اطبع هذه الصفحة


إنها "تربية" قبل أن تكون "تعليما"

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


من العجيب ألا يكلف مالك مدرسة نفسه بالتوقف عند مؤهلات موظفيه السعوديين ولا عند جودة إنتاجيتهم ولا عند أمانتهم وإخلاصهم، ويجعل شرط بقائهم على رأس العمل ارتداءهم الزي الغربي


طالعتنا صحيفة الوطن خلال الأسبوع الماضي بخبر مفاده أن مدرسة سعودية أهلية تقع في منطقة حاضرة الدمام، ألزمت منسوبيها من إداريين ومعلمين بارتداء الزي الغربي.. منعتهم منعا باتا من ارتداء الزي الوطني (فبحسب مصدر مطلع لـ"الوطن"، فإن نظام "البدل" طبق بالفعل في أحد فروع المدرسة من المالك ذاته، وتعتزم إدارة المدرسة حاليا تطبيقه إجباريا خلال فترة قصيرة، وأوضح المصدر أن مجال الزي الآن مفتوح، وأن الإدارة أعطت منسوبيها حرية ارتداء أزيائهم قبل إجبارهم على تطبيق نظام "البدل الرسمية" مؤكدة أنه لا تراجع عن تطبيق هذا الزي بحسب ما بينت للمعلمين السعوديين في المدرسة)!
ويظهر لي أن صاحب هذه المدرسة كان يعمل في إحدى تلك الشركات التي تلزم قوانينها الموظفين السعوديين بارتداء الزي الغربي، وتجعل من ارتداء المواطن زيه الوطني دليلا على عدم التزامه وجديته، قوانين أراها من وجهة نظري مجحفة في حق أبناء الوطن، خاصة إذا كانوا يمارسون أعمالا مكتبية.
ونحن إن كنا لا نلزم المقيمين بارتداء الزي السعودي وهم يمارسون أعمالهم على أرضنا، إذ يكفينا أنهم يلتزمون بارتداء الثياب اللائقة، إلا أننا وبالتأكيد لنعجب ونستنكر قرار هذا المالك.. فمدرسته الأهلية تمارس نشاطها على أرض الوطن.. وحتى لو كانت هذه المدرسة تطبق المناهج العالمية فليس من حق مالكها فرض وصايته على مواطن سعودي تمسك بزيه الوطني.
إن هذا المالك لم يكلف نفسه التوقف عند مؤهلات موظفيه السعوديين ولا عند جودة إنتاجيتهم ولا عند أمانتهم وإخلاصهم، وجعل شرطا لبقائهم على رأس العمل ارتداءهم للزي الغربي، بل وأكد أن لا رجعة عن قراره المعيب، فحتى لو كان صاحب المدرسة حاصلا على الجنسية السعودية حديثا، أو أنه نشأ وتربى خارج الوطن، فقراره هذا ظالم في حق أبنائنا العاملين في مدرسته، وهو تطاول على زي نعده جزءا ملاصقا لهويتنا السعودية، فقد تربينا ونحن نرى آباءنا وأقاربنا ووجهاءنا يرتدونه، زي عشقناه وتمسكنا به، وهو دوما معنا في أعيادنا وأجمل مناسباتنا، في تخرج أبنائنا وخطوبتهم وزواجهم..وكافة مناسباتنا العائلية والرسمية، هو الزي الرسمي الذي يلتزم به موظفو الدولة كافة في الداخل وممثلوها في الخارج، إنه جزء من تراثنا وهويتنا الوطنية.
أعتقد أن المالك ظن أنه يستطيع أن يصبغ أفئدتنا وهويتنا بأي لون يشتهيه، أو أن أرباحه ستزيد لو أصدر أوامره تلك، أو لعله أراد استفزاز الموظفين ليقدموا على استقالة جماعية، فيعمد على توظيف مقيمين برواتب أقل، وهكذا يفر من تطبيق القرار الملكي الذي يلزم ملاك المدارس برفع رواتب المواطنين العاملين في مجال التعليم!
إن إيقاف هذا القرار من شأن "وزارة التربية والتعليم" خاصة أن المتحدث الرسمي لمديرية التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية "خالد الحماد " في تصريح لـ"الوطن" ذكر: أن الزي السعودي لا يعتبر شرطا مفروضا على منسوبي المدارس الخاصة أو الحكومية -مضيفا- أنه يراعى في شروط الزي بمدارس البنين أن يكون محتشما ..)
ولا أفهم كيف لنا أن نوفق بين هذا التصريح وبين التعميم الذي صدر خلال الأشهر الماضية عن وزارة التربية والتعليم ووزع على جميع إدارات التربية والتعليم في مناطق المملكة، فقد جاء فيه: (أن المدرسة مسؤولة عن توجيه الطلاب بالتقيد بالزي العربي السعودي ..) ومن هنا أتساءل هل يعقل أن نرى تعميما عن وزارة التربية والتعليم يلزم أبناءنا الطلاب بارتداء زيهم الوطني، ثم لا نجد نظاما في هذه الوزارة يلزم منسوبي التعليم من المعلمين وإداريين بارتدائه؟!
ومن هنا آمل من كافة المواطنين العاملين في هذه المدرسة رفع أمرهم للوزارة وإن لم يجدوا منها الدعم لقضيتهم عليهم رفعها للقضاء، إذ من واجبنا عدم السماح لهذا المالك بممارسة دكتاتوريته واستهجانه واستخفافه بالمواطنين وبزيهم الوطني. إذ ليس من حقه ولا من حق غيره منع رجالنا وأبنائنا من ارتداء زي وطني نحترمه ونجله ونعده وجاهة لنا كمواطنين.
على صاحب هذه المدرسة التوقف مليا عند قرارات صدرت سابقا من وزراء وأمراء مناطق (تمنع دخول المراجعين للدوائر الحكومية أثناء الدوام الرسمي، وكذلك أثناء اللقاءات والاحتفالات الرسمية إلا بالزي الوطني المحترم حسب العرف والعادة في كل منطقة، على هذا المالك توسعة مداركه لتشمل تراث بلادنا وخصائصه وهويتنا الوطنية.
ومن جانب آخر أتمنى من أولياء الأمور المطالبة بإلغاء هذا القرار الذي سيترك انطباعا سيئا على أبنائهم، إذ لن يرى الطالب في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية معلمه، مثله الأعلى، إلا وهو مرتديا الثياب الغربية، وهكذا سينشأ وهو على قناعه أن هيئته تلك هي المثال الذي عليه الاقتداء به، وقد ينفر ويشمئز من الزي الوطني، ويعد مرتديه متخلفا وجاهلا، بل قد يصل به الأمر إلى الخجل من مرافقة والده الذي يرتدي الزي الوطني.
إن المدرسة كما جاء في قرار وزارة التربية والتعليم هي المسؤولة عن توجيه الطلاب بالتقيد بالزي العربي السعودي.. ولذا نأمل بإيقاف عاجل لقرار المالك وإصدار تعميم وزاري يلزم كافة المدارس بفرض الزي الوطني على المعلمين السعوديين. أليست وزارتنا هذه وزارة "تربية" قبل أن تكون وزارة "تعليم

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط