صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







"نزاهة".. عندما تتحدث بصراحة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
@OmaimaAlJalahma
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


ما زلت أتطلع إلى اتساع دائرة مهام "نزاهة" بحيث لا يبقى مجالها محصورا فقط في القطاع العام، ولا في الشركات التي تسهم الدولة فيها، بل يتعدى ذلك لمكافحة الفساد الإداري والمالي في القطاع الخاص، فتداخل المصالح بين القطاع الخاص والعام متحقق.



التقرير الذي عرضته الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" مؤخراً على مجلس الشورى، والذي عمدت صحيفة الوطن إلى نشر أهم ما جاء فيه لا يستحق منا التدبر - فقط - بل يستحق الإشادة والدعم، فهو يوضح مدى حرص أعضائها على تنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - والقاضية ألا يستثنى من مهامها كائنا من كان، ومهما واجهتها من عقبات.

إن مهمة "نزاهة" ليست بالسهلة ولن تكون، وستولد لها دون شك أعداء تمرسوا على الفساد وتجرعوا سمومه، وسيكون هناك من يتربص بأعضائها وقد يحاربون بوسائل مشروعة وغير مشروعة، ولذا هي تحتاج بعد عون الله سبحانه ثم دعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز والنائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود - حفظهم الله وأطال في أعمارهم- إلى دعم ومساندة شعبية من كافة قطاعات البلاد العامة والخاصة على السواء، كما تحتاج إلى اعتراف الوزارات، اعترافا يفعل على أرض الواقع، عليها أن تستوعب أهمية تعاونها مع هذه الهيئة فتقدم لأعضائها كل المعلومات التي تمكنها من أداء مهامها، فمن واجبها تجاه هذه الهيئة فتح كافة الأبواب التي يراد لها أن تكون مغلقة بحجة سريتها، فالفساد مع الأسف متواجد بيننا، وعلينا السعي لتحجيمه قبل أن يتحول إلى ظاهرة ويستفحل، قبل أن يصبح سمة من سمات هذا الوطن الكريم.

"نزاهة" لم تنشأ - منظرة - أو - برستيج - أو وجاهة، فقد ظهرت للعيان عندما أدرك المقام السامي أن الفساد متحقق على الأرض، وبالتالي لا يمكن السكوت عنه، وهو ما يدركه المواطن العادي البسيط، فالفاسدون متواجدون في كافة القطاعات، وإنكار تواجده يعني إخفاءه، وإخفاؤه يعني استفحاله، وعدم التعاون مع "نزاهة" سيضر بمصالحنا كوطن ومصالح أولادنا في المستقبل القريب والبعيد.

لقد عرضت "نزاهة" على مجلس الشورى (خريطة الغرض منها القضاء على الفساد وأهله)، فكان منها ضرورة "التشهير في القضايا والجرائم التي يتأكد بالدليل ارتكابها"، وهو ما اعتبرته الهيئة أنه سيؤدي حتما إلى "ردع كل من تسول له نفسه ارتكاب عمل من أعمال الفساد، خوفا من افتضاح أمره" بين الناس، مؤكدة أن ذلك سيؤدي - بإذن الله - إلى تقليص الفساد.

كما سعت إلى (القضاء على "السرية المزعومة" التي تفرضها بعض الجهات على أعمالها)، وبينت (أنها تواجه امتناع بعض الجهات عن تمكينها من تقصي حالات الفساد بتلك الحجة، وهو ما اعتبرته "ادعاء غير صحيح"، مشددة على عدم استثناء أي أحد أو أي جهة من اختصاصات الهيئة ولأي سبب كان)، كما تطرقت إلى ضرورة التأكيد على الإسراع في البت في قضايا الفساد فالتأخير في ذلك من أهم المشكلات التي تواجه أداء مهامها، وهذه المطالبة تتوافق مع الاستراتيجية التي نصت عليها "نزاهة"، (معتبرة أن لذلك أهمية في ردع الفاسدين وإعلان هيبة الدولة وسلطتها وتأكيد عزمها على مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين وإنزال حكم الله فيهم.)

كما وضحت "نزاهة" ما تواجه من بعض الجهات الحكومية التي تمتنع أو تتأخر بشكل متعمد عن إمدادها بالمعلومات المطلوبة، ورأت لتفادي هذه العقبة مجددا أهمية التأكيد على الجهات المشمولة باختصاصها بالرد على استفساراتها وملحوظاتها وإفادتها بما اتخذته حيالها، وذلك خلال مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ إبلاغها بها، كما طالبت بتمكينها مما تطلبه من وثائق وأوراق أو نسخة منها، فالهيئة وبسبب هذا التباطؤ وذاك الامتناع تواجه صعوبة وتأخيرا في تسوية بعض القضايا المتعلقة بالإهمال وتعثر المشاريع.
وقد كنت وما زلت أتطلع إلى اتساع دائرة مهام "نزاهة" بحيث لا يبقى مجالها محصورا فقط في مكافحة الفساد المالي والإداري في العقود والمشاريع الحكومية في القطاع العام، ولا في الشركات التي تسهم الدولة فيها بنسبة لا تقل عن 25 في المئة، بل يتعدى ذلك إلى مكافحة الفساد الإداري والمالي في القطاع الخاص، فتداخل المصالح بين القطاع الخاص والعام متحقق، والمواطن قد يعاني من فساد يمس القطاع الخاص كما يعاني من فساد يصل إلى القطاع العام، فتبييض الأموال والاحتكار والغش في السلع الأساسية.. وغيرها قد يكون متحققا بشكل واسع في القطاع الخاص، كما أن بعض القطاعات الخاصة تعمد إلى شراء الذمم بإغراءات مالية تلوح بها أمام موظفي القطاع العام، سواء في سعيها للحصول على المناقصات أو تراخيص لأعمال لا تضر المصلحة العامة، أو في تعطيل منافس من إقامة أو تطوير مشاريعه.

نحن دوما نلوم "نزاهة" على تأخير إعلانها عن نتائج حراكها ضد الفساد، ولكننا لا نقف عند حجم العقبات التي تعيقها، فبعض الجهات الحكومية تعتبر "نزاهة" الخصم اللدود الذي يريد الانقضاض عليها، وبالتالي تقاومها وترفض التعاون معها، كما أن حرصنا على سمعة من مارس الفساد الإداري أو المالي، فلا نشير إليه من قريب أو من بعيد، يعد أمرا استفزازيا بالنسبة للمواطن إذ تتضخم موارده على حساب دمائنا وخيراتنا دون رادع من دين، أو ضمير، ولذا أرى أن "نزاهة" عندما تحدثت بصراحة كان حديثها واقعيا وضروريا للحد من فساد نخشى أن يتحول إلى ظاهرة معاذ الله.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط