اطبع هذه الصفحة


هل نحن اليوم نيام؟

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
إن محبة الأفراد لبلادهم لا تكمن في أقوالهم بل في أفعالهم، والفعل لا يملك مصداقيته بتوقيته بل بدوامه وإتقانه

إن إحياء الانتماء للتراث الديني والوطني في نفوس أبنائنا لن يتحقق بالشكل المطلوب بإجازة يقضونها نياماً أو في إحدى الدول المجاورة، فحب الوطن غرس لا بد أن نزرعه ونحرص على سلامة أصوله وفروعه.
وكل ما آمله بهذا الصدد أن تجرى دراسة إحصائية لعدد المغادرين للبلاد خلال الإجازة الحالية ومن ثم مقارنتها بإجازات نهاية الأسبوع المعتادة.. لعلنا ندرك أن الجاهلين بهذا المفهوم كثر مع الأسف.

لا أعتقد أن أحدنا ينكر أن الإنسان بطبيعة الحال بحاجة بين وقت وآخر للتغيير في نمط حياته الروتينية يجدد من خلا لها قدراته ونشاطه، هذا هو المبرر الوحيد في نظري لحالة السرور التي عمت الوطن عند الإعلان عن إجازة عامة بمناسبة اليوم الوطني، أما علاقة الإجازة باسمها فتكاد تكون كما أرى معدومة.
إن حب الوطن لا يمكن أن يؤقت بيوم أو بذكرى ولو سعيدة، هو استراتيجية أساسية وهامة لوحدة البلاد وسلامة أجزائها، استراتيجية متكاملة ومنظمة ومدروسة، هو غيرة، وبذل، وعطاء، هو حياتنا التي نطمح أن نعيش لأجلها، هو النعمة الكبرى التي اختصنا الله بها بعد الإيمان به سبحانه، هو الأرض التي اختارت كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) شعاراً لها، والقرآن دستوراً، هو البلاد التي اختصها الله برعاية الحرمين الشريفين وزواره، هو الأرض التي نطعم فيها بكبرياء، ونمشي على أرضها بخيلاء.. هو حب يستمر من المهد إلى اللحد.

إن محبة الأفراد لبلادهم لا تكمن في أقوالهم بل في أفعالهم، والفعل لا يملك مصداقيته بتوقيته بل بدوامه وإتقانه.. وضع علينا العمل على تثبيته بإخلاص كهدف أولي في نفوس الشبيبة، بعد إيمانهم بالله الواحد الأحد الصمد.
حب الوطن واقع لن تحققه مادة الوطنية، ولا إجازة ليوم واحد، ولا نشاط ثقافي يتيم يعقد مرة كل عام.. بل يتحقق ويتثبت بإذن الله بنشر الوعي الديني الذي لا تتعارض مضامينه مع حب المسلم لبلاده، بل تحض عليه وتسانده.

حب الإنسان لوطنه أمر مشروع أعلنه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام بأفعاله وأقواله، فقد أحب عليه الصلاة والسلام مكة المكرمة موطنه الأصلي، وأحب العيش في رباها، ولولا مجاهدة الكفار له وللمؤمنين ما غادرها لغيرها، حب دفعه ليخاطبها عليه الصلاة والسلام بقوله: (ما أطيبك من بلد، وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك).

ثم إن الدفاع عن الأوطان من مسوغات القتال في سبيل الله، هذا ما يقرره ديننا الإسلامي، الذي يعد القتال دفاعا عن دينه سبحانه كالقتال دفاعا عن الأوطان فكلاهما من مسوغات الجهاد في سبيل الله،قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون).

اللهم اجمع كلمتنا على طاعتك وثبت خطى ولاة أمرنا على منهاجك، وأعنا على طاعتهم في منشطنا ومكرهنا كما أمرتنا، وباعد بيننا وبين معصيتك، ورد كيد أعدائنا في نحورهم إنك بفضلك ولي ذلك والقادر عليه.
 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط