اطبع هذه الصفحة


حضر الفكر وغاب الإعلام!

د. رقية بنت محمد المحارب


حينما يغيب الإعلام عن حدث يعتني به شريحة عريضة من المجتمع على مستوى العالم الإسلامي؛ يُصاب الرأي العام بخيبة أمل في إعلامه، حيث يتطلع كل مجتمع وتطمح الأمم إلى إعلام يحمل همومها ويتابع قضاياها.

مؤتمر الندوة العالمية للشباب الإسلامي المعنون بـ "الشباب والانفتاح" الذي عُقد في الرياض مؤخراً تابع الآلاف من الجمهور الواعي فعالياته الذي اتسم بقوة طرحه، وحضر المؤتمر عشرات العلماء والمفكرين، بل والسياسيين، من مختلف العالم الإسلامي، طولاً وعرضاً، من أمثال معالي الشيخ صالح الحصين والدكتور عبدالرحمن الزنيدي والشيخ عبدالرحمن عبدالخالق والشيخ صالح الصاوي والشيخ إبراهيم الدويش والشيخ عبدالمجيد الزنداني، وخالد مشعل، والشيخ سلمان العودة، والمفكر جعفر شيخ ادريس، والداعية المعروف د. عبدالرحمن السميط، والمفكر عصام البشير، وغيرهم كثير. ومن النساء كاتبات ومثقفات فضليات كأمثال الدكتورة نورة السعد والدكتورة نورة العدوان والأستاذة خديجة غربي والأستاذة الكاتبة سهيلة زين العابدين والدكتورة ثناء الضبع، وجميعهم وغيرهم ممن لا يقل عنهم أتحفونا بمحاضراتهم ومداخلاتهم التي تميَّزت بالجدية والتجديد والصدق في المشاعر.

وهؤلاء جميعاً عرفوا بتاريخهم ومشاريعهم التي وصلت أرجاء المعمورة، ويتابعها ويستفيد منها الملايين من المسلمين، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الفكري أو العلمي، دون أن يعني هذا عصمتهم.

إنَّ الآلاف الذين حضروا ونقلوا الخبر والصورة لآلاف أخرى لم يهنؤوا بالحضور لظروف خاصة، كانوا يتابعون الإعلام العربي ـ مسموعاً ومرئياً ومقروءاً ـ علَّهم، يجدون فيه تغطية تعوضهم عمَّا فاتهم أو تنقل لهم أحداث المؤتمر ولو باختصار، لكنهم لم يجدوا من ذلك إلا قليلاً جداً ، فذهب الأمل وبقيت علامات الاستفهام.. هل هذا الغياب مقصود؟! أم أنه سبيل من لم يحمل همّ قضايا الأمة، ولم يبحث عن رفع مستوى الشباب؟!

إنَّ خبراً كهذا كان ينبغي له أن يتصدَّر صفحات الصحف ، وحدث مثله يستحق أن ينقل في الأخبار الإذاعية والتلفزيونية الأولى، وأعتقد أنَّه أهم من افتتاح معرض تشكيلي أو نخلة أنبتت تمراً دون سعف، أو معمر مات عن عمر يناهز المئة والثلاثين!!

خرجت من المؤتمر بقناعة لا يساورها الشك أنَّ في الأمة خيراً كثيراً، وأنَّ هؤلاء العلماء والمفكرين ومن تربى على أيديهم هم أهملها، وأنَّ الإسلام قادم لا يقف في وجهه شيء، كما ترسخت في غد المؤتمر قناعة أخرى؛ هي ضرورة أن يكون لنا إعلامنا الذي يهتم بقضايانا ويخاطب الشريحة العريضة من محبي الخير ومن حملة الهم...

وإذا كان كثير من وسائل الإعلام يمسك زمامها قوم لا يعنيهم أن ينتصر الإسلام، وقضاياه آخر اهتماماتهم، بل وليست ضمن أولوياتهم، فلم نعد اليوم ـ بحمد الله ـ رهن صحفهم ولا قنواتهم الهزيلة، بل قد فتحت لنا ـ بحمد الله ـ آفاق واسعة من الإعلام الحي عبر الفضائيات والشبكة العنكبوتية، وعلينا أن نبني إعلاماً يحقق طموحات متابعينا ويشفي صدورهم في شرقي العالم وغربيه.

وعلينا أن نعدّ العدَّة لهذا الإعلام ونتعاون على إنشائه، كل فيما يتقن وبما أعطاه الله، التاجر بماله، والمفكر بعلمه، والفني بمهاراته وخبرته، والمحرر والمراسل بمتابعته، وكل في فنه مستشار، وذلك ضرب من إعداد القوة التي أمرنا بإعدادها في قوله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ..}.
ولنعلم أنَّ الحق سيدفع الباطل إذا ظهرت حجته، ولا يمكن أن تظهر الحجَّة إلا بالإعلام الإسلامي القوي الرصين والمدعوم بأموال الخير {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ..}.

فشمروا يا حملة الحق، ولا تتباكوا على الماضي، وتذكروا أنَّ أول الغيث قطرة، وأنَّ معظم النار من مستصغر الشرر، وإياكم والإحباط والتولي والركون للأرض والانغماس في متاعها، فإنَّ ذلك من التولي عن حمل الرسالة التي حُمّلتموها، وتذكروا قول الله تعالى: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}.

المصدر : لها أون لاين
 

د.رقيه المحارب
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط