اطبع هذه الصفحة


سياسة الضغط لن تجدي معنا

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
@OmaimaAlJalahma
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


المواقف السلبية لدول أوروبا وأميركا تجاه المجازر اليومية للشعب السوري، والتهديد الإيراني للمنطقة، وتخليهما عن التزامات محورية حازمة تم الإعلان عنها تجاه هذه القضايا، لن ينتج عنها ما يسعى إليه الكيان الصهيوني منذ سنوات .



أتوقع ـ والله أعلم ـ أن الكيان الصهيوني مع حلفائه وعلى رأسهم أميركا ودول أوروبا، يعملون على التخطيط للضغط على المملكة دون غيرها، سعيا لإلغاء مقاطعتها لهذا الكيان الغاصب، ولا يستبعد أنهم اتفقوا على التخلي عن نصرة أهل سورية وعلى الصمت إزاء سعي إيران لامتلاك السلاح النووي على أن يتقدم الكيان الصهيوني بعروض متتالية توحي للملكة العربية السعودية بأنها على استعداد للتعاون معها للوقوف في وجه إيران كخطوة أولى لإنهاء نظام بشار وحزب الله ومعاونيهم في العراق.

تابعنا في الأيام الماضية، وعلى عدة مسارات إعلامية صهيونية، تتسم بالكذب.. أحدها يتحدث عن تعاون الموساد مع جهاز الاستخبارات السعودي بهدف القضاء على التطلعات الحثيثة لإيران لامتلاك السلاح النووي. الخبر قوبل على الفور بتكذيب المملكة، كما سمعنا كذبا آخر يقول: إن اتفاقا تم مع هذا الكيان يسمح لطائراته بالتحليق عبر الأجواء السعودية لتفجير المواقع المستهدفة في إيران، وأيضا تم تكذيبه مع تهديد واضح وصريح وجه لأميركا مفاده بأن أي تصرف كهذا سيقابل وعلى الفور بإسقاط طائرات هذا الكيان .

ومن يهتم بمتابعة تحركات هذا المحتل يدرك أن الكيان يدور في دائرة مفرغة، وأنه خاوي الوفاض، وأنه يترنح، وأن أميركا وأوروبا ترغبان في التخلص من حملها الثقيل تجاهه بفتح منافذ أخرى تغنيه عن اللجوء إليها، فهم طامعون في الوصول إلى البترول السعودي والأسواق السعودية لحل الأزمة الاقتصادية التي تهدده من أساسه .

هذا الكيان لا يرغب في عقد تحالف بغرض الوقوف في وجه امتلاك إيران لسلاح الدمار الشامل فقط، هو يطمع في بترولنا وأسواقنا ومكانتنا كدولة محورية ذات ثقل استراتيجي عالميا وإسلاميا، كما أننا المعقل الوحيد الصامد في وجهه، وإنهاء المقاطعة يعني اعترافنا بوجوده وبحقه في الأرض الفلسطينية المحتلة .

والحقيقة أن تاريخ بلادي تجاه القضية الفلسطينية لا تقف عند الخلافات السياسية مع هذا الفصيل أو ذاك، فهي أكبر من ذلك بكثير، فالقضية الفلسطينية تتعلق بمقدساتنا وبشعب شرد ونهبت أرضه بل حتى تاريخه لم يسلم من النهب .

إن هذا الكيان الذي يعتقد أنه يملك عقلية فذة عليه مواجهة نفسه مرات عدة قبل التحرك بهذا الاتجاه أو ذاك، فالمملكة لن تتحالف معه مهما كانت النتائج لأنها لا تثق بسياسته وتدرك تلاعبه بالأوراق المعروضة أمامه وغير المعروضة، ولو كانوا حقا راغبين في إنهاء المقاطعة عليهم أن يقبلوا بخطة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله. عليهم أن يبادروا بإعادة الحياة لها، عليهم أن يحيوها لا بالكلمات الفضفاضة بل بفعل سياسي يطبق على الأرض دون تأجيل .

وليعلموا أننا كشعب ندرك الأبجديات السياسية لبلادنا ونلتزم بها، كما ندرك مهاترات كيانهم وكذبه وافتراء إعلامهم، وأننا متمسكون بتطبيق مبادرة السلام التي أعلنتها المملكة عام 2002

إن المواقف السلبية لدول أوروبا وأميركا تجاه المجازر اليومية للشعب السوري والتهديد الإيراني للمنطقة وتخليهما عن التزامات محورية حازمة تم الإعلان عنها تجاه هذه القضايا، لن ينتج عنها ما يسعى إليه هذا الكيان منذ سنوات..يخيل لهؤلاء أن هذه السياسة السلبية سيجعل الجانب السعودي ينظر إلى هذا الكيان الغاصب كحليف منتظر يقف بجانبه في خندق واحد، مما يدعوه في نهاية الطريق إلى الجلوس والتباحث معه.. ولهم أقول إن هذا الأمر هراء لا سبيل لتحقيقه .

إن هذا الكيان وحلفاءه يظن أن كثرة الزن يفك اللحام، وأن نشر أكاذيب متتالية عن علاقات مزعومة بينه وبين بلادنا قد يحقق المأمول من إنهاء المقاطعة دون أي مطالب .

إن أي أمن أو سلام سيتحقق على حساب القدس والشعب الفلسطيني مرفوض جملة وتفصيلا، ومن قبل كافة الأطراف في المملكة العربية السعودية، وإذا كان هذا أو ذاك يعتقد أنه داهية سياسية، فليعلموا أن النساء في بلادي أكثر دهاء من رجالهم، وأكثر وعيا لمسالك السياسة ودهاليزها، وأن ما يطرح في الإعلام السعودي لا يصور كافة جوانب الواقع، فالشباب على سبيل المثال لم ينسوا القضية الفلسطينية وهم غير راغبين في نسيانها، بل لديهم العزيمة الكافية ليصبروا عقودا من الزمان إذا كان ذلك سيصل بهم إلى حلها، وهم لا يطرحون في مناقشاتهم الخاصة والعامة إلا تحرير الأرض وعلى رأسها القدس، وأنا عندما أقول الشباب فأنا أتحدث عن الشريحة الكبرى من الشعب السعودي فنسبتهم تصل إلى 1% 78 من التعداد بارك الله لنا بهم.

وإليكم آخر تلك المهاترات والإيحاءات الصهيونية المبطنة فقد كتب "دوري جولد" المحلل الصهيوني مقالا ختمه بقوله: "إن إيران اليوم هي الدولة التي تتطلع إلى الهيمنة، وتهدد الاستقرار في الشرق الأوسط، ورغم الخلافات وجدت السعودية وإسرائيل نفسيهما في الجانب ذاته في الأزمات الكبرى التي ألمت بالشرق الأوسط"، وأضاف: (إن التاريخ يكشف أن الدول التي تعرضت لتهديد ملموس مشترك عرفت كيف تتغلب على الخلافات بينها، وتجد السبيل للتعاون، هكذا بالضبط تصرفت فرنسا وغرب ألمانيا في ضوء التهديد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية).. هؤلاء يؤمنون أن الغاية تبرر الوسيلة.. ولهم أقول سياسة الضغط هذه لن تجدي معنا .

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط