اطبع هذه الصفحة


مشروع "قيمي".. نجح قبل أن يبدأ

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


مشروع "قيمي" في حملته الأولى المعنونة (بالصدق نحيا) نجح قبل أن يبدأ، فمن خلال العروض الطلابية ومن خلال المعرض أظهرت الطالبات قناعتهن بحاجة المجتمع بشكل عام وحاجة العاملين في مجال حساس كالمجال الطبي إلى التمسك بقيمة الصدق.

اسمحوا لي أن أتغزل بمشروع (قيمي) الذي احتضنته "جامعة الدمام"، وأداره مركز الدراسات الإسلامية، ولا بد أن أبين أني لم أكن في قرارة نفسي من المتحمسين له، فتخصيص عدد من الدرجات ينالها الطلبة بعد تقييم نشاطهم في هذا المشروع أمر لم أكن أعتقد أنه سينجح، خاصة أن الاختيار وقع على طلبة كلية الطب بنين وبنات، وهذه الكلية كما هو معلوم لا تدع لطلابها وطالباتها فرصة للراحة، فكيف سيكون حالهم وقد أسند إليهم مشروع بحجم مشروع (قيمي)، وجدير بالإشارة هنا أنه بعد معرفتي أن هذا المشروع تبناه ودرسه وقدمه للمركز طالبان من كلية الطب هما "عبدالله الحلافي" و"سلطان البراهيم" أدركت سبب اختيار المركز لطلبة كلية الطب للقيام بأول مراحل المشروع.

ولقد جمّل المشروع وزاده بهاء إلقاء رئيس قسم الرعاية التنفسية الحرجة في مدينة الملك فهد الطبية الدكتور"عبد المحسن محمد الأحمد" محاضرة تابعتها مع الأسف في (يوتيوب) إذ لم تنقل لقسم الطالبات لأسباب فنية طارئة نأمل تلافيها في المستقبل، كما ساهم في إنجاح المشروع (بالصدق نحيا) الأستاذ الدكتور"عبدالعزيز صالح المطوع" مدير مركز التوجيه والإرشاد الذي قدم أكثر من ثلاثين دورة تدريبية للطلبة والطالبات، أظهر من خلالها - بحمد الله سبحانه - قدرة لافتة على جذبهم ودفعهم للتفاعل والمشاركة، والحق أن الطالبات كن يدفعن إلى القاعة التي تفصلهن عن الدكتورعبد العزيز بحاجز ولكنهن ما إن تبدأ الدورة حتى تتغير النفوس ويتفاعلن بشكل يدعو للإعجاب.

وأنا اليوم أحمد المولى سبحانه أن ظني خاب وأن المشروع في حملته الأولى المعنونة (بالصدق نحيا) نجح قبل أن يبدأ، هذا ما استشعره أساتذة المركز من الجنسين، وهذا ما تحدث عنه كافة من شاهد فعالياته من أعضاء هيئة تدريس وإداريين وطلبة، فلقد استوعب معظم طلبة كلية الطب ممن يدرسون مواد مركز الدراسات الإسلامية رسالة ورؤية وأهداف واستراتيجيات وتطلعات هذا المشروع، وبشكل يدعو للإعجاب، وهو ما أثر وبشكل إيجابي على تفاعل القائمين على المشروع من أساتذة المركز وإدارات الجامعة كعمادة شؤون الطلاب والعلاقات العامة، فكان الحماس والإيمان بقيمة المشروع هما المحرك الأساسي لكل الأطراف، وكانت النتيجة على ضآلتها مقارنة بمقترحات وتطلعات الطلبة رائعة.

وبما أني تابعة لقسم الطالبات سأتحدث عما شاهدته من طالبات الطب المستوى الأول والثاني، فقد جسدن المنافسة الشريفة بأجمل صورها، وعطرن الحملة برحيق التخصص، فمن خلال العروض الطلابية ومن خلال المعرض أظهرن قناعتهن بحاجة المجتمع بشكل عام وحاجة العاملين في مجال حساس كالمجال الطبي إلى التمسك بقيمة الصدق سواء الطلبة أو الأطباء ذكورا وإناثا، كما أقلعن بنا للمجال الإعلامي وألقين الضوء على ما تقدمه بعض القنوات الإعلامية من تضخيم للصورة وتعظيمها وتشويه بعض جوانبها بغية الحصول على ما يطلق عليه السبق الإعلامي، وطالبوا بضرورة تحري الصدق قبل النشر، كما حرصن على بث وصية الملك فيصل رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، لوزارة الإعلام وبيانه رحمه الله لواجبها تجاه دينها ووطنها من نشر وبث ما فيه صالح الوطن والمواطنين في دينهم ودنياهم، ومن هنا ذكروا الحضور بأن رسالة الإعلام هي رسالة حق، والحق لا يكون حقا ما لم يكن متصفا بالصدق، كما توقفوا عند تأثير الصدق كقيمة أخلاقية على نجاح الإنسان بشكل عام وعلى الطبيب بشكل خاص.

كما حرصت الطالبات على عرض جزء من كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للمواطنين في ذكرى بيعته السادسة حفظه الله، فقد أظهرت كلمته تلك الصدق كقيمة أساسية، فقد قال: "يا إخوان أوصيكم بتقوى الله فوق كل شيء، ثم حب الوطن، وثانياً أوصيكم بكلمة هي بسيطة، ولكنني أوصيكم بها لأن الإنسان بدونها لا يكون إنسانا، وهي الصدق.. الصدق.. الصدق.. عليكم بالصدق في معاملاتكم وفي بيوتكم وفي أولادكم وفي أقاربكم وفي من يسمع منكم"، لقد كان لتكرار كلمة "الصدق" ثلاث مرات دلائل هامة على قيمة الصدق وضرورة التمسك بها في حياتنا العامة والخاصة حفظه الله.

ثم تحدثن عن بعض أنواع الغش والتدليس الذي يمارس في المحيط الاقتصادي، وأظهرن استياءهن من بعض الأطباء الذين يتاجرون بمهنتهم ويمتهنون الكذب على الجمهور من خلال المشاركة في حملات إعلانية لمنتج ما، بغية إضفاء صفة المصداقية عليها، ثم عرضوا صورا من تدليس التجار والغش الذي يمارسه بعضهم، الذي يصل إلى حد سرقة الاسم التجاري والشكل واللون النهائي للمنتج، كما تطرقن إلى إهمال الطبيب لعمله وهو ما اعتبرنه كذبا وتدليسا، وفي الجملة كانت معالجتهن لحملة (بالصدق نحيا) شاملة لعدة جوانب إنسانية، كما توجه جزء منهن إلى مدارس خاصة لإجراء دراسة ميدانية على تمسك الأطفال بالصدق ودور المدرسة والبيت والمجتمع في تثبيته، وانتهى جزء منهن إلى أن الطفل الكاذب من المحتمل أن يكون طبيبا كاذبا ومهندسا كاذبا وتاجرا كاذبا ومدرسا كاذبا غير أمين.. إلخ هذا إذا لم يجد التوجيه في طفولته.

هذا جزء يسير مما شمله مشروع قيمي، داعية المولى سبحانه أن يثيب طالباتنا وطلابنا وكافة إدارات جامعة الدمام التي أولت الكثير من الاهتمام ليظهر مشروع "قيمي" في أول مراحله بهذا الشكل الرائع، ولأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، كان لا بد من توجيه الشكر لأعضاء مركز الدراسات ولمدير المركز الدكتور أحمد عبدالعزيز ولكافة الإدارات التي دعمت بشكل أو بآخر المشروع، واسمحوا لي بذكر أساتذة مركز الدراسات الإسلامية قسم الطالبات اللائي أشرفن على المشروع بشكل مباشر وهن الدكتورة "هدى محمد التيسان" والأستاذة "أمينة راشد التميمي" والمشرفة على دورات قيمي للطالبات الدكتورة "هبة بكر خميس"، والفنية من عمادة شؤون الطالبات "خلود علي الغامدي"، فهؤلاء هن بمثابة الجندي المجهول حفظهن الله، كما أوجه شكرا خاصا لطالبي الطب "عبدالله الحلافي" و"سلطان البراهيم" اللذين قدما المشروع، جزى الله الجميع خير الجزاء.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط