اطبع هذه الصفحة


أنت حبيبي (2)

صباح نوري محمد الضامن
شبكة المسك الإسلامية النسائية


بسم الله الرحمن الرحيم

أنت حبيبي (1)

أنتم أحبتي
في ذاك الزمن الذي نشأ به أبي حبيبي , كان معظم الناس ينظرون للأنثى أنها الجناح الأضعف ويفضلون الذكر عليها ويجعلونها في استنفار لإرضاء الجنس الذكوري وتقديم ولاء الطاعة له وكثير ما كنت أسمع أن الفتاة خلقت لتخدم الفتى . إلا في عائلتنا كان العكس هو الصحيح ..
نشأ أبي الحبيب يتيما بموت والديه وهو صغير , وحيدا دون أخ أو أخت , أقرباؤه من أخواله وخالاته فقط ولم يكن هذا النقص ليجعل من الحبيب أن يفضل الأبناء على البنات ليكونوا لهم عزوة فقد كان يرحمه الله متفردا حتى في هذه المشاعر وشذ عن المألوف في وجدانياته الزخمة الموجهة ... للبنات
الأصبع الشاهد شاهد على تهديد الذكور لو مسوا شعرة من أخواتهم ...
وكم من مرة سمعته يقول لأحدهم شعرة فلانة من بناتي تساوي رأسك ..
كان يرحمه يقسمنا فكم من مرة نادانا بالألقاب التي يحبها : أختي الكبيرة حبيبة القلب كانت أمه , أختي الأصغر منها الرائعة الأنيقة كانت أخته , أما أنا فقد كنت أطير فرحا بلقبي معه رغم صغر سني إلا أنه كان يقول أنت خالتي ويضحك معي قائلا مثلها في كل شيء ... اما الصغيرتان فكن بناته يقولها وهو يضحك معهما ويلاعبهما ..
ليس هناك أحد يمكن أن يجعلني أمشي فوق السحاب كما فعل أبي لما كان ينتصر لي في كل معركة مع إخوتي ..
ولا زلت أبي الحبيب أتذكر قولك لهم جميعا لو مسستم إحداهن وأنا غائب سأجعل حياتكم جحيما .. فاستحالت حياتنا جنة برعايتك .
أبي الحبيب هذه رسالة لك من بين دمعات الذكريات وأفراحها , من بين الامتنان والشكر , من بين المفردات والعبارات , كم جعلتنا عزيزات رافعات الرأس لا أحد يقترب من حقوقنا فكنت لنا الحصن القوي , فلك دعوات في خلوات ولما ينزل القطر على القلوب الجافة .. فأنت سقيا الروح
لله درك ويرحمك الله
 



خير قدوة
أتذكر جيدا يوم سافرت أبي الحبيب مع أختي الأكبر مني إلى القدس حيث بعثة التوظيف للمعلمات في قطر عربي .. كنت أراك منهمكا في تحضير الأوراق .
ودعتكم عند الباب انا وأمي وأخواتي ولمحت نظرتك لأمي وكانك تريد قول شيء وانطلقت صباحا لتعودوا في المساء ونحن نتلهف لسماع الأخبار ..
أتعلم يا حبيبي لما سألتُ أختي ماذا حدث هل قبلوك ؟ هل ستسافرين ؟ نظرت أختي الجميلة الأنيقة نظرة عتاب لأبي ثم قالت لا أدري فأبي كأنه لا يريدني أن أسافر .
ورأيت أمي تنظر بعمق لك يا أبي وأنت صامت , ثم علق أخ لي قائلا :
- أبي دعها تسافر فكل البنات يذهبن لنيل الخبرة في التعليم ..
وهنا وقف أبي وقال منفعلا وعينيه الثاقبتين تراقب أختي المطرقة : كله بأمره أنا لا أمنع قدرها فكله بأمره , ودخل غرفته .
ولكني سمعت بعضا من الكلمات الغاضبة من أبي وهو يقول لم يعجبني .. لم يعجبني .
وفي اليوم الثاني وعند الفجر سمعت صوت بابنا يغلق لتشيع عيوني خيال أبي المسرع يطويه الظلام وصوت خطواته تخرق سكون الليل وتكتب سطرا أبيضا في سر كبير يخفيه وراء انطلاقه المفاجيء وهو يتأبط أوراقا ..
وكان يوما ثقيلا علينا جميعا .. الكل صامت ينتظر خبرا يحيي البسمة في أثيرنا ..
ومن نافذتي جالبة الأخبار وجدت الفرح قادما في وجه أبي الحبيب الذي لمحني وأخذ يلوح بيديه وكأنه فارس يحمل خبر النصر .
سابقت الريح لأحضنه فحملني ودار بي الصالة فضحكت أمي قائلة :
يبدو أن هناك ما يفرحك
وبأمر منه جلسنا جميعا ونادى هو أختي ليقول لها جهزي نفسك للمقابلة غدا لتسافري عند أختك وأخيك في السعودية كمعلمة ..
وصحنا جميعا فرحين وكيف ألم تكن أوراقها في ذاك القطر العربي ..
فقالها , وبث السر في رفضه , نطقت الفطرة السوية تشدو في مفرداته :
- لا يمكن أن تذهب هناك فإذا كانت تلك البعثة مكان اختلاط بين الرجال والنساء ولا يهمهم سفرها باصطحاب رجل أو وحدها أفتظنون أني أوافق على هذا ..
وهنا قالت أختي له لو قلت لي ذلك لما غضبت فأنا أيضا أرفض هذا ولا أحبه وعانقته
ودارت الأيام لأكون في نفس الموقف , ولكن من يرعى هنا هو أخي ..
لاحقته كثيرا كي يأتي معي لمؤسسة كبيرة قبلت فيها كمترجمة لأراه يسوف ويماطل وكل مرة يقول لي , لما يأتيني من رياض الخبر .. من رياض هذا ؟
ليأتي رياض والذي تبين أنه مدارس الرياض وليقول لي أخي نفس كلام أبي رحمه لأختي قبل عشرات السنين :
- وهل تظنين أني أقبل أن تكوني في ذاك المكان المختلط على الرغم من كونه محترما وليهيء لي عملا كمعلمة في أفضل مدرسة للإناث ...
لله درك يا أبي كيف زرعت في قلب أخي ووعيه الفطرة السليمة , كيف استطعت يا حبيبي أن تقوم سلوكياتنا بكل هدوء وحكمة
كنت خير قدوة وبدون قهر ولا ضغط
لله درك ويرحمك الله
 



مسافر زاده الخيال
الزمان يونيو 1967
المكان مدينة نابلس / فلسطين
بيتنا , حيث جلست أمي وأخي وأختاي على المائدة وعيوننا معلقة بالصابرة أمي , والخوف يمتلكنا جميعا , وصوت الرصاص يصم الأذان وبين الفينة والأخرى نسمع من اليهود نداءات لتسليم السلاح والراديو يذيع انتصارات زائفة ... والأهم كان أبي ..
لم يكن بيننا
الصابرة أمي المتماسكة نهارا الباكية ليلا والتي كنت ألمحها تمسك بصورة أبي وتمسح دمعها ..
اقتربت منها ذات ليلة لأهمس باذنها وأقول :
- أمي أترين ما كتب أبي خلف صورته ؟
- نعم , مسافر زاده الخيال ..
فقلت لها : أبي سيعود لنا لأن زاده شجاعته وخياله واسع وسيجد طريقة ليعود لنا من أرضنا لا تخافي .. إنها لا تبعد كثيرا عن نابلس , سيعود يا أمي أنا متاكدة . أتذكرين لما كان شابا لقد حكى لي كيف مشى من قرية إلى قرية , إنه قوي ويعرف كيف يعود لنا وهو يحبنا وسيعود يا أمي ..
- له شهر يا حبيبتي ولا أعرف أين هو ؟ أخشى .. وصمتت
سيعود قلتها وعيني على الباب لأراه يفتح ويطل علينا بجسمه النحيل وقد طالت لحيته . صحت فرحة ألم أقل لك سيعود ..
وحدثنا كيف حاصر اليهود منطقة الأغوار ومنعوا الجميع من المغادرة فسلك طريق الكهوف والجبال بعكس اتجاه الطريق .. أتاها مشيا وبإصرار كي يصل إلينا . عيونه كانت تقول :
مهما كانت الصعوبات فقد ذللتها كي أصل إليكم , مشى كل الكيلومترات , غذاؤه الخيال
مسافر زاده خياله المفعم بحبنا , وبقوة علمنا فيها أن نسير لأهدافنا مهما كانت العوائق , الرصاص من حوله والدبابات تحيط بأرضه والدنيا كلها في أتون الحرب وهو يعتلي الجبال ويسير على الأقدام فلا مواصلات يمكن أن تكون في ظروف الحرب ..
كم كانت شجاعتك التي كنت تطرزها قصصا في ليالينا تعجبني وأحكيها لصويحباتي ولكن قصتك هذه فاقت التصور , وحيدا لا زاد معك ولا صاحبا ومن بين الخوف والحرب والرصاص تسير لا تهاب لتصل إلى عائلتك حتى تكون معها ..
علمتنا يا حبيبي الشجاعة فقد كان زادك الخيال يا مسافرا دوما , خيال ترجم واقعا في قصص حياتنا بطلها أنت وصبرك وكفاحك ...
لله درك ويرحمك الله
---------


أنت حبيبي / صباح الضامن
سنبقى سويا
رقم 1-
عائلتي الحبيبة : أكتب هذه الكلمات لكم لتبقى على مر الأجيال تأريخا لما تعود الطيور لأوطانها لتغني على أفنانها , وإن لم يقدر لها الله العودة لتقرأ بعضا من الحروف تخبرها أن القيم التي زرعها أبي الحبيب في قلوبنا كانت هي السلاح الذي جعلنا ننتصر على الصعاب في الغربة .
لم يأمرنا يوما بأن نفعل كذا وكذا أو نحب فلانا أو نكرهه بل كانت أفعاله وأحاديثه هي التي بها اقتدينا وغرست فينا لتنمو مع الأيام وتورق وتثمر .
أبي يا حبيبي منذ أن وعيت وأنا أراك في كل جلسة لنا تتحدث عن أخواتنا الكبار , هي فعلت كذا وهي ضحت وهي رعت وهي استطاعت أن تعطي بلا مقابل . في كل مرة كنت تتحدث عن أخواتي بكل عمق وعن أفعالهم وتشعرنا بعظيم امتنانك للمآثر التي كانوا يفعلونها والتي مع الزمن لمسناها وعشناها ورضعنا ألف بائها بمشاهداتنا .. فأتت أقوالك مطابقة لما نعمنا به وما عايشناه من تضحياتهم ..
واستطعت يا أبي بحسن تقديرك لأخواتي الكبار أن تعطينا مثلا رائعا لحفظ الجميل , واحترام الكبير.
ولما حالت ظروف الحرب أن نجتمع مع نصف عائلتنا الذهبية , وضرب بيننا سور من الاحتلال منعهم من القدوم لفلسطين كان القرار الصعب الذي بكينا جميعا لاتخاذه , فكنا بين نارين إما الوطن وإما حضن نصف العائلة التي كانت خارجه .
أتذكر يا أبي تلك الدموع التي ذرفناها سويا ونحن نضع أثاثنا في الشاحنة وأنت وأمي تصبرانا بقولكما , أولادنا هم أرضنا, وهم بيتنا , وهم أعمارنا . ولحظة فراق الصحب والشارع القديم كانت قاسية ولكن الأقسى كان أن نعيش بلا أخواتي ويفصل بيننا سلك شائك زرع في درب خيالنا من تجارب النكبة الأولى في فلسطين وانفصال العائلات عن بعضها .
لمحتك أبي وأنت تنظر إلى البيت بعين مودع وقلبي غاص وغاص وغاص , لأرى أختي الصغيرة وهي تحمل دمية جلبتها لها أختي الكبيرة من السعودية , آه لن تحرمي من حنانهم يا حبيبتي ...
أتدري يا أبي الحبيب بعد أن غادرتنا أنت وأخي إلى عمان لتجهز لنا مكان إقامة وبقيت أنا وأختاي الصغيرتان وأمي فقط لنغادر بعدها في رحلة هي الأصعب وهي الأشق عبر الجسر , أتدري أن خيالك لم يفارقني وأنا أراك ترمق أمي بنظرة فيها قهر وحزن ولكن فيها إصرار أن نعود سوية .
من أجل هذه القيمة التي زرعتها يا أبي فينا قيمة الإتحاد والتماسك , من أجل أن نعيش كما كنا عائلة واحدة لا يفصل بيننا جدار محتل .. نترك عمرا لتبدأ رحلة أخرى في مكان آخر بأرض لم تمهدها أقدامنا بعد .
ويحدونا أمل بالعودة كما كنا , في قلبنا أنت وفي عمرنا الجميع .وفي مساحات حياتنا تلك الخطوط التي زخرفتها فلا تنفك أبدا عنا , قيمة العائلة المتماسكة .
يتبع
لله درك ويرحمك الله
 



سنبقى سويا 2
يكتب القلم , ويبكي القلم بحروف ملؤها الحنين تذكرا لكل شيء
المكان سيارة تقلنا من نابلس باتجاه جسر الملك حسين انتقالا من الضفة الغربية إلى شرقها , إلى المجهول .
ثلاث فتيات صغار أكبرهن أنا في الثالثة عشرة من عمري والأصغر عشر سنين والأصغر ثمانية وأمي الحبيبة يرحمها الله .
تقف السيارة تحملنا ونحمل نحن مع أمتعتنا تلك النبضات الحزينة لترك الوطن .. صغارا نعم ولكنا كنا نعي أنا نترك عمرنا وملاعبنا وزمانا هو ندى على زهر القلب ينعشه .
ونحمل الحزن والخوف من المجهول نمسك بأيدي بعضنا وبأمنا التي كنت أرى شحوب وجهها وتوجسها مما سيحدث .
وتحلقوا حولنا , مجموعة من الصهاينة من نقطة الحدود وشهروا أسلحتهم بوجهنا فالتصقنا جميعا ببعض لنكون جسما واحدا وأجبرونا على ترك السيارة ....
وامشوا , لن نسمح للسيارة بالعبور . صدمة كبيرة واجهت أمي وهي تنظر في المدى بالشارع العريض بعد الجسر الخشبي وقالت مستنكرة :
- كيف سنمشي هذه المسافة الطويلة إنهن صغيرات لا يقدرن ..؟ وهنا اقترب صهيوني منها وحاول إمساك إحدانا لتبعد أمي يده بقوة وتمضي ولا حول لها ولا قوة ..
وهنا , تذكرت أبي الحبيب وتذكرت جلده وشجاعته وقوته ومسيرة الثلاثين كيلومترا لوحده بين الجبال والسهول وخطر الرصاص . وكلما كلت قدماي وقفت ثانية ووجهه المنير ينير دربي.
وأهمس لأمي هيا هيا إنه ينتظرنا كلهم ينتظرونا . وتجلس أختي الصغيرة بعد ساعة من المشي منهكة لا تريد الحراك وحاولت أن أحملها فلم أستطع لتحملها أمي بعضا من الطريق وسرت أجر الأمتعة , أحمل الذكريات في الحقائب ويحملني إسفلت الشارع الملتهب والشمس قد ابتدأت بالتوهج . ساعتان من المشي تنهك الصغار .
- لنجلس قليلا قالت أمي
نجلس على طرف الشارع ولا شيء حولنا غير صمت الموت .. لا أحد وجيف منتشرة على جوانب الشارع وصوت الرصاص بين الفينة والأخرى يذكرنا بأن هناك أحبة ينتظرونا , فلنمض .
أراك يا أبي في هذا المكان وكل مكان , أراك تخبرني كيف كنت تحمل صديقك الجريح في الثورة الأولى لفلسطين .. أراك مبتسما تقول لي هيا يا قوية هيا ... وأسمع أمي يرحمها الله تقول لي هيا يا قوية هيا ...
لنسير ونسير قرابة الخمس ساعات أو الست لننهار في النهاية ولا نملك إلا قليلا من الماء والبسكويت وأرى دمعة أمي تحضن أختاي وتمسك بيدي ونجلس على أمتعتنا ننتفض جوعا وتعبا وخوفا ..
الشارع صامت ولا أحد به ولا نهاية له وتنام الصغيرتان على الأمتعة وتحيطهما أمي الصابرة الشجاعة بذراعيها وأسمعها تهمس : يا رب , يارب ..
وهنا وكأني رأيت من بعيد خيالا لأصيح وأركض له هنا هنا نحن هنا ...
جندي من الجيش الأردني رآنا بالمنظار فهرع لنا وتعجب كيف لصغار وامرأة في الأربعين أن يمشين هذه المسافة وحدهن وقال متعجبا :
- حقا أنتن بطلات وحمل أختي الصغيرة وسار بنا حيث نقطة الحدورد الأردنية ...
ولننتظر أبي الحبيب الذي كان قد يئس من مجيئنا لعلمه بمنع المواصلات ..والذي ما أن رآنا حتى احتضننا جميعا ليقول ...
ناضلنا جميعا لنبقى سويا , وطننا الآن قلوبنا التي أصبحت قلبا واحدا ...
أبي الحبيب لولا شجاعتك ما استطعنا المسير فأنت القائد وأنت الراعي وأنت الذي علمتنا أن نناضل .
لله درك ويرحمك الله
 



عواصف
خارجا في هذه الليلة تثور العواصف تحمل في الأجواء كل ما أذن لها الله لتلقيها حيث أمرها . لا حول لها ولا قوة , لا أمر لها ولا قدرة لنا على إيقافها فهي مأمورة من لدن حكيم عليم .
وكل ما نقدر عليه هو أن نختبيء منها .. نبتعد , ولكنها تلاحقنا بأصواتها وطرقات ما تحمل على نوافذنا وأبوابنا وكأنها تخبرنا وتلح علينا لكي نفهم أسرارا عميقة نغفل عنها كثيرا . سر الاختيار وسر العطاء وسر المنع .
هذه العواصف أعادت لي قلمي الهاديء في غمده لكي يناضل مجددا في الحفر في الذاكرة وإثارة عواصفها لتعود فرحة بالانتصار أنها رغم كل شيء ستكتب عنك يا أبي الحبيب .
أبي , وجهك الهاديء كان سرا من الأسرار التي بعد سنين طويلة لما نضجت مفرداتي ساءلت نفسي عنه :
- أبي يا حبيبي كيف استطعت أن تخفي هذه العواصف الثائرة في دواخلك .؟ كيف كنت تبتسم بهدوء لنا ؟ كيف كنت تحتمل ما يلقى على بوابتك ونوافذك من عواصف الغربة والقهر والبعد والمنع ..؟ كيف تحملت جلوسك أياما وليال دون عمل وأنت من عشق العمل وتفنن في إتقانه ؟ كيف خبأت كل هذا ؟
عن الجميع يا حبيبي خبأته إلا عني لما رأيت دمعك وأنت تجلس تطرق بإصبعك على النافذة من شدة الملل والفراغ , ثم تجلس على سجادتك .
ورأيتها لما كنت ترى الحجيج يمرون من أمام نافذتك وأنت في مدينة جدة ومتجهين لمكة وحبسك المرض وأقعدك ؟؟
أبي يا حبيبي .. هذه الليلة والجو خارجا يثور أتذكرك فأنا لا أراه بل أسمعه , وما رأيت ثورانك بل سمعها قلبي وأحسها ..
علمت أنت يا حبيبي أن الله اختار لك مكانا أرسلك إليه فرضيت وصمت وحمدت , وما سمعتك مرة تتذمر وكأنه يعلمنا من خلالك أن نرضى لاختياره ونرضى لمنعه ونحمد لعطائه . فهكذا كنت أبي الحبيب مبتسما رغم المنع راضيا بالقضاء حامدا للقليل الذي أعطاك ..
آه لو تعلم يا أبي الحبيب أن حمدك وصبرك ورضاك هم من جعلونا دوما بإذن الله نذكرك ونترحم عليك .
فلله درك ويرحمك الله

 

صباح الضامن
  • مـقـالات
  • أدبيات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط