صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كتَّاب منبطحون وأقلام خارج السرب!

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
إن الحصانة التي امتلكها عنوة، تتعدى حصانة رموز خيرة نذرت نفسها لخدمة قضايانا الدينية والوطنية،صابرة في ذلك محتسبة الأجر عند المولى سبحانه، إنه يعتقد أنه يملك من الخصائص الفكرية ما يسمح له للتسفيه بكل ما لا يتفق معه

كفانا تمسكاً بالقشور... كفانا تطلعاً للآخرين وانبطاحاً أمام موائد اللئام ، فنحن لم نعش لنموت غداً، ومن العار أن نورث أبناءنا ميراث الذل والهوان، ميراث تنوء بحمله الجبال، فكيف بأناس انهزموا من الداخل قبل أن يهزموا.
هكذا أرى ملامح كتاب وإعلاميين كان يفترض أن يكون ولاؤهم لله ثم لأوطانهم، كان يفترض أن تتحرك أقلامهم غيرة على خالقهم ثم ديارهم، أقلام أصابها الوهن من عبوديتها لكل ما هو مخالف،ظنا من أصحابها -على ما يبدو - أن ذلك سيحقق أحلامها، فباعوا من أجل ذلك كل غال ونفيس، تاركين خلفهم ذهول الأهل وحيرتهم، فقد مات القلم... وللهاوية انحدر.
يصيبك الإعياء وبالكاد تكمل مقال أحدهم... لا لفحوى مضامينه التي لا تعدو ترجمة تكاد تكون حرفية لأفكار اعتدنا ظهورها في تحليلات كتاب غربيين، فنحن بالنسبة لهم ذلك المجهول الذي يرعب الأطفال والشيبة !! أقلام غربية لم تتكلف عناء البحث عن الحقيقة،فأخذت طواعية منها ما سمعت دون تمحيص، أخذت بعين الاعتبار ضرورة التحوير بالزيادة والنقصان... لينتهي بهم الحال لوضع يحقق غاياتهم وآمالهم... ولم لا يكون هذا حالها والقائمون على الأمر السياسي في أوطانها بادروا بوضع رقاب أبنائهم على مقصلة الحرية العراقية بزعمهم؟ والغريب أنهم فعلوا ذلك - أيضا- دون تمحيص لدلائل افتقدت المصداقية على أرض الواقع، وعليه فمبادرة كتابهم بالقدح بكل ما يمت لنا بصلة، ودون أدلة أمر - بالنسبة لهم - غير مستهجن، ولو كان ذلك على حساب خصائصنا الذاتية!!

أما تلك الأقلام التي نشأت بيننا ورضعت من ذواتنا فلم أجد لها مبررا يدفعها هذا الدفع لتكون خارج السرب، ولتتطلع لسرب يرفض لون بشرتها ولكنة لسانها، بل يعد التبسم في وجهها، مصافحتها من باب تواضع السيد لخادمه، فمن الوهم أن يعتقد أولئك أن تقديم الولاء المطلق سينهي الفروق الاجتماعية في أوطان تعدهم وأمتهم العدو، ولو كنا حاملين بين أيدينا رايات بيضاء، أو أن الولاء المطلق سيرفع الحواجز الطبقية في أوطان يعاني مواطنوها - حتى الأصليين منهم - من ظلم التفرقة الطبقية، مجتمعات تحدد قيمتك الفعلية بحسب ملامحك ولون بشرتك .!!

لا أعتقد أن أولئك الإعلاميين جاهلون لحقيقة الوضع في تلك الدول ،لا أعتقد أنهم يجهلون، إن الغلاف الدبلوماسي البراق، لا ينبئ عن واقع الشارع في تلك البلاد، واقع من السهولة بمكان إدراكه لمن توجه لأحياء البيض التي يحظر عرفاً على غيرهم سكناها، ومن ثم توجه لأحياء الأفارقة... وللأحياء الخاصة بالوافدين من بلاد الصين ، وغيرها من الأحياء المخصصة للملونين من أصول آسيوية أو إفريقية، واقع مزر لمجتمعات غربية عجزت وإلى وقتنا الحالي عن محو الطبقية من شعوبها!!

أقلام لإعلاميين عرب ما كانت لتظهر من فراغ، ما كانت لتظهر لولا المولى سبحانه الذي سخر لها الدعم المعنوي في أوطانها، فاختارت رد الجميل بالتخلي عن أولويات هذا الوطن، وهذه الأمة، أقلام نسيت أن مردها لنا... عاجلاً أم آجلاً، هذا إذا لم تختر التخلي عن انتمائها بشكل رسمي، وهو أمر ليس مستبعداً مع الأسف.
أعتقد أن من حقنا كمسلمين وعرب مساندة الحرية بشكلها السوي، بمعنى أن على من تتطلع نفسه للكتابة بحرية، الإدراك أن الحرية لن تكون مطلقة، وأن المحاسبة تتزايد مع تزايد معاييرها، وبالتالي عليه أن يعتقد يقينا أن المعنيين لن يقفوا طويلا كمنصتين صامتين وهم يرونه قد أمن العقوبة، فتطاول وتبجح محولاً النور إلى رماد، والفضيلة إلى رذيلة، متفننا في إظهار الباطل حقاً ، والظالم مظلوماً، والشر واقعاً لا يمكن تغييره ..!!

والمضحك في أمثال هذا الكاتب إذا ما بادر أحدهم لتبيان فساد رأيه يستشيط غضبا فيزبد قلمه بردود لا تعدو في معطياتها عن نرجسية غائرة في شخصه، فهو مؤهل للحديث وباستخفاف عن رموزنا الدينية والسياسية،عن كل نشاط فعال خير، ينفع المجتمع ويهذب السلوك، نشاط يريح البدن والأرواح، أما غيره من الكتاب والمفكرين ممن يفوقونه علماً وحكمة وبلاغة، فلا والله لا يصلون كما يعتقد لهامته، فهم غير مؤهلين لمناطحة حجته بحجة أقوى، بل ليسوا مؤهلين لتبيان رأي يناهض رأيه..

إن الحصانة التي امتلكها عنوة، تتعدى حصانة رموز خيرة نذرت نفسها لخدمة قضايانا الدينية والوطنية ،صابرة في ذلك محتسبة الأجر عند المولى سبحانه، إنه يعتقد أنه يملك من الخصائص الفكرية ما يسمح له للتسفيه بكل ما لا يتفق معه، وما على المخالفين له سوى الوقوف صاغرين أمام تطاوله... يبدو أنه لا يدرك أنه في لحظة انتشاء سرعان ما ستنتهي ، ليرى بعدها عظم ما خسر بمزايدته على قضايا أمة ... يفترض أنها أمه التي أنجبته، أمة آمل أن تدرك أنها أفسدته بتدليلها له، وعليها معالجة خطأ كانت هي بحسن نية طرفاً فيه.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط