اطبع هذه الصفحة


قصتي مع المنتديات!

سارة بنت محمد حسن


قالوا لي وهم يهزُّون رؤوسَهم في ثقة: ليستْ مكانًا لطلب العِلم ولا للدعوة.
قلت لهم في قوة: لا، لا، لا، هناك طلبةٌ مجدُّون، مهذَّبون، يكتبون فيها.
بل هُناك علماء.
قالوا مشفِقين: المُجدُّ لا يضيع ثَمين وقتِه فيها.
قلتُ في استِنْكار: ليس تضييعًا للوقت، إنَّها دعوة وطلبُ علم.

قالوا: مَن قال لك؟
قلتُ في حماسة: أنا أعلم.
قالوا لي: أنتِ ساذجة.
قلت في تحدٍّ: لا بأس، غدًا سترَوْن.
ثُمَّ انطلقتُ في عالم المنتديات بكلِّ قوَّتي؛ للدَّعوة والاستِفادة، و... وطلب العلم.

فاسمَعْ معي قصَّتي مع المنْتَديات.
القصة الأولى

اقترِبْ معي من الجهاز.
هل ترى هذه الساحة؟
إممم
إنَّها من أكبر ساحات الشات العالميَّة.
فيها غرف إسلاميَّة صوتيَّة.
جميل جدًّا.
دخلتُ إحدى الغرف الإسلاميَّة، كانت غرفةً للاستِماع للقرآن الكريم.
صوت شجيٌّ رائع، حزين.
جلستُ أستمِع في سكون بصري وسمعي.
وفجأة.
شقَّ السكونَ كلماتٌ تراصتْ أمام عينيَّ على الشَّاشة.
أخت دخلت الغرفة.
والظاهر أنَّ الصوت فتَنَها جدًّا.

كتبتْ هي:
رووووعة.
بل أكثر من رووووعة.
أوه ما أجْمل الصوتَ العذْب.
آه كم أثَّر فيَّ الصوْت.
صوْتٌ يحرِّك القلب.
آه يا قلبي القاسي.
استفزَّتْني الأختُ جدًّا.
كلامُها بدا لي - وأنا امرأةٌ مثلُها - مائعًا جدًّا، فكيف سيكونُ وقْعُه على الرجال؟!
كتبتُ لها: أختي الفاضلة، هلا ساعدتِني في العثور على تلك الآية، تظنِّينها في أي سورة.
كتبت: نعم أكيد غاليتي، أَيَّة آية؟
قلت: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32].
قالت على الفور بدون تفْكير: سورة الأحْزاب، الآية رقم 40 أو 43 تقريبًا.



القصة الثانية

دخلتُ هذا المنتدى
لا من فضلك، هذا يختلف
إنَّه ملتقى طلبة العِلم ليتدارسوه، فقط العلم.
انبهار، هذا هو اللَّفظ الصَّحيح الذي يُمكنُني أن أصِف به شعوري
مقالات علميَّة رائعة، منظَّمة جدًّا، مرتَّبة
أبحاث قيِّمة.
ثم وجدتُ هذه المقالة بعنوان....

لا، لا، لا
لا داعيَ لذِكْرِ عنوانِها..
فقطْ هي نقْدٌ للآباءِ المهْمِلين لأولادِهم.
المقالة جيِّدة، وإن كان فيها نوْع تَحامُل على الأهل، لكن جيِّدة في المُجْمل.
تعليقات طلَبة العلم، وما أدراك ما تعليقاتُ طلَبة العلم؟
الأخت الأولى كتبتْ: حسبُنا الله، ونعم الوكيل، أهالي أنانيُّون!
الأخ التالي: أهالي جهلة لا يُراعون أولادَهم، أهالي أنانيُّون، لا يراعون إلا رغباتِهم، قاتلَهم الله.
الأخ التالي: أهالي مُخذِّلون، حسبي الله ونِعْم الوكيل.
الأخت التَّالية: كان لي أخت أعْرِفُها، أمُّها صمَّمتْ على تأْجيلِ زفافِها إلى ما بعدَ رمضانَ؛ لتخدمَها، رغم أنَّ لها بناتٍ أخْرَيات.
حسبي الله ونِعْم الوكيل، أهالي جهلة وأنانيُّون.
الأخ التَّالي: ........ إلخ.

شعرتُ بالذُّعر ثُمَّ استحال الذُّعْر إلى غضَب.
كيف يُمكن لطلبةِ العِلم أن يتحدَّثوا في منتدى عام، يدخلُه كلُّ برٍّ وفاجِر، ومُراهق وغير ذلك، من مُختلِف الأعمار، عن الأهالي بِهذه اللكنة مهما كانَ جرْمهم؟!
كيف؟ ويا ليتَهم أنصفوا.
كأني أسمع كلامَ مَجموعةٍ من المُراهِقين غيرِ الملْتَزمين يتسلَّوْنَ بسبِّ أهاليهم.

كتبتُ:
تعقيب بسيط:
ليس كل الأهالي أنانيين أو جهلة، عندما يتصرَّفون بصورةٍ تبدو للابْنِ مُتعارضة مع وجْهة نظره،
فقط الأبناء لا يفهَمونَ وجهةَ نظر الآباء، التي غالبًا ما تكون أكثر خبرة ووعْيًا منهُم، ولا أظنُّ أنَّه لائق بطلبة العِلْم الحديثُ عن الأهْل بِهذه الطَّريقة، فضلاً عن الدُّعاء عليْهم.
الرد ...
وما أدْراك ما الرَّدّ؟ اتْرُك لخيالك العنان.


القصة الثالثة
أنا مشرِف في منتدى مشهور.
استيقظتُ ذاتَ صباحٍ لأجِدَ موضوعًا جديدًا في منتدى المشْرفين، بعنوان "تعارف".
دخلتُ لأقرأ، مفاجأة، الموضوع عبارةٌ عن دعْوةٍ لكلِّ مشرفٍ ومُشرفةٍ لكتابةِ مَعْلوماتٍ شخْصيَّة عن حياتِه؛ لنتعارف.
اعترضتُ، واعترضَتْ مُشرفةٌ أخرى.
لماذا نعترِض؟ لأنَّ هذا اختِلاطٌ طبعًا.
كيف يتعارَفُ مجموعةٌ من النساء والرِّجال؟!
الرد؟
صاحبُ الموضوع اتَّهمنا بالتَّشدُّد، بالرجْعيَّة والتخلُّف، طالَبَنا بالدَّليل.
وضعْنا الفتاوى والأدلَّة الدالَّة على عدَم جواز ذلك.

النتيجة؟
اتَّهمني في عِرْضي أنا والأخت المشرِفة التي اعترضَتْ!
هكذا بكل بَجاحة، يعرِّض ويصرِّح بكلامٍ لا رائحةَ للتُّقى والحياءِ فيه.
الإدارة؟
التزمتِ الصَّمت.
ثُمَّ خرجتْ ببيانٍ مُفادُه أنَّ: هذا عيب!
فقط؟
وتمَّ إيقافُ العضْو عن الإشْراف، لكِن ما يزالُ يكتُب في المنتديات، ويُراسلُني على الخاصِّ بالشَّتائم القبيحة.
ولا حياةَ لمن تنادي.
والذي أتساءل عنْه: كيف يتمُّ اختِيار المشرِفين في المنتديات؟



القصة الرابعة
دخلتُ هذا المنتدى
لا من فضلك، هذا يختلف
إنَّه منتدى الأدب، تُجمع فيه المقالات عن الآدابِ التي يتحلَّى بِها طلاَّب العِلم.
وجدتُ مقالاً رائعًا..
عادتي كرَجُل ألاَّ أعلِّق على مقالِ أُخْت - مهْما كان رائعًا - بالثناء والمديح
فقط أقرأ، وأدعو لكاتبَتِه أو ناقِلَته في نفسي، أو في صلاتي.
تابعتُ التَّعليقات، غالِبُها رجال!
أحدُهم أسهَب في المديح، خاطَبَها باسْمِها مُجرَّدًا، هكذا بِلا حياء: رائع يا فلانة – اسمها –
.. روعة

دائمًا تُتحفينَنا بكلِّ جديدٍ ورائع، أحسن الله إليْكِ.
رعاكِ الله أُخيَّتي - وضع خطًّا تَحت أُخيَّتي: تصغير للتدليل.
لا عليْك غزل عفيف!
استوقفَنِي أيضًا ردُّ الأخْت عليْه..
كانت تتحدَّث بِجُرأة.
شكرتْه وسمَّتْه باسْمِه مجرَّدًا: شكرا لك أخي الكريم (فلان)..
حيَّاك الله وبيَّاك، مشكور على كلِماتِك الرَّقيقة..
جزاك الله خيرًا.

هكذا كأنَّهما صديقان حميمان!
غلَى الدَّم في عُروقي..
لا أعرف مَن ألوم، هل ألومُ الأخَ الذي غازَل؟ أمِ الأُخْت التي تجاوَبَتْ معه؟ أم نفسي التي قرأت؟!
يا إخوة، رفقًا بالقوارير، اتَّقوا الله فيهنَّ.
يا أخوات، إنَّما هلك بنو إسرائيل بفِتنة النساء.



القصة الخامسة
"نلتقي لنرْتقي"
شعار غير مكتوب، رفعتْه كلُّ المنتديات.
قد تظنُّ أنَّ المقصود: نلتقي لنرتقي في الدِّين مثلاً.
في الواقع: هذا ما بدا لي للوهْلة الأولى
تمامًا مثلما بدأتِ الجماعات الإسلاميَّة على اختِلافها وتنوُّعها
ثُمَّ بعد اللقاء يأتي الفِراق.
وتعرف أنَّ هذا اللقاء كان لتضيِيع الأوْقات، برفْع المنتدى لا الدين، وشهرة المنتدى لا العلم.
وكثْرة أعضاء المنتدى مُقارنةً بالمنتديَات الأخرى
ونُكْثِر مدْح الأعْضاء على ما كتبوا، بغض النَّظر عن محتواها
ونفتِكُ بالمُخالفين ولوْ في مسألةٍ فقهيَّة
ونرْفع مواضيعَ رائعة خاصَّة بِمدْح المنتدى، وشكر الإدارة، والانبِهار بالمشْرِفين الأجِلاء المعصومين!
ونبكي على ركود المنتدى.
ونظلُّ ندور في مِحوَر المنتدى، إلى أن نلقى الله ونَحن نُردِّد:
فليحْيا المنتدى، يَعيش، يعيش، يعيش.
نعوذ بالله من الخذلان.



القصة السادسة
منتدى كبير يَجمع الطَّلبة المتميِّزين حقًّا..
دائمًا يمدح الطلبةُ المشرفين
لماذا؟ لست أدري!!
لعلَّك تعرِف السَّبب إذا رأيتَ مشرْفًا يردُّ على مُبتدعٍ بِغِلْظةٍ، ويُهينُه إهانةً شديدةً، ويسخَرُ منْه ومن فهْمِه وعقْلِه
ويُهلِّل الأعضاءُ ويصفِّقون له، فقد فتَح البلادَ وأخْضع العباد!

وعندما تُراسِله بـ: ((إنَّ الرِّفق ما كان في شيءٍ إلا زانَه، وما نُزِعَ من شيءٍ إلا شانَه))، وتؤكِّد أنَّ هذه العبارةَ من كلام النَّبيِّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم - لا من كلامِك الشَّخْصي، وأنَّك تخشى أن يقرأَ ردَّه السَّاخِر الغليظَ أحدُ الجهَّال أو غير المسلِمين، فينفِر عن الحقِّ ويتعاطفُ مع الباطِل.
فيردُّ عليْك بثقةٍ وغِلْظة: يا هذا، أنا لستُ غليظًا، فقطْ أنتَ لا تَعْرِف حقائقَ الأُمور، إنَّ الذي تُدافع عنه مبتدع.
وكلَّما انتصر المشْرِفون في جولةٍ كلاميَّة بالغِلْظة والإهانة والسُّخرية
وأوْقفوا على إثْرِها العضْو الفاسِد خشيةَ أن يردَّ عليْهم بالشُّبهات والأباطيل
هلَّل الأعضاءُ وكبَّروا ومدَحوا المشْرِفين أكثر، وأكثر، وأكثر.

العجيبُ أنَّني كنتُ أجِد بعضَ مَن يُقال عنهم مبتدعة، كانوا يستَفْسِرون بِبراءةٍ، أو ينقلونَ مقالاً عن جهل، هكذا بدا لي الأمْرُ أحيانًا، وكنت أشعر أنَّه لو تفضَّل أحدُهم ببيان الحقِّ بأدبٍ، لقبِلوا الحقَّ، لكن واضحٌ أنَّني لا أفهَمُ بواطِنَ الأُمور!


القصة السابعة

قالوا لي: يدخُل فيهم مَن ليس منهم.
قلت: مُحال أن يدَّعي السَّلفيَّة مَن ليس بسلفي، ولِم يفعلُ ذلك؟
وكنتُ - كالمعتاد - ساذجةٌ جدًّا.
دخلتُ غرفةَ بثٍّ مباشِر.
كان الدَّرس لشيْخٍ شهير، ينقله بعضهم بثًّا مباشرًا من المسجد.
كان الجوُّ رائعًا.

بعضُهم يكتب فوائد، بعضهم يفرغ المحاضرة بسرعةٍ خلْفَ الشَّيخ، ثُمَّ يكتُبُها على العام، بعضُهم يلخِّص الكلام في نقاط.
كنت جديدةً في هذا المَجال، ولم أتعلَّم إغلاقَ الخاصِّ.
وكانتْ عيناي تُتابعان ما يُكتَب بشغفٍ، كل هذا الكم من المعلومات!
كم أنا ضئيلة في العِلم!
فجأة، ظهرتْ لي نافذةٌ صغيرة.

السَّلام عليْكم.
كتبتُ بتلقائيَّة: وعليْكم السَّلام.
أنا سلفي، هل أنتِ سلفيَّة؟
تعجَّبتُ في نفسي، سلفي ويُحادثُ النِّساء!
كتبتُ: غير جائزٍ مُحادثة الرِّجال والنِّساء - ولو على النت - بِهذه الصورة.
ابتسامة ساخرة - ولِماذا هذا التشدُّد؟ سنتعاون في العلم.
جعلتُ أبْحثُ عن طريقةٍ لإغْلاق النافذة، استغرق منِّي هذا ثلاثَ دقائقَ ثَمينة.
كان الأخ، قد كتبَ خلالَهم كلَّ ما يُفيدُ جوازَ مُحادثةِ الرِّجال والنِّساء للضّرورة.
ولستُ أدري أين كانتْ هذه الضرورة العصْماء في مثل تلك المحادثات؟!


القصة الثامنة

عندما تدخُل على موضوع لمشرفٍ مشهور في منتدى، وتكتُب اعتراضًا على كلمةٍ، أو حُكْمٍ ما، أوْ أسلوبٍ بذيء، أو استهزاءٍ وسُخريَّة، أو أي شيْءٍ يَجب شرْعًا الاعتِراضُ عليْه من وجهه نظرك.

يَمتنع الأخ المشرِف من مُحاورتِك، ولا يتنزَّل لمستواك الدَّنيء، ولا يناقِشُك - أعني يجادلك - لأنَّ تارك الجدل في الجنَّة.

ثُمَّ يدخُل عضوٌ جديدٌ - ليس له إلا ثلاث أو أربع مُشاركات في المنتدى - فيؤيِّد وجهةَ نظَر المشْرِف، ويسفِّه كلامَك واعتراضَك، ويعتبر أنَّ البذاءةَ والسخرية في محلِّها تَمامًا، وأنَّه يصحُّ أن تصدُر من مثْل هؤلاءِ الجبال، الذين يدافعون عن الشَّريعة - يعني المشرف.

وعندما تبحثُ عن هذه المشاركات الثَّلاث تَجِدها كلها تعقيباتِ تأْييد لنفْسِ المشْرِف.
تظلُّ تتساءَل في حيرة: أهُما نفْسُ الشَّخص أم أنَّك سيئُ الظَّنِّ؟


القصة التاسعة
عندما تقومُ بعمل عدَّة مواضيع تَحمِل نفْس الاسْم مرقَّمة.
أو تكتُب مُشاركة بطريقة معيَّنة.
أو تنقل موضوعًا ما، من مكانٍ ما، أو عن شيْخٍ ما.
تَجد اعتراضًا من المشرفين.
ويتمُّ حذْف موضوعِك، باعْتِبار أنَّ من حقِّ المشْرِف حذْف ما يَشاء دون استِئْذانِك.
ثمَّ تَجد أنَّ هُناك مُشرفًا في نفْس المنتدى يفْعل نفْس الشيء، فلا يُنكِر عليْه أحد.

وتظلُّ تتساءل: لماذا أنا؟ وليس هو؟
وتشعر أنَّ الكيْل بِمكياليْن.
وأنَّ حقوقَك ليْست كحُقوقِ المُشْرفين.
عندما تكتُب موضوعًا فيعترض الأعضاء.
ويكتب المشرفُ نفس الموضوع فيهلِّل نفس الأعضاء.
فيطرح هاهُنا سؤالٌ هام: يا تُرى، ما هيَ حقوقُ المشرِف وحقوقي كعضو؟
وما هِي واجباتُ المشرِف وواجباتي كعضو؟


القصة العاشرة
دائمًا أُتابِع عددَ المُشاهدات للصفحة.
فلفت نظري أنَّ كلَّ موضوعٍ فيه شجارٌ أو مناظرةٌ أو ما شابَهَهُما.
يرتفِع فيه عددُ المُشاهدات إلى درجة عاليةٍ جدًّا.
وكلُّ موضوعٍ فيه ورشُ عملٍ، أو بَحث جماعي، أو حملة على النت للدَّعوة، تقلُّ فيه المشاهدات،
والمُشارَكات.
وبالنِّسبة لِهذه الصَّفحات تَجِد الاعتِذارات.
دائمًا النَّاس مشغولة، لا يَستطيعون الالتِزام بوقْت للعمل.
وهكذا تكتشِف فجأةً أنَّ كلَّ هؤلاء المتواجدين دائمًا قدِ اختفَوْا فجأة.
وأنَّ وراءهم مشاغلَ ومسؤوليَّات جسيمةً جدًّا.
ومنهم من يعِدُ ويُخلف، باعتِبار أنَّه لا أحد يعرِف مَن أنت، ولا أحد سيحاسبُك.
ومن حقِّك في أيِّ لحظة أن تَختفي وتظهَر باسم آخَر، ومعرف آخر، ووجْهٍ جديد



القصة الحادية عشرة
ها هو ذا، جالسٌ أمام الجهاز، يؤذِّن الأذانُ تِلْوَ الأذان، وهو يصلِّي تلك الصلاةَ قبل الأذان التالي!
الجماعة والمسجد؟
لا وقت لِهذا، فهُناك أولويَّات، وليس هناك أهمُّ من المناظَرات.
مناظرات - مناقشات - مُماراة بدون فائدة، بل أحيانًا نقاش مفتَعَل افتِعالا!
هو ذا جالسٌ متربِّص يقرأُ هذا، ويرد على هذا، ويقهْقِه منتصِرًا لعَجْز هذا عن الرَّدِّ عليْه.
يقيم ويُشرف، ويَحذف ويقرأُ بنصف عين.
ويكتب، ويكتب، ويكتب.

يكتُب أنَّه بكى لمَّا قرأ هذا، وعيناهُ أجفُّ من قطعةِ قماشٍ منشورة في حرارةِ شَمس الظهيرة، في صيفِ الصَّحراء!
يكتب أنَّه تأثَّر بِهذا، وقلبه أقسى من حجرٍ أصمَّ، قاموا بصبِّ طنٍّ من الفولاذ فيها وعليْها.
هو يُمثِّل أكثرَ من شخصيَّة بالمنتديات، أسْماء وأساليب مختلفة، حتَّى يبدو أنَّه نسي مَن هو وكيْف سيتصرَّف في الواقع؟
يَجري طوالَ النَّهار شاردَ الذِّهن حتى يَجلس أمام مدينتِه الحقيقيَّة.
حياته في الواقع كالسَّمكة في الصَّحراء لا يتنفَّس فيها.
صارت هذه حياته، حياة آلية، إلكترونيَّة، يتنفَّس بالمنتديات، يأكل منها، يضحك لها ويبكي عليْها.
ترى أهذا هُروبٌ من الواقِع الأليم؟ أم هروبٌ من المسؤولية؟ أم ... ؟
ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.

 

سارة بنت محمد
  • الأسرة
  • وسائل دعوية
  • درر وفوائد وفرائد
  • تربية الطفل المسلم
  • قضايا معاصرة
  • عقيدة
  • رقائق
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط