اطبع هذه الصفحة


أقسام الناس في صفات الله تعالى (1)

 

سارة بنت محمد حسن


إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد،
فهذه وريقات مختصرة في بيان أقسام الناس في صفات الله تعالى من حيث نفي معانيها وإثبات ذلك أردت اختصاره مع بيانه وتوضيحه.
ولا يسعني إلا أن أذكر القارئ بأبيات الشاطبي:
أخي أيها المجتاز نظمي ببابه....ينادي عليه كاسد السوق أجملا
وظن به خيرا وسامح نسيجه....بالاغضاء والحسنى وإن كان هلهلا
وسلم لإحدى الحسنيين إصابة ....والاخرى اجتهاد رام صوبا فأمحلا
وإن كان خطئا فادّاركه بفضله....من الحلم وليصلحه من جاد مقولا.

فما كان من خطأ فمني ومن الشيطان والله تعالى منه براء وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



لا جرم أنه قد جرى العرف على التقديم بأهمية العلم المطروح للمدارسة

ولا جرم أنني أهوى مخالفة ما اعتاده الناس!

فلن أتحدث عن أهمية علم الأسماء والصفات وأهمية معرفة أقسام الناس فيه...ولكني أتعهد بإذن الله أنه بعد عرض أقسام الناس ومذاهبهم في فهم صفات الله، سنعرف جيدا أهمية هذا العلم وتوغله في أكثر من محور ..وكذلك تأثيره على طريقة فهمنا وتفسيرنا ليس فقط للنصوص الشرعية بل كذلك واقعنا في الحياة اليومية!
وسنرى مدى أهمية هذا العلم الثمين ..
لنبدأ والله المستعان ...

اللهم إليك نبرأ من كل حول لنا وقوة ولجأنا إلى حولك وقوتك اللهم لا تخذلنا فإنه إن كان ثمّ خطأ فمنا ومن الشيطان، وما كان من فضل وصواب فمنك وحدك لا إله إلا أنت عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير

1- المثبتون للمعاني الظاهرة
إن المتصور لكل كلمة تقال أن يكون لها معنى وكيفية

فعندما تقول كلمة "برتقال" مثلا فالمتبادر للذهن أننا نتحدث عن فاكهة، فمعنى الكلمة أنها فاكهة لها طعم طيب ...لها رائحة طيبة...فذاك علم 

وأما من لمس البرتقال ورآه فهو يستطيع وصف شكله ولونه ...وذاك رؤية
وأما من تذوق البرتقال فهو يعرف أن طعمه الطيب هو كذا وأن لونه هو كذا وأن شكله هو كذا...الخ وهذه هي الكيفية ...وتلك معاينة 

فأما المقام الأول فهو يعتمد على معلومات بلغة مفهومة...وأما المقامان الثاني والثالث فلابد فيهما من استخدام حواس كالنظر واللمس.

إذن هي قاعدة عامة لكل لغات العالم وليست خاصة باللغة العربية

أن لكل لفظ مدلول يسمى المعنى ، ومدلول يسمى الكيف

فحديثنا الآن عمن أثبت المعاني في أسماء الله وصفاته ثم نقسمه إلى قسمين 

1- قسم أثبت المعنى الظاهر الصحيح وأثبت كيفية وكّل علمها إلى الله

2- وقسم أثبت المعنى الظاهر وأثبت كيفية مثّلها بشيء من الموجودات أو صورها بشيء من التخيلات
وتفصيل ذلك يحتاج إلى شيء من التقديم...

فلا شك أن من له شيء من الاهتمام بعلم الأسماء والصفات يعرف جيدا أن القرآن لما نزل وتلقاه الصحابة بالإيمان لم تكن لديهم أي إشكالات في فهم أسماء الله تعالى وصفاته فهم عرب والقرآن عربي نزل بلغتهم خاطبهم بما يفهمون

إنما نشأ الاضطراب عندما اختلط العرب بالعجم وبدأ يتوافد على العرب وعلى الإسلام الفكر الفلسفي الموجود في الأديان الأخرى.

فبداية الأزمة لم تكن فقط متمثلة في "الجهم بن صفوان" الذي كان نكالا على الأمة في الكثير من مسائل العقيدة..بل يمكننا أن نقول أن أستاذه "الجعد بن درهم" ومن تلقى عنهم العلم كانوا لبنة أساسية في ظهور المشكلة على يد هذا الشقي الجهم بن صفوان

فكانت سلسلة مشايخه كالتالي:

الجهم بن صفوان عن الجعد عن ابن سمعان عن طالوت عن لبيد اليهودي.

والجهم بن صفوان: هو أساس البلاء في أمة الإسلام، ويعد مؤسس كل الفرق البدعية الذين نقلوا أقواله المخترعة،
وكانت بداية ضلاله بسبب مناقشته السمانية حيث سألوه ربك هذا أيرى أيسمع أيشم؟؟ فترك الصلاة أربعين يوما وشك، ثم خرج عليهم فسألهم الروح التي في أجسادكم أترى أتسمع أتشم؟ قالوا لا، فقال إن الله في الكون كالروح في الجسد
...
وكفره العلماء بسبب ركله للمصحف عمدا وأظهاره أقوال وأفعال لا يمكن أن تصدر من مسلم ذاق رائحة الإيمان
وشيخه الجعد بن درهم عنه أخذ الجهم خزعبلاته

وهو الذي ضحى به قصاب الزنادقة: خالد بن عبد الله القسري في عيد الأضحى
أما لبيد بن الأعصم فهو اليهودي المعروف الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم


هكذا نعرف بداية البدع كيف نشأت في أمة الإسلام...وأن مشايخ المبتدعة هم من خلطوا اليهودية بفلسفة الشرق وبالنصرانية ولبسوا بها المعتقدات الصحيحة الإسلامية...فلا تكاد تتنظر في أقوال أهل البدع إلا وترى لهؤلاء الملل صدى وبصمات واضحة جدا

فيالها من سلسلة إسناد مظلمة ساقطة لم ينل من ينهل العلم عنها إلا ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا ...فما له من نور
نسأل الله تعالى أن ينور قلوبنا وبصائرنا بالإيمان به

ولأن كل تطرف لابد أن يقابل بمثله...نشأ عندنا صنف غالوا في نفي الصفات وصنف غالوا في إثبات الصفات...وهدى الله أهل السنة إلى الحق الذي عليه الصحابة ..وهو إثبات بلا تمثيل ولا تعطيل 

نعود لحكاية الألفاظ :
إذن كل لفظة في اللغة لها شقان
شق يوضح لنا المعاني وقسم يوضح لنا كيفيتها
فإذا قلت مثلا
هناك بلاد اسمها أمريكا، هذه البلاد واسعة، فيها بنايات تسمى ناطحات السحاب

هذه العبارة السابقة لا يوجد شخص يفهم العربية لم يفهم معناها...لكن قد يكون هناك شريحة واسعة جدا لم تفهم ((كيفيتها)) وهناك شريحة أيضا قد قاست كيفيتها بقياس سابق في الذهن
نأخذ كلمة (واسعة) مثلا:
1- من رأى أمريكا وزارها..يعرف كيفية كلمة(واسعة)عندما نصف بها هذه البلاد..فنحن هنا لا نتحدث عن (حديقة واسعة) رغم أن الكلمة(واسعة) تعد صفة واحدة يصح وصف (أمريكا والحديقة بها) ...لكن بالتأكيد الكيفية تختلف!
2- من رأى بلاد تشبه أمريكا في سعتها سيفهم إلى حد كبير كيفية الكلمة(واسعة)
3- من لم ير بلادا واسعة ولم ير وسع بلده هو شخصيا سيفهم أنها بلاد كبيرة جدا (المعنى)...لكنه قد لا يعلم (كيفية) هذه السعة 
وكذا يقال في كلمة (ناطحات سحاب) مثلا
فمن زار أمريكا يعرف عم نتحدث تحديدا
وهناك من يقيسها على ما رآه في بلاده إن كان فيها ناطحات سحاب أو رأى صورا لتلك البنايات
وهناك من لن يستطيع إدراك الكيفية الحقيقية (الشكل) لهذه البنايات لكنه يدرك جيدا أنها ليست بناية من طابقين!! ويفهم جيدا أنها بناية كبيييييييييرة جدا وعاااااااالية
 
وهذا الأخير أدرك المعنى ولم يدرك الكيف

فلهذا نقول:
 إن المثبتون للمعاني الظاهرة فسنجد أنهم ينقسمون إلى قسمين

1- أهل السنة الذين يقولون إن القرآن نزل بلغة عربية والعرب الذين نزل فيهم القرآن كانوا يسألون النبي صلي الله عليه وسلم عن معانيه وكانوا يفهمون معانيه كما نفهم نحن معاني العبارات التي تنطق بلغاتنا..

فيثبت أهل السنة أن لكل آية معنى وأنها مفهومة وبلغة فصيحة وبليغة وواضحة 
قال تعالى:" بلسان عربي مبين"
ولا نستثني من ذلك آيات الصفات 
فصفات الله تعالى التي وردت في القرآن لها معان علمها من علمها وجهلها من جهلها 
كلٌ على قدر علمه باللغة والمعاني المستخدمة فيها 

وكذلك الأيات التي وردت في صفات الغيب بصفة عامة 

فالجنة فيها فاكهة ولحم طير وفيها أشجار وأنهار والنار لها شرر كالقصر وفيها شجر الزقوم والملائكة لهم أجنحة وكل هذه الصفات المنسوبة لهذه المخلوقات الغيبية لها معانٍ نعلمها كلنا ونثبت هذه المعاني
ولكن كذلك كل إنسان مسلم يعرف جيدا أن الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فهو يفهم معاني هذه الأشياء ولكن يعلم جيدا أن الآخرة ونعيمها والنار وعذابها ليس فيها مما في الدنيا إلا الأسماء

فهذا حال المخلوق تختلف كيفيات صفاتها باختلاف أنواعها فكيف بخالق كل شيء الذي ليس كمثله شيء؟ ..
فهذا الفهم هو منطق العقل السليم لا السقيم

إن الله تعالى ذكر عن نفسه سبحانه أن له يدا ، وله وجه وله عين وأنه سبحانه كبير وعظيم وجميل 
وأنه يغضب على الكافرين ويحب المؤمنين ويرضى عن الشاكرين ويستهزئ بالمستهزئين
وأنه تعالى على العرش استوى.......الخ ما جاء في الكتاب والسنة عن صفات الرحمن
فكل هذه الصفات لها معانٍ نفهمها بوضوح
لكن ما لا تدركه عقولنا هي كيفيات هذه الصفات 
فإن العقل مناطه الحواس والحواس مناطها المحسوسات 

فحين تتحدث عن الفيل أنت تتحدث عن مسمى معروف، أما حين تتحدث عن الفراغ الموجود في الفضاء هل يمكنك أنت كرجل لم يسافر في الفضاء أن تفهم كيفية هذا الفراغ؟؟ لا
 
أنت تدرك معناه لكن لا تدرك كيفيته لأن حواسك لم تباشره برؤية ولا بغيرها...بل لو تحدثنا كما في المثال السابق عن ناطحات السحاب فسنجد من يفهم المعنى ولا يدرك حقيقة الشكل والكيفية

يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى :" ما من شيئين إلا بينهما قدر مشترك وقدر فارق فمن نفى القدر المشترك فقد عطل ومن نفى القدر الفارق فقد مثل"

فالقدر المشترك هو المعنى، والقدر الفارق هو الكيفية 
فمن نفى القدر المشترك كما سيأتي بيانه في قسم النفاة فهو المعطل، ومن نفى القدر الفارق وجعل الصفات مشتركة متماثلة من كل وجه فهو الممثل

وهذا ينقلنا إلى القسم الثاني ممن يثبت المعاني الظاهرة 
لنفرق جيدا بين أهل السنة والجماعة وبين الممثلة، فإن هناك من أصابه إثبات صفات الرحمن بهوسٍ فجعل يرمي أهل السنة بأنهم (حشوية) [1] وأنهم (ممثلة) لينفر الناس عنهم

فما حكاية القسم الثاني الذين هم ممثلة

هؤلاء قوم كأنهم يقولون ما يلي:

الفيل كبير والعصفور كبير 
فــــــــصفة (كبير) عند الفيل = صفة (كبير) عن العصفور!!

يزحف الثعبان على (بطنه)، وتحمل الأنثى ولدها في (بطنها) فـــــــلفظ (البطن) عند الثعبان = لفظ (البطن) عند أنثى الإنسان!

فمن من العقلاء يحتمل هذا الكلام ويقره؟؟!

يقولون مادام اللفظ واحد فحقيقته واحدة وكيفيته واحدة..
ولكن هذا الكلام لا يصح لا عقلا ولا نقلا

فنقلا قال تعالى:" ليس كمثله شيء" وفي نفس الآية أثبت صفتين واسمين: قال :" وهو السميع البصير" فهو سبحانه ليس كمثله شيء في صفاته 
وعقلا نكتفي بالمثال السابق وأشباهه كثر

إذن فأهل السنة يثبتون ما أثبته الله لنفسه في كتابه وما جاءت به سنة الرسول صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل

فمهما قابلك في كتاب الله من صفات الله، فنحن نقر أن لها معنى صحيح مفهوم وأن معناها هو المعنى الظاهر المعروف في لغة العرب، ونؤمن أنه لكي نكيف هذه الصفات فلابد أن نعاين صاحب الصفات أو توصف لنا كيفياتها ممن رآها

فلما لم يأتنا وصف للكيفية ولما لم ير أحدنا ربه فنؤمن بما آتانا علمه ولا نفتش فيما وراءه قال تعالى:" ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسئولا"
والحديث عن ذات الله وصفاته بلا علم فهو ظلم وتعد وتطاول لا يليق بمن تأدب بأدب النبوة وأحب النبي صلى الله عليه وسلم واقتفى أثره وآمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا

ولأن المسائل تتضح بأمثلة كما ستتضح أكثر ببسط الكلام عن ضد ما ذكرنا كما سيأتي بإذن الله
ولنأخذ بعض الأمثلة التطبيقية أولا على ما بسطناه قبلُ:

صفة العلم والحكمة

بناء على ما سبق نقول إن الله تعالى متصف بصفة العلم وصفة الحكمة كما قال عن نفسه


وحكمة الله تعالى ليست كحكمة المخلوقين أبدا، كما أن علمه ليس كعلم المخلوقين لقوله تعالى:" ليس كمثله شيء"

والله تعالى حكيم عليم وله إرادة مطلقة يفعل ما يشاء وقتما يشاء كيف ما يشاء وفي كل أفعاله حكمة..

في حين أن المخلوق لو قلنا أن لديه حكمة أو علم فهي حكمة محدودة وعلم محدود قال تعالى:" وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"
وقد لا يكون لديه إرادة تنفذ تلك الحكمة، وقد يكون للمخلوق إرادة نافذة كالملوك - رغم أنها محدودة أيضا ولكن نافذة بالنسبة لغيره من المخلوقات ورغم ذلك قد لا تكون له حكمة أو علم يخدم به هذه الإرادة.

وحكمة ربنا جل وعلا هي حكمة مطلقة وعلمه محيط بكل شيء لا يخفى عليه خافية ولا يعجزه شيء فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن 
وما شاء الله تعالى وقدره كونا فهو الحكمة كلها علم بعضها من علم وخفي على أكثرنا منها ما خفي
وما شاء الله تعالى وشرعه فهو الحكمة والخير والصالح علم بعضا من حكمة الله أمره من علم وجهل أكثرنا منها ما جهل

ويتمثل إيمان المرء بعلم الله وحكمته وإرادته في الاجتهاد في استكمال أمرين:
1- إيمانه بالقدر
2- تسليمه للأمر الشرعي

صفة السمع والبصر
وكذلك قال ربنا عن نفسه أنه متصف بالسمع والبصر، فنثبت له ذلك عز وجل، والمخلوق له سمع وبصر، ولكن ليس السمع كالسمع ولا البصر كالبصر
فإن كان بصر الكلب يختلف عن بصر الإنسان، وسمع الكلب يتصف عن سمع الإنسان بشهادة العقلاء والعلماء، وكلٌ من الكلب والإنسان مخلوق

فكيف نمثل صفة الخالق بصفة المخلوق

فللخالق سمع وبصر يليقان به سبحانه، سمع وبصر كاملان لا يلحقهما النقص والآفات لأنه تعالى منزه عن كل عيب ونقص، وليس لهما مثيل في خلقه، ولا تكيفه العقول القاصرة بل يقف المرء عند حدود عقله يؤمن بما علمنا الله ولا يقف ما ليس له به علم.
وللمخلوق سمع وبصر يليق به كمخلوق فقير عاجز ضعيف لا حول ولا قوة له إلا بربه

ويتمثل إيمان المرء بصفتي السمع والبصر في الاجتهاد في مراقبة الله تعالى في كل كبيرة وصغيرة، وخشية الله عز وجل، ثم تقوى الله في نعمة البصر والسمع بطاعة الله في ذلك لعلمه أن الذي شق سمعه وبصره بحوله وقوته قادر على سلب ذلك منه، وأنه مهما كان بصره حادا، فإن الله تعالى يعلم خائنة عينه ويرى استراق سمعه وأن هذه الصفات التي خلقها الله فيه ستشهد عليه يوم القيامة

قال تعالى:" وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم"

ثم نضرب الآن مثالا على أكثر المسائل شيوعا في هذا الباب، والذي يكثر فيه اللغط والاعتراض

قال تعالى:" الرحمن على العرش استوى"
الاستواء صفة من صفات الله، نسميها صفة فعل
ولبسط أنواع الصفات نحتاج إلى موضوع مستقل لكن نجمل فنقول: الصفات ذاتية وفعلية، وصفات تجمع بين الذاتية والفعلية

فأما الذاتية فهي التي لا تفارق الموصوف ويعبر عنها في الكتب بقولهم: لا تنفك عن الذات
ومثالها: العلم والرحمة والحكمة والسمع والبصر...الخ
ومنها صفات معنوية مثل ما سبق، ومنها صفات خبرية كالوجه واليد
فلا يمكن أن يتصف ربنا في وقت ما بضد هذه الصفات
وأما الفعلية هي صفات يفعلها ربنا متى شاء وكيف شاء كالنزول إلى السماء الدنيا مثلا في الثلث الأخير من الليل، والضحك، والفرح...الخ
والنوع الثالث هو ما يجمع بين الصفات الذاتية والفعلية
كصفة الكلام فهو سبحانه وتعالي متصف بالكلام أبدا، وأما آحاد الكلام فهي صفة فعلية يتكلم الله تعالى بما شاء وكيف شاء ووقتما شاء.
وهذه الصفات يكثر فيها الإشكال عند المبتدعة، وإن كان لديهم في جميع الأنواع إشكالات

وسبب ذلك أنهم يقولون: ربنا لا تحل به الحوادث
وهي كلمة مشكلة كما سيأتي في شرح مذاهب النفاة وإشكالاتهم اللفظية المجملة

فلو كان المقصود بها نفي اتحاد الخالق والمخلوق لصح معناها

ولكن للأسف يقصدون بها نفي هذه الصفات الفعلية عن ربنا جل وعلا جملة وتفصيلا
فإن قال الله تعالى: "الرحمن على العرش استوى"،يقولون لم يستو على العرش! وإن قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : لله أفرح بتوبة أحدكمقالوا لا يفرح

ولكن قد يرد سؤالا:

هل يُنكِرون هذه الآيات أم ما الذي وقعوا فيه؟

لو أنكروا الآية لكفروا قولا واحدا وخرجوا من فرق أهل الإسلام ولاسترحنا منهم

لكنهم لم ينكروا الآية بل هم فيها على قولان

وكما سيأتي في شرح قسم النفاة ينقسمون إلى قسم يؤلها وقسم يفوض معناها والتأويل هو أحد مذهبي الأشاعرة وهو مذهب المعتزلة، وأما التفويض فهو مذهب الأشاعرة الثاني وسيأتي بإذن الله تعالى..


صفة الاستواء
:

وهي صفة فعلية، أما العلو فهي صفة ذاتية لله عز وجل فهو العلي العظيم بذاته على خلقه، وهو القاهر فوق عباده أجمعين ، أما استواء الله على العرش فهي من الصفات الفعلية 
وكما هو واضح نحن إلى الآن نشرح هذه الصفات بناء فقط على ما سبق طرحه وهو مذهب أهل السنة والجماعة ومذهب الممثلة ولما نتطرق بعدُ إلى مذاهب نفاة الصفات
وعندما نبدأ بطرح مذهب النفاة سنُعيد مرة أخرى شرح بعض الصفات وغيرها إن شاء الله تعالى

فعندما نتحدث عن صفة الاستواء فباعتبار مذهب الممثلة يقولون: استوى على العرش كما يستوي الملوك في الدنيا على عروشهم، وكما يستوي الإنسان على الكراسي ونحوها.

ولازم قولهم أنهم يخضعون الرب عز وجل إلى قواعد نيوتن وجاذبيته، فالعرش على قولهم يحمله وباعتبار القاعدة الفيزيائية لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاة فالعرش مساو في القوة لمن يحمله، أو له فضل قوة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا

أما مذهب أهل السنة والجماعة فيقولون الاستواء معلوم المعنى في لغة العرب نفهمه جيدا، والمعنى علا وارتفع 
وكيفيته مجهولة لنا فنحن لم نر العرش ولا رب العرش ولكن نعلم يقينا أن العرش وحملة العرش مفتقرون إلى رب العرش جل وعلا.
والإيمان باستواء الله على العرش واجب لأنه ورد 7 مرات في القرآن
والسؤال عن الكيفية بدعة .
ولا تخفى عبارة الإمام مالك بن أنس: الاستواء معلوم والكيف مجهول (غير معقول) والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة

فائدة
قال الشيخ محمد المختار الشنقيطيانظر إلى الإخلاص كيف يجعل من عبارة قصيرة مختصرة مثل عبارة الإمام مالك، قاعدة لأهل السنة إلى يومنا هذا" اهـ بتصرف.

يتبع بإذن الله بشرح مذاهب النفاة
أسأل الله عز وجل أن يجعل لنا من أمرنا يسرا


------------------------

[1]  فائدة من إضافات أختنا التوحيد من المجلس العلمي:

(حشوية ) أي يصفونهم بأنهم كالحشو الذي لا فائدة منه.

وقال الدكتور ناصر العقل في كتابه ( حراسة العقيدة)

أما كلمة ( الحشوية)

"فإن أول من عُرف أنه تكلم بهذه العبارة عمرو بن عبيد المعتزلي المتكلم حين ذكر له عن ابن عمر - رضي الله عنه - ما يخالف مقولته ، فقال ( كان ابن عمر حشويًا ) نسبة إلى حشو الناس وهم العامة والجمهور".

 

 

سارة بنت محمد
  • الأسرة
  • وسائل دعوية
  • درر وفوائد وفرائد
  • تربية الطفل المسلم
  • قضايا معاصرة
  • عقيدة
  • رقائق
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط