اطبع هذه الصفحة


ابن مواطنة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام



نشرت صحيفة الوطن التي بين يديك منذ يومين خبرا لفت نظري، فهو يحمل أخبارا سارة تخص المواطنات اللاتي ارتبطن بغير مواطنين وأسرهن فقد "كشف العقيد بدر بن محمد المالك مدير إدارة الشؤون الإعلامية والمتحدث الرسمي بالمديرية العامة للجوازات، عن إجراءات جديدة سيتم إصدارها قريبا، ومتعلقة برخص الإقامة الجديدة لأبناء السعوديات، مبينا أنه سيتم تحويل مسمى المهنة لابن المواطنة إلى مسمى واحد وهو "ابن مواطنة" سواء كان طبيبا أو مهندسا أو أي مهنة سابقة له كما أضاف: "إن من أبرز مميزات هذه الإجراءات والتي لم تكن في السابق، السماح لأبناء المواطنة بالعمل، وذلك من خلال كتابة "مصرح له بالعمل" في الإقامة بعكس السابق، حيث كان يكتب عليها "غير مصرح له بالعمل".كما بين "أنه لا رسوم على أي ابن مواطنة في حال نقل كفالته على والدته مهما كانت مهنته، وأضاف أن زوج المواطنة هو فقط من يتم نقل كفالته على زوجته السعودية بمهنة زوج مواطنة مع دفع رسوم نقل الكفالة".انتهى الخبر).)
هذا الخبر ذكرني بدراسة أعددتها منذ فترة، اعتمدت فيها على وثائق ولوائح رسمية، تبين من خلالها الكثير من الامتيازات التي تقررت لأبناء المواطنة التي اختارت الارتباط بغير مواطن، وهذه النظام اعتمد في المملكة العربية السعودية، منذ ما يزيد على نصف قرن من الزمان، وبالتحديد عام 1374هـ، وهي في مجملها تفوق المتوقع في دول تدعي أنها متقدمة من ناحية إقرارها بحقوق الإنسان.
فقانون الجنسية العربية السعودية المشار إليه آنفا والذي صدر عام 1374هـ، وتم اعتماد مضامينه من قبل المقام السامي في العام نفسه، ضمن الكثير من الحقوق لأبناء المواطنة المرتبطة بغير مواطن،إذ لابنها حق الحصول على جنسية سعودية في حال ولد داخل المملكة العربية السعودية لأب أجنبي وأم سعودية، وتوافرت فيه الشروط، أذكر منها: أن يكون حسن السيرة والسلوك ولم يسبق الحكم عليه بحكم جنائي، أو بعقوبة السجن لجريمة أخلاقية لمدة تزيد عن ستة شهور، وأن يكون ملما باللغة العربية، وإذا تقدم هو -لا أمه المواطنة- خلال السنة بعد بلوغه سن الرشد بطلب منحه الجنسية العربية السعودية.. بمعنى أن حصوله على الجنسية لا يرتبط بموافقة والدته السعودية، أو حتى برغبتها، فهو حق مكتسب لابنها دون غيره إذا تقدم للحصول على جنسية أمه وتوفر الشروط المقررة فيه.
وحتى أقطع الشك باليقين استفسرت عن أحوال طالبات تشرفت بتدريسهن، وكن من أبناء مواطنات وآباء غير مواطنين، بل توجهت لزميلات لي يعملن في القطاع العام متزوجات من غير مواطن وعن أحوال أطفالهن من ناحية توفير التعليم النظامي والعالي والحق في العمل، فوجدت الأمر مطبقا على أرض الواقع مع عدد لا يستهان به من أبناء المواطنات السعوديات، أما بناتهن فتيقنت من أنهن يعاملن معامل المواطنة السعودية من حيث التدريس في مراحل التعليم النظامي والعالي، ففي هذه المرحلة من التعليم الجامعي تحصل على مكافأة تعادل ما تحصل أختها السعودية، ويحق لها الحصول على كافة الخدمات الصحية من الدولة.
وقد تبين أن الحالات التي لم يطبق عليها هذا القانون كانت بسبب إهمال بعض الموظفين وتعنتهم وتنطعهم، وهنا يحق للمتضرر رفع تظلم في حقهم، وقد يرجع الأمر لإهمال المعنيين بالأمر وعدم مراجعتهم للدوائر الرسمية في الوقت المحدد.
وهناك ملاحظة تتعلق بمضامين قانون الجنسية الذي تطرقت إليه هنا، فابنة الموطنة السعودية من أب غير سعودي حسب بنود هذا القانون تعفى من كافة الإجراءات المتبعة نظاما لزواج المواطن بغير سعودية.. فهي تتزوج من سعودي دون تحقيق شرط موافقة الجهات الرسمية، كما أن بإمكانها الارتباط بغير مواطن، ولكني عند متابعة هذا الأمر على أرض الواقع صُدمت؛ فقد ثبت لي أن المواطن السعودي الراغب في الارتباط بابنة المواطنة السعودية مطالب بكافة الإجراءات المتبعة لزواجه من غير سعودية، فلا امتياز له ولا لها في هذا المجال! وقد يستغرق حصوله على الموافقة لإتمام زواجه بها عدة شهور، بل قد يصل إلى سنوات.. إذا هي لا تعامل معاملة خاصة في حال رغب مواطن الارتباط بها!
ومن ناحية أخرى نجد أن أبناء وبنات المواطنة المتزوجة بغير مواطن يدرسون - بحمد الله - في الجامعات السعودية وفي كافة الكليات حتى الصحية منها، وينالون مكافأة جامعية مثلهم مثل المواطن السعودي.. إلا أن ما أتطلع للنظر فيه يتعلق بمكافأة الامتياز، فقد قرر لهم مكافأة امتياز أقل من مكافأة الطالب السعودي، ولأنهم لا يعرفون غير المملكة العربية السعودية وطنا، البلاد التي ولدوا فيها ودرسوا فيها وتخرجوا منها، يشعرون بضيق جراء هذه التفرقة، ويأملون في مساواتهم بإخوتهم حاملي الجنسية السعودية في هذا المجال، وجدير بالملاحظة هنا أن عددهم ليس بالضخم ومعاملتهم كالطلاب المواطنين لن يكلف الكثير بحول الله.
إن ابنة الوطن التي تتزوج من خارجه وتحرص على أخذ موافقة الجهات الرسمية تتحرك وفق النظام، وبالتالي لا يحق لأي جهة التعامل معها أو مع أبنائها على أساس أنهم وافدون، خاصة أن الجهات المقننة للوائح تعمل على تحسين أوضاعهم وفق توجيهات المقام السامي
وأخيرا، لا بد من بيان أن نظام التجنيس الذي أشرت إليه في هذه السطور توقف العمل به لفترة لمراجعته ودراسته، إلا أني أتمنى على القائمين عليه تفعيله، والتأكيد على ضرورة تنفيذ وتسهيل إجراءاته، وإضافة القرارات الجديدة التي من شأنها تسهيل حياة المواطنة المرتبطة بغير سعودي وأسرتها، الأسرة التي لها علينا صلة الرحم.. فنحن في مقام أخوال أبنائها وبناتها.


 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط