اطبع هذه الصفحة


عن الهيكل المتهالك

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
@OmaimaAlJalahma
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


لن يجد المتابع لكتابات هيكل خلال ثلاثين عاما موقفا واحدا مناقضا لمواقف إيران، حتى لو كان ذلك الموقف ضد مصالح مصر.

لو جاز لي إبداء الرأي في الإمكانيات التمثيلية الضعيفة لأحدهم لأشرت ودون أي تردد إلى المدعو "محمد حسنين هيكل"، إذ إن من يتكلف بمتابعة حديثه يدرك على الفور أن التشدق بالكلام صفة ملاصقة لشخصه، أما المساحيق التي يمتهن وضعها على وجهه بمهنية عالية فلم تستطع إخفاء وهن وهزال منطقه.

هذا الكائن عاش لعقود مهزوما من الداخل عاجزا من الخارج.. يسعى لتحقيق مجد لم يكن يوما له، ولن يكون بإذن الله، هذا المدعي لم يكن يوما محبا لبلاده ولا لغيرها، فحبه كان منحصرا بزعيمه عبدالناصر، رحمه الله، وهو اليوم يعيش أمجاده التي لم تتحقق إلا في خياله.

إن هذا الهيكل عدو لأي نجاح، لذا هو عدو للرئيس "السادات"، رحمه الله، وعدو لمن سانده في حرب أكتوبر 73، بما في ذلك "الملك فيصل"، رحمه الله، ممثلا عن دعم المملكة العربية السعودية.

هذا المصاب بداء العظمة يتحرك من خلال إطار صممه بنفسه وتربع داخله، فلا تهمه بلاده، ولا مصلحة المواطن المصري الذي عانى وما زال يعاني الأزمات، فهو يعيش منذ عقود في برج عاجي لا يمكنه من استيعاب ما على سطح الأرض، هذا المتهالك لا تهمه مصر التي تحولت من دولة يانعة نشطة وفاعلة على الصعيد الأمني والاقتصادي والعلمي إلى دولة أستطيع أن أقول إنها حزينة ومصابة بداء عضال.

إن المملكة العربية السعودية تهتم بمصلحة مصر وتحترم الشعب المصري وتأنس بوجود المصريين على أرضها وتثق بهم وبقدراتهم، فنحن في المملكة نعتمد عليهم في كافة المجالات الأكاديمية والاقتصادية والإعلامية، لكن هذا الأفاق هو ومريدوه من بعض الإعلاميين يعمدون إلى كسر ما لا يمكن كسره بإذن الله من علاقات تمتد في العمق التاريخي للبلدين. هؤلاء يعتقدون أن الإعلام الناجح المؤثر هو ذاك الإعلام الوقح الأهوج، وأن التطاول على الدول الشقيقة وقادتها ورموزها السياسية والفكرية والدينية أيضا يعد إنجازا يحسب لهم.. ولذا هم يهرولون خلف كل بذاءة متاحة.. والعياذ بالله.

والغريب العجيب في هذا المتهالك أنه يترصد للحديث عن أمور لا علاقة له بها، كعاصفة الحزم مثلا.. إن الحقد الدفين تجاه انتصارات المملكة العربية السعودية وحلفائها سواء القديمة أو الحديثة تقلق مضجعه، فلم يصفق هذا المتهالك يوما للمنتصرين، كانت الهزيمة صنوان أي تحرك يكون له دور فيه، ولو كان دوره ببساطة كابس الأزرار! ولا ننسى أن دعمه اللامتناهي لإيران وحزب الله ولبشار الأسد نابع من مصالح مشتركة تجمعه بهم، ويكفينا أن نذكر للدلالة على ذلك ما قاله الإعلامي المصري "أحمد المسلماني" في برنامجه ''صوت القاهرة'' على قناة ''الحياة" المصرية من أن موقف الكاتب محمد حسنين هيكل برفض عاصفة الحزم والضربة العسكرية التي تشارك فيها السعودية ومصر وعدد من الدول العربية ضد جماعة الحوثيين باليمن، يرجع لمواقف هيكل المؤيدة لإيران وعمله السابق كمستشار إعلامي للإمام الراحل الخميني، ولن يجد المتابع لكتابات محمد حسنين هيكل خلال ثلاثين عاما موقفا واحدا مناقضا لمواقف إيران، حتى لو كان ذلك الموقف ضد مصالح مصر، بل كان له دور كبير في تشويه صورة شاه إيران في الثقافة العربية والترويج للخميني والثورة الإسلامية في المنطقة.

وعندما حدث انتصار أكتوبر عام 1973 واستردت مصر سيناء، أصابته حالة من الخنق، فقد كان خارج الدائرة، ولم يكن له في هذا الانتصار أي دور يمكن تضخيمه ولو بمنفاخ خوائي! لذا نراه عدوا للرئيس الراحل "السادات"، رحمه الله، قائد انتصار أكتوبر وعدو إيران، هذا الكائن في واقع الأمر لا يجيد الحديث إلا عن مشاعر كراهية ترسبت واستكانت في نفسه بحيث يصعب استئصالها، ولو على يد جراح ماهر.. فقد قال الصحفي "المسلمانى" في نفس البرنامج إن هيكل صور السادات في كتابه "أكتوبر 73 الحرب والسياسة": بأنه شخص متعجل وأهوج وخفيف وسعيد جدا لكونه أنهى الحرب، وأنه من شدة فرحه يرغب بركوب سيارة مكشوفة ليقول وبصوت مسموع أنا انتصرت على إسرائيل! وأضاف "المسلمانى" أن هيكل صور جولدا مائير بالعبقرية النادرة وأنور السادات بأنه شخص لا يملك فكرا ولا رؤية ولا ذكاء في مواجهة هنري كيسنجر وجولدا مائير.

ولعل الكثيرين يعلمون أن هذا الهيكل يدندن ليل نهار عن علو مكانته الفكرية عند الرئيس المصري الراحل "جمال عبدالناصر"، رحمه الله، وأنه كان يتمتع بثقة عالية لديه.. ومن جانب آخر هو حرص للغاية على توثيق أنه عراب الثورة المصرية الحقيقية، فهو يؤكد أنه صاغ كل أو معظم خطابات الراحل عبدالناصر، وأنه من وضع كتيبا حدد من خلاله فلسفة ثورة 1952 المصرية، وهو من رسم رؤية الرئيس عبدالناصر، رحمه الله، وفلسفته وفكره السياسي والاجتماعي والاقتصادي!

وعن تذبذب هذا الهيكل المتهالك في مواقفه السياسية نستطيع القول إنه يشابه إلى حد بعيد تحرك سوق الأسهم الحالي، فكتاباته خلال العهد الملكي المصري تظهر تخبط ولاءاته السياسية، فهو تارة يصفق للعهد الملكي المصري وللملك فاروق، رحمه الله، كمقاله الذي نشر في مجلة روز اليوسف عام 1944 تحت عنوان (في عيد ميلادك مولاي)، وهذا العنوان يكفي لبيان توجهه السياسي في تلك الفترة الملكية، في حين أنه في عهد الثورة المصرية التي أنهت الحكم الملكي في مصر نجده يصور نفسه على أنه العراب الحقيقي لثورة 1952 وأنه المفكر الفذ الذي لم يتم تقديره من قبل القادة المتعاقبين في مصر وفي غيرها، وأنه لا بد أن يكون دوما وعلى أقل تقدير في دائرة الضوء ولو تطلب ذلك افتعاله القضايا الجدلية! خاصة مع من اعتبرهم أعداء له وهو ليس بحال ندا لهم.. وليته يدرك أنه في نظر الكثيرين متهالك ليس إلا! ليته يصمت حفظا لماء وجهه.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط