اطبع هذه الصفحة


"بوشهر" والزلزال.. كيف نتجنب الكارثة؟

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


علينا نحن دول الخليج المتضررة من سياسة إيران النووية تكثيف الجهود لحث الهيئات الدولية والدول الكبرى للحيلولة دون استمرار إيران في سياستها النووية المتهورة؛ حماية لشعوبنا وللشعب الإيراني أيضا.


شعر سكان المنطقة الشرقية بشكل عام بالزلزال الذي ضرب الثلاثاء الماضي جنوب غرب إيران، وتبعته عشرات الهزات الارتدادية، وهذا الأمر يدعو للقلق.. فما شعرنا به نحن سكان المنطقة الشرقية هو نتيجة لزلزال خلف وراءه 37 قتيلا و850 مصابا وأسفر عن تدمير 12 قرية و700 منزل، وتسبب في تشريد 200 أسرة، لكن الأخطر من ذلك كله هو قرب موقع الزلزال من مفاعل "بو شهر" النووي إذ يبعد عنه نحو 90 كيلو مترا، إذ إن المحطة وبحسب موقع "روسيا اليوم" التي شاركت 130 مؤسسة روسية في إنشائها، تحتوي على وحدة للطاقة ومفاعل نووي، وتبلغ قدرته ألف ميغا واط في الساعة، ويعد مصنع "نوفوسيبيرسك الكيميائي" الجهة المزودة الرئيسية لوقودها النووي المخصب حتى نسبة 1.6% – 3.6%.
إلا أن ما علينا تدبره بحذر تام هو ما صرح به المقاول العام المكلف بتشييد المحطة يوم الثلاثاء 9 أبريل - يوم الزلزال - أن تسليم المحطة للجانب الإيراني سيتم بصورة تمهيدية في الشهر المقبل، علما أن الجانب الروسي سيسلم كافة الصلاحيات لإدارة المحطة للإيرانيين تدريجيا لتتولى إيران هذه المهام بالكامل تقريبا في غضون سنتين أو 3 سنوات.

وهذا ما أكده "فريدون عباسي دواني" رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إذا قال بحسب الموقع نفسه: "نظرا إلى معالجة هذه الثغرات والنقائص فإن تسليم المحطة من قبل الروس إلى إيران سيتم في أواخر شهر إبريل الحالي"، على أن يتم تسليمها بشکل نهائي بعد انتهاء مرحلة الضمان.
وما لفت نظري في حديث رئيس "منظمة الطاقة الذرية الإيرانية" هو إشارته الواضحة لوجود الثغرات والنقائص، فعن أي ثغرات ونقائص كان يتكلم؟ وما هي طبيعتها؟ وما مدى خطورتها؟ وهل يمكن معالجتها كما يدعي بهذه الفترة القصيرة؟ وهل هذه المحطة أكثر أمنا وسلامة من مفاعل اليابان النووي الذي لم يصمد أمام زلزال عام 2011، وتسبب في كارثة بيئية وإنسانية لا نعلم إلى الآن مداها؟ ثم إذا عجز اليابانيون عن حماية أنفسهم من ذاك الزلزال الذي طال مفاعلهم النووي وتسبب في تلك الكارثة الإنسانية، وهم المعروفون عالميا بخبرتهم في التعامل مع الزلازل ومع تطبيقاتهم لقوانين الأمن والسلامة بشكل قومي، فكيف للدول المجاورة لإيران وللشعب الإيراني نفسه أن يأمن على نفسه من المفاعل الإيراني الذي تم بناؤه بهذا الشكل الاعتباطي وبعيدا عن أي رقابة دولية؟!
وحتى أبين مدى خطورة القضية أذكر ما نقله "موقع روسيا"، عن وكالة "نوفوستي" الروسية عن مصدر في إحدى الشركات التي قامت بتصميم المحطة قوله: إن المحطة قادرة على تحمل هزات أرضية بقوة تزيد على 6.3 درجة بمقياس ريختر، في حين ذكر الموقع عن "هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن قوة الزلزال الذي ضرب إيران الأسبوع الماضي كان بقوة 6.3 درجة، وبالتالي فلن تصمد هذه المحطة أمام زلزال أقوى ولو بواحد من عشر الدرجة.. وهنا مكمن الخطر علينا وعلى الشعب الإيراني الذي أعجب من صمته على وجود هذا المفاعل وبهذا الشكل غير الآمن.

ولكن ما أثار تعجبي هو التضارب الفاضح بين ما أعلنته الشركات التي قامت بتصميم المحطة حول قوة تحمل المحطة للهزات الأرضية، وبين ما صرح به المحلل السياسي الإيراني "حسين رويوران" في حديث لقناة "روسيا اليوم" من أن "مفاعل بوشهر مصمم على تحمل زلازل بقوة 9 درجات بمقياس ريختر، بالتالي لم ولن تتأثر المحطة الكهرذرية بالهزات التي ضربت محافظة بوشهر يوم الثلاثاء"!

وأحمد المولى سبحانه أن اجتماعا خليجيا سيتم اليوم في الرياض بشكل طارئ لبحث تداعيات الزلزال الذي ضرب المنطقة القريبة من موقع بوشهر النووي الإيراني، واحتمالية تسرب الإشعاعات من المفاعل الذي لا يبعد سوى 90 كيلو مترا عن مركز الزلزال، فكما صرحت مصادر دبلوماسية رفيعة "للوطن" أن هذا الاجتماع سيكون "عالي المستوى"، وخصص لبحث إمكانات الدول الخليجية الست في التصدي لكارثة بيئية محتملة قد تنشأ من أي تسرب إشعاعي من مفاعل بوشهر النووي، كما سيبحث تنفيذ خطط الطوارئ الوطنية لدى دول المجلس.

وما يهمني هنا من هذا الاجتماع هو التوقف عند الخطط الوطنية للطوارئ فالمجتمع السعودي وبشكله العام يفتقد أي فكرة حول الزلازل وكيفية التعامل معها، وليست لديه أية فكرة عن كيفية التعامل مع الكوارث البيئية المرتبطة بالإشعاعات النووية، هذا إذا كان هناك إجراءات احترازية نافعة في هذا المجال المدمر.

ومن منا نسي الزلزال العنيف الذي حدث في اليابان بقوة 9 درجات على مقياس ريختر عام 2011، مسفرا عن مصرع وفقدان الآلاف وخسائر تقدر بـ300 مليار دولار على الأقل، فضلا عن تسببه بانفجارات في محطة فوكوشيما النووية، ما أدى إلى تزايد مستوى الإشعاع حول المحطة آلاف المرات عما كان عليه قبل الزلزال، مما دفع الحكومة اليابانية إلى إعلان "حالة الاستنفار القصوى" لتفادي وقوع كارثة بيئية بعد أن اكتشفت تسرب مادة "بلوتونيوم"، الذرية المستخدمة في صنع قنابل نووية، وإلى حظر دول كثيرة للصادرات اليابانية من الدخول إلى حدودها ولأشهر عدة.

ومن هنا علينا نحن دول الخليج المتضررة من سياسة إيران النووية تكثيف الجهود لحث الهيئات الدولية والدول الكبرى للحيلولة دون استمرار إيران في سياستها النووية المتهورة حماية لشعوبنا وللشعب الإيراني أيضا.. وأخيرا قد يكون من المفيد الاستعانة بالخبرات اليابانية في التعامل مع الزلازل والكوارث النووية مع قلة جدواها في هذا المجال، والله خير حافظ.


 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط