اطبع هذه الصفحة


وحيدة في القطار

سارة بنت محمد حسن


قالت له: متى ستأتي لتأخذني؟
قال متأسفا: لا أجد وقتا، والظروف تحول بيني وبين السفر الآن..ما رأيك لو عدت مع أقاربك..أليس فلان معهم، وهو محرم لك؟
شحذتها كلماته على السفر عائدة لبلدتها معهم..كانت المشكلة أنهم قاموا بحجز التذاكر ..أما هي ...فلم تفعل، والوقت وقت ذروة
لكن حماستها دفعتها للتجربة ..ستذهب إلى محطة القطار – بعد الاستخارة- وستجد إن شاء الله مكانا
ذهبوا جميعا وظلت في السيارة ريثما يسألون عن إمكانية الحجز..
وجاءت البشرى...هناك مكان ولكن في عربة أخرى من القطار.....وافقتْ واتفقوا على إبدال الأماكن مع أحد الجالسين
صعد محرمها بالحقائب ووضعها في العربة وصعدت هي بطفلتها الصغيرة وحملها الذي يثقل حركتها واتخذت مكانا غلب على ظنها أنه هو المذكور في التذكرة
وجلست منتظرة تحرك القطار حتى تنتقل إلى العربة الأخرى..
وتحرك القطار...
ومر بها محصل التذاكر..ونظر إلى تذكرتها ثم وضع علامة على صحتها وانصرف!
وأخذ القطار يتهادى على القضبان رويدا رويدا..
فاتصلت بأقاربها ليبدأوا عملية الانتقال ..

-
أأنت في القطار؟
-
بالتأكيد وكيف سأنزل ولماذا؟
-
نحن نزلنا منه!!
-
لماذا؟؟
-
  لأنه ليس قطارنا
-
  ............
-
  يا فلانة!
-
  أتخبروني الآن؟؟!

 أغلقت الهاتف متسخطة عليهم، ونادت محصل القطار: هذا ليس قطاري! أريد النزول أوقفوا القطار..
نظرات ما بين مشفقة و ساخرة..
سكتت على مضض وهي تشعر بالقهر والعجز..إذا استطاعت أن تقفز من القطار بابنتها وحملها الذي يثقلها والقطار يسير فماذا ستفعل بالحقائب؟؟ زاد الشعور بالقهر والعجز عندما أتاها المحصل يجادلها في دفع غرامة لأنها ليس معها تذكرة لهذا القطار..
جادلته بانفعال وقوة..هي ليست امرأة ضعيفة لا ساذجة..تستطيع أن تدافع عن نفسها جيدا
انصرف عنها..فجعلت تبكي في صمت ومن حولها يراقبونها ...لماذا تبكي..لا تبدو خائفة ولا ضعيفة...عجبا!
اتصل زوجها ووالدها وو...الخ وهي تبكي وتستمر في البكاء..
يواسونها لن يحدث شيء إن شاء الله سيصل القطار إلى المحطة ويستقبلك زوجك..يتعجبون من بكائها وهم يعرفون أنها امرأة قوية الجنان حديدة اللسان..لا يستطيع أحدهم أن يمس شعرة منها..والقطار آمن تماما..وجميع من حولها من أهل البلد الشجعان!!


-
  بكاء
أفقدهم بكاؤها قدرتهم على التفكير والتركيز ..لماذا تبكي يا حمقااااااء؟


-
  بكاء
لا أحد يفهمها وقدرت أن الصمت أفضل من محاولات الشرح والإقناع..
أغلقت الهاتف وجلست ومعها شعورها بالقهر والعجز لا يفارقانها...
قامت إليها فتاة شابة وراحت تواسيها وتحاول تطييب خاطرها..وعرض عليها البعض مساعدتها بمال أو بأي شيء ووعدوها بمساعدتها في حمل الحقائب..


-
  بكاء
ربتت الفتاة على كتفها وقالت لها مندهشة: لا تخافي كلنا معك كلنا أخواتك وإخوانك!

قالت من بين دموعها متغيظة: علام تواسوني يا قوم!! أنا لا أخشى شيئا مما ذكرتموه ولا أريد مالا ولا مساعدة...ألا تفكرون فيما أنا فيه الآن؟؟ أنا في القطار وحيدة ..بدون محرم! فلو انقلب القطار الآن هل أموت عاصية لله ورسوله؟!


تخشى هذا وهي معذورة ! سبحان الله
قال صلى الله عليه وسلم:"
لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم . فقال رجل : يا رسول الله ، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا ، وامرأتي تريد الحج ؟ . فقال : اخرج معها ." متفق عليه واللفظ للبخاري.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن حرص على العمل بأمره وأمر رسوله..ولم ينتحل الحجج لتركه ..ولم يعاند ويكابر..."فلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" سورة النساء – 65


سارة بنت محمد حسن

 

سارة بنت محمد
  • الأسرة
  • وسائل دعوية
  • درر وفوائد وفرائد
  • تربية الطفل المسلم
  • قضايا معاصرة
  • عقيدة
  • رقائق
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط