اطبع هذه الصفحة


هذه الأحداث تفرض نفسها علينا

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
@OmaimaAlJalahma
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


نحن بحاجة إلى تعزيز الانتماء للوطن قولا وفعلا، نحميه ونحرص على سلامته من أي مؤثرات خارجية أو داخلية تسعى للمساس بأمنه، فالخطر الفكري والمادي يترصد لشبابنا ليخرجهم من النور إلى الظلمات.


منذ فترة وأنا أنوي كتابة مقال في موضوع معين، إلا أني أجد نفسي وقت الكتابة مجبرة على تغيير مساري إلى غيره.. فنحن نشاهد أحداثا تفرض نفسها علينا ولو بالقوة، فعلى حدود الجنوب الغربي كما على حدود الشمال الشرقي حراك خارج عن الإطار يحاول فرض نفسه ولو بالقوة، والمؤلم أن ما يشغلنا لا يتوقف عندهما على عظم فسادهما وإفسادهما، فهناك حراك يكاد يكون عالميا ضد الإسلام حيث تقتل النفوس المسلمة الخيرة بدافع الكراهية، وفي خضم هذا الإعصار المتشعب لا نعرف إلى من نلتفت، إلى من مارس الجريمة بدعوى الجهاد أم إلى المسالم الذي قتل غدرا لأنه مسلم يشهد ألا إله إلا الله محمد رسول الله.

في هذا الوقت الملتهب المتأجج نحن بحاجة ماسة إلى جعل تثبيت الانتماء لديننا الحنيف من أولى أولوياتنا دون غلو أو إجحاف، فلا نكتفي بتعليم أبنائنا أداء الواجبات وترك المحرمات، بل نوضح لهم حقيقة هذا الدين الحنيف الذي يطلب من المنتمين إليه التعامل بوسطية في أقوالهم وأفعالهم ليكونوا مؤثرين ومتأثرين تاركين الأثر الإيجابي أينما ساروا وأينما توقفوا، نحن بحاجة إلى تعزيز الانتماء للوطن قولا وفعلا، نحميه ونحرص على سلامته من أي مؤثرات خارجية أو داخلية تسعى للمساس بأمنه، نحن بحاجة لمن يذكرنا أن الدعاء له ولولاة أمرنا واجب علينا، كما أن الدعاء لأبنائنا اليوم أوجب علينا من ذي قبل، فالخطر الفكري والمادي يترصد لهم ليخرجهم من النور إلى الظلمات، وليحولهم إلى وحوش تفتك بالأرواح وتتعرض للأعراض والأموال.

وقد أكون من الأشخاص الذي يؤمنون أشد الإيمان بمقدرات شبابنا بنين وبنات حفظهم الله، نتيجة توصلت إليها من خلال ممارستي للتعليم الجامعي، فالغالبية العظمي من الطالبات اللاتي يسعين للنقاش والحوار في شتى المواضيع يبهرنني بطرحهن وبُعد نظرهن وبثقتهن بأنفسهن، بل وبأسلوب طرحهن وبالمفردات اللاتي يرتجلنها، إلا أن هناك فئات تحبذ التزام الصمت، ولا أعرف هل لأنها لا تملك ما يمكن إضافته أم أنهن يعتقدن بخلاف ما يطرح؟.. أم أنهن اعتدن الصمت حتى في حياتهن الخاصة؟
أطالب أن نكون جميعا على حذر تام مما يطرح أمامنا وأمام أبنائنا.. علينا أن نكون على حذر ممن يسعى لدفع أبنائنا إلى تلك الجهات التي تعظم ذواتها إلى درجة يصبحون معها معتقدين اعتقادا تاما أننا اضطهدناهم وحجرنا على عقولهم ولنتحول إلى أعداء وجب القضاء علينا.

لا شك أن كل فرد من أبنائنا هو في الواقع مشروع للمستقبل يمكن أن يكون منتجا ويمكن أن يكون محبطا، وأستطيع القول إن شبابنا قبل عقدين من الزمان لم يكن كحاله اليوم، فاليوم هم أكثر إطلاعا وأكثر ثقة، ومع الأسف هم أكثر إحباطا.. هذا واقعهم اليوم، مع أن السياسات الوطنية التي تسعى لدعمهم في كافة المجالات تضاعفت عشرات المرات، وقد يكون السبب عائدا إلى مؤثرات خارجية إقليمية وعالمية تفرض نفسها على أجوائنا.. تارة يهاجم الإسلام وأهله ويصورون على أنهم إرهابيون بامتياز فيضطهدون ويقتلون دون ذنب اقترفوه، وتارة تمارس جماعة تدعي دفاعها عن الإسلام أشد أنواع الإرهاب وأكثرها وحشية وتستهدف كافة المخالفين لها سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وتارة نجد جماعة ولدت بيننا ومن أرحامنا تنكر بعض تعاليم الدين جراء الجرائم التي ترتكب باسمه، وتعلن محاربتها لتلك التعاليم وتدعي أنها تؤدي إلى ترسيخ التعصب والتخلف والرجعية.

أن نكون مسلمين لا يتعارض مطلقا مع أن نكون مواطنين محبين لبلادنا، كما أن إيماننا بربنا الله الذي لا إله إلا هو وبمحمد رسول الله لا يتعارض مطلقا مع حبنا وفخرنا بالوطن الذي ننتمي إليه، والذي اتخذ من كتاب الله سبحانه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام دستورا له وحاكما على كافة أنظمته، والسعي لخدمته والحفاظ على أمنه أمر لا بد أن يكون محط أولوياتنا، فبلادنا ليست كغيرها فهي محط أنظار مسلمي العالم الذين يعمدون للتوجه لها معتمرين وحاجين، ومحاولة العصابات الإرهابية المساس بوطننا حكومة وشعبا أمر متحقق لا يمكن إنكاره بحال، وليس من مصلحتنا تحجيم قدره، فليس من صالحنا السكوت عن تلك العصابات التاعسية والحوثية وغيرهما أو نتعامل مع ضجيجهما كأنه لم يكن، فالواجب على كافة مؤسساتنا العمل على توعية المواطن والمقيم بأهداف تلك الجماعات والخلل في أفكارها وتحركاتها، وموقف الدين منها.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط