لأرضنا وتطلعهم إلى مقدراتنا وثرواتنا والسعي لزعزعة الاستقرار في بلادنا، ليست مبررات منطقية من وجهة نظر هذا الرجل لموقفنا الحذر والمعادي من السياسات الغربية المتطفلة الطامعة.
وأخيرا ما رأيك أيها القارئ الفاضل في فتواه التي تبرر كل التدخلات الغربية في بلادنا وفي شؤوننا الداخلية، فقد :"أكد أن التدخل في العالم الثالث بدواع إنسانية ليس "مؤامرة إمبريالية"، بل أمر مشروع تماماً."! و"الإمبريالية" لمن لا يعرف المصطلح يعني: "السياسة التي تهدف إلى فرض سيطرة الدولة ومد نفوذها إلى أراضي غيرها من الدول.."

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط