اطبع هذه الصفحة


لعلــه خيــر

صباح نوري محمد الضامن
شبكة المسك الإسلامية النسائية


بسم الله الرحمن الرحيم


كل الأشياء التي نتمناها ونرجوها من الله مهما حاولنا الوصول لحكمه فنحن كتلك الغرسة المزروعة في أرض الدنيا لا ترى النور إلا بهدي من الله لما يسوق لها القطر لتخرج تقبل الشمس مبتسمة
ولا نفقه المنع والفقد والابتلاء والعطاء إلا بنور حكمة تقذف لتدركه الأبصار والأفئدة والعقول
تمر بنا أيام وليال نجلاء تقترب من أن نعيشها قريري العين لا نشتكي ولا نتعثر
ونظن الدنيا كنهر جار قوي لا يعوقه عائق حتى تقف صخرة في مجراه تجرفه وتأخذ منه قطرات وليعود بعدها وقد فقد ما فقد وربما حمل من تلك الصخرة قليلا تبقى تجرحه وتقف شاهدة على :
أنه في يوم من الأيام أعيق تدفقه وأوقف جريانه وأخذ منه بعضا منه وضاع البعض وحمل بعضا من جراح
وتقف معلمة ومنبهة
فلا دوام لحال ولا استدامة لهناء ولا مكوثا لألم
وتظل مذكرة بصيرورة الحقائق الثابتة ودافعة لقيام بعد رقدة وكتابة لكل كبوة وفهما لكل منع وفقد وعطاء
ولكن بين الفجأة في حدوث الحدث وبين التقاء العقل مع المفاجأة يكمن حسن المعرفة بالحكمة التي يسوقها الله عند الابتلاء
فمن يتفطن في تلك الهنيهة الدقيقة التي تفصل بين الوعي بالمصيبة الواقعة وكيفية تلقيها والتعامل معها وبين الوقع بمحظور السخط من جراء عدم الفهم ؟؟
من يعطي نفسه جرعات وقاية كيف تكتب هذه الصفحة في سيرتنا الذاتية وهل نحن اجتزنا امتحانا وأخذنا خبرة تؤهلنا أن نكون معلمين قائدين لأنفسنا في لحظة الامتحان وهنيهة الابتلاء ؟؟
من ذاك الذي لما يعرض لكير الامتحان لا تذوب إرادته وعزماته ولا يذوي صبره وتنهار أقدامه تغوص في وحل التشكي والتذمر والتخبط ؟؟
إنه ذاك الذي ... يفقه كلمات قيلت وتقال دائما في كل مصيبة تحدث وكل فقد يأتي وحتى في كل عطاء
كلمات .... أبسط مما نتصور وأعمق من بحار بكنوز ...
لما نقول
لعله خيـــر
كأننا نمسك بقلوبنا وعقولنا وكل جارحة فينا وكل همسة ونسمة وزفرة وقومة وخطرة ونسلمها لمن برأها لنقول له
مولانا ووكيلنا ..كل ما يأتي منك
لعله خيــر
----
ثارت بي الدنيا وماجت بحاري الهادرة السادرة لما كنت في عمل هام ليختفي فجأة ويضيع جهد هائل وتتدفق الدماء في عروقي تنبيء عن ثورة وسخط لما حدث وتزمجر مني الكلمات صارخة مستاءة لأرى يدا حبيبة صغيرة عمرها سبع سنوات كأنها بلسم المريض ونسمة تهدهد ثورة الورق على شجرتي الثائرة :
تمسك بيدي لتقول لي :
- جدتي لا تستائي لعله خيـــر
وأحس كأن السماء تنفرج وتبتسم لي من بين ثنايا الغضب لتعيد الكلمتين (( لعله خير ))
ويعود لي اخضرار هدأتي وسكون بحاري المائجة فأبتسم لها قائلة
- لعله خير ..
لتمضي يدي مرة أخرى تكتب ما ضاع ويتدفق مني الفكر بأفضل مما كان وأختلف مع نفسي أأنبها على ما بدر منها وأعود لأفهم ذاتي الجاهلة وأحادثها :
- تعلمي الصبر لتعلميه , وافقهي حكمة الفقد والابتلاء لتكون لك اللحظة الفاصلة والقدرة على تقبل مر الأحداث
وحقا لعله خير
فما نرجوه لأقل مما هو مخبأ في الغيب من الرحمة


 

صباح الضامن
  • مـقـالات
  • أدبيات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط