صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







لننشر الحب في كل قطاعات الوطن

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


لم لا نعتمد في اليوم الوطني طرح رؤى الشباب عن المواطنة، واجباتها وحقوقها، وكيف نجسد الانتماء على أرض الواقع من خلال العمل التطوعي، ومن خلال حرصنا على الملكية العامة كحرصنا على الملكية الخاصة


المواطنة مفهوم ليس غريبا على الفكرين الإسلامي والإنساني، ولا دخيلا عليهما، والشواهد على ذلك كثيرة، المواطنة ليست قصائد تنظم ولا أناشيد نترنم بها ولا أجساد تتمايل، المواطنة حياة وكرامة وعزة، هي عرضك الذي لا تسمح لأي كائن الاستهانة به، هي روحك التي تحرك جسدك بحول المولى سبحانه.
ولأني كنت تلك الطفلة التي كتب الله عليها العيش في الغربة في طفولتها المبكرة وفترة من شبابها؛ أدرك تماما مرارة الغربة، فللغربة غصة يتجرعها المغترب رغما عنه، ولأني لم أتصالح مع نفسي بالشكل الذي يرضيني إلا وأنا واقفة صامدة على أرض الوطن، أدرك كيف يمشي المرء ويتحرك بعزة على أرض بلاده، وكيف ينام قرير العين تحت سقف وطنه، وكيف يتنفس رحيقه ويهنأ باله.
ولأن الواجب يحتم علي التحدث بوضوح مع أهلي وعشيرتي في هذا الوطن وطن الخير، كان لا بد من الإشارة إلى بعض المظاهر التي يتوجب علينا إظهارها حبنا لبلادنا من خلالها، فكمسلمين ترتبط مناسباتنا السعيدة عادة بأداء عبادات يصل نفعها للقطاع العام، فعلى سبيل المثال عيد الفطر.. نقدم فيه زكاة الفطر تعطى للفقراء خاصة، وعيد الأضحى نقدم الضحية ونخصص جزءا منها صدقة وجزءا آخر كهدية، وفي ميلاد أبنائنا نقدم العقيقة التي تلتزم في تقسيمها أحكام الضحية، كما سنجد الكثيرين منا يقدم الصدقات عند مرضه وعند شفائه ونجاحه وترقيته، ولكننا في ذكرى توحيد "المملكة العربية السعودية" فإن المناسبة تمر أمامنا سريعا ولا تترك خلفها عملا صالحا يعلن عن انتمائنا وإحساسنا بواجبنا تجاه وطن احتضننا وحافظ على أمننا ومصالحنا، مع أن هذه الوحدة الوطنية من النعم التي تستوجب منا حمد المولى سبحانه، ففيها اجتمعت كلمة سكان معظم الجزيرة العربية على قلب الملك المؤسس عبد العزيز بن عبدالرحمن رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، رافعين شعار التوحيد، متمسكين بكتابه سبحانه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام كدستور للبلاد.
وبما أن الحب الحقيقي يفعل بالأفعال لا بالأقوال، والأفعال التي يدوم خيرها ونفعها أجدى وأولى بتقديمها عربونا للحب والوفاء، فإني لا أفهم كيف يوجه التجار أموالهم للإعلان عن فرحهم باليوم الوطني من خلال إعلانات باهظة التكاليف، ولا أفهم عدم اجتماعهم على تنفيذ مشروع ينفع الوطن والمواطن، وكيف ينتفض ويرتعد بعضهم ما إن يذكر أمامه هذا الطرح، وكيف يبررون تمسكهم ببذل الإعلانات في المناسبات الرسمية معللين أنها قبل أن تكون تهنئة هي إعلان عن التاجر وعن نشاطه، أما المشاريع التنموية المقترحة والتي تستهدف مصلحة الوطن وأهله، تتطلب دراسات وإجراءات ومتابعة قبل التنفيذ وأثناءه وبعده، كما قد تتطلب وقفا ماليا ضخما يخدم العمل لسنوات وسنوات.
يجب أن يتفاعل رجال الأعمال والمؤسسات التجارية، بل الإنسان البسيط كل بحسب قدرته، مع تلك المشروعات الوطنية الخيرية التنموية، وما زلت أنتظر مبادرة أحدهم، كإقامته مركزا اجتماعيا يخدم الحي الذي يعيش فيه التاجر، يشمل مركزا لرعاية الأطفال ومكتبة ومركزا تدريبيا وترفيهيا، قسما يقدم خدماته للفتيات وآخر للبنين، أو بناء مستوصف صحي بمعايير عالمية ويقدمه إلى وزارة الصحة على أن يشرف على صيانته ونظافته، أو على أقل تقدير حديقة تابعة للبلديات يقوم بزراعتها وتزيينها وإمدادها بألعاب للأطفال، ويعفي البلدية من رعايتها، لعل جهدها يصل لغيرها من الحدائق، أو لعله يؤسس فريقا من الشباب المتطوعين ويمدهم بالإمكانيات المادية للقيام بنشاطهم التطوعي، ولعل حكومتنا الرشيد تقدم لهؤلاء أوسمة خاصة أو امتيازات معينة تتناسب وخدماتهم لوطنهم.
أما المدارس والجامعات، العامة منها والخاصة، فليتنا نتحدث فيها عن الإنسان في المؤسس "الملك عبدالعزيز" رحمه الله، وكيف كان ملكا مهيبا عادلا وشجاعا، كيف كان ابنا بارا وأبا حانيا وأخا وفيا وزوجا رفيقا بأهله، كيف كان مقدرا للعلماء مجلا لهم، لنعرف أبناءنا وبناتنا بسيرة "اخو نورة" رحمه الله، السيرة التي جعلته فريدا من نوعه، ولم لا نعتمد في هذا اليوم طرح رؤى الطلبة عن المواطنة، واجباتها وحقوقها، وكيف نجسد الانتماء على أرض الواقع من خلال الحرص على أداء العمل على أكمل وجه، ومن خلال حرصنا على الملكية العامة كحرصنا على الملكية الخاصة، ومن خلال العمل التطوعي الذي يستتبع حراكا جسديا وعقليا دؤوباً، وحبذا لو ساهم الطلبة في زرع فناء المدرسة أو الجامعة أو في إمداد المكتبة بالكتب المفيدة، وليت هذه المؤسسات التعليمية تعمد إلى تحفيز الطلبة المتميزين فيفرغون جزءا من أوقاتهم لعقد حصص تقوية للمراحل الدراسية الأولى، وبإشراف المعلمين بطبيعة الحال، كما أن في دار العجزة آباء وأمهات يفتقدون الأهل والأقارب، وهم يحتاجون الرعاية النفسية، فليتوجه بعض الطلبة إليهم ويطلبوا منهم التحدث عن الماضي وكيف كانت الحياة في شبابهم، وبذلك نضرب عصفورين بحجر واحد، إسعادهم باهتمام شباب اليوم بهم وبتجاربهم الشخصية، والعبرة والعظة التي ستصل بحول الله لطلابنا مما قد يسمعون عن الماضي الذي لم يعيشوه، كما سيتبين لهم التغيير الجذري بين الأجيال.. ثم لم لا نحتفي كمجتمع في هذا اليوم وفي غيره برجال الأمن ورجال الصحة والتعليم، وبكافة العاملين بالقطاعات الخدمية العامة، لعلنا ننشر الحب في كافة بقاع الوطن .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط