اطبع هذه الصفحة


روان نموذج مشرف لطالبات "مدارس الإيمان"

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


مدارس الإيمان اعتمدت سياسة تعليمية تسعى إلى ربط الطلبة باحتياجات عصرهم من خلال الاهتمام بكافة العلوم الإنسانية والكونية، وآخر ما توصلت إليه التقنية الحديثة، فضلا على علوم العقيدة والشريعة واللغة العربية .

في العام الماضي بينما كنت منهمكة في عملي دخلت إلى مكتبي الدكتورة (هبة بكر خميس)، حفظها الله، كانت ابتسامتها قد أنارت وجهها وبعثت في نفسي السرور، وتيقنت أن الأمور بحمد الله على ما يرام، وسرعان ما بادرتني بقولها "هل هناك مجال للتحدث معك ومع الأعضاء وبشكل عاجل؟ فأنا أحمل بين يدي مفاجأة سارة"، ولا أنكر أن محاولتي لمعرفة الخبر بشكل عاجل باءت بالفشل، فقد أصرت الدكتورة هبة على حضور جميع الأعضاء، وفي الموعد المحدد جلسنا متسمرات ننظر في اتجاهها، إلا أنها وعلى غير عادتها ارتأت زيادة جرعة الحماس عند كل منا، فقالت: ماذا تتوقعن سماعه؟ عندها طلبنا منها الكف عن اللعب بأعصابنا، وبعد شد وجذب، قالت: كما تعلمن عادة ما أكلف كل طالبة بقراءة كتاب يتعلق بالمنهج، وخلال الأيام الماضية جاءتني طالبة طب بحرينية الجنسية، لتقول هل هناك مجال لعرضها كتاب لها؟ ولأنني لم أفهم استفسرت مجددا عما تريد قوله، فأعادت العبارة بشكل أوضح قائلة: هل هناك مجال لعرض كتاب قمت بتأليفه؟! فاستوضحت معلومات عن الكتاب الذي تتحدث عنه، ما هو مجاله؟ وما هو عنوانه؟ ومتى؟ وكيف؟ وأين؟ وهنا كانت المفاجأة السارة، فالطالبة التي تدرس في السنة الأولى طب (جامعة الدمام) واسمها (روان عبد الرحمن الهرمي)، قامت في ثاني ثانوي، ومن خلال نشاط مقرر مادة اللغة العربية بكتابة بحث عنونته (شذرات في كنف البقاء)، وبفضل من الله سبحانه ثم بتشجيع من مدرسة المادة ومدرستها (مدارس الإيمان) البحرينية، وبدعم أسرتها والمتمثل بدعم والدها طبع عام (2010)، وهنا أخرجت الدكتورة هبة الكتاب من ملف كانت تحتضنه وقدمته لنا في وسط ذهول عم المكان.
وكان لا بد من تصفح الكتاب قبل الحكم عليه، وبنظرة سريعة أدركنا تميز الطالبة وسعة أفقها، فالكتاب وبشكل عاجل يعالج قضية تدهور المسلمين وأوضاعهم في العصور المتأخرة وأسباب انحدارهم، وقد أثبتت الكاتبة أن مرد ذلك هو بعدنا عن تعاليم ديننا الإسلامي، وتحدثت عن حالة اللغة العربية، لغة القرآن بين أهلها، بل وعن دور الإعلام وأهميته وخطورته، كما ذكرت أن طريق العودة للنهضة والحضارة الإسلامية التي عمت العالم الإنساني لقرون متعددة، ممكن بإذن الله لو تمسكنا بكتاب الله سبحانه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام واتبعنا تعاليم ديننا الحنيف.
وخلال ذلك الاجتماع اقترح الأعضاء رفع أمرها لمدير الجامعة، معالي الدكتور عبد الله بن محمد الربيش، ولرئيس القسم الدكتور أحمد بن عبد العزيز القصير، ولعميدة الدراسات الجامعية للطالبات الدكتورة دلال بنت محمد التميمي، ولوكيلة عمادة الدراسات الجامعية لشؤون الطالبات الدكتورة منال بنت محمد العالم، حفظهم الله جميعا، لعلها تنال التقدير الذي تستحق، وهو ما حدث بالفعل فبعد أن كرمها قسم الدراسات الإسلامية، وصلها خطاب إشادة من مدير الجامعة وخطاب آخر من عميدة الدراسات الجامعية للطالبات، كما تم تكريمها من قبل عمادة شؤون الطالبات خلال نشاط أقيم للطالبات.
لكن ما لفت نظري هو تعلق روان وزميلتها البحرينية (فاطمة عبد الرحيم فخرو) بارك الله بهما، بمدارس الإيمان التي تعلمتا فيها منذ نعومة أظفارهما، فقد أتمتا فيها دراسة المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية. وبعد البحث تبين أنها تستحق حبهما وفخرهما بها.. فهذه المدرسة التي تعمل تحت راية وزارة التربية والتعليم البحرينية، وتم تسجيلها كوقف خيري في وزارة العدل والشؤون الإسلامية بمملكة البحرين، اعتمدت سياسة تعليمية تستحق الذكر، فهي تسعى إلى ربط الطلبة باحتياجات عصرهم من خلال الاهتمام بكافة العلوم الإنسانية والكونية واللغات الحية، وآخر ما توصلت إليه التقنية الحديثة، فضلا على علوم العقيدة والشريعة واللغة العربية التي لا بد منها لفهم كتاب الله سبحانه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ولتطبيق تعاليم شريعتنا السمحة. وفي الموقع الإلكتروني لمدارس الإيمان أعجبتني عبارة تعد - من وجهة نظري - شعارا لهذه المدرسة، جاء فيها: (إذا كان الهدف العام لدى جميع النظريات التربوية هو إعداد الفرد المتعلم للحياة، فإن الهدف العام للتربية والتعليم في مدارس الإيمان هو إعداد الفرد المتعلم للحياتين، حياة الدنيا والآخرة)، وأعتقد أن هذه المدارس نجحت في الجمع بين خيري الدنيا والآخرة، فروان وفاطمة – ما شاء الله - حافظتان للقرآن الكريم، وبالوقت نفسه متفوقتان في دراستهما للطب، بدليل أن جامعة الدمام اعتمدت تكريمهما هذا الأسبوع ضمن الطالبات المتفوقات في كلية الطب بحول الله، فهنيئا للبحرين بهما وبمدارس الإيمان التي احتضنتهما طوال مراحل دراستهما النظامية، وهنيئا لجامعة الدمام، كطالبات متميزات شغوفات بالعلم ويتسمن بالخلق الرفيع وحسن التصرف.. بارك الله بهما ولهما. وهنيئا لمن سعى لدعم مدارس الإيمان البحرينية الوقفية بماله وجهده، وهو متطلع لكسب رضوان المولى سبحانه، وهنيئا للخيّرين من رجالنا ونسائنا الذي قدموا مالهم كوقف لهذه المدرسة الطيبة، والتي قد يزيد نشاطها ويزدهر بتسخير مالهم كوقف لها، خاصة أنني علمت أنها تخطط لتوسعة مبانيها ومعاملها، فالمتوفر منها لا يكفي عدد الطلاب والطالبات الراغبين والراغبات في الدراسة فيها، علما أن للطالبات والطلاب مباني منفصلة وإدارة منفصلة لكل منهما، وهي تدرس مناهج الشريعة واللغة العربية المعتمدة من وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية.

وجدير بالإشارة أن عددا لا يستهان به من علمائنا قام بزيارتها وأشاد بما شاهد على أرضها من سياسة تعليمية جمعت بين خيري الدنيا والآخرة، ومن هؤلاء معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد رئيس مجلس الشورى السعودي السابق، والرئيس الحالي للمجلس الأعلى للقضاء.. حفظه الله.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط