اطبع هذه الصفحة


في أيهما يكمن الخطر..؟

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
مشاكلنا الداخلية مهما عظمت من السهل حلها لو تضافرت الجهود في هذا المنحى، أما المشاكل التي تفتعل بأيد خارجية لها مطامع معروفة بأرضنا وثرواتنا فمن الصعب حلها أو حتى تفادي شرها لو انشغلنا بشأننا الداخلي عن الخارجي منه، والتاريخ القديم والحديث أكبر برهان

نسمع بين الحين والآخر أن الإنسان العربي قد أصابه تشبع مما قيل عن ظلم أبناء عمومتنا، ومما يقال، ومما سيقال مجددا ولو بعد حين.
فليس مستبعدا أن يقال إن حياتنا الداخلية اليومية مليئة بالمشاكل المستعصية التي تبحث عن حلول ولا مجيب، هذا الرأي على قلة وجوده - ولله الحمد - إلا أنه من العدل الإشارة إليه، فعلى سبيل المثال أوقفتني إحدى طالباتي، لتقول وبأدب جم: (هل تعتقدين أن حياتنا لا يوجد فيها ما يستحق الاهتمام سوى هؤلاء..؟) في حين طلب شاب آخر وممن أعتز بثقته، الاهتمام بالإشارة إلى معاناة الطالب اليومية سواء كان تابعاً للمراحل النظامية أو للتعليم العالي، فهدر حقوق الطلبة وضع يمارس من قبل من أُمن على العملية التعليمية وبشكل يعمد من خلاله على تحطيم الهوية والكرامة الإنسانية لشباب المستقبل، مؤكدا ضرورة تدارك الوضع والاهتمام بروح الشباب وجسده كاهتمامنا بعقله، قبل أن يخرج إلى العالم مشوش الذهن فاقد الثقة بنفسه وبقومه، وتلك توقفني لتشرح معاناتها مع صاحب العمل الذي قلما يسلمها مستحقاتها المالية بانتظام، في حين تدخل علي من هي في عمر الزهور تبكي ظلم الأهل الذين حرموها مما لم يحرموه على أنفسهم، فزواجها حاليا في حكم المستحيل، معلنة رفضها لمبرر الأهل في عدم تزويجها والذي بالكاد ينحصر في ضرورة إكمال دراستها العليا، مؤكدة تطلعها للارتباط وتكوين أسرة، وتلك التي خط الشيب رأسها وهي قابعة في بيت والدها، وكيف لا تكون وهي في مقام البقرة الحلوب التي ما فتئت تعطي جهد عمرها لأب اعتبرها صفقة رابحة، وذاك الموظف الحكومي الذي نسي أن جهاز المراقبة له ولأمثاله بالمرصاد فأخذ يتجاوز حدوده بالتسلط على رقاب العباد، وتلك التي هجرها زوجها بعد أن أذاقها الأمرين، فلا هو طلقها ولا هو ممن راقب الله فيها، وذاك الذي بالكاد يطعم نفسه يسخر قائلا: (أين المناضلة التي تقبل بالفقير إلى الله زوجا لها) وذاك الذي حفيت قدماه وهو يطرق الأبواب باحثا عن عمل.
أمثلة عن القضايا والأوضاع الاجتماعية التي يستلزم اهتمامنا بها، والواقع أن مع أصحابها الحق كل الحق في دعواهم تلك فمجتمعاتنا بحاجة إلى الرعاية والاهتمام من الداخل كما الخارج، وإهمالنا لأمثال هذه القضايا غير مبرر.. بل وخطير.. ولا شك سنحصد نتيجة إهمالنا لأمثالها شروخاً عميقة الأثر في وجداننا..

لكن أن يقال إن القول: (إن الكيان الصهيوني النظام الديمقراطي المدلل للولايات المتحدة، وإن تجاوز الإدارة الأمريكية عن عمليات إرهابية أمر لا يطاق..) مسلمات حفظناها أبا عن جد.
وأن نصد عمَّن وقف ليقول: (إنه من الظلم أن تقف الولايات المتحدة مع الجلاد وتتعامى عن استبداده ووحشيته، بل وتعلل ما يقوم به بتعليلات لا تنطلي حتى على السذج، وإن الدبلوماسية الأمريكية تكتفي بإصدار التصريحات إذا ما تعلق الأمر بالحق العربي، في حين تتحول الدبلوماسية لكيان مدرع إذا ما لامس الأمر بطرف الثوب الصهيوني).

إن نجيب القائل: (إن الإدارة الأمريكية عندما تعفو وتصفح، بل تكافئ أي تحركات صهيونية معادية، لا يعنيها أن يجتمع العالم بأسره على إصدار حكم يجرمها ويجرم وليدها المدلل صهيون، ولا بأس لديها لو أصدرت منظمة عالمية، كمنظمة العفو الدولية اتهاما صارخا بظلمهما ووحشيتهما معا، ففي هذه النقطة بالذات لا يهمها رأي الأغلبية، فرأي الأغلبية المقبول بالمفهوم الأمريكي للديمقراطية لا بد أن يكون نابعا من منظارها دون غيرها، وما تقوم به الحكومة الصهيونية من عمليات إرهابية يومية ضد الشعب الفلسطيني، وضد جيرانها وإن كان يعد إرهاباً لدى العالم الحر، ولدى معدي تقرير منظمة العفو الدولية لهذا العام، هو في الوقت نفسه يعد من وجهة نظر أمريكية دفاعا عن النفس، بدليل حرص جورج بوش الإعلان عنه في المؤتمر السنوي، للجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية، إيباك أكبر جماعة ضغط يهودية في الولايات المتحدة الأمريكية،عام 2004م) سياسة فرضها القوي على الضعيف.

أن نعلق على صمت الرئيس بوش تجاه تهمة التجسس، والموجهة مؤخرا من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، أكبر جهاز مكلف بمكافحة التجسس ضد للجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية، إيباك، بعد القبض على مديرها - وبعض كبار قادتها - وهو يستلم وثائق حكومية أمريكية بالغة السرية من عميل لهم في الوزارة الحربية ولصالح الكيان الصهيوني.. بقولنا أمر طبيعي اعتدنا عليه.

أما تفسيرنا للسكوت الإعلامي الأمريكي في معظمه عن نقل السباب والتهديدات المبطنة التي أطلقها مدير (إيباك) العام (هوارد كوهر) ضد مكتب التحقيقات الفيدرالي والقائمين عليه متهما إياهم بمعاداة السامية.. بأنه وضع تحكمه المصالح. هذه السلبية المبرمجة لهي المكمن الحقيقي للخطر، فمشاكلنا الداخلية مهما عظمت من السهل حلها لو تضافرت الجهود في هذا المنحى، أما المشاكل التي تفتعل بأيد خارجية لها مطامع معروفة بأرضنا وثرواتنا فمن الصعب حلها أو حتى تفادي شرها لو انشغلنا بشأننا الداخلي عن الخارجي منه، والتاريخ القديم والحديث أكبر برهان
 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط