اطبع هذه الصفحة


إن كنت عربيا.. فلتمت!

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


الكيان الصهيوني بتعليمه الديني والمدني وسياسته وإعلامه ومجتمعه، أرضع أبناءه العنصرية ضد العرب، مسلمين كانوا أم نصارى وضد الإنسانية بأسرها، والمطلع على تعاليم دينهم المحرف وتصريحات رجال دينهم وساستهم على اختلاف عقودهم، والدارس لقوانينهم ولنظامهم التعليمي يدرك ذلك.

لأنك عربي.. فأنت تستحق الموت.. وثق أنك لو رفعت الراية البيضاء فلن يغير ذلك من الأمر شيئا، سيبقى دمك عربيا، وستبقى مستحقا الموت، هذا ما يعلنه الشباب الصهيوني ليل نهار ويصرحون به أمام الجهات الأمنية الصهيونية بطبيعة الحال ودون خوف، بل ويؤكدون على أنهم عازمون على القيام بجرائمهم واعتداءاتهم العنصرية على العرب لأنهم يستحقون الموت.. !
إن الجرائم العنصرية تقع وبشكل يومي على الأرض الفلسطينية المحتلة وبتفاصيل متعددة تشعرنا بالذهول من الموقف الصامت للجان حقوق الإنسان العالمية التي تغض الطرف عنها، وإن لم تفعل تكلمت عنها باستحياء، فأين هي مما حدث خلال الأيام الماضية عندما توجهت أسرة "حسن ريان" الفلسطينية في "بيت لحم" لشراء ثياب العيد لأطفالها، واستخدمت في رحلتها سيارة أجرة قريب لها، وهم في الطريق اقترب أحدهم من السيارة وألقى عليهم عبوة ناسفة، وهكذا أشعلت السيارة بمن فيها، وقد نقل من فيها إلى المستشفى بعد أن تفحمت أجزاء من أجسادهم -شفاهم الله-. "حسن ريان" رب الأسرة احترق وجهه ويداه بالكامل قال: (لقد أصبحت أتردد بالوقوف أمام المرآة) "جميلة عياظة" (30 عاما) احترق وجهها ويداها وقالت: (لا أعتقد أنه يمكننا أن نعود إلى حياتنا الطبيعية بعد هذه الإصابات التي تعرضنا لها)، "بسام غياظة" الذي أصيب في جميع أنحاء جسمه، قال: (جميعنا كنا سعداء بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد، لكن سعادتنا تحولت إلى كارثة كبيرة، لدرجة أن أفراد عائلتي لا يتناولون الطعام منذ أن سمعوا عن حالتي، وأنا قلق عليهم)، أما "أيمن غياظة" فما زال في غيبوبة من اليوم الأول الذي وصل فيه إلى المستشفى، وحالته خطيرة جداً، وأصيب ابنه "محمد أيمن غياظة" (3 سنوات) أيضا بحروق متفرقة في جميع أنحاء جسمه، في حين خرجت ابنته "إيمان أيمن" (4 سنوات) من المستشفى، وهي على الدوام تبكي مرددة: (أريد أمي وأبي)، والغريب أننا إلى الآن لم نسمع عن تحرك فاعل من الأجهزة الأمنية الصهيونية في البحث عن الجاني أو من خلفه.

وبعد هذه الجريمة بأيام، نقلت الصحف الصهيونية اعتداء آخر لا يقل شناعة عن تلك، جريمة أظهرت وحشية هذا الشعب وهذه الأمة التي قد تظهر العدالة تارة، في حين تعمل، وبشتى الطرق، في الظاهر والباطن وعلى الأغلب على تثبيت العنصرية البغيضة الدموية في نفوس أفرادها، وفي هذا الاعتداء هاجم عشرات من الشباب الصهيوني اليميني المتطرف ثلاثة شباب فلسطينيين كانوا سائرين في طريقهم في ميدان "صهيون" في القدس الغربية، لا لهم ولا عليهم، وأوسعوهم ضربا، فهرب اثنان في حين سقط "جمال جولاني" 17 عاما.. أرضا فاجتمعوا عليه وأوسعوه ضربا وركلا في رأسه وكافة أعضاء جسمه إلى أن أغمي عليه وأخذت أنفاسه تتوقف، أما هم فظلوا يهتفون "الموت للعرب" وبشعارات عنصرية أخرى، وعندما حاول مسعفان إسعاف "جمال" بالتنفس الصناعي احتج الجناة، كما استهجنوا إعطاء زجاجة ماء لأحد الفلسطينيين الذي كان في حالة صدمة جراء الاعتداء.

لقد بقيت هذه الجريمة طي الكتمان لثلاثة أيام قبل أن يتناولها الإعلام ناقلا عن شاهدة عيان إسرائيلية ما كتبته على صفحتها في الشبكة الاجتماعية "فيسبوك" من أن الشبان اليهود: (فقدوا إنسانيتهم وأنها رأت اليوم اعتداء وحشيا في ميدان صهيون في مركز القدس وصراخ اليهودي "روح جيدة والعربي ابن عاهرة". وعشرات الشبان يتجمعون ويبدؤون بضرب ثلاثة شبان عرب كانوا يسيرون في شارع بن يهودا دون أن يزعجوا أحدا).

وقد تم اعتقال سبعة فتيان من بينهم من لم يتعدى عمره 15 عاما، وعند وصولهم إلى المحكمة: "كانوا يجاهرون بجريمتهم ويهتفون الموت للعرب، ومنهم من اعتبر العرب "مرضا" وأحدهم تمنى لو مات العربي جمال" وقال أحدهم لوسائل الإعلام التي وجدت في المحكمة: "إنه عربي يستحق الموت، كنا 40 – 50 ولدا والكل ضربوه، هو عربي، فليمت"، وجدير بالإشارة هنا أن الشرطة الصهيونية اعترفت أن "جمال جولاني" وقريبيه ليسوا ضالعين في أية أعمال جنائية وأنهم مروا في مكان الاعتداء ببراءة تامة.

وما يزال "جمال" – على حد علمي- يرقد في أحد المستشفيات، حيث يعالج من إصاباته البالغة جراء الاعتداء المروع الذي تعرّض له.

إن معظم المتهمين في هذه الجريمة كما أشار تقرير أعده "المدار" أعضاء في مجموعات في "فيسبوك"، وتصدى حاخامان مثل عوفاديا يوسيف.. للعرب والمسلمين حيث أطلقوا تصريحات تعبر عن كراهية واحتقار العرب، كذلك فإن معظمهم من مشجعي فريق كرة القدم "بيتار القدس"، الذين يصرخون في المباريات بشعارات عنصرية مثل "الموت للعرب".. كما أن الكثيرين منهم أعضاء في مجموعات عنصرية في شبكة الإنترنت تدعو لإخراج العرب من القدس ومن فلسطين.

والسؤال هنا؛ كيف تحول هؤلاء الفتية الذين لم يصل بعضهم لسن الحلم إلى مجرمين متمرسين، وكيف استباحوا دماء الأبرياء؟ الحقيقة التي علينا إدراكها بجميع أبعادها، أن الكيان الصهيوني بتعليمه الديني والمدني وسياسته وإعلامه ومجتمعه، أرضع أبناءه العنصرية ضد العرب، مسلمين كانوا أم نصارى وضد الإنسانية بأسرها، والمطلع على تعاليم دينهم المحرف وتصريحات رجال دينهم وساستهم على اختلاف عقودهم، والدارس لقوانينهم ولنظامهم التعليمي يدرك ذلك تماما.. ولكني أخشى أن ننشغل بسورية وبورما ـ على عظم الظلم الذي يمارس فيهما ضد الإنسان السوري والمسلم البورمي ـ عن فلسطين المحتلة بأقصاها المهدد وأبنائها الكرام، الذين عانوا من اضطهاد وظلم المحتل الصهيوني لما يزيد عن نصف قرن. اللهم انصرهم وإخواننا في كل مكان، إنك ولي ذلك والقادر عليه.


 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط