اطبع هذه الصفحة


تبسمك في وجه أخيك صدقة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
@OmaimaAlJalahma
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


من المؤكد أن فيلم "تبسمك في وجه أخيك صدقة" سيكون مناسبا لو استفادت كافة المؤسسات الوطنية من عرضه، ففكرته واضحة وإخراجه متميز، وسيترك أثرا إيجابيا في المجتمع.


توقفت أتأمل في أول مقطع فيديو على "اليوتيوب"، أطلقته مؤخرا إمارة الشرقية ، والذي اختير له نص من كلام نبينا الكريم، عليه الصلاة والسلام، كعنوان له، وهو "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، إذ لم أعتد مشاهدة مثل هذه السياسة من قبل سلطة تنفيذية كإمارة المناطق، ولم أعتد كذلك اهتمام إمارات المناطق بتوعية المواطن بهذه الكيفية، فمن المتوقع أن توجههم إلى الالتزام بالنظام أو التعريف بالقوانين والأنظمة العامة.. كالحرص على أنظمة المرور والملكية العامة.. إلخ، أما أن يكون اهتمامها منصبا بنشر التوعية الأخلاقية التي تلامس حياة الأفراد فأمر لم يخطر على بالي.

فمن الممكن أن تساند هذه المؤسسة الرسمية المجتمع المدني ماديا ومعنويا في توعية المجتمع، لكن أن توجه وتشرف وبشكل مباشر على نشر هذا الوعي؛ فذلك يدل على أمرين، الأول: أن مؤسسات المجتمع المدني مقصرة في خدمة الجانب التوعوي بما فيها المؤسسات المعنية بتربية الناشئة، كوزارتي التعليم، والثقافة والإعلام، وكذلك الرئاسة العامة لرعاية الشباب، والأمر الثاني: هو توسع أفق هذه الإمارة إلى أكثر مما هو منوط بها، جزاها الله عنا خيرا.

أما سبب كون باكورة هذه الحملة التوعوية -التي أتمنى لها الاستمرار- منصبة على نشر الابتسامة على وجوه قلما تجدها باشة، فلأنه ومع الأسف الشديد نجد بعضنا يقبل على عمله وهو مبغض له أو معتقد أنه فوق عامة الناس، ومن منطلق هذه النظرة الدونية للآخرين فيتعامل معهم بفوقية متناهية.. وينثر حوله الأجواء السلبية أينما اتجه.

فعلى سبيل المثال حدث أن توجهت إحدى معارفي لمكتب تجاري يعمد إلى استخراج تأشيرات سفر، وبعد أخذ بصماتها طلب منها التوقيع على ورقة ليس فيها إلا خطوط عشوائية، وقبل التوقيع استفسرت بأدب جم عن كنه هذه الورقة، فما كان من الموظفة السعودية إلا أن أشارت بطرف إصبعها وقالت لها ودون النظر إليها: (وقعي هنا)! كررت المواطنة الاستفسار فكررت الموظفة قولها وأيضا دون أن تكلف نفسها النظر إليها: (وقعي هنا)! تعجبت المعنية من قلة الذوق والتعالي الذي يتحمله المواطن من أمثال هذه الموظفة، وقد دفعها هذا الاستفزاز إلى طلب مقابلة المسؤول.. وهناك بينت ما نالها من قلة احترام، وأن من حق المواطن معرفة كنه الأوراق التي يطلب منه التوقيع عليها، فكيف إذا كانت أوراقا رسمية.. وبحمد الله انتهى الأمر بإحضار الموظفة وإلزامها بالاعتذار.

لا أفهم ما الذي سينقص تلك الموظفة لو انتهجت اللين في معاملتها مع المراجعين، واحترمتهم وكانت نعم العون لهم، لا أعرف ما الذي سينقصها لو طبقت هدي نبينا محمد، عليه الصلاة والسلام، الذي قال: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه) وقال: (حرم على النار: كل هين لين سهل، قريب من الناس)، لا أستوعب كيف ظنت هذه الموظفة أن الناس ستنحني أمامها وستخضع، وأن المساءلة لن تلحق بها بسبب تعجرفها، أم ظنت أن إلزام المراجعين بإقفال الجوالات سيحميها من العدسات اللاقطة، أو أنها لعملها في مؤسسات خاصة تتبع سفارات أجنبية لن يمكن أحدا منها.. ولتجد بحمد الله حزم مدير آسيوي يطلب منها تقديم الاعتذار.

لا بد أن أنوه هنا أن تلك الموظفة ليست بحال مثالا لبناتنا، حفظهن الله، فهناك نماذج مشرفة لمواطنات وصلن أعلى المراتب ولم يزدهين ذلك إلا تواضعا.. فمن خلال الفترة الماضية احتاجت زميلة زيارة مراكز علاجية وطنية، وقد حدثتني أنها كانت على الدوام تحمد الله -سبحانه- أنه منّ عليها بمقابلة طبيبات وأخصائيات ممن كن يوما طالباتها، فمن كانت تدللهن يوما أصبحن اليوم يدللنها، قالت لي: لا أدري أأفتخر بعمري الذي أمضيته في التعليم، أم أفتخر بأسرهن التي عملت على تربيتهن هذه التربية الراقية، أم أفتخر بهذا الوطن الذي أسهم في تنشئتهن، جزاهن الله خيرا.

عودا إلى فيلم "تبسمك في وجه أخيك صدقة" فمن المؤكد أنه سيكون مناسبا لو استفادت كافة المؤسسات الوطنية من أمثال هذا الفيلم القصير، ففكرته واضحة وإخراجه متميز. فعلي سبيل المثال المستشفى التعليمي بالخبر لديه العديد من شاشات بلازما، وهي تعرض ما يتعلق بخدمات المستشفى، وكذلك كافة فروع جامعة الدمام، فلا تكاد تخلو ساحة فيها من شاشات البلازما، وكذلك المطارات والمؤسسات الحكومية الأخرى. ونشر هذا الفيلم الذي خرج بتوجيهات مباشرة من أمير المنطقة الشرقية، سيترك الأثر الإيجابي في المجتمع وسيشجع التجار على رعايته.

وأخيرا لا بد من شكر كافة من وقف خلف نجاح هذا الفيلم كمستشار إمارة المنطقة الشرقية، المشرف على إنتاج الفيلم الدكتور صالح بن محمد النويجم، والمستشار في الديوان الملكي، عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري، والشيخ محمد بن صالح المنجد، والداعية راشد المسردي، وإدارة المرور، وإدارة الجوازات، ومستشفى المانع بالمنطقة الشرقية، وصحيفة "سبق" الإلكترونية.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط