اطبع هذه الصفحة


أنا وهي والإنترنت

صباح الضامن

 
مقدمة
هذا العنوان ( أنا وهي والإنترنت ) ليس بالضرورة أن يعبر عن الكاتبة شخصيا وما أحداثها إلا سياحة عنكبوتية في داخل عقول وقلوب مرتادي هذه الوسيلة .
إن ما نراه اليوم من اندفاع هائل نحو ارتياد الانترنت ودخول المواقع ليجبرنا على التوقف و.. المراجعة ..العرض ...التحليل ... تسليط الأضواء حول مشكلات تعترض الكثير الكثير ومحاولات لطرح مناقشات ضمنية وحلول مقترحة في طيات الكلام بشكل غير مباشر عبر الخاطرة أوالقصة أو المقال مما يتسع له المقام .
في سلسلة جديدة اسمها :
أنا وهي والإنترنت
إهداء
يا دنيا
إليك
بكل من فيك وما فيك
أهديك
لعلك يوما تقولين
كتب في زماني المنسي حياة لتكون هناك في قلبي اللاهي كلما نسخ تأريخ برزت وكلما أضيئت شموع سنة جديدة أنيرت وكلما زيدت تأوهات من يد ظلمت وأفسدت نصرت ..
إليك يا دنيا أكتب
فمن فيك اليوم وغدا قد يسمع سلاسل من نبض. في كل نبضة قول وصدى ستعزف يوما أوتارا وستطرق على أبواب الحياة طبولا قد تصم الآذان فمن أراد أن يهنأ فليأت إلى دنيا فيها مطر خير وكلمة خير وفيء لخير ...
خذي يا دنيا من حروفي إلى هذه الدنيا الجديدة ومن فيها أكتبي معي ولتكوني بكل ضجيجك صحبة بكل عنفوانك سندا بكل خيرك رسالة وأعطني يا دنيا إشراقات من غيب أودع فيك لعلي هنا أجليه وبالحب أهديه لكل من في هذا العالم وهذه الدنيا دنيا الانترنت أوشبكتها العنكبوتية فلننسج سويا بحبكة تصل القلوب و ثوب يحمي من هجير ولفحة هذا المتدفق نارا في الأذهان .
ويدفيء من برد ضباب زجاجه , وستائر حجبه التي تحجب عنا حقيقة رواده فتظهر بعضا من وهم يخدر فكوني يا دنيا الآن بكل حضورك الصاخب حقيقة لأن ما في جعبتي لك ولمن فيك ....
صباح الضامن


أنا وهي والإنترنت
(1)
حلم


عبير ... فتاة في خضم الجامعة تخوض معركتها الدائمة مع المقررات الصعبة فهي طالبة لمادة اللغات الحية في سنتها الثالثة .
كل ما بيد عبير هذا الزخم الهائل من كراسات النقل من الأساتذة الجامعيين وكتب النقد ومشارحه . ومدارس اللغة وقد حشرت عبير أنفها في كل صغيرة لكل مفردة بتاريخها القديم والحديث وتأويلاتها ومفرداتها .
العلم الغزير مطلب عزيز لعبير الطموحة المثابرة , فهي لا يشبع نهم اطلاعها ما في أرفف ورواقات المكتبات , بل تتخطى البعيد وتريد الأعمق . تريد الغوص في كل أدب .. ومع كل أديب .. وخلف كل عملاق لغة ومستعمل مبهر لنصوص بصيغ آخذة بالألباب .
فعبير ليست طالبة وحسب بل أديبة تمسك بلب الأدب وقلبه هي مستقرة في صميم كل ما يعتبر أدبا حتى باتت تخفق مع الكلمة وتهفو إلى ملك ناصيتها كما الأدباء الكبار تستهويها الأسماء الرنانة وتحلق حالمة مع كل اسم يلمع وكل مسمى لمع .
وتستمر في البحث مستعينة بكل جديد وقديم
والجديد هو الإنترنت ...
وباندفاع معهود ومشهود لهذه الطالبة الأديبة ابتدأت تغذ السير نحو كل موقع وكل منتدى ...
أغرقت وملأت الدنيا بسيل من تواجدها
تريد أن تكون هناك رقم واحد ...
تسعى جاهدة لذلك تلفت الأنظار بردود ومتابعات للكل وتختار وتركز على ألفات فهنا موضوع لها ..
وهناك نص قيم وهنا خاطرة أما القصص فكانت كالجراد المنتشر يأكل كل من سبق وما سبق وما لحق .
دخلت تريد علماوتفاعلا مع أدباء , فأغرقت نفسها في بحر جديد له ألف موجة وموجة , كلما خاضت موجة سحبتها أخرى .
وكلما أرادت أن ترتفع بنص سامق جاوز الجميع سيقت إلى حضيض المجاملات والردود ...
وابتدأت وكأن لها ألف ذراع وألف عين وألف قلب تسبح في ملكوت آخر تبدع ولا شك في كل ما تطرح من كتابات ولكنها أصبحت كالسفينة المحملة بكل الأضاد تحمل في جوفها اضطرابا هائلا والمسئول عنكبوت

2)

عنكبوت ينسج الآن حول رقبة الأديبة الطروب , العبير منها فواح والجمل المنسابة منها أجمل من شهد مذاب مع رحيق مبكر ندر .
عبير تبرز في كل شيء والبروز ضريبته علو حتى تلامس الأنامل جوزاء , أو تعانق قمرا ذاهبا صبحا , أو تترسل في انسياب كشلال رقيق بين خضرة دائمة ..
عبير
الطالبة الباحثة التي كان لديها حلم التعلم الآن لديها أحلام أكثر غير محددة .. تائهة ساعة تسعى للنقد لنصوصها وتارة تدغدغها أحاسيس المديح وأحيانا كثيرة تنساق وراء مجاملات وحوارات دون منهجية ولا فكر ..
ويجرف حلمها إلى مكان آخر غلف بورق فضي لامع , وختم عليه بزهر البنفسج حلمك معي يا عبير ..
قالها عنكبوت أسود القلب وأبيض المحيا ضبابي الظهور قالها ... أستاذ جامعي برز بالنقد وبالتحليل لنصوص العبير ففاح منه نكهات جديدة بها خدر لذيذ يوحي برقة وانسياب في كل شيء .
فانطلقت لقوقعته شهورا وعاشت حلما جديدا زئبقيا لا يثبت ... طيفيا لا يدانى فيه كل ما تريد . فكل دقة لنقاطها تبعها , وكل سقطة من حروفها فارس هو لها .
فأُغرقت في بحره دون طوق ....
حتى قال مرة :
- أريد أن أراك ..
- تحديدا أين ببسمة مغلفة غرقت فيها عبير
- في قلبي يا عبير
- كيف ؟؟
- لنكتب سويا
- آه .. ماذا؟
- نكتب .... حلم
- سأكتب مع أستاذي وإنه لشرف
- بل اكتبي مع طيرك المسافر في قلبك
اكتبي رقة وابسمي فأنا أطير معك في كل همسة ووشوشة .. في كل صخب وضوء ساطع .
- أين هذا الضوء إنك خلف شاشة ؟
- ألست في قلبك ؟
- كوهم
- حقيقة أنا رغم الابتعاد
- كأني في حلم
- ولا تريدين الاستيقاظ
- - وكأني أخشاه
- الحلم أم الاستيقاظ
- بل الحلم
- ارفعي عبير يديك إلى أعلى ولامسي جدار الحاسوب ولامسته فاقشعر جسمها وتأوهت دامعة :
- بارد جدا ... بعيد جدا .. قاس جدا ..غامض جدا
- بل هو حقيقة لأنه إن كذب عليك فلا تعرفين وإن هجرك فلا تبالين , وإن خدعك فلا تنتبهين..
- وكيف هذ ليست حقيقة أبدا ليست حقيقة !!! بل أموت ألف موتة
- لماذا؟؟ فمن منا يعرف الآخر
هو حلم يا عبير ابتسمي له فإن استيقظت يأتيك نهار آخر بحلم آخر
- أ ببساطة هكذا أبدل أحلامي كما أثوابي !!!!!
- ببساطة ! وهل هناك أجمل من الأحلام المتغيرة المتجددة .
- يخيفني كلامك أستاذي .
- لماذا أتخشين مني الهروب لعوالم أخرى وحالمات أخريات !
- نعم بالضبط
- ولماذا أتراني قلت لك أني دائم أو أن الحلم دائم أو أن الحياة دائمة !!
- ولكنها علاقة أستاذي
إتحاد قلبين
معرفة
وووحب
- كما هذه الشبكة الوهمية وهذا الجدار الضبابي هي علاقتنا ألا تعرفين يا عبير أن الدنيا بها ألف عبير وألف أستاذ عيشي حياتك مشاعا وقلبك سهلا يمرح فيه الكل لا تقتصري علي أنا فأنا ربما وهم.
قالها العنكبوت مدمرا نسجه فالواقع أن التدمير من أنثى عنكبوت ولكن من قال أن مثل هذه العلاقة كمثل الواقع !!
والوهم الحقيقة أو الحقيقة الوهم أطبق بفكيه على عبير التي سبحت مع ألف موجة وكانت تريد موجة واحدة .
تركها الحب الحلم واستيقظت على مرارة الفقد لأنها لم تتقن لغة الانترنت وما علمت أن الدخول على سفينة العلم شرطها الثبات , ودفتها قوة في تحريكها نحو الهدف , وربانها نفسها الباحثة عن الحقيقة الطاهرة الواضحة , ومعاونوها (( .....الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه )) .وشراعها ليس صفحة تكتب فيها لتعلو بل كلماتها على أشرعتها في وجه نسيم البحر يوصلها لكل جزيرة بها قلب يحتاج علمها .
رفعت عبير يدها إلى شاشة الحاسوب
لمستها بقوة .. ثبتت إصبعها لتترك عليها بصمتها , ثم رفعت اصبعها لم تر شيئا .
ضغطت على لوحة المفاتيح
وكتبت
الحلم ...
الاستيقاظ
بدون بصمة ....
 

(2)
القصة الثانية
شوق
 

سوسن
وثريا
قصة لقاء في الانترنت وعبر شاشات فضية مربعة مضيئة ماذا سيصل لهذين القلبين من إضاءاتها ؟ وماذا سيضيع من الحروف ؟ وتتوه في عالم الخفقات ..
خفقات قلبين
قلب سوسن وثريا ..

شوق
(1)


تجمعت الفتيات في باحة الجامعة ينتظرن المنسقة ليستكملن إجراءات التسجيل للسنة الأولى في كلية الآداب .
وقفت سوسن الخجولة كعادتها بعيدا تنتظر دورها فلم تكن أبدا محبة للصخب, واغترابها الدائم جعلها كمن لا تعرف تلك اللغة التي تسمع من الفتيات في الباحة .
وأحست بأن جوا خانقا سيقضي على آخر ذرة صبر تمسكت بها ويبددها .
جلست على المقعد المهتريء الذي يحكي خطايا عبثية من أيد لا تعرف لحضارة القلم ولا الكلمات , وساءتها العبارات السمجة المكتوبة على المقعد الأبيض تشوه نقاء كان . أمسكت بأوراق بيدها وغطتها وحاكى احمرار وجنتيها خجلا ملفا وضع بجانبها تحمله فتاة تزفر مستعينة بالله :
- لا حول ولا قوة إلا بالله . الله المستعان , ساعات في طابور ويا ليتنا نسمع فيه شيئا مفيدا غير قهقهات بلا معنى . والنتيجة .. النتيجة جهاز الحاسب تعطل انتظرن يا متقدمات .
معاناة ... ليت التعليم بقي على سجادة صغيرة في كتاتيب صغيرة .
نظرت سوسن إلى المتأففة ولم تر أحدا بجانبها فابتسمت لها قائلة :
- تكلميني ؟
- آه آسفة على إزعاجك وقد كنت أكلم نفسي .
- لا بأس .. تبسمت سوسن فتنبهت الأخرى للطف الفتاة قائلة :
- إسمي أمل .. في السنة الثالثة قسم الأدب العربي وأنت بحياء أطرقت سوسن :
- لا زلت في السنة الأولى
- آه ستسجلين إذا تعالي لأساعدك وأفيدك فعوضا عن المكوث هنا تحت استعباد أشرار الحواسيب أساعدك في إكمال أوراقك هيا ..
تنهدت سوسن في قلبها حتى أحست بأن ذاك النسيم الذي حمل أمل لا شك أن به دعوات أمها المغتربة بأن يوفقها في أولى أيامها الجامعية ويسهل أمورها.
وانطلقت أمل النشيطة القوية المثابرة تركب خيل الخير وتمسك بعنان الخطوات توجهها نحو إعانة لهذه المستجدة . وبين الفينة والأخرى تعلق بسخرية على أنظمة الجامعة المهترئة التي يجب أن تلحقها الحضارة .
- ولكن الحضارة لا تكون بالأنظمة لأن التحضر يجب أولا أن يكون بالأخلاق وأصحابها هم من يصنعون هذا التحضر .
تنبهت أمل لأسلوب النقاش الرفيع الذي كان من فم سوسن الهادئة فأثنت عليها قائلة :
- لن تكون لدينا أية حضارة ما لم ننبثق من هدي محمد عليه الصلاة والسلام .
نظرت أمل لردة فعل سوسن فقد أدرجت تلك العبارة وكأنها سكبت في كأس سوسن أمرين: أنا هذا توجهي فما هو أنت يا ترى ! فقد قررت على أن تفيد الفتاة الخجول التي احمر وجهها حماسا وألهب السعي للمنصة الكبيرة حيث المسجلين يجلسون بلا اكتراث لجموع المستجدات .
- ولا شيء غير هدي محمد عليه الصلاة والسلام فهو المشكاة التي تنير سلم تقدمنا , وهو الكوثر الذي يروي ظمأ المعرفة ويزكي أجواء القلوب فتستقيم المقاصد ويعلي حضارة النفس فتشيد بالهمة والنقاء والنواميس الثابتة ملكا حصينا لا يدك لأن أصله سماء وامتداده سماء ومرجعه سماء .
مدت ثريا يدها مصافحة سوسن قائلة :
- مرحى برفيقة فكر أبحث عنها وسأعينك للتعرف بأخريات .
- شكرا لك .
واستمرت صداقة حميمة لسنتين من أمل الناصحة الحكيمة لسوسن التي كانت تبحث دوما عمن يعينها في أمور دينها ودنياها في غربتها عن كل من وما في جامعتها .

(2)
وعبر الهاتف

ومن خلال المسنجر كانت سوسن تحادث أمها وأبيها فتجلس هي وأخوها تبكي تارة , تضحك أخرى , تخفي أحيانا همها الاغترابي وتشتكي لحاسوبها بأبيات شعر وقطع نثرية كل الحب والشوق الذي تحمله لأمها وأهلها ,ورفيقات دربها في غربتها الأولى .
هي حقا في وطنها الآن ولكن الوطن هو قلب أم وأخت وصديقة .
فهي هنا في حاسوبها
تلتقي لحيظات فقط مع أمها ولا تكفي أن تقول لها :
أمي أنا بحاجة لك
أمي حصل كذا وكذا
أمي هذا الشاب يلاحقني
أمي الدكتور في الجامعة يسيء معاملتي لأني ملتزمة وخجول أمي الفتيات لهن لغة لا أفهمها وكأني قروية ساذجة أمي بالله عليك تعالي .........
وتصرخ بسكون كشجرة مقطوعة عن أرض جميلة ومبثوثة بأغصانها وأوراقها عبر خندق واحد محشورة فيه (( الجامعة )) .
لا تكفي عبارات تسكب بصمت والفم باسم مخادع يلوي حروفا ويكممها و يركم على تأوهاته الكثير حتى لا تقلق الأم الغالية فلديها من يحتاجها من صغار هناك وأب ..
كم من مرة ألقت رأسها على وسادتها وتوحدت بحلم يقظة تستهويها خرافة تنشئها أو حيلة تستعين بها لتحيى وقت سعادة موهومة موصولة بأنس ..
رغم عون أمل إلا أنها بحاجة لحضن دفيء كتلك الزهرة البرعمية التي أجبرت عنوة على أن تتخطى وريقات خضر تورف على قلبها وتبتعد عنها بحجة التعليم .
وفي كل مرة تحاول سوسن أن تحكي لأمل حنينها وغربتها تجدها أكثر منها غربة وتعجب لتجلدها ولا تستطيع محاكاة تلك الشخصية الثابتة إن تضجرت فتهب كالطير المتوكل تنهب الأرض سعيا لجمعيات تعين هذا وذاك فتنسى همها وتذوب بهموم الآخرين إن ملت فتراها تسكب في قلمها من أنفاسها المتأججة قصص أبطال تصنعها خيالاتها المثالية .
وإن مرضت كتبت على باب قلبها : حمدا لك وشكرا ربي مدرسة هي ولكن القلب المتبع لها غض صغير رقيق يغفو تارة من وهن ويستيقظ تارة من بين مطر القلب المشتاق شاعرية سوسن أرهقتها حتى بات الواقع عندها مرا إلم يكن به ما تريد ومن تريد عطش الحب والحنان أصبح ملحا وأسقم حالها سرا دون إفصاح فأغرقت دنيا واقعها بأحلام لقيا من يشبع ذاك الفراغ داخلا والمفتقد أخذت تبحث عن الصديقة التي تشعرها باحتوا ء وحنان في عالم آخر عالم الإنترنت لتجدها ... مثلها تماما شاعرة ومغتربة وكاتبة وفوق هذا تحفظ القرآن فابتدأت معها رحلة جديدة

(3)
وعبر الهاتف

ومن خلال المسنجر كانت سوسن تحادث أمها وأبيها تجلس هي وأخوها تبكي تارة , تضحك أخرى , تخفي أحيانا همها الاغترابي وتشتكي لحاسوبها بأبيات شعر وقطع نثرية كل الحب والشوق الذي تحمله لأمها وأهلها ورفيقات دربها في غربتها الأولى .
هي حقا في وطنها الآن ولكن الوطن هو قلب أم وأخت وصديقة .
فهي هنا في حاسوبها
تلتقي لحيظات فقط مع أمها ولا تكفي أن تقول لها :
أمي أنا بحاجة لك
أمي حصل كذا وكذا
أمي هذا الشاب يلاحقني
أمي الدكتور في الجامعة يسيء معاملتي لأني ملتزمة وخجول أمي الفتيات لهن لغة لا أفهمها وكأني قروية ساذجة أمي بالله عليك تعالي .........
وتصرخ بسكون كشجرة مقطوعة عن أرض جميلة ومبثوثة بأغصانها وأوراقها عبر خندق واحد محشورة فيه (( الجامعة )) .
لا تكفي عبارات تسكب بصمت والفم باسم مخادع يلوي حروفا ويكممها و يركم على تأوهاته الكثير حتى لا تقلق الأم الغالية فلديها من يحتاجها من صغار هناك وأب ..
كم من مرة ألقت رأسها على وسادتها وتوحدت بحلم يقظة تستهويها خرافة تنشئها أو حيلة تستعين بها لتحيى وقت سعادة موهومة موصولة بأنس ..
رغم عون أمل إلا أنها بحاجة لحضن دفيء كتلك الزهرة البرعمية التي أجبرت عنوة على أن تتخطى وريقات خضر تورف على قلبها وتبتعد عنها بحجة التعليم .
وفي كل مرة تحاول سوسن أن تحكي لأمل حنينها وغربتها تجدها أكثر منها غربة وتعجب لتجلدها ولا تستطيع محاكاة تلك الشخصية الثابتة .
إن تضجرت فتهب كالطير المتوكل تنهب الأرض سعيا لجمعيات تعين هذا وذاك فتنسى همها وتذوب بهموم الآخرين .
إن ملت فتراها تسكب في قلمها من أنفاسها المتأججة قصص أبطال تصنعها خيالاتها المثالية .
وإن مرضت كتبت على باب قلبها : حمدا لك وشكرا ربي .
مدرسة هي ولكن القلب المتبع لها غض صغير رقيق يغفو تارة من وهن ويستيقظ تارة من بين مطر القلب المشتاق مبتلا بحنين وشوق وغارقا بدموع .
شاعرية سوسن أرهقتها حتى بات الواقع عندها مرا إلم يكن به ما تريد ومن تريد .
عطش الحب والحنان أصبح ملحا وأسقم حالها سرا دون إفصاح فأغرقت دنيا واقعها بأحلام لقيا من يشبع ذاك الفراغ داخلا والمفتقد .
أخذت تبحث عن الصديقة التي تشعرها باحتوا ء وحنان في عالم آخر عالم الإنترنت لتجدها ... مثلها تماما شاعرة ومغتربة وكاتبة وفوق هذا تحفظ القرآن فابتدأت معها رحلة جديدة

4
ثريا ..

التقت بسوسن صدفة عبر منتدى مختلط ينادي بالأدب شعارا وبرفقة القلم فكرا أعجبها شعر سوسن الرقيق وأدبها الحالم وفكرها النقي الملتزم . وجدت فيها ضالتها التي تبحث عنها في غربتها فأهلها في بلد وهي في آخر تكمل وأخويها وأختها الصغيرة دراستهم .
التقتا على حب للأدب والشعر وثورة على السفه وتضييع الوقت بلا فائدة ترجى .
تعاهدتا أن تكونا أختين في الله تعين الواحدة أختها ووضعتا نظاما لهما في الكتابة سويا .
لا تغيب الواحدة عن الأخرى لما يعودا من جامعتهما التقت أرواحهما رغم تنائي المسافات بينهما .
وعبر المسنجر وبالصوت والصورة عبدتا طريقا مليئا بأشواك الغربة واتحدتا فكرا ونهجا .
ثريا لم تكن حالمة كما سوسن ولكنها كانت حانية رقيقة , تحفظ القرآن وتحاول الاستمرار في دراستها الشرعية .
في كل طلعة ليل و من غلالاته الكثيفة تنبثق النجوم كأنها تحد لظلمة قلبه توسعه ضياء حتى يستسلم لنورانيات متدافعة منها تغزو القلوب . في مثل هذا الليل وكمثله دوما ترسل ثريا أقمار فكرها المستنير بقلمها الداعي ونشاطها الهادف رغم قسوة الحياة التي تحيط بها من مسؤولية وغربة لأخوتها .
إلا أنها بمشعل من قلبها الحافظ المحتوي لآيات الله وقرآنه العظيم تنطلق حاملة فكرا يسبق أنفاسها النقية .تسكبه في قلب سوسن التي تنتظرها كل ليلة في لقاء شفاف تتحلق الأرواح معهما , وترفرف ملائكة الرحمن تبسط أجنحة فردوسية تظلل حبهما الطاهر , وتنشر برفة هادئة غيبية مسك حضورهما بمسك كلام الله .
وتختفي سوسن خلف خوف دائم أن تفقد صديقتها الحبيبة وأختها الغالية وكأنها دوما على موعد مع الحزن أو تستمرؤه حتى تحظى بأكثر من احتواء وتشبع ذاك الفاقد لواقع الحياة الطبيعية .
تلاحظ ثريا بنظرها الثاقب أن سوسن باتت تكثر التشكي وتغرق في تأوهات حالمة ودموعها المنسكبة حروفا أصبحت صديقتها وملازمة كظلها .
أحست ثريا بثقل ذلك فدار بينهما حوار عاصف :
- سوسن , ما بال قلمك يا أختي صار كثير الشكوى حالما أكثر مما نتوقع بعيدا كأنه يقود لمتاهات لا تفيد كأن كلام ثريا وقع على قلب سوسن ثقيلا فباتت تتخبط في دفاع فمن نظر إلى الشمس القوية يحار كيف يداري عيونه .
- ولكن أليس هذا هو القلم الذي تحبيه ؟ ألم نكتب سويا هذا ؟ ما بال قلمي اليوم لم يعد يعجبك
- لا يا حبيبتي ولكننا التقينا على أكثر من هذا تعالي نعلي بالقلم إشراقات في النفوس بعيدة عن حزن وتأوه لا يفيد . ما بال الأقلام اليوم كأنها قطعت من بحر الدموع ؟ لم كل هذا ؟ أجابتها
- القلم هو حوار النفس مع النفس فإن تألمت تداوي جراحا بضماد من عبارات وبلسمها ندى يرطب جفاف الروح .
- الروح المتعذبة دوما .. المتأوهة دوما .. الشاكية دوما هجرانا وخذلانا ليست روحا سوية بل هي غارقة في وحل ذاتها المستسلمة لأحزان قد تكون من صنعها .
الدنيا ليست هكذا وإن كان هناك هجران وفقد وخذلان وأحزان فلنسيسها لصالحنا , نقصيها بتجلد , نصرفها بعمل , نداويها بقربى للعزيز القادر .
من أغرق سفينة نفسه لا تنقذه حروفه .
ومن ساعدته شكواه اليوم ستصبح غدا قرعا على الأبواب بلا مجيب .
ذهلت سوسن من كلام ثريا وانخرطت في بكاء مؤثر جعل الصاحبة تهديء من روعها فقد أحست بخطر محدق بأختها الحبيبة ولم تدر كيف تقنعها أنها تغرق نفسها في بحر مظلم .
وتوجست أن يقودها انغلاقها إلى أمور أخرى تلمحتها من بين حروف تبعثرت هنا وهناك من فم سوسن المضطربة :
- لا تقولي هكذا ... لست حزينة . أنا فرحة بوجودك , ولولا ك لمت ولانتهت حياتي هامشا ضعيفا , أنت أحييت في داخلي أمل الحياة , انت حياتي أتعلمين أموت لو ظننت بي أني منغلقة على أحزاني , و ..
- ولكن لم كل هذا نحن نتناقش يا حبيبة !
- أخشى أن تبتعدي عني فنقاشك يعني أنك قد تتركيني إلم تقتنعي بي كرفيقة درب .
- يا ألله , وتأوهت ثريا
كيف يمكن أن تتحول علاقة بنيت على أسس جميلة تدارس ورفقة فكر وقلم , تتحول لتعلق

كيف ؟
من المسؤول ولربما أنا في لحظات متعلقة بها ولكني أجد في نفسي لحظات يقظة ؟ ولكن كيف نعود بقطار علاقتنا على مساره الصحيح ؟؟ كيف

 (4)
حدثت ثريا نفسها كثيرا

كيف يمكن أن تعود العلاقة كما بدأت بوهج الإيمان تتألق وبدفع الخير تسير وعلى ركب التقاء بين روحين تسابقتا نحو العلا تحلق كيف؟ واخذت ثريا تستعيد بدء علاقتهما أتراها لم تكن واضحة منذ البدء أتراها أغفلت عن تفهيم وفهم لسوسن ؟ أيمكن أن يبدأ الحماس ويجرف إلى إعجاب وتعلق ذات؟ ولكن ألا يمكن أن تكون هذه مشاعر طبيعية ؟ وما العيب أن تتعلق بي سوسن أو أن أحبها ؟ ألم يحبب الصحابة بعضهم البعض ؟ مابال سؤالاتي لم تعد مرتبة في ذهني وتدفقت محشوة بألوان متضاربة كلوحة رسمتها يد عابث لا يفقه فنون الخط ولا الرسم ؟؟؟ حيرة ما بعدها حيرة واضطراب في قلب الفتاة المتزنة أوجعها . كم تحب أختها سوسن وتراها سامقة بكل المعاني الخلابة كم يعجبها ذاك الحماس الثائر لنصرة الدين وقضايا الشباب كجمع فرسان على خيل ماضية من زمان البذل . وما أن ترى وردة بيضاء صغيرة ملقاة على قارعة مهملة من أرصفة القلوب حتى تحيطها بأنفاسها الرقيقة وتذوب حزنا عليها ..
تلك سوسن
كل شيء
نار ونور
شلال وانسياب جدول رقراق
فليس عجبا أن تحب بهذا الكم ولا أن تخاف بهذا الكم وليس عجبا أن تثور خائفة لفقد لأنها عانت الكثير .
ولكن ! لن تكون لها أختا إن أعطتها الحبل وأرخته لها ... هنا يكون واجبها وهنا ستسند اهتزاز دواخل أختها بثبات سريرتها وتناغم قلبها مع عقلها .
ولم يكن الأمر سهلا فثريا كان تعاني هي أيضا خوفا في داخلها أن تفقد سوسن . تفقد هذه الأخوة إن استمرت سوسن على هذا المنوال . وعاشت رحلة عذاب في إيجاد الوسيلة في كل مرة تفكر بأمر حتى ترى استحالة تنفيذه لما ترى من هشاشة روح هذه الأخت المتعلقة .
وأعيتها الوسيلة وأعياها التفكير .
أما سوسن فقد كانت تلمح شرودا من ثريا مما يزيدها تأزما . تدخل الإنترنت وتتحدث معها في المسنجر فترى نبرة تغالب الدموع وتغالب الإفصاح فهي تعرف ثريا وتعرف انطلاقة لسانها فما بال العقد توضع في ذاك الحبل الموصول بينها وبين ثريا ؟ مابال الأنفاس أصبحت متوترة تريد فورا إنهاء محادثة متعذرة بأمر انشغال كأن ضبابا تغشاها فأنجب منها ضيق روح لم تستطع تسميته فقد ولد وبدأ يكبر في دواخلها يشعرها بخطر الفقد ..
وحديث نفس من سوسن دائم
- أتراني سأفقدها لأني رفضت نقدها !
وباندفاع غير مدروس ابتدأت سوسن تقول لثريا
- سأقوم بكل ما تريديني فعله
لن أكتب بعد تلك الآهات واللوعات فمالي ومالها سأشرق و سأتعلم من رفيقتي أن نشرق عملا .
ليس هذا ما أرادته ثريا فقد عرفت ببصيرة موهوبة أن سوسن تداهنها وتلبي لها رغباتها دون اقتناع حتى تبقى معها .
استدامة الصحبة والرفقة ليس هو العيب فالكل يطمح لاستدامة رفيق يعينه يسري عنه يكن معه بقلبه وعقله ولكن أن يلتغي الكل في واحد فذاك يتعب الطرفين .
لكل منا صديق أثير ومن منا لا يحب رفقة ولكن بشخصية مستقلة والتقاء حتى لو باختلاف طريقة .
وخزها حزن كبير فذاك مرض كبير يحيط بروح الحبيبة الأخت ومرض يتزايد بأعراضه فقد ابتدأت سوسن تمحو شخصيتها وتتبع الثريا لتنال من السنا المسيطر على قلبها يتبع

الأخيرة

حدثت ثريا نفسها كثيرا بالطريقة المثلى التي ستتعامل مع سوسن فيها فكانت كلما طرق بالها أمر حتى نفضته من رأسها كما الطير ينفض عنه رذاذ مطر عالق به كي يتخفف ويطير .
تريد أن تطير كما كانت معها
تريد أن تحلق عاليا حيث الثريا
حيث يصبح الإنسان هناك متوحدا مع السكون يملي عليه سرحاته وتأملاته , ولكن ! قيدت روح الثريا بخوف على سوسن وقيدت روح السوسن بدوران بفلك الحبيبة .
وعند الفجر والقمر يغفو قليلا في حضن أول خط للضوء الفجري جلست ثريا تستعرض حالها :
- هل يا ترى أنا من يلام على إقبال سوسن علي هكذا ؟ أأنا من فتح لها المجال وأغرقها بحنو كبير فما عادت تستطيع عنه غنى ؟ ولكن ! كيف من يستغني عن حنو إلا من أقفل قلبه بحجر وأصم فؤاده عن رقيق العبارات من ؟ لا اظن أني السبب بل هي تلك النفس التي تحملها سوسن فذاك القلق من الفقد هو المرض الذي يعلو ويعلو ويستشري كما الظلام في جسم الضياء .
وبقلب مطرق لا يسمع حتى دقاته سارت ثريا إلى الجامعة وعند البوابة رأت يافطة كبيرة مكتوب عليها : قسم الاستشارات النفسية فأتتها فكرة أن تلجأ للغير .
كان لابد من مشورة فالحالة عند سوسن تزداد , بكاء دائم مرض إلم تسأل ثريا عنها , تدهور بالصحة , ألم في المعدة , تدني التحصيل العلمي والأهم قلة الإقبال على الطاعات .
وعند بوابة الطبيبة النفسية وقفت ثريا والدمع يملأ العيون وابتدأت تحكي لها القصة .
وتتفق الطبيبة مع الفتاة الحزينة أن تبدأ معها مرحلة علاج طويلة فالبتر السريع قد يفقد الفتاة أشياء كثيرة وقد تلجأ إلى غيرها لإشباع العاطفة وقد تسقط .
فيجب أن تبدأ معها بأمور كثيرة أولها أن تعرفها على فتيات أخريات متزنات وأن تحضر معها محاضرات الطبيبة في المركز بحجة الثقافة فهي تذيعها عبر الإنترنت وأن تحاول قدر الإمكان أن تشغلها بالطاعة ويتبقى أن تصارحها بالأمر وبشكل لطيف حتى لا تصدم مهمة المصارحة كانت الأصعب والأقسى على سوسن فكم من حوارات دارت بينهما كان آخرها هذا :
- يا أخيتي نحن في هذه الدنيا نسير وفق منهاج الله وشرعه نسعى جاهدين لنبلغ العلا ونرتفع في الدنيا حقا ولكن الرفعة المنشودة هي هناك حيث الجنة ... حيث رضا الله وتقاطعها سوسن قائلة :
- وهل نفعل شيئا لا يرضي الله
- بل يرضيه أحيانا وربما لا .. لا يرضيه أن نبذل الأوقات نبكي خوفا من فقد
- ولكنها مشاعر
- حقا مشاعر ولكن أترضين أن يقبضك الله وأنت بهذه الحالة , تبكين من هجر حبيبتك أو فقدانها , أو تبكين شوقا لها اترضين !! لا أظنك
- وهل نحن ملائكة لا نتأثر ألسنا من لحم ودم ؟
- - بلى ولكن لما يزيد الأمر ويتفاقم حتى يصبح هوسا يصبح أنا لسنا البشر الذين نقاهم الله ورفعهم بالعقل أنا لا أطلب التحجر
- وبكت سوسن قائلة :
بل تطلبين
- لا يا أخيتي لا أطلب فحبك في قلبي يعلمه الله ولكني أحب أن نفهم معا معنى الأخوة ومعنى الصداقة :
إن الصداقة الحقة هي التي تجمع على خير وتكون في مساحات الحياة الكبيرة كالهواء للجميع وتسمح لكل واحد بالركض في اتجاهه , لا يعيقه ولا يؤخره ولا يربطه تساؤل أو اتصال دائم بل يربطه صحبة لطيفة وتوافق فكر واجتماع على طاعة أو حتى على تسلية تروح النفس الأخوة يا سوسن ليست التصاقا دائما لا فكاك منه ولا تقييدا أنت تقيدين نفسك بي وأنا لا أحب أن تفعلي ذلك فارتباطك بي ارتباط أخوة لا ارتباط التصاق وتعلق يمحي شخصيتك أو يسلبك حرية التواصل مع اخريات عندما لا أكون معك لا يعني أني لا احبك وعندما لا تكونين لا يعني أنك نسيتني نحن معا بقلب واحد وفكر واحد عندما تحتاجينني أكون ولما أطلبك وتقدرين تكوني هكذا فاجتماعنا ليس شوق وبكاء بل هو فرح واتصال عقل وقلب .
أكون لك وتكونين لي ضمن إطار طبيعي هاديء يعطي النفس ثقة وتساميا لا يوهنها ويمرضها فما بيننا ليس عشقا يمرض بل حبا أخويا يفرح ويرفع من روحنا ويسمو بها ومع صمت سوسن ودموعها المتحدرة قالت :
- فهمت , كأني جرفت قلبي لهاوية كبيرة وألقيته في أتون كبير
- الحب الأخوي والصداقات يا حبيبة ككل شيء في الدنيا إن خرجت عن إطارها الصحيح إما أن تفقد رونقها فتزول أو تفقد نقاءها فتتلوث
- وأنا كدت أن ألوث صداقتنا بتعلقي بك ولو استمريت لربما جرفني تيار الشوق والحب إلى غير بحر أستطيع به السباحة
- نعم ولربما جُرفتُ معك
- فلنبق معا لنصلح سفينتنا
وإن كنت لا أعدك أبدا بسرعة امتثال صفحتي للشفاء
- بل تستطيعين فالله معنا
- الله معنا ......
 

حوار بيني وبين داعية

مقدمة
 

هذا الحوار الذي دار كتبته هنا لعل بعض العبارات تشعل فتيل همة وتوقد سراجا في ظلمة .

- إني قابعة في بيتي أنتظر الفرج
- ألا زلت لا تستطيعين الخروج إلى المسجد ؟
- نعم أي أخية , ولقد أمرضني ذلك .
ابتلاء .. كل شيء يحبسني عن الوعظ , والله ابكي كل ليلة اسأل الله الفرج .
ربما انا انسانة ضعيفة
الكل ينصحني باستجماع همتي ولكن ما استطعت والله فقدت العزيز الغالي فقدت منبري فكيفكم يامن افتقدتم أقصاكم ولكن الكل يدعوني على الانترنت فلماذا لاارغب؟ -حبيبتي دوما الانسان يهوى الدعوة بمكان يحبه ويجتهد أقصاه ليبلغه ويمتنع عن أماكن أخرى لمحبته لذاك المكان أو لأنه يعلم أنه مكانه ولكن اللطيف الخبير يحرمه منه عدلا به يريده أن يعطي وقتيا بمكان هو يختاره له , فهو الخبير الذي يوجه دقائق الامور ويعلم حاجات العباد فكل أرض الله منبر دعوة .

الإنترنت يا أمي دنيا في دنيا , عالم في عالم , قلوب في قلوب , جهل وفساد وإفساد . فحري بنا نحن إن من الله علينا به أن نوجهه له .
فلا تظني ان الدعوة فقط في المسجد .

فأنت لديك علم وشخصية
وضع الله لها القبول

فهيا ولا تتحسري على سابق عهد واغتنمي ما عندك فلرب ساعة اليوم نبكي عليها غدا إلم نستغلها بدعوة وتنوير هيا يا حبيبة أطرقي كل باب

- يارب هي تشجعني فاجعل ملائكتك تؤيدها

- أنا وكل مسلمة بحاجة لأمثالك ممن يحملون في قلوبهم حب الدعوة بذور الايمان يا أخيتي مثمرة في يدنا ناضجة في قلوب الآخرين نتاجها دم تفيض به الشرايين العاملة الناصبة العابدة
- والله كلامك لن يذهب سدى
- هيا يا مسلمة انفضي عنك غبار حزن الظلم الذي وقع عليك وأنيري قلوب الأحبة المسلمين يكن لك نورا يوم القيامة .

- لقد اخرجت مخزون دموع طالما تحايلت أن لا تخرج
- الدموع يا أمي ليست خطأ إنها غسول القلب ستأتي عليها الشمس المشرقة الآن بحب الله والحماس فتحيلها إلى ألوان طيف رائعة .

- لقد كنت أختبيء في حاسوبي وراء مسنجري وقرر ت اليوم ان أخرج فقدر الله لي أن أسمع هذا الكلام
- لأنه يحبك ويعلم أليس هو اللطيف الخبير

- سأبدأ ولن أترك بابا , فإني رأيت في منامي إسم اللطيف الخبير مرسوما فاستبشرت خيرا .
- كلما ضاقت عليك الأرض اسعي له تتفتح لك طرقا لم تعرفيها ولا خطرت على بالك .
كلما زويت وحجبت عنك نعمة دعوة في مكان فعليك بقلوب أخرى تنظر لك وربما لا تقول ولكن الله يضعها لك في طريقك فافترضي أن الكل بحاجة .
فثقي أن من يمد كف إصلاح يرسل الله له أكف خير تدعو فيزيد ويزيد فكوني ممن يزيد فالله أكرم ويزيد .
- بإذن الله ولكنه باب جديد علي هو الانترنت
- أطرقيه فلديك العلم والنية والأخوة التي تنصح وتعين واجعليه مقصدك أعطي أمي علما .. أنيري قلوبا .. رافقي رحلات توبة .. أشعلي همة لقرآن وتدبر .. كوني وقت سحر فللدين جمال لما ينشر في قلوب وقلوب تجديه لما تسمعي تسبيح الشجر والحجر ببصيرة يفتحها الله عليك كوني له يكن معك ..
- فلندعو الله أن يقبل
- اللهم آمين


القصة الثالثة ربما مختلفة ...
باسمة اسم بطلتنا

دخلت عالم الانترنت بهدف سام لا يعلى عليه , واسمها باسمة وهي باسمة القلب كياسمينة بيضاء في دجى ليل .
باسمة السيدة الداعية استطاعت أن تسخر قلمها لخدمة الدين وكل ما كانت تفعله أن تجعل قلبها مدينة مكتظة بالسكان الكل يجد مكانا , وقلمها مدينة مكتظة بالحروف المسكوبة دعوة وقدرة على العطاء .
كل ما أرادته باسمة أن تنهي حياتها بزرع الابتسام في محيا الهمم المرتفعة ولا تبخل بدعم ورفع .
ورغم ظروف تتلاحق عليها تباعا إلا أنها كانت كجواد درب جيدا فتكبو لترفع عنان قلمها وتجري في ميدان كبير يسرح فيه من الهوام إلى أساطير المخلوقات ميدان عرف باسم :-
- (( عالم الانترنت))
وتتعرف باسمة في خضم عملها على نماذج رائعة من الصحب يشدون من أزرها وتلتقي معهم بالهدف والفكر والمودة فيعيشوا في سويداء القلب وينطلقوا جنبا إلى جنب يقاومون زيف المشاعر ويرسمون في رحب الدنيا قصصا لا مثيل لها من النقاء فهن الصفوة المقتدين بالأصفى ..
وفي قلبها تعيش القصص تكبر رواياتهن عملا وتزدحم بشخوص فيذهب من يذهب لتبقى مع الصفوة تشرح لهن بطيب محيا قلمها بسمات الدنيا وضياء الياسمين .
وتقصي رغائبها عن عالم قلبها تقصيه بعيدا حتى لكأنها ليست من طين بل تحاول أن تعلو بحبها فوق أية رغبة دنيا تنجح تارة وتخفق تارات .. ولكنها تحاول !
لتسمو معهم فتتوج اجتماعا بهم على همس حرف , وصرخة غضب لظلم , وحب خالد لدين..
وعند بوابات حياتها الانترنتية .. تبدأ طرقات كثيرة تشبع الأبواب قرعا فتستجيب بطيب طوية وصبر وسعة أفق لتكتب مرات دروسا جديدة عل من يقرأ يفهم وتخفي في قرارات الحب عن عيون المحبين تألما لعدم فهم . وتعذر جنوح أقلام عن مواكبة نسقها وهي تعلم حبهم الكبير وصدقهم العميق فترضى بما يقدمونه ولا تطلب حتى لا تؤذي القلوب العاملة .
هدف باسمة كان أن تعلم بالايماءات .. بالاشارات .. بالكتابات .. بالتصرفات هدفها احتواء لكل من يطرق الباب ولا تمل ففهمها الكثير وأعانها من سار على نفس دربها فكانوا معها أجنحة بهم تطير وكانت لهم قلبا به يستضيئون .
وفي كل مرة كانت باسمة تسمح للقلب أن يحل عليه إما ضيفا أو مقيما .. فهي تعيش بالحب وترقى روحها لما النجم يكون لها صاحبا .
تصمت في كل نقد وتصبر في كل خطوة لاصلاح وتهب خيرا حتى لمن لديه قصور علم ..
وتظل باسمة .. تعطي
تسعد بالعطاء وتخفي دمعها وأنينا في سحر فلا وقت لديها لتوقف من آخرين وتعرف أنه ليس من حقها حرمانهم من دقيقة عمل وكم ندمت على إرهاق أحدهم بعمل كان من الممكن أن تعمله حتى لو خفق القلب تعبا وفي خضم وأوج حياتها الزاخرة تلتقي باسمة بأخرى ..
واسمها ظلال
وهنا تبدأ الحكاية ....

ظلال
سيدة في مقتبل العمر كما الشمس تأتي على قطعة غادر الاخضرار روحها فيتفيؤ القلب في رحاب فكرها ويثابر أملا في جمع ألق العلم وأجره ..
استقبلت باسمة ظلال في عقلها وقلبها على حد سواء وما كانت كثيرا تنظر للقلب بعد هذه السنين إلا كنسمة غادية لها طبع العطاء وبها يذوب الخير فترسله بردا وسلاما على الأكف الطالبة ...
وتعاهدتا على أن يكونا كما ارتأت باسمة ووجدت ظلال أن الباسمة لها نفس التسامق لاحتضان المعرفة ..
وأحبت باسمة أن تعظ بلسان فعلها لا بلسان قولها فكان لها من هدف الاجتماع بأختها أن تكون لها أكثر مما تظن ... عطاء وخيرا . وكم أحبت أن تكون دوما ببدنها في دنيا والقلب في الآخرة ووجدت هنا من يعينها ..
وأرادت أن تشتغل يوما بما عليها ووجب أن تقبض عليه سنين طوال فإذا بظلال تعينها عليه وفتح الباب على مصراعيه :
خادمتان لدين واحد بقلب واحد يقتطفان ثمرا نادرا ويقتسمانه .
وتجالسا إلى كتاب
إلى حياة ليست هنا ولا في أساطير الأولين بل حقائق تفرح الباحث اجتمعا على فكر السلف ومخزون التابعين فأعطت ظلال من علمها لباسمة التي كان ثغر القلب يبسم لمراجعة ما عرفته وقراته وكادت أن تنساه .
وثغر الفكر يبسم لما زاد من علم وتقابل في ردهات الجنائن لطريق الجنة ..
وتنشأ صداقة أجمل ما تكون يخفيانها بكف القمر وليل السحار حتى يزداد أجر المجلس ولكن ...
و في أول الشتاء والغيوم ترسل طل خير منع الخير عن الأختين !!
وابتعدت ظلال فجأة دون سابق إنذار لتعيش باسمة لحيظات حيرة تبتهل إلى الله العلي القدير أن يسعف عقلها القاصر عن سبب الابتعاد ..
وتأتيها أخبار مبهمة مغلفة بغموض لا يفي ولا يقنع .. فالغرض من الاجتماع التقاء أخوة في دنيا تجهيزا لآخرة ..
ابتعدت فيها أهواء النفوس واقتربت باسمة أن تصدق أن الخل فعلا والوفي على العهد من العجائب ولولا إيمان قلبها الشمس بأن الوفاء خلق بيد الرحمن فلا محالة موجود ليأس القلب تتبعا لسير الصحب وتجافيهم ..
وأمسكت باسمة بقلبها تعصره حتى لا يبقى فيه دم ينبض بعنف يؤذي وسكبت من ثلج الصبر وبرد التوكل على روحها لا يأسا بعودة ظلال إلى اجتماع كان للخير ... بل صبرا واستسلاما لله الذي أعطى ومنع ووضع في القلب صبرا على منع..
وتفكرت باسمة أترى قامت بعمل آذى أختها فلم تجد ...
أتراها أخذت من وقتها حتى ألهتها ..!!
أم تراها خطر على القلوب والتعلق قد يكون آفة علاقة ! وكيف وهما على الدين يجتمعان وللدرس يقبلان !
وكيف والهدف عهد غرس غرسا في العقول الثابتة !
والشيطان عفريت ليس بأخرس له ألف لسان ولسان لم تسمح له باسمة بأي لغة بل كانت له بالمرصاد ..
والبسمة الباسمة بترت فرحتها بعلم يزين القلب وأجر يكتب لها فطوت رغائبها وعادت تبكي يوما كان لها أمل بأن تتقن ما فاتها من علم ....
وأصبح الآن ظلالا في أطلال

إضاءة :
قيل أن ما يكون من منع من الله لخير بذنب ..
فاللهم نستغفر واللهم ارحم واللهم أنت أعلم فأصلح ذواتنا

 

صباح الضامن
  • مـقـالات
  • أدبيات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط