اطبع هذه الصفحة


همســات خفيفة

صباح الضامن

 
-1-

صباح جميل ابتدأ يحاول أن يعلن إشراقا في عالمي , رفعت نفسي بثقل ألقي تحيتي على الأشياء المتراصة حولي
الجو بارد قليلا
والشمس تختفي تارة خجلة بين السحب ثم تنظر بلهفة على من دونها لترى عينا محتاجة لضياء فتقترب منها مداعبة لتضع العين يدها حاجبة ذاك النور فتولي الشمس غاضبة تتستر وراء غيمة ثقيلة الإطلالة ...
ولا زال مشروع الاستيقاظ ينتظر إكماله .
جرس الهاتف يجبرك على التحرك فرنينه القادم من غيب يوقظ إحساس الحياة المتراكمة دون إذن منك..
آه لن أرد ...!!!ويأتي الغطاء ليعلن استبدادا للحظة
ليلح ذاك الهاتف ,
ويلح في نفس مسافرة تتوق إلى ,,,,, ماذا
ماذا
؟؟
لربما النوم لا بل ......... عدم الانفعال
ولكنه صباح جميل!! .وأرفع الغطاء قليلا لأنظر من فرجة بسيطة إلى النافذة فقد سمعت صوتا يتحرك قربها
تحرك بي فضول لاهف فاقتربت من النافذة ولم أشاهد شيئا ,
واستسلمت للاستيقاظ ..,
وبحركة آلية ابتدأ فنجان القهوة يغريني لأتوحد معه حبا فانطلقت لصنعه ,
وعند نافذة المطبخ الواسعة أشرقت الشمس بعد أن اقتحمتُ خلوتها هناك عندما سحبت الستائر لأرى العجب.
بلبل صغير لم يتحرك لما اقتربت من نافذتي بل استدار ناظرا إلي وابتدأ يشدو .
اقتربت أكثر وظننته سيحلق في فلكه , ولكنه جلس على حافة النافذة وكأنه ينظر إلي !
هل افتح الشبك لأدخله .. لا أظنه سيهرب ؟لم لا أفعل !!!!!وامتدت يدي تفتح الشبك وهو لا زال ينظر إلي .
وضعت فنجان القهوة على الطاولة واستدرت سراعا خوفا من هربه ,
ولكنه نظر ملتفتا إلى بلبل آخر اقترب منه يحمل بمنقاره ورقة شجر خضراء ناولها بحرفية متقنة لشريكه وطار بعيدا .
أحسست بالاهانة وكأن الضيوف الكرام لا يأبهون لتواجدي فلا أقاموا وزنا لنظراتي ولا استأذنوا مني لاحتلالهم شرفتي !
وابتسمت لهما ..فدخل واحد منهما فأخجل مني سوء الضيافة , حط بجانب فنجان القهوة فأبعدته خوفاً عليه
وضع البلبل الورقة الخضراء وجلس عليها وأنا بين مصدق ومكذب .
ظننت أني لا زلت تحت الغطاء الثقيل ولكن رائحة القهوة تغزو أنفي و توقظ الحالم .
وحدثت نفسي :
لا بأس لأتسمر قليلا فتنتهي فصول مسرحيتهما البلبلية الطائرة , وما هي إلا لحظات حتى أدى تسمري وظيفته فاستكان البلبل على الورقة وأخذ يقوم بعدة حركات ليطير إلى الساعة المعلقة وكأنه يقول لي
هذا ما أتاني هنا !
على الورقة البيضاء قبعت بيضتان صغيرتان جدا
دمعت عيناي لما رأيتهما,, وعجبت لم اختار البلبل الشادي حنايا غرفتي ومطبخي !!!!!!!!!!
 


-2-
همسة : لا تبطيء الاستيقاظ فهناك الكثير يحتاجك


الوقت عصرا وقد ابتدأت شمس الخريف تزحف ببطء في غرفتي , عرفت الآن لم لم أشد الغطاء لما شعرت بوخزات البرد المتسلل من النافذة
المشرعة . أحسست برغبة كبيرة في الكتابة ..ولكن بم أبدأ , أمسكت القلم والورقة آه حسن جدا سيكون إلىمدائن القلوب
أو...... لا بأس إلى مدائن القلم أقصد القلوب
تسمر القلم
توقف
او تحجر
والشمس تزحف بطيئة تقسم فكري نصفين , نصف ينظر إليها مبتسما راغبا في احتواء لطلتها الدافئة ونصف ينظر إلى القلم أؤلف فيه قصائد
غزل كي يتحرك آه ما أحوجني إلىهاتف آت من غيب عميق جدا يخرج براكين خامدة لتشعل القلم فشعاع الشمس يبدو أنه لا يغري صاحب السيادة أن يتعطف ويغدق من سيالاته المتقدة .
ألوم القلم المسكين ,أطلق عليه من الألفاظ وأنا سارحة في خضم الجمال الزاحف بلذة منتصرة يكتسح كل ركن في غرفتي
وكاشفت القلم بصد
ولكنه لم يأبه فقد كنت أضعف من أن أقاوم استبداد لحظة الجمود فيه
وتبلد مني التوجه نحو أي منحى
فلا أنا قطفت من وهج الشمس اطلقها جمالا على الصحيفة ولا انا استملت حبيبي الرصاصي المتحجر المدعو قلما
فقد أبطأ انفعالاته وحرمني تجييش أسلحتي لصبها في ساحاتنا البيضاء فنأى عني
وأنا لا زلت أنظر لشمسي الخريفية الباردة تزحف الآن حاسرة الرأس حزينة لوداع غرفتي لحقتها ببصري في مكاني لتختفي خلف شجرة الصنوبر
وبحثت عن قلمي بعودة غير مظفرة فلم أجده
وهمست .......... كانت لدي فأهملتها .....
 


-3-
همسة : نعم كثيرة تتالى فلنحسن الحمد ولنقطفها قبل أن تتوه منا
 

" ورافة ظل تكون النفس لما تجتمع ليلا مع النجوم لا تعجبوا فنجومي تنتظرني ليلا لتمد بومضات سرمدية هائلة على سماء اتواجد فيه , وتشع الليلة سمائي كانت بلا نجوم رفعت البصر منقبا عل النظر الذي استعمل سنينا و تعب من تأمل يفرض صورة ما , وكانت محاولات طفولية اقتربت من أفق في غرفتي المضاءة قسرا بنور صناعي فأقفلته وانتظرت النجوم تمد ظلها النوراني وأتاني أملي مسجى بلا تريث يقطر أسى جررت رجلاي مثقلتين من قرب ليل وما سيجره لما يتوسدني ,, وحملقت تلك العيون في سماء آخر غير ما وسق عليه وابتدأ عبث الأفكار يسامرني بلا حكمة فتارة يقنعني بنوم إجباري في زنزانة الوحدة وأخرى يطيح بي عبر نائبات أستدعيها لتعشش في حواراتي عقيمة مبتورة ..... وتصفحت يومي بسم الله الرحمن الرحيم ابتدأ وضجيج الهواتف مع ذاك الساحر الذي لا يقاوم بطلسمه (( فنجان القهوة )) وتتالت الأخبار ترف سطر آخر ضيق شديد لما نعيش ونرى ونسمع نقطة محفورة غصبا لعدم القدرة على استيعاب وضع نتثاءب عليه ليل نهار سطور تلتها سطور مكتوبة بلون غامق تذكرني بالحياة سفر إلى اختباء في رحم الشوارع الصارخة بكل فتن الدنيا فتيات كاسيات عاريات موسيقى وأغاني تافهة من أفواه ابليسية تصر على جر جيوش من الناس إلى أتون النار و.........أنقضي مع النهار لأتوقف عن قراءتي لصفحة يومي ولأعود إلى غرفة بلا نجوم عند إشارة من هاتفي المحمول من أخت تطلب مني أن أدعو لها نظرت من نافذة غرفتي لأرى النهار قد أتى علي وأنا جالسة أنتظر النجوم أي سطر هذا الذي كتبته ؟؟؟؟؟؟؟؟ أي سطر !!!!!!! أنتظر وفقط !! حادي ركبي تأمل وزاد راحلتي تأوه وخط سيري تثاقل فماذا تكون النهاية ؟؟ لمن لم يكتب جيدا سطرا مضيئا ولم يتوقف عند نقاط محفورة ؟؟؟؟؟؟
 


-4-
همســــــة
سطورك اجعليها ازدهاء في لحظة لتكوني كونا في يقظة وأمة عند السبات
 

لم يكن يخطر على بالي أن البركة المواجهة للمنزل بزرقة أركانها الجميلة ستصبح علينا وقد امتلأت...

ورقا من شجر الجيرة وما تجود به الرياح
وقفت متأملة لكل هذا الكم الهائل من ورق خريفي جميل امتلأ حياة شمسية بكل ألوانها
فتلك صفراء ذهبية تتماوج حنانا لما تحمله من دفء قديم عبأته لحين سبات
أما تلك فأرجوانية مندفقة من شعل تجشمت عناء الاحتراق الوهجي فاحتوته قلبا فظهر على عروقها بألوان ضرامية
أما تلك فقد تنازلت عن قليل من اخضرار لتعيش ركضا بين أخواتها فأسرعت بالنزول وقد اكتست حمرة خدية بقلب أخضر

تجمعن ليملأن بركة سماوية من الواجب أن تشرق بماء سلسبيل
وتنبه بستاني لما رأى فأتى بمدنيته العشوائية يدفن جمالا كان.....
ليحيي سماوية بما سيكون
وابتدأت عملية إشباع البركة لتغرورق بالماء
انتظرت طويلا من شرفتي حتى اكتملت البركة وغص قلبها بالماء المتدفق
وتمازجت مع شمس الظهيرة وتحملت هذه القوة الشلالية الجموح حتى خلت أنها تصرخ بملء صوتها أن كفى
وأن كفى فالبستاني قد غفا غفوة طويلة وابتدأ الماء ينساب من البركة
فلم تعد تحتمل المزيد
وكدت أن أنزل من برجي المشرف لأنقذ منسابا من الضياع وقلبا من تحمل المزيد فدموع البركة السيال قد آلمني فما عادت تقدر على هذا السفر المغادر لقلبها
وشيء ما أوقفني إذا بي أرى طيورا .....سرب كبير من طيور السعد تحط على الأرض تشرب من الحفر المائية حتى الرواء ثم تطير بعيدة جدا بنسق خرافي الجمال
وداعبت الشمس بقايا بقع الماء لترسم طيفا ثم تجفف ما تبقى

ولم أتدخل بماء منسكب آخر
فشاربوه ينتظرون
 


-5-
همسة
املأي قلبك ...... فشاربو الحنان والخير ينتظرون
 

حاولت كثيرا ان تخرج
رغم أنها هي السبب في إيقاظي من عالم الرؤى ,إلا أني حاولت ألا أنقاد لسطوتها الأليمة وأشحت بوجهي باتجاه شرفتي أحار من تلك الابتسامة التي تأمرني برقة طاغية أن اغوص بحرها .
فجرية بشفق من زمن أبعد قادت عمري إلى شوارع قديمة عبقت بالحب , ومن متن حياة تداخلت أغصانها وتدلت على أرض سيري تصنع لي سفينة عبور إلي ...حيث البسمة
وجدتها تنتظرني أعلى السلم وبلهفة المشتاق الزاخر بحورا رأيتني والبسمة وجها لوجه .
وكانت أوزانها الشعرية تموج أمامي تعلن جمعا لعنان كلمة هادئة وأسرار عميقة .
فابتدأت اتفنن في إلقاء قافية أقرب لها بالوزن والتماوج ,
وتناسمت مع قمرها ونجمها وتبرجت بإشراق الصبح لها فانبثقت حروفي لها درا منثوراخارجا من عمق الحب ..
وتعلمت قوة الصبر على ابتعادها حينا
وظننت عودة من حيث أتيت حينا آخرا من شارع الحب وزمن المستحيل الذي اجتمعت معها فيه .

وناشدتها ............................. إيه يا بسمتي بم توصيني ؟!
فاستدارت من شرفة أحلامي ليقظة أيامي وأعملت في إشراقا كأنها تعلن ملأ وتسر فردا

قالت : - أنك قسوت لما أهملت شارع الحب ومدينة التاريخ وميراث الأمان

ألقيتِ أذرعة النسيان على كتوف الوهن فما غنمت إلا دمعة , واكتسى لفظك غراما بعشق بعيد فنسيتني حيث أكون
نعم يا بسمتي
نعم وأشحت بوجهي من على شرفتي وأملي بإقصاء دمعتي القديمة يكبر .
وكدت أن أعلن فك أسر دمعتي التي أيقظتني الليلة ولكن البسمة الطاغية امتزجت معها لتلون طيفا في سماء غرفتي
فاجمتعت مع بحور وحيٍ نسائمي ٍ متماوج .....لأعود من شارع حب إلى مدينتي القديمة ألملم ذكرىطريق حملت الزهورفيه بلا أوشاب
وقادني حيث الحقيقة
 


-6-
همسة
ان نبهتك بحور بسمة ........فموجها يحملك .فلا تهملي فيها ابحارا
 

قرقرقت وجلجلت لما ركضت في أحضاني ترجوني أن أرسم لها قلبا
كأنها جنية من عالم يضج بكل تناقضات الحياة
حمراء الشعراء خضراء العينين في الخامسة من عمرها
بيدها القلم وهي لا تعرف للقلم حملا ولا توجيها فتارة تضعه في عيني حتى أشاهد إلحاحها وتارة تقذف به في حجري تبغي فكا لطلسم تظن مفتاحه معي
في كل حركة طفولية من عيونها الربيعية تطلب مني ارتقاء لعالمها الذي يحوي أسرارا أحاول ان أعتليها
وأظهر نفسي بهيئة العارف فأفشل ولكنها تلح
ارسمي لي قلبا
وحملت القلم وما أنا بصاحبة ريشة تتلون مع ايقاع الطبيبعة إلا بحروف أستدعيها فألوان الطبيعة لدي تختلط لما أضع مرآة أمامها وكلما أردت أن أنظر في المرآة لا اجد إلا لونا واحدا .........
فأعلم أني لا اجيد رسما بريشة فأحترم قدراتي وألجأ إلى الغوص في واحاتها فكرا
ولكنها أصرت على زجي في عالم الخربشة بالألوان , ورضخت لسطوتها العاتية وبدأت بالرسم خطوطا ثم لونت القلب بلون ..... أخضر
اتسعت حدقتاها
أخضر يا جدتي .......
نعم أخضر
وهل القلوب خضراء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ربما احيانا وربما صفراء وحمراء وبيضاء و .....سوداء
فقرقرت ووردية وبنفسجية وكحلية وسماوية ......
وانثنت على ورقتها وبجانب القلب الأخضر رسمت قلبا كبيرا
ورأيتها تستعمل ألوانا كثيرة بعجلة ضاحكة كأنها صوت حفيف شجر في مغرب من أيام ربيع جميل ولا شيء معك غير نفسك الحالمة
وأرتني .......قلبها المرسوم رمزا على ورقها البرعمي
قلب به ألوان الطيف كلها , هكذا قلبي قالت أريده بكل هذه الألوان
وبحثت عن لون داكن فلم أر
 


-7-
همسة ألا نستطيع أن تكون قلوبنا ..........كقلب تلك البرعم بطيف بلا ألوان داكنة !!!!!!!!
 

في آخر الشاعر بيتي ..وفي آخر الممر غرفتي ..وفي آخر ركن فيه ركضت أجلس
أقفلت الأبواب
أقفلت النوافذ
وكدت أن أقفل آذاني وعيوني
ولكني فضلت التقوقع في آخر ركن
لأجلس فيه أحتوي نفسي لا أسمع إلا همسا قادما من خلف برجي الموصد
كانت البلابل تحاول بحمى المغامرة اقتحام خلوتي تصر على أن تتواجد في عالمي المغلق تطوع ذاتا متمردة على ضجيج حياة
ولكنها تفشل في اجتذابي لأول مرة إلى شدوها
ماذا حدث ...ما بي ألامس الجدار أتوحد معه ؟؟؟
وتتملكني معرفات ومجردات ومفردات طيعة وعاصية تحاول أن تسبي تبلدا أصابني فأغرق في تيه فناؤه لم يحن بعد في دنياي
ما الأمر ؟؟؟
أأشكو ملللا من حياة ؟؟ام ذاك قربا من حياة أخرى ؟؟؟؟؟
أرحل الاتزان مني إلى خواطر قاتمة على صفحة حياتي
أين حبي لضجيج الحياة ؟؟؟
أين الأمل الذي به تشدو قوافي المشرقة ؟
أين سنيني التي لم تقتر ثغور عن تبسم فيها ؟؟
مالذي دعاني للركض تهون علي كل النداءات أن تعالي لدنيانا ؟؟
أرحيل يا نفس إلى داخل النفس وأنت بأوج الارتفاع بذوات
أم هو تعب من .....

وأسندت رأسي على الحائط بركني أهرب من رحيل إلى لا شيء فإذا بي ألمح نملة صغيرة تصعد على الحائط أمامي وكلما وصلت إلى نقطة معينة تسقط , فتعود أدراجها لنفس الطريق وتعود للسقوط وفجأة وبينما هي في هذه المحاولات التي تزيد على الخمس مرات اقتربت منها فإذا بي أجدها تحمل حبة من شيء صغير. فتاتة صغيرة أكبر منها وتلك التي تخل بتوازنها فاقتربت منها وأخذت ا لفتاتة ظنا مني أنها ستصعد بعدما فقدتها ولكنها عادت من حيث أتت وتتبعت خطوها لأجدها مرة أخرى تحمل شيئا صغيرا آخر وتصعد أمامي بسرعة قوية وتنجح في الوصول إلى مكانها
وتبسمت لها فكم من مرة قرأت مثل هذه الأحوال ولكن أن ترينها فذاك شعور آخر
ورحلت نفسي حيث يجب .......
خارج ركني
وخارج غرفتي
وخارج بيتي حيث ألقي بقواقعي بعيدا
 



همسة
لا ترحل الروح إن رويت إيمانا
ولا يرحل القلب إن روي حبا
ولا يرحل العقل إن زانه المنطق
ولا ترحل الهمة إن عملت لله


 

صباح الضامن
  • مـقـالات
  • أدبيات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط