صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كفانا جلدا للذات

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


ليت سفاراتنا بالخارج لا تعتمد إعطاء فيز العمالة قبل إحضارها ما يثبت إتمامها دورات تعريفية مكثفة عن نظامنا الأمني والقضائي وعاداتنا وتقاليدنا


كثرت الجرائم التي ترد علينا من قبل العمالة المنزلية في السنوات الأخيرة، والتي بشكلها العام جرائم وحشية، فلا تمر علينا أيام إلا ونسمع عن قتل وسرقه واعتداء، وضع كهذا استجد علينا، فلم نعتد على مثله فيما مضى، فقد كان من يعمل بيننا جزءا من العائلة، وقد يصبح أبناء كلا الطرفين إخوة يتعايشون في طفولتهم وشبابهم، بل قد يحرص الآباء على تثبيت هذه الأخوة فيعمدون إلى الرضاعة ليصبحوا بحسب الفقه الإسلامي إخوة، حياة طيبة كنا نستشعرها ونعيشها، وما زلنا نتفقد بقاياها.
أما اليوم فأجزم أن أي أسرة تقبل عليها العمالة المنزلية تشعر بالخوف والقلق، إلى حد أن بعضهم عمد إلى تركيب كاميرات في معظم غرف المنزل الأساسية، لعله يطمئن على أفراد أسرته في غيابه، وعلى حرمة بيته من التدنيس، ولجوء البعض لهذه التقنية يظهر عظم القلق الذي أصابنا كمجتمع، ولذا يتوجب علينا إجراء دراسات أكاديمية أمنية واجتماعية توجه أنظارها للبحث عن أسباب تلك الجرائم ومسبباتها، كما يتطلب منا على الصعيد الخارجي العمل على إيضاح ونشر المنهج المتبع في النظام القضائي ومصدر الأحكام القضائية واستقلالها، فالعالم الخارجي في مجمله لا يرى إلا ما يرى، وحاله كحال فرعون الذي قال: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، فهو يجهل جملة وتفصيلا مدى ما يتكبده الإنسان السعودي جراء هذه الجرائم وفظائعها، كما أن الإعلام الخارجي على اختلافه يعمل على اتساع هذه الفجوة الفكرية بين مجتمعنا والعالم، ولذا أتمنى اعتماد لائحة توضيحية تخرج من وزارة العمل بالتعاون مع وزارة الداخلية ووزارة العدل تعرف العمالة الوافدة - سواء كانت المنزلية أو غيرها - وقبل وصولها بنظامنا القضائي والأمني، وبعاداتنا وتقاليدنا، وليتها تصبح جزءا من العقد يلزم بالتوقيع عليها، ومن ثم اعتمادها من الجهات الرسمية في بلادها.
ولأننا كمواطنين ندفع تكلفة العمالة الوافدة، أجد أنه من حقنا مطالبة الدول التي تأتي منها تلك العمالة، في مقابل زيادة التكاليف التي ألزمتنا بها مؤخرا اعتمادها إجراء دورات تعريفية لمواطنيها المقبلين للعمل في المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال تعاونها مع وزارة العمل في المملكة، وأزيد الأمر توضيحا فأقول: تطبع وزارة العمل السعودية كتيبات تعريفية بلغات مختلفة تمد سفاراتنا بها، ترفق مقابل سعر رمزي مع فيزة كل عامل وعاملة، على ألا تكتفي سفاراتنا بذلك، بل تعتمد عدم إعطاء فيز العمالة قبل إحضارها ما يثبت إتمامها دورات تعريفية مكثقة عن نظامنا الأمني والقضائي وعاداتنا وتقاليدنا.
وهناك بعض الإجراءات الاحترازية الأخرى التي أعتقد أنها ضرورية لحماية أمننا بإذن الله، كتقديم العمالة الوافدة سجلا جنائيا يثبت عدم قيامها بأي جريمة، فبعض العمالة التي تأتينا يكون سجلها الجنائي في بلادها متخما بالجرائم.
أما تزوير هذه العمالة للأوراق الرسمية التي تثبت عكس الواقع، فحدث ولا حرج، فتلك العاملة المنزلية السريلانكية التي أثبت جواز سفرها أنها تجاوزت سن الرشد، قامت بعد أسبوع واحد من إقبالها علينا بخنق طفلنا ابن أربعة أشهر بالدوادمي، ولأننا استجبنا لحكم الشارع وأقمنا عليها القصاص، تأتي الأصوات من هيئات عالمية معتبرة كالأمين العام للأمم المتحدة، ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية، والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن، والمتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان للأمم المتحدة، وعدد من الجهات والهيئات الأجنبية.. لا لتعزيتنا على الرضيع ابن الأربعة أشهر الذي لا حول له ولا قوة، بل للتنديد والاستنكار.. وعلى ماذا؟! على إقامة القصاص على جانية ثبت اقترافها جريمة وحشية، الغريب أن تلك الأصوات التي زعمت أن الجانية قاصر، غفلت عن أن المملكة العربية السعودية لا تقبل بالعمالة القاصرة، كما تغاضت عن جواز سفر الجانية والذي نشر في الصحف السريلانكية وأثبت أنها عند قدومها للمملكة كانت تبلغ من العمر 21 عاما.
هذه الهيئات العالمية هاجمتنا ولم تتوقف مطلقا عند مصاب الأسرة في ابنها الوحيد، ولا على عظم الفجيعة التي داهمت تلك الأسرة، ولا على حالهم عند حملهم جثة طفلهم الرضيع، ولا على حالة الأم التي ما زالت تعاني من فراق ابنها الرضيع الذي مات غدرا بيد تلك الجانية، كل ذلك لا يهم، ولا يستحق منها أي اهتمام، فمواقفها التي اعتدنا عليها هي السلبية التامة.. هذا إذا تعلق الأمر بمصالحنا وحقوقنا!
ما أتمناه هو الاطلاع قريبا على إحصائية معتمدة من قبل وزارة الداخلية تظهر الجرائم التي ترتكبها العمالة الوافدة ونوعيتها، على أن تعد بشكل دوري، فتلك الجريمة لم تكن فريدة من نوعها، ألم نسمع بعاملة قطعت أجساد أطفالنا وأخرى سممت أجسادهم.. وهذه سرقت وهربت ...هكذا، لقد أصبحنا نترقب أيامنا بحذر خوفا من سماع أخبار عن جرائم مروعة ترتكبها العمالة الوافدة على أرضنا. حفظنا الله وبارك بنا ورد كيد أعدائنا في نحورهم.
وفي الختام آمل ألا أسمع أحدهم يوجه اللوم علينا كمواطنين، فهذه الجانية لم تستمر بيننا إلا أسبوعا واحدا، وتلك تعترف أن كفيلها وأسرته كانوا محسنين معها، ولأنها خشيت استبدالهم لها بعاملة أخرى، قطعت رأس ابنتهم الصغيرة، وتلك التي لم تمض عدة أشهر في المملكة نظرت بطمع لمقتنيات كفيلها فسرقتها وهربت.. وهكذا، ثقوا أننا لسنا المذنبين في كل تلك الجرائم.. كفانا جلدا للذات .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط